"لن نرضخ لآلة القتل الإسرائيلية".. مدير مركز غزة للثقافة والفنون في حوار لـ"اليوم السابع": الاحتلال دمر مكتبتى بعدما جمعت 2500 كتاب على مدار أكثر من 20 عاما.. أشرف سحويل: فقدت 120 عملا فنيا بعد استهداف منزلي

<< اعتمد على الأساليب الرقمية في إعداد لوحاتي بعد فقدان الورق والأدوات الفنية
<< لم أفقد الأمل بعد دمار أعمالى الفنية وأشارك بلوحات في معرض آثينا
<< جسدت في لوحاتي بعض المشاهد اليومية من حياة النزوح والمعاناة وحشر المواطنين في خيام
<< الناس في غزة أصبحوا يحتاجون الآن فقط للمساعدات الغذائية ولا يهتمون بالعمل الفني والثقافي
<< ابنتى لم تتمكن من التقدم للتوجيهي منذ عام 2024 والأخرى لا زالت بالثانوية ولم تستطع اللحاق بالجامعة
<< نعيش على وجبة أو اثنين فطار وعشاء ونتأقلم على هذا الوضع
<< نطقت الشهادة أكثر من مرة فور استهداف منزلنا ونجونا برعاية الله ونزحنا أكثر من 4 مرات
آلاف الكتب ومئات الرسوم التشكيلية جمعها على مدار أكثر من 20 عاما، جاء العدوان ليدمرها بين ليلة وضحايا، إرث ثقافي ضخم أصبح تحت الأنقاض، لا يستطيع صاحبه حتى يجمع بقاياه في ظل الصواريخ التي تضرب المناطق المحيطة بالمنزل، يتذكر خلال نزوحه إلى إحدى مخيمات النازحين دخول المغول بغداد وتدميرهم لأهم مكاتب العلم وإلقاء الكتب في نهر الفرات، يقارن بين حادث مر عليه مئات السنين، وواقع يراه بعينه، تدمير كامل للثقافة والعلم، استهداف متعمد للعلماء والكتاب والمثقفين والفنانين، محاولة لإنهاء هوية فلسطينية وإنهاء تاريخ شعب متجذر منذ آلاف السنين.
اقرأ أيضا:
شهداء المساعدات الإنسانية.. غارات إسرائيلية على غزة حصدت أرواح 41 شهيدا
عمل أشرف سحويل، مدير مركز غزة للثقافة والفنون، على إقامة العديد من الفعاليات الثقافية لأبناء القطاع، كان لديه إصرار أن يكون هذا المركز شعاع نور لأطفال غزة ينشر من خلالها الثقافة والفن ويدعم المواهب، ويدفع تلك الفئة إلى حب الحياة الوطن، إلا أن إسرائيل هدمت حلمه بتدميرها للعقار الذي يتواجد فيه المركز، وقبلها دمرت منزل الأسرة بالكامل، لم يقلل هذا من عضدته بل زاده تصميم على إقامة فعاليات للأطفال داخل مراكز النزوح التي يذهب لها لدعمهم نفسيا في مواجهة آلة القتل الصهيونية.
منعت الحرب أبناء "سحويل" من الذهاب لمدارسهم بعد تدمير كافة مقومات المنظومة التعليمية، تأخروا عامين دراسيين وسط مستقبل مجهول ينتظرهم حال وقف الحرب، الفنان التشكيلي الذي كان كل همه نشر الثقافة والفنون بين أبناء الفلسطينيين، أصبح كل حلمه الآن أن يجد طعاما يسد به جوع أسرته، يذهب مسافات طويلة للحصول على الطحين أو طرد غذائي، في بعض الأحيان ينجح وأحيانا كثيرا يفشل، رغم كل هذه التحديات إلا أن شغفه الفني لم يتوقف، بل تحدى نقص الأوراق والأدوات الفنية واستخدم الأساليب الرقمية في إعداد لوحاته التشكيلية لتتمكن أعماله من الظهر في معرض آثينا ومعارض فنية كبرى أخرى.
