الكنيسة القبطية تحتفل بعيد الرسل 12 يوليو.. صوم رسولى قديم يعود إلى بدايات الخدمة والانطلاق.. من الدرجة الثانية ويُاكل به الأسماك.. طقس اللقان يحيى طقوس التهيئة.. ومواصلة على خُطى بطرس وبولس

كتبت بتول عصام
السبت، 05 يوليو 2025 04:30 م
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يوم 12 يوليو من كل عام بـ"عيد الرسل"، وهو تذكار استشهاد القديسين بطرس وبولس، أبرز رسل المسيحية وأعمدتها الأولى. وعلى الرغم من أن هذا العيد لا يُعد من الأعياد السيدية الكبرى، إلا أنه يحمل في طياته معاني عميقة ترتبط بجذور الإيمان، وبداية انطلاق الكنيسة إلى العالم.
في هذا العام 2025، بدأ صوم الرسل يوم 9 يونيو الماضى، وفقًا للتقويم القبطي، ويستمر لمدة 31 يومًا حتى عيد الرسل. وهو صوم متغيّر في مدته سنويًا، إذ يتحدد بناءً على موعد عيد القيامة، وتبلغ مدته هذا العام شهرًا كاملًا، مصنّفًا ضمن أصوام الدرجة الثانية، حيث يُسمح فيه بتناول الأسماك، بينما يُمتنع عن اللحوم ومنتجات الألبان.
ورغم أن الآباء الرسل صاموا فترة ثابتة، إلا أن الكنيسة لم تثبت مدة الصوم بسبب تغير موعد عيد القيامة كل عام. فبداية صوم الرسل تعتمد على انتهاء الخماسين المقدسة التي تعقب القيامة، بينما تظل نهايته ثابتة بعيد استشهاد الرسولين بطرس وبولس.
يُعتبر صوم الرسل من أقدم الأصوام في الكنيسة، بل هو أول صوم عرفته الكنيسة الأولى بعد صعود السيد المسيح إلى السماء، ثم حلول الروح القدس في عيد العنصرة. وقد حدّد البابا خريستوذولوس، البطريرك الـ66 من بطاركة الكنيسة القبطية، في القرن الحادي عشر، أن يبدأ الصوم في اليوم التالي لعيد العنصرة، وينتهي بعيد الرسل، في تذكار استشهاد القديسين بطرس وبولس.
وتعود أهمية هذا الصوم إلى كونه زمنًا روحيًا يعكس التهيئة للخدمة، حينما خرج التلاميذ بعد حلول الروح القدس ليكرزوا ببشارة الملكوت في كل الأرض. ويرى كثير من آباء الكنيسة أن هذا الصوم هو زمن العهد الرسولي، وهو ما أشار إليه السيد المسيح حين قال لتلاميذه: "حينما يُرفع عنهم العريس، فحينئذ يصومون"، في إشارة رمزية إلى هذا الصوم بعد صعوده إلى السماء.
في عيد الرسل، تقيم الكنيسة طقس اللقان، وهو من الطقوس القبطية الفريدة التي لا تُقام سوى ثلاث مرات في السنة: عيد الرسل، وعيد الغطاس، وخميس العهد. وخلاله، تُتلى نبوات من العهد القديم، ويُصلي الكاهن على الماء، ثم يقوم برشم الرجال بعلامة الصليب على جباههم، كرمز للتطهير والتكريس، واستعدادًا للمسؤولية الروحية.
ويحمل العيد بعدًا تاريخيًا وروحيًا عظيمًا، إذ يُذكر أن القديس بطرس استُشهد مصلوبًا في روما حوالي سنة 64 ميلادية، على تلّة "Vaticanus"، حيث قامت لاحقًا كنيسة القديس بطرس الكبرى، بينما استُشهد بولس بقطع رأسه في منطقة تُعرف باسم "الينابيع الثلاثة" خارج أسوار روما.
لكن عيد الرسل لا يتوقف عند حدود الاستشهاد، بل يُمثل دعوة متجددة ليكون شاهدًا للإنجيل في حياته. إنه تجديد لروح الإرسالية، وفرصة للصلاة والتكريس من جديد، على خطى الرسل الذين حملوا مشاعل الإيمان الأولى إلى العالم، وافتتحوا زمن الرسالة الذي لا يزال مستمرًا في قلب الكنيسة حتى اليوم.
جدير بالذكر أن أصوام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تتقسم من حيث درجة النسك إلى أصوام الدرجة الأولى و أصوام الدرجة الثانية، وسمحت الكنيسة بأكل السمك في أصوام الدرجة الثانية للتخفيف بسبب كثرة أيام الصيام واحتياج البعض للبروتين الحيواني.
يُصنف صوم الرسل ضمن أصوام الدرجة الثانية في الكنيسة، مثل صوم الميلاد وصوم العذراء، حيث يُسمح خلاله بتناول الأسماك والمأكولات البحرية، ما عدا يومي الأربعاء والجمعة. أما أصوام الدرجة الأولى، مثل الصوم الكبير وأيام الأربعاء والجمعة، فتتميز بانقطاع أشد وتناول مأكولات نباتية فقط.

Trending Plus