منهجية الإصلاح.. وواقعنا المصري المعاصر

منذ أن تولى فخامة الرئيس قيادة دفة سفينة الوطن، فقد رأينا رأي العين أنه لم يدخر جهدا مواصلا الليل بالنهار، مسابقا الزمن من أجل الوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان، محققا المعادلة الصعبة، محلحلا شفراتها، فقد كان يظن البعض أن هذه الشفرات لا يمكن حلحلتها، لكن بكثير من الجد والاجتهاد وبذل النفس حبا وإخلاصا لمصر، كلل الله هذه الجهود المخلصة بالنجاح، ولا يزال العمل الدؤوب مستمرا.
لكن إذا اسمحوا لى أن أدلى بدلوي في منهجية الإصلاح، أدلى بدلو محب لوطنه يعشق ترابه.
بداية ما المقصود بالإصلاح وهل هناك منهج محدد للإصلاح، ومن المصلح الحقيقي الذي ليس له هدف، اللهم إلا النهوض بمجتمعه الذي يعيش فيه من خلال اهتمامه بقضاياه الشائكة الحساسة، محاولا قدر استطاعته وقدر جهده أن يقدم حلولا، أو على الأقل يساهم في تقديم حلولا لمشكلات وطنه الذي يحيا مستظلا بسمائه.؟!
فإذا لم يكن للمفكر منهجا إصلاحيا ورؤيا واضحة وتصور لكل المستجدات والمستحدثات التي يمر بها واقعه الذي يحياه فلا طائل ولا عائد ولا فائدة من فكره، وليذهب بفكره حيث يشاء، طالما أنه لن يقوم حياته ويهذب حياة الآخرين من حوله.
ومن ثم بات الأمر ملحا أن نقدم رؤيتنا الإصلاحية، وهذا جد اجتهاد مني بنيته من خلال قراءاتي المستمرة، ومن خبراتي سواء فى التدريس أو الكتابة أو حضوري للمؤتمرات والندوات، أو من خلال مخالطتي ومعاشرتي لبني جلدتي.
رب سائل يسألني لماذا أقدمت على كتابة هذا الموضوع.؟!
الإجابة واضحة بذاتها لا تخفى إلا على من لا يريد أن يراها، أما الذي يريد الإصلاح الحقيقي، فهي واضحة وضوح الشمس في وسط السماء.
حاجتنا الماسة إلى أن نضع أيدينا على الداء من أجل وصف الدواء الناجع المفيد.
وقد قالها فخامة رئيس الدولة الرئيس الإنسان عبد الفتاح السيسي وسيظل يقولها دوما، ويرددها ويقولها كل المخلصين خلفه، نحن نريد ونسعى سعيا دؤوبا نحو تحقيق نهضة شاملة وتنمية مستدامة، لا يمكن بحال من الأحوال أن نقول كله تمام، كله مظبوط، إذا قلنا ذلك فثم خلل، ولا نقول الحقيقة كالذي يضلل الناس بعلم أو بغير علم.
نعم هناك سلبيات كثيرة من الممكن لو تعاونا مع قادتنا كل في مكانه، ووقفنا صفا واحدا من الممكن تلاشي هذه السلبيات، وإزالتها.
لا أقول في مكان واحد بعينه، وإنما في كل مفاصل الدولة، ومن ثم بات الأمر ملحا للوقوف بكل ما أوتينا من قوة ضد هؤلاء للكشف عن هؤلاء وتعريتهم وتخليص البلاد والعباد منهم، ومن شرورهم، نعم أولئك الذين يبدون من طرف اللسان حلاوة ويروغون منا ومن وطننا الحبيب كما تروغ الثعالب.
شرذمة تعيث فى الأرض فسادا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، فئة ضالة مضلة، زين لهم الشيطان سوء عملهم فرأوه حسنا، ولا تعدل فى القضية، شغلهم الشاغل الوساطة والمحسوبية يوزعون الأدوار حسب أهوائهم وميولهم ورغباتهم، فيضعون فلانا في مكان ليس مكانه، ويستبعدون فلانا لأنه ليس على هواهم.