حوارنا أشرف سحويل الذي تحدث معنا عن أبرز ما فقده خلال تلك الحرب الغاشمة ضد غزة، وتأثيرها على القطاع الثقافي، ومدى قدرة المثقفين والفنانين في توثيق أصعب عدوان يمر على القطاع منذ نكبة 1948، وتحديه لآثار العدوان واستمراره في إعداد لوحاته التشكيلية رغم فقدانه للمئات من تلك اللوحات بعد تدمير مكتبه، وأصعب اللحظات التي مرت عليه وعلى أسرته، وغيرها من القضايا والموضوعات في الحوار التالي..

الفنان أشرف سحويل
كيف أثرت الحرب على القطاع الثقافي في غزة؟
بالطبع تأثير العدوان بشكل واضح وصريح وكبير على القطاع الثقافي في غزة، فالاحتلال استهدف كل مكونات العمل الثقافي من مسارح ومراكز ثقافية ومكاتب عامة ومؤسسات ثقافية حتى المساجد الآثرية القديمة تم استهدافها ومتحف غزة الرئيسي المعروف بقصر الباشا الذي يعود للعصر المملوكى تم استهدافه بكل ما فيه وتدمير مكتبة المسجد العمري الممتلئة بالمخطوطات الآثرية ومركز رشاد الشوا الثقافي وكل المؤسسات الثقافية والجمعيات الخيرية التي تصنف ثقافية تم استهدفت بشكل كامل.
إلى أي مدى تأثرت المراكز الثقافية بهذا العدوان؟
منذ بداية الحرب توقف العمل الثقافي بشكل واضح وكبير بسبب اهتمام المواطنين بعملية الإغاثة وتوجه المؤسسات نحو العمل الخيرى بجانب انقطاع الكهرباء والإنترنت والمواصلات مما أثر على العمل الثقافي، وأيضا لا تستطيع أي مؤسسة ثقافية أن تجمع عدد كبير من المواطنين لتنفيذ نشاط ثقافي إلا ما ندر، لكن هناك محاولات جادة برزت خلال الحرب من خلال المؤسسات والمراكز الثقافية بتوجيه الأنشطة الثقافية الموجهة تجاه الأطفال ضمن برامج دعم نفسي مقدمة لهم من خلال الفنون وتقدم بعض عروض السينما وتنفيذ ورش رسم وتفريغ انفعالى بجانب تنظيم ورش تعليمية خاصة بهم في سياق ثقافي بحت
كيف تتعامل المراكز والجمعيات الثقافية مع الفلسطينيين في ظل هذه الحرب؟
اهتمام المؤسسات الثقافية أنصب بشكل واضح نحو العمل الإغاثي من خلال تقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين النازحين الذين يسكنون الخيم بعد تدمير منازلهم التي نزحوا منها نتيجة القصف العشوائي وقتل المدنيين بشكل واضح ومتعمد، وممتلكات المواطنين والمؤسسات الثقافية يتم تدميرها بشكل ممنهج بهدف ضغط الناس من أجل مغادرة القطاع والهجرة منها لكن الشعب الفلسطيني باقي على هذه الأرض رغم أنف الاحتلال.
كيف تستطيع تلك المراكز الثقافية تقديم أنشطتها في ظل توقف تمويلها نتيجة الحصار الإسرائيلي؟
بالفعل تأثرت كثير من المراكز الثقافية من وقف تمويلها، بحيث إن المؤسسات المناحة حولت تمويلها للعمل الإغاثي وليس الثقافي وبالتالي هناك مؤسسات ثقافية كثيرة تأثرت بشكل واضح حتى أن موظفيها لا يستطيعون صرف رواتبهم بسبب عدم وجود مشروعات خاصة بالعمل الثقافي إلا ما ندر وبعض المؤسسات تحاول الاستفادة من العمل الإغاثي من خلال عملية دمج الموظفين وأصبحت المؤسسات المناحة تهتم بتقديم الطرود الغذائية والمساعدات وهذا اهتمام المواطن بعيدا عن الاهتمام الثقافي.
احك لنا كيف تدمر مركز غزة للثقافة والفنون؟
تعرض المركز لأضرار تدمير كبيرة نتيجة استهداف البرج الذي يتواجد به مقر المركز، مما تسبب في تلف للآثاث ومحتويات المكان المتروكة منذ أكثر من عام ونصف، بجانب تعرضه لعملية سلب ونهب للمحتويات الموجودة.
