«طوفان الأقصى».. الاسم حقق الهدف و«أغرق» المنطقة فى «تسونامى» مخيف!

عجيب أمر هؤلاء الذين ينقضُّون كالوحوش المفترسة على كل من يجنح لأحكام العقل، وأدوات المنطق فى تقييم وتحليل عملية 7 أكتوبر 2023 والتى حملت اسم «طوفان الأقصى» وفقا للواقع على الأرض، بعيدا عن المشاعر المسبقة، سلبا كانت أو إيجابا، وينعتونهم بأوصاف الصهيونية، وضد المقاومة، ونصّبوا أنفسهم كهنة فى محراب معبد «طوفان الأقصى» يرون فيها أنها حققت انتصارا عظيما، وأن ما حققته فى لحلحة القضية الفلسطينية، لم تحققه كل الصولات والجولات من الحروب والمقاومة وعمليات التفاوض السابقة وطوال عقود طويلة!
ونسأل هؤلاء: ما هو مفهوم الانتصار؟ لأن أبسط قواعد تعريف الانتصار هو تغيير واقع على الأرض، بعيدا عن الأحلام والخيال الوردى الجامح، وإذا أسقطنا هذا التعريف على عملية «طوفان الأقصى» سنكتشف إنها غيرت بالفعل «واقعا» ولكنه «واقع» مخيف، فقد أغرقت المنطقة فى تسونامى قاتل، أُبيدت على أثره غزة، ونالت من الشام وإيران، وصار المشرق والمغرب العربيان، بين فكى الخطر، ومنحت العدو الرئيسى للأمة، إسرائيل فرصة الظهور بأنها قوة عسكرية قادرة على الردع وفرض إرادتها بالقوة، وهى الصورة التى كانت قد تهشّمت على يد الجيش المصرى العظيم فى انتصار أكتوبر 1973، وهو الانتصار الذى حطّم أنف جيش الكيان الذى كان يردد حينها بأنه عصى على أن يُقهر!
النتائج الخطيرة للطوفان تتمثل أيضا فى تصريحات الحكومة الإسرائيلية والتى تترنم بها حاليا: «إسرائيل تعمل على تغيير الواقع الاستراتيجى فى الشرق الأوسط»، لذلك لم يكن غريبا أنه بعد تدمير غزة والقضاء على الحرث والنسل، اتجهت إلى الجنوب اللبنانى واستطاعت أن تنال بعنف من حزب الله، وتقطع أذرعه وتحطم أضلعه، وما إن انتهت من عملياتها بإعلان توقف إطلاق النار فى لبنان، حتى فوجئنا بعده بساعات قليلة، بالتدخل السافر فى سوريا، وتدمير جيشها وكل آلياته العسكرية، البرية والبحرية والجوية، ولم يعد لسوريا جيش، واحتلت مناطق شاسعة من سوريا، أبرزها قمة جبل الشيخ الاستراتيجية، ورسخت سيطرتها على الجولان واعتباراها أراضى إسرائيلية للأبد، ولم تكتف إسرائيل - ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية - بذلك، وإنما ضربت اليمن، ثم إيران ونالت من كبريائها العسكرية، وهزت أمنها القومى بعنف، وشوهت صورتها، وقزّمتها.
«طوفان الأقصى»، اسم على مسمى، وأن الذى اختار الاسم، نجح نجاحا مذهلا فى تحقيق الهدف منه، وهو «الغرق» وقد غرقت المنطقة فى هذا الطوفان، وبدت الخرائط مهددة، بعضها بالتقسيم، والبعض الآخر بالانقراض، كما فتحت أبواب الجحيم أمام ابتزاز الدول، وفرض أمر واقع يتعارض مع مصالح الأمة، وينتقص من سيادتها ويقزم دورها!
وكما ذكرنا من قبل، وكررناها فى أكثر من موضع، وفق واقع عملى على الأرض، أن مخاطر اتخاذ قرارات عنترية دون تخطيط وتقديرات موقف، والتأكيد على أن قبل أن تصنع «الطوفان» عليك أولا بناء «السفن»، ولنا فى نبى الله نوح، عليه السلام، عبرة وعظة، والذى ظل قرونا يصنع سفينته لإنقاذ البشرية من الطوفان، كما أن العظة الأهم من 7 أكتوبر 2023 ضرورة الانتباه واليقظة بأن أيديولوجية الإسلام السياسى الإخوانى، والذى يختزل الوطن فى الأيديولوجيا الضيقة، يحشر المجتمع بكل تنوعه قسرا فى غرفته الضيقة، ويفرض خياراته العدمية على الجميع، وهى خيارات مدمرة للأوطان.

Trending Plus