تقرير المرور خوف وضحايا.. مخدرات ومحمول و18 مليون «قنبلة» عكس الاتجاه!

بمناسبة تقرير الداخلية عن المرور، والذى يؤكد ضبط 100 ألف مخالفة يوميا، بمعدل 18 مليون فى ستة أشهر، التقرير بالفعل بحاجة إلى دراسة وربما مناقشة بين المختصين وحتى داخل المجتمع، لأنه يشير إلى خلل متعدد الأطراف بالفعل، ومن الصعب تحميل جهة واحدة المسؤولية عن كل هذه الأخطاء، التى تقود إلى مزيد من إزهاق الأرواح.
لقد صدر تقرير المرور بعد أيام من صدمة حادث الطريق الإقليمى والشهير بحادث «بنات العنب»، الذى راح ضحيته 19 بنتا من المنوفية، وبعدها أكثر من حادث بنفس الطرق، أمس وقع تصادم أدى إلى وفاة 25 وإصابة 11 آخرين، تصادم سيارتين ميكروباص بالطريق الإقليمى اتجاه طريق إسكندرية الصحراوى، وتشير شهادات أولية إلى أن السيارتين كانتا تتسابقان، بما يعنى أننا أمام سائقَين يجب منعهما من القيادة، ومعاقبتهما عقابا شديدا فى حال ثبوت وجود تسابق.
كثير من الحوادث تقع بالفعل بسبب رعونة وغياب المسؤولية وتعاطى المخدرات أو حتى التسابق على الطريق، وهو أمر معروف بين سائقى الميكروباص ويشير ليس فقط إلى غياب المسؤولية لكن أيضا إلى تعاطى المخدرات، ونشاهد حالات كثيرة يسير فيها التريسيكل أو التوكتوك بلا أضواء ولا مرايا وعلى الطرقات السريعة، بل وأحيانا عكس الاتجاه، ليكون الاستثناء هو عدم وقوع كوارث، والقاعدة أننا أمام قنابل تسير على الطرقات وتتطلب بالفعل رقابة تبدأ من المحليات فى القرى والأحياء لتطبق القانون بمنع - وربما مصادرة - هذه المركبات لمنعها من الخروج، ومحاسبة المخالفين.
المفارقة أن مصر شهدت بعد شبكة الطرق الحديثة تراجعا فى حوادث الطرق، وارتفعت جودة الطرق إلى نسبة كبيرة إقليميا، ثم إن مصر ليست من أعلى دول العالم فى الحوادث، وهو ما يفرض بالفعل أهمية وجود نقاش واسع بين المختصين، ودراسات اجتماعية ونفسية للحوادث، تقوم بها جهات علمية وبالفعل سوف تصل إلى نتائج يكمن البناء عليها، بعيدا عن تبادل القاء الاتهامات والمسؤوليات على وزارات أو افراد أو جهات، فالمسؤولية مشتركة، ولا يعنى الأمر أن يخلى كل طرف مسؤوليته، وإنما أن يتضامن المجتمع كله بما فيه الحكومة لمواجهة خطر يهدد الجميع، ولا يوجد من هو بعيد عنه، لأن السائق الملتزم لا يسلم من خطر متعاطى المخدرات أو فاقدى الأهلية.
ويلاحظ فى تقرير المرور - والذى نشره الزميل محمود عبدالراضى فى «اليوم السابع» - أن أكثر من 400 ألف مخالفة للنقل، تنوعت بين تجاوز الحمولة المقررة، والسير فى الجانب الأيسر من الطريق، وغيرها، وأن 128 ألف كانوا يتحدثون فى المحمول أثناء القيادة، وسجلت الرادارات والأكمنة المرورية أكثر من 8.6 مليون مخالفة لتجاوز السرعة المقررة، و106 آلاف مخالفة لغياب شروط الصلاحية الفنية وأكثر من 77 ألف مخالفة تتعلق بعدم الالتزام بلوحات السيارات أو التلاعب بها، و2274 مخالفة للسير عكس الاتجاه، وهذه هى المخالفات التى تمكن تسميتها «مخالفات قاتلة» لا تتسبب فى إيذاء السائق لكنها تعرض الآخرين للموت والإصابة، ناهيك عن 4.2 مليون مخالفات سوء السلوك استخدام كلاكسات وسارينات واضواء محظورة، والحقيقة أن هناك بعض السائقين للملاكى والأجرة يسيئون استعمال آلات التنبيه بشكل مزعج، أو مراهقين وأطفال يلعبون فى الشوارع، بل وأحيانا تتحول زفة الأفراح إلى جرائم توقف الطرق وتمنع مرور الإسعاف مثلما جرى مرات، وضبطته الداخلية.
عندما نجد أكثر من 2000 حالة ثبت تعاطيهم المخدرات، من خلال لجان الفحص، يمكن أن نرى القنابل التى تسير على عجلات. ونعود لنقول إن المطلب هو منظومة تتشارك فيها كل الجهات، وتبدأ من الجهات المحلية التى يجب أن تمنع أى سيارة مخالفة من الخروج وتمنع التو كتوك من السير فى الطرق السريعة.
نحتاج إلى منظومة تنهى وضعا يجعل الجميع ضحايا، منظومة تقوم على تناغم كل الأطراف، كاميرات وغرف عمليات وصيانة وإضاءة وإرشادات، وضبط حمولة النقل والميكروباص، والحسم فى تشديد العقوبات بل والتخلص ممن يثبت تعاطيه المخدرات ومنعه من القيادة، والأهم هو وجود مناقشة تتشارك فيها كل الجهات الفنية والعملية للتوصل إلى أفضل وأقصر طريق لمنع الحوادث القاتلة.


Trending Plus