كيف أثر هذا التدمير على نشاط المركز؟
رغم هذا الاستهداف، فإن المركز يواصل عمله من خلال تقديم ورش دعم نفسي للأطفال وعروض سينما حتى أنه استخدم المعلبات التي يتركها الأهالى للنازحين لتحويلها لآلات موسيقية لاستخدام الأطفال وإعادة تدويرها ضمن أنشطة ترفيهية للأطفال ولا زال يواصل عمله رغم هذا التدمير والحرب ويحاول تقديم صورة ثقافية خاصة بالنساء والأطفال والشباب.
هل تعرض منزلك للاستهداف خلال هذا العدوان؟
نعم.. منزلى تعرض للقصف وتسبب في تدمير مكتبتي بشكل كامل وتلف لوحاتي الفنية، ومخطوطاتى.
متى كان هذا الاستهداف؟
القصف كان أول أيام العدوان، حيث بدأت الحرب يوم السبت 7 أكتوبر وتعرض منزل الأسرة للقصف والتدوير ونحن بداخله يوم الإثنين.
أين كنت وأسرتك خلال هذا الاستهداف؟
كنا نتواجد في البيت منذ الساعة الرابعة عصرا موعد القصف حتى الساعة الحادية عشر مساء محاصرين حتى تمكن رجال الدفاع المدني إخراجنا من المنزل نتيجة استمرار القصف والدمار الذي حل بالبيت وخرجنا سالمين رغم قسوة الاستهداف وشدة القصف الذي تعرضنا له ونحن متواجدين داخل المنزل ولم نستطع الخروج لساعات وتم قصف المنطقة المحيطة بنا مما تسبب في تدمير أجزاء كبيرة من المنزل .

أشرف سحويل وأسرته
ما الذي كانت تحويه مكتبك؟
مكتبتى التي دمرها الاحتلال كانت تضم أكثر من 2500 كتاب ما بين أدبي وفني وعلمى وثقافي، وهي مكتبة شخصية متنوعة غنية بالكتب على مدار أكثر من 20 عاما تم جمعها، وكانت تمثل مرجعية لي طوال الوقت وأسست هذه المكتبة لأبنائي وأقربائي كي يتمكنوا من الاستفادة منها، كما تم تدمير رسوماتى الشخصية التي كانت تتواجد بمنزلي ولوحاتى فنية، حيث 120 عمل فني فقدهم خلال هذه الحرب أو في حروب سابقة، وهي أعمال تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لي.
هل فقد الأمل بعد تدمير مكتبك؟
لا.. لكن نحاول أن ننتج أعمال جديدة وسأسعى لتعويض تلك الأعمال التي فقدتها بسبب الحرب.
ماذا فعلتم بعد تدمير المنزل؟
ذهبنا إلى مستشفى الشفاء للعلاج ومن بعدها بدأت رحلة النزوح المستمرة.
إحدى رسومات أشرف سحويل عن غزة
كم مرة نزحت وأسرتك خلال الحرب؟
نزحنا أكثر من 4 مرات توجهنا إلى المنطقة الآمنة في خان يونس ثم أجبرنا على النزوح إلى رفح ومن رفح أجبرنا على النزوح إلى المنطقة الوسطى، ثم عندما سمح لنا بالعودة إلى شمال غزة عدنا إلى المنزل وبدأنا بإعادة ترميم ما نستطيع منه من خلال الشوارد وتنظيفه واستصلاح بعض أجزاء البيت للإقامة بعد معاناة كاملة في الخيام في برد الشتاء وحر الصيف وصرفنا تكاليف باهظة لمحاولة ترميم المنزل نتيجة القصف والتلف والتدمير والسرقة التي تعرض لها كل محتويات المنزل باعتباره بيت مقصوف وكان المواطنين النازحين في شمال غزة يستخدمونه كوقود بدلا من الغاز، مما جعل المنزل يتأثر بعملية الحرق وطبخ الطعام لما يتم تحصيله من أنقاض المنازل .
هل فقد أحد من أسرتك خلال تلك الحرب؟
الحمد لله لم نفقد أحد من أفراد الأسرة.