ومن ثم بات الأمر ملحا لكشف اللثام عن هؤلاء وتعريتهم أمام قياداتنا الحكيمة التى دوما ما يقولون قولوا لنا ما هي المشكلات، ما هي العقبات التي تقف في طريق تقدمنا، وها نحن يا قادتنا نضع أمامكم هؤلاء، لا أقول في مجال واحد وإنما في كل المجالات.
فليس من المعقول في دولة بحجم مصر وبكيانها، وهويتها العريقة، دولة أبهرت العالم بأسره في كل المحافل الدولية، دولة تسعى بل وحققت فعلا العالمية، أن يكون بها وفيها أمثال هؤلاء.
إذا أردنا حقا نهضة حقيقية فعلية لا أقول في مجال التعليم فقط، وإنما في كل مجالات الحياة، سواء فى الاقتصاد، التجارة، الصناعة، السياسة، الثقافة، الصحة، باختصار في كل مقومات الحياة المادية، ليس فقط المادية .
وإنما حتى في الحياة الروحية التى تشكل منحا روحيا عظيما فى حياة الأمم، فلا يمكن بحال من الأحوال أن تستقيم أمة وتعلو وترتفع بجوانبها المادية فقط، وإنما بجوانبها الروحية التي تجدد الطاقة وتحولها من طاقات سلبية إلى طاقات إيجابية، فالإنسان أشبه ما يكون ببطارية لا يمكن أن يستمر جسمها دون شحنه بالطاقة التي تقومه.
هذه الطاقة تتمثل في إعلاء الجانب الروحي بداخله سواء عن طريق العبادات والطاعات ووجوهها كثيرة أو عن طريق ترويض نفسه التي هي دوما تقود صاحبها إلى التيه والضلال ومن ثم قد يقع في فخاخها فيتحول من آدمي إلى عبد شهواني، ومن ثم وجب ترويضها كمن يروض النمرة والوحوش الضارية ، بل هى أشد لأنك تتعامل مع شبح ، مع شيطان ماكر يتغلغل داخلك ، لأنها ألد اعداءك (نفسك التي بين جنبيك).
إذا أردنا حقا تحقيق هذه المعادلة التي لا أظنها عصية أو صعبة أو رموزها مشفرة، إذا أردنا إحسانا وتوفيقا فلنفتش بداخلنا هل نحن حقا دعاة إصلاح أم هي عبارات وكلمات نتشدق بها ونتلوها في المناسبات، أو أعلام وشعارات وأناشيد نتغنى بها راقصين رقص الذئاب اللئام المتربصة بفريستها.
الكل يريد أن ينهش ولا أستثني أحدا، اللهم إلا المخلصين الحقيقيين، الذين يبغون الإعمار والإصلاح الفعلي، الذين يعملون في صمت لا يتحدثون.
يبذلون الغالي والنفيس ، يعطون بسخاء ولا يطلبون شيئا ، الذين ليس لهم هم إلا رفعة ورقي أوطانهم وهم كثر ، الذين يحبون بلادهم حبا حقيقيا ، حبا لا يخالطه شبهات رياء أو نفاق أو سمعة ، يقولون كلماتهم لا يخشون لومة لائم .
إذا ما التفتت لهم الأنظار حقا وجديا، سيحدث ما نصبوا إليه ونحلم به لوطننا، حلم الجمهورية الجديدة ، حلم الدولة العالمية المواكبة والمعاصرة ، حلم النهضة الشاملة والتنمية المستدامة.
