سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 يوليو 1972.. إسرائيل ترتكب جريمة اغتيال المناضل والكاتب الفلسطينى غسان كنفانى الذى أخلص لمقولته: «كن رجلا تصل إلى عكا فى غمضة عين»

االمناضل والكاتب الفلسطينى غسان كنفانى
االمناضل والكاتب الفلسطينى غسان كنفانى

جلس المناضل والكاتب الروائى الفلسطينى مع زوجته «آنى» الدنماركية، فى شرفة شقتهما السكنية فى بيروت يشربان القهوة التركية صباح يوم 8 يوليو، مثل هذا اليوم، 1972، كان لدى غسان كما هو دأبه الكثير من الأمور للتحدث عنها، حسبما تذكر «آنى» فى حوار أجراه خالد جمعة لوكالة «وطن للأنباء» يوم 30 يونيو 2015.


تتذكر «آنى»: «كان يخبرنا ذلك الصباح عن رفاقه فى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثم بدأ يتحدث هو وأخته فايزة عن طفولتهما فى فلسطين، وقبل أن يغادر متوجها إلى مكتبه، أصلح القطار الكهربائى لابننا فايز ولابنة أخت غسان وأخيها، كان الثلاثة يلعبون داخل المنزل ذلك الصباح، وكان على «لميس» ابنة أخت غسان أن ترافق خالها إلى وسط البلد للمرة الأولى منذ وصولها من الكويت بصحبة أمها وإخوتها لأسبوع، فما هى إلا دقيقتان على تقبيل غسان ولميس إيانا قبل «إلى اللقاء» حتى دوى انفجار مريع، تطايرت نوافذ البيت جميعها، انحدرت بسرعة، لأجد أشلاء سيارتنا الصغيرة تحترق، وجدنا «لميس» على بعد بضعة أمتار، ولم نجد غسان، ناديته باسمه، ثم اكتشفت ساقه اليسرى، وقفت مشلولة فيما راح فايز يضرب برأسه الحائط، ورددت ابنتنا ليلى النداء تلو النداء: «بابا.. بابا»، وعلى الرغم من ذلك ساورنى أمل ضئيل بأنه قد أصيب إصابة خطرة ليس إلا، لكنهم عثروا عليه فى الوادى قريبا من منزلنا، ونقلوه بعيدا عنا، وفقدت الأمل بأن آراه مرة أخرى».


ارتكبت إسرائيل جريمتها واغتالت غسان كنفانى، وكان عمره 36 عاما «مواليد 9 أبريل 1936 فى عكا»، ويبدو أن حاصل عطائه الأدبى والنضالى أطول من عمره القصير، ويشير إلى ذلك الكاتب والناقد اللبنانى «بيار أبى صعب»، قائلا: «لم يعش سوى 36 عاما، لكننا إذا نظرنا إلى كتاباته الروائية والقصصية والمسرحية والنقدية، إضافة إلى عمله كباحث وسياسى ومؤرخ وصحافى ورسام، نحسب أننا أمام كتيبة من المؤلفين وليس كاتبا فردا». 


مع نكبة 1948 غادر غسان مع العائلة من فلسطين إلى لبنان ثم إلى سوريا وحصل منها على شهادة الثانوية، وانتقل إلى الكويت وفيها تعرف على الزعيم الفلسطينى جورج حبش، الذى طلب منه الانتقال إلى لبنان 1960، وأصبح عضوا فى حركة القوميين العرب، وفى 1967 بدأ العمل مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفقا لبسام أبوشريف فى كتابه «غسان كنفانى مفكرا ومناضلا»، مضيفا: «لم تغب السنوات الإحدى عشر التى قضاها فى فلسطين عن باله، ظل مشدودا إلى مسقط رأسه بأمراس خفية من الوجد والعشق والحنين، ما حمله وهو صبى يافع على دخول معترك السياسة والانخراط فى حركة القوميين العرب أصبح رئيس تحرير مجلتها «الهدف»، جاعلا فلسطين الموضوع الأساسى فى قصصه وروايته بكل ما فيها من حوادث وذكريات وشخوص».


 من رواياته «عائد إلى حيفا»، و«رجال من الشمس»، و«أرض البرتقال الحزين»، و«أم سعد»، و«عن الرجال والبنادق»، و«القميص المسروق»، و«ما تبقى لكم»، و«العاشق»، و«الشى الآخر»، و«عالم ليس لنا»، ووفقا للكاتب الناقد فاروق عبدالقادر فى دراسته «الرواية الفلسطينية من المنفى إلى الانتفاضة»: «يصبح من أهم الكتاب الفلسطينيين الذين عبروا فى إبداعهم عن تطور الشخصية الفلسطينية من النكبة حتى حتمية الثورة المسلحة».