ما هي أصعب لحظة مرت عليك خلال هذا العدوان؟
من أصعب اللحظات التي واجهتها مع أسرتي هو رفضنا في البداية مغادرة المنزل بعد إنذار الاحتلال بقصفه، ثم فوجئنا بالقصف يشمل كل المدنيين وليس فقط مؤسسات مدنية أو حكومية أو مواقع عسكرية، ولكن القصف كان عشوائي وكنا في المنزل في الدور الأرضي مع كل أفراد العائلة وتم قصفنا وظللنا محتجزين داخل الدور الأرضي وبعد رعاية الله نجونا من القصف، وكنت أنطق الشهادة أكثر من مرة وأنا انتظر مصيرى وربنا كتب لنا عمر جديد ولم يصاب أحد منا بأذى.
إحدى رسومات أشرف سحويل
كيف أثرت المجاعة المنتشرة في غزة على عائلتك؟
الجوع يمثل معاناة حقيقية فهو استنزاف وإرهاق ولا يوجد غذاء للأطفال حتى بعد خرق الهدنة، ولا يوجد أي مقومات للمعيشة الحقيقية من خلال الخضروات والطعام الصحي، والمواطن الفلسطيني يقتاد فقط على المعلبات رغم أضرارها بسبب عدم السماح بإدخال المساعدات الإنسانية وأصبح لا يوجد طحين الذي وصل سعره من 300 إلى 500 دولار، كما أنه لا يوجد سيولة نقدية لدى الناس وندفع مبالغ طائلة تصل إلى 30 و40 % حتى يتم تحصيل جزء من السيولة النقدية لنتمكن من عملية الشراء بالأسعار الفلكية، ويوميا نسمع أن هناك مواطنين ماتوا من الجوع لا نستغرب فهذا موجود في غزة، فالناس لا تستطيع توفير قوت يومها خاصة لأطفالها لاسيما الغاز والطحين، والأسعار الخاصة بالمواد الغذائية عشرات الأضعاف، والصعوبة في الحصول على رابطة الخبز، فهذا يؤرقنا نفسيا ونعيش على وجبة أو اثنين فطار وعشاء ونتأقلم على هذا الوضع والمياه لا ندبرها إلا بصعوبة، فلا يوجد مياه شرب صالحة والسيولة النقدية التي لا نستطيع توفيرها لشراء احتياجات أسرتنا.
ما هي أبرز معاناة أسرتك في ظل حياة النزوح والخيام؟
القصف وهول القصف وصوته وإزعاجه والشظايا التي تنتج عنه، أن تسمع صوته والشظايا تأتى بجانبك كأنك مستهدف، والجوع حيث لا يتوفر كيس الطحين والمخابز مغلقة ولا يوجد غاز ونعتمد على الحطب في الطهي وإعداد الشاي.
رسومات أشرف سحويل التى دمرها الاحتلال بعد استهداف منزله
ماذا عن أبنائك والصعوبات التي يواجهونها خلال الحرب؟
أحد أهم النقاط التي ترهقنا كثيرا هو عدم وجود مستقبل لأطفالنا، حيث لدي بنت من المفترض أنها كانت تتقدم للدراسة في توجيهي الثانوية العامة في 2024، ولم تتمكن من التقديم وحتى الآن دخلنا بعام 2025 ولم تتمكن من التقديم في الامتحانات، وشقيقتها الأخرى كانت في عامها التوجيهي بثانوية عامة أزهرية وأصبح لدى بنتين لم يتقدمن لامتحانات ولا يستطعن التقديم ، وابنى قبل الحرب كان في الصف الخامس وأصبح الآن في الصف السابع ولكن حتى الآن لا يوجد مدارس أو مستقبل للأطفال وهذا يؤثر علينا كثيرا، ابنتى كان من المفترض أن تكون في العام الثاني بالجامعة ولكن حتى الآن لا زالت في التوجيهية وهذا يعانى منه كل أهالى القطاع.
