"ملكة الفواكه" فى مواجهة التحديات.. المانجو بين وفرة الإنتاج وصعوبات المناخ.. قفزة فى صادرات المانجو المصرية بـ150 ألف طن تدعم مكانة "ملكة الفاكهة" عالميا.. وباحثة تكشف: لماذا لا تنضج المانجو على الشجرة؟

مع حلول فصل الصيف، تتجه الأنظار إلى فاكهة استوائية ساحرة، تجمع بين الطعم الشهي والفوائد الصحية الجمّة، إنها "المانجو"، هذه الفاكهة ذات الألوان الزاهية والرائحة العطرة، التي تُلقب بـ "ملكة الفواكه"، لا تزال تتربع على عرش المنتجات الزراعية المحبوبة في مصر والعديد من دول العالم، محافظةً على مكانتها كسلعة استراتيجية ومصدر سعادة للكثيرين.
بدأ الموسم الحالي للمانجو في مصر بتنوع كبير في الأصناف التي تغزو الأسواق، من العويس والتيمور والزبدية والفونس والسكري، وصولاً إلى الأصناف المستحدثة مثل الكيت والناعومي. يتيح هذا التنوع للمستهلكين خيارات متعددة تناسب جميع الأذواق والميزانيات، سواء للاستهلاك الطازج أو لتحضير العصائر والمربات والحلويات.
المانجو، أو "ملكة الفاكهة"، ليست مجرد فاكهة صيفية منعشة، بل محصول استوائي حيوي يعشقه الملايين حول العالم، ويحتل مكانة اقتصادية مرموقة في مصر. ومع تميز الأصناف المصرية عالميًا، تبرز الحاجة الملحة للوعي والإرشاد الزراعي المتخصص لضمان أعلى مستويات الإنتاج والجودة، خصوصًا في ظل التحديات التي تفرضها التغيرات المناخية المتسارعة على مراحل نموها الدقيقة.
مكانة اقتصادية رائدة ومستقبل واعد
تؤكد الدكتورة ولاء سمير يسري، الباحث بمعهد بحوث البساتين، أن المانجو ستبقى دائمًا "ملكة الفاكهة" مهما ظهرت أصناف جديدة، وذلك لشعبيتها الجارفة.
توضح الأرقام الأخيرة أهمية هذا المحصول؛ فقد بلغت مساحة زراعة المانجو في مصر 328 ألف فدان، بمتوسط إنتاجية حوالي 4.6 طن للفدان الواحد. هذا يعني أن الإنتاج السنوي يتجاوز مليون و43 ألف طن، وهي كمية ضخمة تبرز القدرة الإنتاجية الكبيرة لمصر.
لم تكتفِ مصر بالإنتاج المحلي، بل اتسعت طموحاتها وسجلت قفزة نوعية في نسب التصدير. فبعد أن كانت 33 ألف طن فقط في عام 2015، ارتفعت هذه النسبة بشكل ملحوظ لتصل إلى 150 ألف طن العام الماضي. تعتبر هذه الزيادة "مؤشرًا مبشرًا للغاية" يدعم مكانة مصر التصديرية.
وأشادت الباحثة بالخصائص الفريدة للمانجو المصرية، مؤكدة أنها "لا يُعلى عليها في الجمال مقارنة بالمانجو في موطنها الأصلي مثل الصين وباكستان". هذه الأصناف المحلية المتميزة تدفع الباحثين في المعهد لبذل المزيد من الجهد لتحسين إنتاجيتها والاهتمام بمعاملاتها الزراعية.
التغيرات المناخية.. التحدي الأكبر لـ"ملكة الفاكهة"
بالرغم من كل هذه النجاحات، هناك تحديات كبيرة، لعل أبرزها التغيرات المناخية المتسارعة؛ لأن محصول المانجو حساس للغاية لهذه التغيرات، وهو من أكثر المحاصيل تأثرًا بها. يرجع السبب في ذلك إلى تزامن الفترات الحرجة في نمو المانجو، مثل فترات التزهير، والعقد، والتلقيح، وبداية تكوين الثمار، مع فترات التقلبات المناخية الحادة في مصر.
