عبير حلمي تكتب: أشباح أحلامنا

لكل إنسان حلم يراوده، ربما منذ مهد الطفولة وينتظر تحقيقه بكل جهد واجتهاد كمثال طفل يتمنى أن يصبح (ضابطا أو مهندسا أو طبيبا أو جراحا مثل دكتورنا القدوة مجدي يعقوب)، أو يصبح في يوم من الأيام مخترعا مثل أينشتاين أو ..... الخ.
ولا زال الحلم يراودنا وبالجهد والاجتهاد قد تصل إلى تحقيق حلمك وقد لا تصل ولا يحالفك الحظ الكافي ولكن يستمر الحلم يراودنا. ويسعى كل منا بشكل أو بآخر لتحقيق ذات الحلم أو قد يتغير الحلم بوسط الطريق إلى حلم آخر أكبر أو أصغر ليس هذا المهم، وإنما هو حلمك ورغبتك بهذه الحياة وطموحك الذي تحيا من أجل تحقيقه وإن خاب الحلم أو غاب عنك قد نصل إلى خيبة الأمل و الحزن العميق وأحيانا عدم الرغبة بالحياة كلها.
وكأننا لا نحيا إلا لهذا الحُلم فقط ويتحول الحلم إلى كابوس.
ولكن عندما يجد الإنسان من يواسيه و يرفع عنه هذا الكرب ويلفت نظره إلى عظمة الخالق في التدبير وكيف يختار لنا ماهو أنسب وإن قيمة الإنسان الفعلية في العطاء بإخلاص وضمير في أي موضع وأي مكان له. وحقيقة وجودنا ليست بما فشلنا به ولكن بما قدمنا للآخرين لإسعادهم وخدمتهم ليس فقط الوالدين والأسرة (الزوجة و الأبناء) ولكن لكل من حولنا وللمجتمع وللبشرية كلها.
فكل هؤلاء العلماء بذلوا أنفسهم من أجل البشرية كافة لينتفع بعلمهم الجميع ليس فقط المقربين لهم ،نحن جميعا نحيا اليوم بما قدموه لنا علماؤنا الأجلاء على مستوى العالم كله من اختراعات وأبحاث علمية بالطب والهندسة وكافة المجالات.
وقاطرة الإبداع لم تنته وعطاء الله للبشر بكافة المواهب لا يكف عن وجود خليقة تحمل راية الأمل للبقاء ولاستمرار الحياة ، لنحيا في ظل الرجاء بأحلامنا وإن لم تتحقق كما نرغب سيولد لنا كل يوم حلما جديدا ، وهناك من يظهر لهم حلم بعد عمر طويل، ويتجدد لهم الرجاء ليصبح لهم دور و ذكرى طيبة لمسيرة حياتهم وعطائهم .
الحلم لم ينته أبدا داخل كل إنسان مهما اختلف الهدف ومهما كبر السن ومهما مر الإنسان بتجارب مؤلمة ووصل لمرحلة أشباح الأحلام التي تكاد تقتل الرجاء داخلنا وكأن الحياة تتوقف عن نقطة واحدة، يا هذا الحلم أم الفناء.
أشباح أحلامنا السابقة تقتل داخلنا العزم والتحدي لتحقيق أحلام جديدة أو الخوض في معركة أخرى لتحقيق ذات الحلم حتى لو اختلفت الظروف واختلفت الأماكن ،أشباح أحلامنا تقتل داخلنا فكرة يكفينا شرف المحاولة وتطفئ بصيص الأمل لإعادة المحاولة.
تخيل لو كل علمائنا السابقين نظروا إلى محاولات الإحباط والفشل لهم لما وصلنا اليوم لأي اختراع أو تحقق نجاح لأي تجربة وفقدنا شغف الحياة وباتت كل المحاولات بالفشل من أول أو ثاني محاولة فقط.
أشباح أحلامنا لا تستقر داخل النفوس القوية المؤمنة بقول (لكل مجتهد نصيب).
لا تجعل أشباح أحلامك السابقة طوق يقودك للإختناق والموت وإنما طوق يقودك للنجاة.
اقتل داخلك شبح التجارب السابقة المؤلمة وجدد طاقة الأمل والرجاء فليس كل البشر كما بعض وليست كل المحاولات تبدو بالفشل وكلما تذكرت فشلك تذكر هناك رب يصنع لك من الفشل طريق نجاح وماهو الفشل إلى خبرات تعلمت منها كيف تعبر بسلام.
هذا الفشل كان أكبر درس من دروس الحياة .فالحياة مدرسة لا تضاهي أي تعليم بالمدارس والجامعات.
الخبرات الحياتية التي تميزك الصح من الخطأ وترشدك كيف تخطو بخبرة واسعة و تجدد أمامك الفكر و تجعل منك موسوعة خبرات تتميز بها عن الآخرين وكما يقال (اسأل مجرب) .
أشباح أحلامنا ما هي إلا مطاردات تبقى بالفشل أمام الصمود والتحدي والإصرار للوصول للهدف سواء كان هدف مرسوم بخيالك من السابق أو هدف حديث لك بحلم جديد وما أجمل الأحلام المتجددة معنا كل يوم .
أحلامنا لا تمضي ولا ترحل إلا لو أصيب الإنسان بالإحباط الشديد المصحوب باليأس وعدم الرجاء فهذا هو الفشل الحقيقي.
لاتيأس وأعد المحاولة، ومع كل حلم جديد ستجد متعة حقيقية وستجد النجاح بنهاية الطريق مهما مرت الأيام والسنين ومهما كثرت المحاولات والتجارب (لايأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس).
اطرد أشباح حلمك السابق واخلق لك حلم جديد ،لا تتكلم عنه ولا تقارنه بأي شيء ولا تقارن نفسك بأي شخص، كن نفسك وتذكر أنك البطل القادم مهما كان حلمك كبيرا أو صغيرا ، يكفي أنه حلمك وحدك وسبب سعادتك بهذه الحياة، وتأكد النجاح حليفك مادام هناك إيمان مصحوبا بالرجاء.

Trending Plus