ماذا ستقول لأحفادك عن هذه الحرب التى عاصرتها بنفسك ؟
إذا كتب الله لنا عمر جديد بعد العدوان وعاصرنا أجيال جديدة مثل أحفادنا، سأتحدث معهم حول تجربتنا وحياتنا مثلما تحدث معنا أجدادنا عن المعاناة التي واجهوها خلال نكبة 48 وما زالنا متمسكين بالعودة إليها رغم كل ما يحدث لنا وحقنا في العودة حق مقدس لا يسقط بالتقادم وسنعلم هذا لأبنائنا وأحفادنا.
كيف تحاول أن تعبر من خلال رسوماتك وفنك التشكيلي عن عمق الأزمة في غزة؟
لكل فنان وكاتب ومبدع يحاول أن يسلط الضوء على القضايا اليومية التي يتعرض لها شعبنا من دمار وحرب إبادة جماعية، والعمل الفني له دور مهم في نقل رسالتنا الوطنية الفلسطينية وتمسكنا بأرضنا والتأكيد على هويتنا الوطنية والرواية الفلسطينية الحقيقية، وهذه الأعمال تجسد تلك الأفكار التي تحكى عن قصتنا عبر الأجيال رغم كل ما نتعرض له.
رسومات أشرف سحويل قبل تدمير الاحتلال لها
كيف سعيت كفنان تشكيلي ومثقف توثيق تلك المجازر في مؤلف أو عمل أدبي؟
أنا كفنان تشكيلي وكاتب كان لى بعض الكتابات لكن ليست كبيرة، حاليا أعمل على مشروع فني تشكيلي من خلال تجهيز بعض الأعمال من خلال التصميم الرقمي.
لماذا تسعى لتجهيز تلك الأعمال التشكيلية بالتصميم الرقمي؟
نظرا لعدم قدرتى على تنفيذ عملية الرسم لعدم توفر المواد الخام، حيث لجأت إلى التصميم الإلكتروني الرقمي من خلال تقنية الحفر والنقش، لكن جسدت بعض المشاهد اليومية من حياة النزوح والمعاناة وحشر المواطنين في خيام ومعاناتنا التي نتعرض لها كنازحين خلال الحرب وخلال فترة قريبة سيكون تم اختيار بعض الأعمال للمشاركة بها في معرض أثينا بعد أن أرسلتها عبر بريد المعرض واختاروا بعض أعمالى التي سيتم عرضها وسيكون هناك مشاركة في أكثر من دولة وأكثر من منطقة في أعمال فنية قمت بإعدادها خلال الحرب.
رسومات تشكيلية لأشرف سحويل قبل تدميرها
هل هناك عمل جماعي للنخبة الفلسطينية في غزة لتوثيق هذه الجرائم حتى لا ينساها التاريخ؟
كل كاتب وفنان وموسيقي يعمل بشكل فردى ولا يوجد شكل جماعى رغم اجتهاد وزارة الثقافة وبعض المؤسسات الثقافية مثل مؤسسة تامر ومؤسسة القطان وبعض المؤسسات الأخرى التي تقوم بهذا الجهد، وهناك الاتحاد العام للمراكز الثقافية الذي نفذ عملية حصر كامل تقريبي لأضرار الحرب التي تعرض لها المشهد الثقافي وتوثيق حالات استشهاد المثقفين في القطاع خلال العدوان من شعراء وفنانين وتوثيق سيرتهم الذاتية وما تعرضت له غزة من تدمير كامل للمؤسسات الثقافية وهذه تعتبر دراسة غير نهائية، حيث لم ينته العدوان كي يتسنى لهم متابعة تفاصيل دقيقة والتأكد من مصداقية المعلومات التي توافرت لديهم .
أي أن هذا المشروع سيتم استكماله بعد انتهاء الحرب؟
الاتحاد العالمى للمراكز الثقافية يحاول بعد انتهاء الحرب القيام بهذا العمل ويجهز هذه الدراسة مرة أخرى والتأكد منها بشكل مهني.
هل هناك تواصل بين المثقفين للخروج بمشروع بعد هذا العدوان يفضح إسرائيل وداعميها الغرب؟
تواصل المثقفين والفنانين مع بعضهم خلال الحرب ما زال موجودا وكل فنان بشكل فردى يحاول يقدم عمل أدبي وفني يستعرض العدوان الذي يتعرض له شعبنا وهناك محاولات جماعية من بعض المؤسسات والكوادر الفنية الذين يحاولون توصيل صوتهم سواء من خلال السينما أو المسرح أو الكتابة والأمسيات الأدبية لكن ليس بالشكل المطلوب.
