عادل إمام وخامنئى.. عندما يخترق صاروخ «الزعيم» قلب الكيان المحتل ويؤلمه

منذ 45 عاما، أدى الفنان الكبير عادل إمام، دور البطولة فى مسلسل «دموع فى عيون وقحة»، قصته مستوحاة من قصة البطل المصرى جمعة الشوان «أحمد محمد عبدالرحمن الهوان»، الذى زرعته مصر فى قلب إسرائيل، وقدم خدمات جليلة ورائعة لبلده؛ المسلسل كان من تأليف صالح مرسى، وإخراج يحيى العلمى، وشارك الزعيم من الفنانين، معالى زايد، وصلاح قابيل، وجملة من النجوم حينذاك.
المسلسل الذى أُنتج عام 1980 عند إذاعته حقق نجاحا مبهرا فى مصر والدول العربية، بينما على الضفة المقابلة كان صداه كبيرا فى الداخل الإسرائيلى فقد أحدث صدمة عنيفة للإسرائيليين، وموجة عارمة من الاستياء والغضب واعتبروه إهانة لسمعة إسرائيل ومؤسساتها الأمنية الاستخباراتية، إذ جاء إنتاج المسلسل بعد 7 سنوات فقط من انتصار أكتوبر 1973 مما زاد الأمر صخبا وغضبا وقلقا، وشعورا بالإهانة أمام قدرة مصر على اختراق جهاز الموساد وتنفيذ عمليات تجسس داخل إسرائيل.
حينها تبنت الجهات الإسرائيلية محاولة للرد على المسلسل من خلال نشر مقالات وشهادات تشكك فى أحداث المسلسل، وتحاول دحض أحداثه، وإنتاج أعمال درامية تتناول قضايا مشابهة من وجهة نظر إسرائيلية.
باختصار، أحداث مسلسل «دموع فى عيون وقحة» أحدثت زلزالا فى الداخل الإسرائيلى، فقد كشف عن معلومات حساسة حول عمليات التجسس المصرية، وأثار استياء وغضبا واسعين، كما أدى إلى نقاشات حول قدرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وكيف للمصريين أن يخترقوها بهذه الكيفية وكأنهم أشباح.
منذ ذلك التاريخ، ونقش الزعيم عادل إمام اسمه على جدران ذاكرة الإسرائيليين، بأزميل، يصعب إزالته، وصار يتنقل وراثيا من جيل إلى جيل، ومن ثم فإن نظرة إسرائيل للزعيم عادل إمام ليس باعتباره ممثلا بارعا له إسهاماته الفنية المؤثرة، والمدونة بأحرف من نور فى سجلات التاريخ، وأن شهرته بلغت الآفاق، وأصبح من المؤثرين الذين ساهموا فى تغيير الكثير من وجهات النظر فى الشارع المصرى والعربى، حيال عدد من القضايا الجوهرية، وإنما ينظرون له أيضا فى صورة «جمعة الشوان» الذى زلزل أركان الموساد الإسرائيلى بعنف، فصارت الصورة الذهنية المترسخة على جدران ذاكرة الأجيال الإسرائيلية، عن الزعيم عادل إمام، هى صورة البطل «جمعة الشوان» الذى تمكن ببراعة من نصب شباك الخديعة لأيقونة أجهزتهم الأمنية.
وبعد مرور 45 عاما من إنتاج المسلسل، ما زالت الذاكرة الإسرائيلية تحتفظ بـ«صورة» الزعيم عادل إمام، وقدرته على التأثير، وتوجيه ضرباته الموجعة عبر شاشات السينما والتليفزيون، لذلك اهتمت الدوائر الإسرائيلية بظهور الزعيم فى صورة من حفل زفاف حفيده عادل، ووصفت «هيئة البث الإسرائيلية» المشهد بالدقيق.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية: «فى مشهد لم يقل درامية عن ظهور الزعيم الإيرانى على خامنئى مؤخرا عقب انتهاء الحرب الإيرانية الإسرائيلية وخروج خامنئى من مخبئه، شهدت الساحة الفنية فى مصر والعالم العربى لحظة استثنائية، تمثلت فى الظهور النادر للنجم الأسطورى عادل إمام، وذلك خلال حفل زفاف حفيده، فى لقطة سرعان ما انتشرت كالنار فى الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعى».
وأضافت هيئة البث: «الظهور الذى وثّقته صور ومقاطع فيديو قصيرة، جاء ليضع حدا لشائعات استمرت لسنوات حول الحالة الصحية لـ الزعيم، كما يُلقّبه محبّوه. فقد غاب النجم الكبير عن الواجهة الإعلامية والفنية منذ فترة طويلة، وهو ما دفع البعض إلى القلق بشأن صحته، بل وانتشرت شائعات متعددة عن اعتزاله أو معاناته من أمراض خطيرة».
رد الفعل الإسرائيلى على ظهور الزعيم عادل إمام، ووصفه بـ«المشهد الدقيق» وربطه بظهور المرشد الإيرانى الأعلى، على خامنئى، عقب وقف الضربات الإسرائيلية على إيران، إنما يؤكد حجم التأثير للفنان الكبير عادل إمام فى المجتمع الإسرائيلى، وبصمته المؤلمة على الكيان المحتل، لذلك فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية «سيّست» ظهور الزعيم فى صور ومقاطع فيديو قصيرة، واعتبرته حدثا مهما وكبيرا.
ومهما حاولت وسائل الإعلام الإسرائيلية تبرير اهتمامها بظهور الزعيم عادل إمام باعتباره حدثا مهما، أثار اهتمام المصريين - وهو كذلك بالفعل - من باب أنه فنان كبير ومحبوب، إلا أن محاولة تسييس ظهوره وربطه بظهور خامنئى، تعكس تأثير الزعيم الموجع لقلوب الإسرائيليين، بفنه وأعماله الدرامية والمسرحية التى فندت حقيقة إسرائيل كدولة محتلة، لذلك فإن مشهد ظهوره يعد بمثابة «صاروخ» اخترق قلوب وسائل الإعلام والمؤسسات الإسرائيلية، وأصابها فى مقتل.
ويظل الفن المصرى، صاحب البصمة والأثر وقوة مصر الناعمة التى تقضِ مضاجع المجتمع الإسرائيلى، وتثير شجونه ووجعه.

Trending Plus