ولنضرب على ذلك أمثلة ففي البحث العلمي مثلا نمتلك ثروة علمية ضخمة، علماء أجلاء في كافة ميادين البحث العلمي من المستويات الأولى، فالثانية، فالثالثة، إلى قمة الهرم، إلى التعليم العالي، نتملك ثروة مهولة من العلماء الذين يملأون الجامعات والمراكز البحثية.. فلماذا لا تتجه إليهم الأنظار أنظار المسؤولين ويكون هناك اختيار حقيقي ومفاضلة تقوم على معايير وأسس وضوابط سليمة بعيدا عن النزعات الشخصية والمحسوبيات والوساطة، اختيار منطقي، يكون العقل طريقه ومسلكه.
نعم إذا أردنا نهضة حقيقية في مجال التعليم الإلزامي وما بعده، لابد وحتما أن تتجه أنظار الحكومات إلى الكفاءات الذين يقدمون خطط حقيقية للبناء النهضوي والهيكلى، الذين يضعون أيديهم ويضغطون بشده على الداء الذي يظن البعض أنه عضال ، لا ليس ثم داء عضال طالما يوجد الإنسان ، فالدواء موجود.
المهم يكون هناك تشخيص حقيقي لا يقوم على المسكنات، فالدمامل لا تجدي معها المسكنات وإنما لابد من تطهيرها واستئصالها حتى يشفى الجسد العليل وتعود إليه حيويته وديناميكيته.
قس على ذلك في كل المجالات الثقافية، الفنية، الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، الدينية وأركز كثيرا على الدينية.
لماذا لأن الدين هو المقوم الحقيقي للأمم، فأمة بلا دين كجسد بلا روح، لأنه ما استقامت أمة من الأمم إلا من خلال بنائها الديني القويم.
ونحن أمة متدينة بطبعها ولديها مقومات تدينها -أي دين من الأديان- ولدينا الحماسة الدينية غالبة وطاغية، ومن ثم لابد من تهذيبها وترويضها عن طريق تصحيح المفاهيم التي حدث لها تشويه من قلة قليلة انتسبوا للدين انتسابا والدين منهم براء، طائفة وظفت الدين توظيفا خاطئا من أجل مآرب أخرى، وضربوا على وتر حساس، واستخدموا حناجرهم ومكبرات صوتهم لاستمالة القلوب ، وللأسف الشديد.
لاقوا قبولا عند طائفة من الشباب أخذتهم الحمية فانقادوا خلفهم دون وعي ودون روية.
ومن ثم بات الأمر ملحا إلى تصحيح المفاهيم لإعادة الوعي لهؤلاء الشباب المعذورون لا أقول بجهلهم وإنما معذورون بحميتهم.
ومن ثم أصبحت الحاجة ملحة إلى خطاب ديني شامل، خطاب توعوي، عن طريق مصادره الشرعية، الأزهر الشريف، الأوقاف عن طريق خطب الجمعة، دار الإفتاء، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، حلقات علم شرعي، منتديات ثقافية دينية.
مؤتمرات لا مؤامرات يكون هدفها الحقيقي التوعية بمفهوم الخطاب الديني والحاجة إليه وفقاً لفقه الواقع الحاجة إلى تفعيله بما يتماشى مع ضروريات العصر .
لا أن تكون مؤتمرات من أجل الشهرة والعرض الإعلامي والتقاط الصور التذكارية، لا من أجل بحوث هشة ضعيفة تقدم للحصول على جواز مرور للترقيات، لا من أجل توصيات توضع في الأدراج ولا تفعل.
وإنما مؤتمرات مهمة يكون الغرض الحقيقي تقديم منتج راق يفيد الأمة العربية والإسلامية.
نعم فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، قلتها مرارا وتكرارا جميعنا مشاركون ومشاركون في تحمل المسؤولية، فبلدنا أمانة في أعناقنا، ومن ثم لابد أن نحافظ عليها ونسعى سعيا دقيقا لرفعتها والنهوض بها.
كل يفتش بداخله ويبدأ من نفسه وبمن يرعاه ويعوله، ويطبق حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.)
نعم كلنا ينبغي علينا الرعاية بل حق الرعاية لها.
أستاذ الفلسفة بآداب حلوان

Trending Plus