ما هي أبرز التحديات التى تواجه المثقف الفلسطيني في غزة ؟
هناك العديد من الأنشطة الثقافية بحاجة إلى دعم بشكل مباشر نظرا لاحتياج الناس فقط للمساعدات الغذائية للكوبون أو الطرد وليس اهتمام بالعمل الفني والثقافي، لكن هم المثقف كبير هو أن يقدم للعالم الصورة الحقيقية للعدوان، كما نجح المخرج رشيد المشهراوي بتوثيق 22 حالة من خلال فيلم قصير لمدة دقيقة ونصف ضم كل فنان وهاوي ومخرج قدموا هذه الأعمال التي توثق انتهاكات إسرائيل وأخرجها بفيلم جماعي جاب كل معارض العالم وهو أحد نجاحات المثقفين الفلسطينيين.
هل هناك فعاليات ثقافية يشهدها القطاع رغم استمرار تلك المجازر؟
هناك العديد من الفعاليات الثقافية نظمها الاتحاد العالم للمراكز الثقافية من خلال تنفيذ أنشطة ثقافية عبر مؤسسات غزة للثقافة والفنون ونجحنا في تنظيم فعاليات رغم العدوان وفصل الاحتلال القطاع لعدد من المناطق جنوبا وشمالا وكان هناك إصرار من أن يكون هناك أنشطة ثقافية في شمال غزة التي تعرضت لحصار شامل ومجاعة وقدمنا هذه الأنشطة.
ما هي أبرز المشكلات التي تواجه الفنان والمثقف الفلسطيني في غزة الآن؟
المشكلات التي تواجه الكتاب والمثقفين والفنانين كبيرة أبرزها انقطاع المواد الخام وعدم توافرها خاصة للفنانين التشكيليين منها الألوان والخامات والتي أصبحت إما مدمرة أو تم استهلاكها بالكامل من السوق، وضعف كمية اللوحات والألوان وهذا يؤثر على الفنان وهناك نقص للكتب لأن معظم المكتبات في القطاع تم حرقها وتدميرها بشكل كلى ومتعمد، وبالتالي أصبحت القراءة عبر الهاتف، بجانب صعوبة مواكبة التكنولوجيا، حيث لا يوجد شواحن للهواتف ونضطر يوميا للسير مسافة 500 متر كي نستطيع إيجاد شاحن ونترك الموبايل لساعتين أو ثلاثة ثم نعود مرة أخرى بعد انتهاء الشحن وهي معاناة يومية للمواطن وليس فقط المثقف، بجانب عدم توافر الأجهزة الإلكترونية واللاب توب وانقطاع الكهرباء والارتفاع الكبير في أسعار الهواتف التي لا تتوافر بشكل كبير، وعدم القدرة على شحن تلك التليفونات بالطاقة الشمسية أدى إلى ضعف إمكانيات الأجهزة، وكثير منها تم حرقها نتيجة الاستخدام الخاطئ للطاقة لعدم وجود طاقة منتظمة .
هل سعيت لتنظيم معرض فني من خلال رسوماتك داخل غزة خلال الحرب؟
حاولت لكن لم أتمكن نتيجة الظروف والحمد قمنا بإنتاج بعض الأعمال عبر مؤسسة المتحف المحظور وهم بدورهم تبنوا هذه الأعمال بالمشاركة في أكثر من معرض دولي خارج غزة، وجاري التنسيق وحتى الآن لم أبلغ إلا من معرض واحد في جناح أثينا بالجناح البريطاني وليس لدى تفاصيل حتى الآن غير أن هذه الأعمال ستشارك في هذا المعرض، والمتحف المحظور مشكورا شجعنا على إنتاج تلك الأعمال الفنية وتبناها ويدعم مشاركتها في تلك المعارض، كما شاركت في عدة معارض فنية من بينها معارض فنية بالقاهرة والإسكندرية وعمان ورام الله، وكان هذا تأكيد على مشاركتنا في تلك المعارض الهامة رغم كل الظروف التي نتعرض لها.

Trending Plus