وأضافت يسري أن هذه الفترة الحرجة تمتد من يناير وحتى أبريل ومايو، وتعتبر فترة مصيرية جدًا في حياة النبات. خلال هذه الشهور، تتأثر المانجو بشكل كبير بانخفاض درجات الحرارة الشديد في الشتاء، مما يسبب مشكلة تُعرف بـ الصقيع عندما تنخفض الحرارة عن 10 درجات مئوية. يتسبب تأثير الصقيع في تجمد حبيبات الماء في التربة، مما يعيق امتصاص النبات للماء. هذا بدوره يضر بصحة النباتات، ويؤثر سلبًا على عمليات التزهير والبراعم، وقد يصل الأمر إلى موت النمو الخضري في بعض المناطق.
لمواجهة هذه التحديات، لا يدخر معهد البساتين أي جهد في دعم المزارعين. فبالإضافة للمقالات والمحاضرات المتخصصة، ينظم المعهد العديد من ورش العمل لتوعية المزارعين بكيفية التعامل مع فترة الصقيع وتجنب الأضرار الناتجة عن انخفاض درجات الحرارة. وهذا يضمن استمرارية إنتاج "ملكة الفاكهة" بجودتها المعهودة.
الممارسات المثلى لحصاد المانجو
توضح الدكتورة ولاء سمير يسري أن المانجو لا تنضج على الشجرة. بدلاً من ذلك، تُجمع الثمار بمجرد وصولها إلى اكتمال نموها الفسيولوجي ثم تُترك لتنضج خارج الشجرة. وتشدد على أن اختيار التوقيت المناسب للقطف أمر بالغ الأهمية لضمان جودة عالية، خاصةً للمانجو المخصصة للتصدير.
مخاطر الحصاد المبكر
قطف المانجو قبل أوانها يمكن أن يضر بسمعة المانجو المصرية في أسواق التصدير بشكل كبير. وينتج عن ذلك:
ثمار مكرمشة
جودة رديئة
فقدان الطعم والرائحة
متى يتم الحصاد؟
يجب على المزارعين الانتظار حتى تمتلئ "أكتاف" ثمرة المانجو. يشير هذا إلى أن الثمرة جاهزة ويمكن لفّها وقطفها بسهولة. يمكن إجراء اختبار بسيط بأخذ ثمرتين وتغطيتهما بورق لمعرفة ما إذا كانتا ستنضجان وتتلوّنان بشكل طبيعي.
تقنية القطف الصحيحة
من الضروري قطف المانجو بجزء من العنق باستخدام مقصات مطهرة. هذا يمنع نزول المادة اللبنية البيضاء (اللاتكس) التي يمكن أن تقلل من القيمة التسويقية للثمرة وتشوّه مظهرها.
مواسم نضج المانجو
تختلف أصناف المانجو في مواعيد نضجها:
الأصناف المبكرة: مثل الهندي، الكنت، الصديق، الجلك.
الأصناف متوسطة النضج: مثل العويس، الزبدة.
الأصناف المتأخرة: مثل الكيت، المسك، رقبة الوزة (يمكن حصادها في سبتمبر).
وهناك تحذيرات من قطف الأصناف المتأخرة قبل أوانها لن يعطي النتائج المرجوة، حتى مع المعاملات الخاصة بالثلاجات فمن الأخطاء الشائعة التي تؤثر سلبًا على جودة المانجو، هى جمع المحصول قبل وصوله إلى مرحلة النضج الكامل. وتنصح بشدة بعدم رش أي مواد مثل الكبريت لتسريع تلوين الثمار، و هذه الممارسة تزيد من نسبة بقايا المبيدات، و تتعلق بـالضمير الإنساني، حيث يقوم بعض المزارعين للأسف برش ثمار المانجو المتساقطة في شهري مايو ويونيو بمواد غير سليمة لتلوينها، وينتج عن ذلك ثمار تبدو ملونة من الخارج ولكنها عديمة الطعم والرائحة.
ويتم حصاد محصول المانجو للصنف الواحد على مرحلة واحدة بمجرد اكتمال نموه و يُفضل استخدام المقصات المطهرة لقطف الثمار للحفاظ على جودتها وتجنب تكسيرها أو إصابتها بالعصي. يتطلب هذا الأمر احترافية عالية، كون المانجو محصولاً معمراً.

Trending Plus