تحالف القائمة الوطنية والمشاركة فى الانتخابات ضرورة لمواجهة التحديات

فى السياسة، هناك لحظات فارقة تُجبر الجميع على مراجعة أولوياتهم، والبحث عن أرضية مشتركة، مهما اتسعت الفجوات الفكرية والاختلافات الأيديولوجية بينهم، ولعل ما نشهده اليوم في مشهد تحالف الأحزاب المصرية داخل "القائمة الوطنية من أجل مصر" استعدادًا لانتخابات مجلس الشيوخ 2025، هو أحد هذه اللحظات التي تُعيد تعريف السياسة، ليس كصراع صفري، بل كمسؤولية وطنية تتجاوز المكاسب الآنية.
اجتماعات مطولة، نقاشات حقيقية، ووجوه حزبية مختلفة تلتقي على طاولة واحدة، في مقر "مستقبل وطن" ثم "حماة الوطن"، بهدف واحد: كيف نصل إلى قائمة موحدة تعبر عن التعددية الحزبية بكل ما تحمله من معاني التنوع الفكري والأيدولوجي، وتحمل على عاتقها أمانة التمثيل في غرفة برلمانية لا تقل أهمية عن مجلس النواب؟ .. هذه المشاهد قد لا تبدو مثيرة للبعض، لكنها تعني الكثير لمن يقرأ المشهد السياسي بعيون تبحث عن التحول، لا الجمود.
فمن المؤكد أن اجتماع أحزاب مثل "الوفد"، و"المصري الديمقراطي"، و"مستقبل وطن"، و"العدل"، و"التجمع"، و"تنسيقية شباب الأحزاب"، وغيرهم، أمر ليس سهلا ولا تقليديا أو معتادا في المشهد السياسي المصري، نظرا لوجود تباين حقيقي في الرؤى والتوجهات، لكن ما يحدث اليوم يؤكد أن الجميع يتحرك من أجل هدف واحد هو مصلحة الوطن، لذلك نحن أمام تجربة تستحق التوقف، لأنها تعني ضمنا أن الأحزاب – على اختلافها – بدأت تدرك أن الصراع وحده لا يصنع ديمقراطية، وأن الصوت المختلف ليس بالضرورة صوتا معاديا، ولكن يمكن أن يكون شريكا في صياغة الحل.
لذلك فإن التفاهم الذي بدا واضحا في التوافق على المعايير، وتشكيل اللجان، ووضع خطة دعائية جماعية، هو في حد ذاته مؤشر على أن السياسة المصرية قادرة أن تنتج أدوات تفاهم جماعي، بعيدا عن فكرة الصوت الواحد أو الهيمنة الحزبية، وربما لا نبالغ إذا قلنا إن هذا التحالف الانتخابي جاء في توقيت بالغ الحساسية، خاصة أن التحالف متعلق بمجلس له خصوصية كبيرة.. فمجلس الشيوخ ليس جهة تشريع مباشر، لكنه صوت العقل والخبرة والتوازن في لحظة تزداد فيها تعقيدات الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لذا تعد انتخابات مجلس الشيوخ من الاستحقاقات الدستورية المهمة للغاية نظرا لاختصاصات الغرفة الثانية للبرلمان وهى اختصاصات حيوية ومهمة كفلها الدستور والقانون ، حيث يختص مجلس الشيوخ بدراسة واقتراح ما يراه كفيلًا بتوسيع دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي، والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا، والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطي وتوسيع مجالاته، ويؤخذ رأيه في الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة، ومشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التى تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، وما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها فى الشئون العربية أو الخارجية.
ويبلغ المجلس رأيه فى هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب.
ولعل المتابع والمنصف يدرك أن مجلس الشيوخ كانت عودته مهمة وقدم جهوداً كبيرة خلال الخمس سنوات الماضية في الفصل التشريعي الأول، لذلك جاء تحالف القائمة الوطنية من أجل مصر ليعبر عن قيمة هذا المجلس، تحالف يعكس حرص الجميع على التنوع والتعددية الحزبية والسياسية ومشاركة الجميع مؤيد ومعارض وتمثيلهم تحت قبة مجلس الشيوخ ليكون هناك تعبير حقيقي عن صوت المواطن ودفاع عن مصالح الوطن، الجميع يلتقي على أرضية ومساحة مشتركة وصلبة وهى الانتماء لهذا الوطن والانحياز لمصلحة الوطن والشعب المصري العظيم.
تحالف الأحزاب في القائمة الوطنية يعكس أيضاً اللحمة الوطنية في ظل هذه الظروف الدقيقة والتحديات الجسيمة التي تواجهها الدولة المصرية والتي تستوجب على الجميع الاصطفاف الوطني والحفاظ على قوة وتماسك الجبهة الداخلية، لذلك ليس غريباً هذا التحالف الذي يجمع الأغلبية والمعارضة والتوجهات والأيديولوجيات المختلفة، فالجميع يحرص على مصلحة الوطن وكل يعبر عن مواقفه وفقا لرؤيته.
والحقيقة أن أكثر ما يلفت الانتباه في هذا المشهد أيضا هو أن السياسة بدأت تستعيد معناها كـ"فن الممكن"، وكأداة لإدارة التنوع لا إنكاره، فمسألة أن يتوافق 13 كيانا سياسيا على قائمة واحدة، وأن تحاول إيجاد حد أدنى من التفاهم، يعني أن لدينا بذورا لحياة حزبية ناضجة – صحيح أن الاختلافات الفكريو والأيديولوجية موجودة، والمصالح لا تختفي، لكن هذا لا ينفي أن ما يحدث هو فرصة لإعادة بناء الثقة، وتقديم نماذج حزبية جديدة، قادرة على مخاطبة الناس بلغة مختلفة عن لغة الشكوى والصدام الدائم.
وهنا ولاكتمال العرس الديمقراطي وإضفاء قوة على الاستحقاق الانتخابي الدستوري تأتي أهمية المشاركة في الانتخابات وضرورة نزول جميع المصريين الذين لهم حق الانتخاب للمشاركة فى الانتخابات والتوجه إلى صناديق الاقتراع للتعبير عن صوتهم وإرادتهم في اختيار من يمثلهم حتى تفرز الانتخابات من يمثلون الشعب المصري ويدافعون عن مصالحه وهمومه واحتياجاته، فكل صوت انتخابي هو أمانة ومسئولية وواجب وطني لا يجب التخلي أو التنازل عنه.
فلا يكفي أن نحمل الأحزاب مسؤولية تقديم الأفضل، بل يجب أن يتحمل الناخب أيضا مسؤوليته الكاملة عن اختياراته، فكل صوت يُهمل هو فرصة ضائعة لبناء مؤسسة حقيقية، وكل مشاركة واعية هى خطوة على طريق التغيير الجاد واستكمال معركة البناء والتنمية في ظل الجمهورية الجديدة.

انتخابات مجلس النواب
مجلس النواب
انتخابات مجلس النواب 2025
انتخابات مجلس الشيوخ
موعد انتخابات مجلس النواب
انتخابات الشيوخ
موعد انتخابات مجلس النواب 2025
موعد انتخابات مجلس الشيوخ
انتخابات مجلس النواب القادمة
مجلس الشيوخ
انتخابات مجلس النواب والشيوخ
قانون مجلس النواب
قانون مجلس الشيوخ
قانون الدوائر الانتخابية
تقسيم الدوائر
تقسيم الدوائر الانتخابية
Trending Plus