كيف نحول مخلفات القمح إلى كنوز اقتصادية وبيئية؟

يعد القمح من أهم المحاصيل الزراعية عالميًا، حيث تُنتج ملايين الأطنان منه سنويًا، لكن ما يغيب عن الكثيرين هو أن عملية إنتاجه تُخلّف كميات هائلة من المخلفات الزراعية، التي غالبًا ما تُحرق أو تُهدر، مسببة تلوثًا بيئيًا كبيرًا، وهذه المخلفات تشكل حوالي 25-30% من إجمالي إنتاج القمح، وهي نسبة مهدرة تمامًا، فكيف يمكننا تحويل هذه النفايات إلى منتجات ذات قيمة اقتصادية وبيئية، في مجالات الصناعة والزراعة وحتى الغذاء؟
وفى التقرير التالى نستعرض أنواع مخلفات القمح وإمكانياتها :
النخالة: كنز الألياف والبروتين
النخالة هي الطبقة الخارجية لحبة القمح التي تُزال أثناء طحن الدقيق الأبيض. ورغم أنها تُعد مخلفًا، إلا أنها تتمتع بقيمة غذائية واقتصادية وبيئية عالية جدًا.، تحتوي النخالة على حوالي 50% من الألياف الغذائية التي تُحسن الهضم وتمنع الإمساك وتقلل خطر الإصابة بأمراض القولون.
كما تحتوي على حوالي 15% من البروتينات المهمة لبناء العضلات، وهي غنية أيضًا بالفيتامينات (خاصة مجموعة B) مثل الثيامين (B1)، النياسين (B3)، والبيريدوكسين (B6) الضرورية لصحة الجهاز العصبي والتمثيل الغذائي. لا ننسى المعادن الأساسية مثل الحديد والمغنيسيوم والزنك والفسفور، بالإضافة إلى مضادات الأكسدة مثل الفيتات والبوليفينول التي تحارب الالتهابات.
استخدامات النخالة متعددة
في الغذاء البشري: تُضاف إلى الدقيق لزيادة القيمة الغذائية للخبز، وتُستخلص منها الألياف لصنع مكملات غذائية تساعد على تقليل الكوليسترول الضار، تبطئ امتصاص السكر، وتعزز فقدان الوزن لمرضى السمنة.
في الأعلاف الحيوانية: تُعد مكونًا أساسيًا فى صناعة أعلاف الماشية (بنسبة 11-15% ألياف خام و 13-17% بروتين)، مما يعزز النمو ويقلل تكلفة التغذية بفضل قيمتها الغذائية وتكلفتها المنخفضة.
جنين القمح: مركز القيمة الغذائية
جنين القمح هو الجزء الصغير المغذي الموجود داخل حبة القمح، والذي يُفصل عادةً أثناء طحن الدقيق الأبيض، رغم صغر حجمه، إلا أنه أغنى جزء في القمح من الناحية الغذائية وله فوائد صحية واقتصادية هائلة. يحتوي جنين القمح على بروتينات عالية الجودة (مثل الجلوتين والأحماض الأمينية الأساسية)، دهون صحية (أحماض دهنية غير مشبعة مفيدة لصحة القلب والمخ)، فيتامينات مهمة (خاصة فيتامين E المضاد للأكسدة، وفيتامينات B مثل B1, B6, B9)، ومعادن أساسية كالزنك، المغنيسيوم، الفوسفور، الحديد، والسيلينيوم. كما أن الألياف الغذائية الموجودة فيه تُعزز صحة الجهاز الهضمي.
استخدامات جنين القمح:
في الغذاء والدواء: يُضاف إلى المخبوزات لتعزيز قيمتها الغذائية، وتُستخلص منه الزيوت للاستخدام في الطهي وصناعة المكملات الغذائية.
يدخل في الصناعات الدوائية على شكل كبسولات مضادة للأكسدة لمكافحة الشيخوخة.
في مستحضرات التجميل: يُستخدم في منتجات العناية بالبشرة والشعر بفضل خصائصه المغذية والمضادة للأكسدة.
قش القمح: من مخلف إلى مورد متعدد الاستخدامات
قش القمح هو الجزء الجاف المتبقي من نبات القمح بعد حصاد الحبوب، ويُقدر الإنتاج العالمي منه بـ 550 مليون طن سنويًا، لطالما كان يُعتبر مجرد مخلف زراعي، لكنه الآن يُنظر إليه كمورد قيم ذو استخدامات متعددة في الزراعة، تغذية الحيوانات، الصناعة، الطاقة، والبيئة.
يحتوى قش القمح على نسبة عالية من الألياف الخشبية (السليلوز، الهيميسليلوز، واللجنين) بنسبة 60-70%، ورغم أن نسبة البروتين الخام فيه أقل من الأعلاف التقليدية (3-5%)، إلا أنه يساهم فى تقليل تكلفة تغذية الحيوانات، كما يحتوى على معادن مثل السيليكا، البوتاسيوم، والكالسيوم، بالإضافة إلى الكربوهيدرات القابلة للتخمير.
استخدامات قش القمح الواعدة:
إنتاج الوقود الحيوى: يُعد من المخلفات الزراعية الواعدة في إنتاج الوقود الحيوى (مثل الإيثانول الحيوي، البيوجاز، والبيوديزل) نظرًا لوفرة كمياته وتكلفته المنخفضة.
صناعة الورق: يعتبر قش القمح مادة خام واعدة لصناعة الورق، خاصة فى الدول المنتجة للقمح بكميات كبيرة، إنه بديل اقتصادى وصديق للبيئة للأخشاب، حيث يحتوى على ألياف سليلوزية ممتازة لصنع الورق عالى الجودة.

Trending Plus