يضيف «عبدالقادر»: «كان غزير الإنتاج بالرغم من موته المبكر فهو كاتب مقال، وروائى ومؤلف مسرحى وقصة قصيرة، وحتى اليوم يعد الروائى الفلسطينى الأول من حيث القيمة والأهمية، وكل إنتاجه كان يدور حول معنى واحد وهو أن تحرير فلسطين لن يتم إلا بالمقاومة المسلحة وليس بشىء آخر وله فى ذلك عبارة شهيرة: «كن رجلا تصل إلى عكا فى غمضة عين، أما إذا كنت لاجئا فقط، فلن تراها أنت ولن يراها حتى أحفادك».


يذكر الكاتب اللبنانى طلال سلمان: «أحفظ لغسان كنفانى أنه أدخلنى إلى قلب فلسطين، وقد كنت وجيلى نقف على بابها، ونحبها بلسان الشعراء من دون أن نعرفها، كذلك أحفظ لغسان أنه فتح أمامى وجيلى الباب لمعرفة إسرائيل معرفة تفصيلية بأحزابها وقواها السياسية وتركيبتها الاجتماعية والتيارات الدينية ومؤسساتها العسكرية والأمنية».


كان رثاء الشاعر محمود درويش له موجعا، ومما قاله فيه: «جميل أنت فى الموت يا غسان، بلغ جمالك الذروة حين يئس الموت منك وانتحر، لقد انتحر الموت فيك، انفجر الموت فيك لأنك تحمله منذ أكثر من عشرين سنة ولا تسمح له بالولادة، اكتمل الآن بك، واكتملت به، ونحن- أنت والوطن والموت- حملناكم فى كيس ووضعناكم فى جنازة رديئة الأناشيد، ولم نعرف من نرثى منكم، فالكل قابل للرثاء، وقد أسلمنا أنفسنا للموت الطبيعى، أيها الفلسطينيون احذروا الموت الطبيعى».
تأثر الشاعر كمال ناصر بهذا الرثاء المنشور فى مجلة «الهدف»، فسأل «درويش»: «ماذا ستكتب عن موتى بعد أن كتبت كل شىء عن غسان؟» وحسب إلياس خورى فى مقال «رجل تحت الشمس يدعى غسان كنفانى»: «ضحك محمود يومذاك من النرجسية الفلسطينية المرتبطة بالموت، ونسى الحكاية إلى أن قتلت إسرائيل كمال ناصر بعدها بتسعة أشهر «10 أبريل 1973».

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بطل من ضهر بطل.. ابن الشهيد امتياز كامل يكتب فصلا جديدا من الفداء بحريق رمسيس

النيابة العامة تعلن إجراءات التحقيق فى حريق سنترال رمسيس وصولًا لأسبابه

الحكومة: خدمات المحمول ستعود بكامل جودتها قبل عصر اليوم بالشبكات الأربعة

الحكومة: نظام الثانوية العامة قائم ومستمر و"البكالوريا" بديل اختيارى

الحكومة: سنترال رمسيس سيظل خارج الخدمة أسبوع أو أكثر مع استمرار الخدمات


النيابة العامة تعاين حريق سنترال رمسيس للكشف عن أسباب اندلاعه

حريق سنترال رمسيس..13 ساعة للسيطرة على النيران.. بدأ من الطابق السابع وامتد لباقى المبنى.. وتجدد 3 مرات..و12 سيارة إطفاء و2 سلم هيدروليكى.. والنيابة العامة تعاين الحادث وتكلف بالكشف عن الأسباب

مجلس النواب يوافق نهائيا على تعديل قانون التعليم

وزارة النقل تغلق الدائرى الإقليمى فى هذه المناطق

الحسابات الفلكية: الصيف يستمر 92 يوما و39 ساعة وهذا موعد بداية فصل الخريف


الزمالك يستعين بكهربا ومعتز إينو والشناوى فى شكوى زيزو لاتحاد الكرة

الأهلى يخطر أشرف دارى بموقف النادى من العروض الخارجية خلال ميركاتو الصيف

فرص عمل فى الإمارات براتب يصل إلى 24 ألف جنيه شهريا.. التقديم لمدة 4 أيام

أجمل أهداف كأس العالم للأندية بكاميرا الحكم قبل نصف النهائى.. فيديو

النيابة العامة تباشر التحقيق فى أسباب حريق سنترال رمسيس.. صور

أجواء شديدة الحرارة ورطوبة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة

النيابة تصرح بدفن ضحايا حريق سنترال رمسيس

أسماء ضحايا حريق سنترال رمسيس من موظفي المصرية للاتصالات

التعليم تكشف طريقة تغيير المسار الدراسى بالبكالوريا.. التفاصيل

نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل للسلام

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى