كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

صورة من الكائنات المضبوطة
صورة من الكائنات المضبوطة
كتبت: أسماء نصار

فى تطور أمنى وبيئى مهم على صعيد حماية الحدود المصرية، تمكنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ممثلة في الهيئة العامة للخدمات البيطرية، الإسبوع الماضى من إحباط محاولة تهريب ضخمة ومخططة بدقة لعشرات الكائنات الحية النادرة والخطرة عبر مطار القاهرة الدولى، الواقعة التى كشفها فريق الحجر البيطرى بالتعاون مع هيئة الجمارك والأمن المصرى لم تكن مجرد مخالفة قانونية عابرة، بل كانت تهديدًا بيولوجيًا وبيئيًا خطيرًا يمكن أن يزعزع الاستقرار البيئى والصحى فى مصر، فضلاً عن المخاطر المباشرة التى تهدد صحة المواطنين والأمن الغذائى.

تأتى هذه الواقعة لتسليط الضوء على الظاهرة المتزايدة لتجارة الحياة البرية غير المشروعة، والتى تحولت فى كثير من الأحيان إلى نشاطات منظمة تهدد الأمن القومي للدول، خصوصًا عندما تتضمن إدخال كائنات ذات سموم عالية أو تحمل أمراضًا معدية ونادرة، وقد لا تكون البيئة المحلية مستعدة لمواجهتها.

تعكس هذه العملية حجم التحديات التى تواجهها مصر فى مواجهة هذه التجارة غير القانونية، وتؤكد على ضرورة اليقظة المستمرة والتعاون بين مختلف الجهات المعنية للحفاظ على سلامة البيئة وصحة المواطن.

بدأت القصة حينما رصدت فرق الفحص البيطري التابعة للإدارة المركزية للحجر البيطري والفحوص بالتعاون مع إدارة الحفاظ على الحياة البرية، محاولة أحد الركاب من جنسية أجنبية إدخال مجموعة متنوعة وكبيرة من الكائنات الحية النادرة إلى مصر، دون أى مستندات أو شهادات صحية دولية تثبت سلامتها أو قانونية حملها، فى مخالفة صريحة وواضحة لاتفاقية "سايتس" الدولية، التى تنظم التجارة فى الأنواع المهددة بالانقراض وتحاول الحد من انتشارها لحماية التنوع البيولوجى.

ما أثار القلق هو خطورة وأنواع الكائنات المضبوطة، التى شملت 40 عقربًا من غابات فيتنام، معروفة بسميتها العالية وقدرتها على التكيف مع بيئات متعددة، ما يجعلها تهديدًا بيئيًا وصحيًا في حال تسربها في البيئة المصرية، بالإضافة إلى 5 عقارب صفراء من البرازيل، والتي تعد من الأنواع السامة أيضًا، مما يعكس خطورة محاولات التهريب وتنوعها الجغرافى.

كما تم ضبط 65 كائنًا من أنواع مختلفة من الثعابين، منها كوبرا البخاخ السامة، التى تسبب إصابات بالغة، والثعابين الضخمة غير المحلية مثل الأصلة البورمية، التي قد تشكل تهديدًا مباشرًا على الحياة البرية المحلية وعلى الحيوانات الأليفة.

إلى جانب هذه الكائنات، تم ضبط 199 كائنًا آخر ممنوع تداولها بيئيًا، هذه العملية التي لم تستغرق أكثر من 30 دقيقة كشفت حجم هذه الشبكة المحترفة التي تحاول استغلال الفجوات في الرقابة والتشريعات لتهريب كائنات خطرة وغير خاضعة للرقابة، مما قد يؤدى إلى كارثة بيئية وصحية غير مسبوقة.

بعد الكشف عن هذه المحاولة، تم اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة، حيث تم نقل جميع الكائنات المضبوطة إلى حدائق الحيوان التابعة للهيئة العامة للخدمات البيطرية، لتلقى الرعاية البيطرية اللازمة تحت إشراف متخصصين، مع ضمان عدم تسربها أو تأثيرها على البيئة المحيطة.

فى الوقت نفسه، بدأت السلطات المختصة فى إجراء تحقيقات معمقة مع المهرب، واتخذت الإجراءات القانونية اللازمة ضده، مع التنسيق الكامل بين الجهات المعنية لضمان ملاحقة جميع المتورطين في هذه الشبكة.

تأتى هذه الواقعة لتكشف عن أبعاد خطيرة تتجاوز مجرد محاولة تهريب عادية، فهى تهدد الأمن القومي المصرى فى مجالات عدة، أهمها الصحة العامة والبيئة والاقتصاد، فدخول هذه الكائنات دون فحص دقيق يمكن أن يؤدى إلى انتشار أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة، لا تمتلك الحيوانات المحلية أى مناعة ضدها، الأمر الذى قد يؤدى إلى خسائر فادحة فى الثروة الحيوانية، والتى تعد ركيزة أساسية للأمن الغذائى فى مصر، وتفشى مثل هذه الأمراض قد يعطل الإنتاج الزراعى والحيوانى ويهدد الاستقرار الاقتصادى.

الأمر الأسوأ أن بعض هذه الأمراض قد تكون من الأمراض الحيوانية المصدر، التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر، ما قد يشكل خطرًا صحيًا مباشرًا على المواطنين، ويؤدي إلى أوبئة يصعب السيطرة عليها، خاصة فى ظل محدودية الخبرة المحلية في التعامل مع مثل هذه الأمراض، وخبرة العالم مع جائحة كورونا أثبتت أن أى خلل فى الرقابة على التهريب أو إدخال مسببات أمراض جديدة قد يؤدى إلى كارثة صحية شاملة.

من الناحية البيئية، فإن خطر تسرب هذه الأنواع الغريبة إلى البيئة المصرية قد يؤدى إلى تحولها إلى أنواع غازية مدمرة، تتكاثر بسرعة وتفتك بالأنواع المحلية، مما يخل بالتوازن البيئى الهش، ويهدد التنوع البيولوجى الفريد لمصر، كما يؤدى ذلك إلى استنزاف الموارد الطبيعية، مثل الغذاء والماء، ويؤثر سلبًا على خصوبة التربة وجودة المياه والإنتاج الزراعى فى المناطق المتضررة.

كما أن هذه الانتهاكات تؤثر على مكانة مصر الدولية، كونها موقعة على اتفاقية "سايتس" الدولية، وملتزمة بحماية الأنواع المهددة. تكرار مثل هذه الحوادث قد يؤدى إلى فرض قيود أو عقوبات دولية، تلحق ضررًا بالاقتصاد المصرى وعلاقاته مع شركائه في المجتمع الدولى.

إلى جانب الخطر البيئى والصحى، فإن وجود كائنات سامة كالعقارب والكوبرا يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المواطنين، خاصة إذا تسربت إلى المناطق السكنية، حيث تسبب لسعاتها إصابات خطيرة قد تصل إلى الوفاة، وتثير الذعر بين السكان.

تأتى هذه الواقعة لتؤكد الدور الحيوى والفعال للهيئات المعنية، من الهيئة العامة للخدمات البيطرية، والحجر البيطرى، إلى هيئة الجمارك والأمن المصرى، فى التصدى لمثل هذه التهديدات العابرة للحدود، وهو ما يعكس التعاون والتنسيق بين هذه الأجهزة قدرة مصر على حماية أمنها البيولوجى، بما يشمل التدريب المستمر ورفع جاهزية الكوادر المختصة لمواجهة أى تهديدات طارئة.

في عالم اليوم، أصبح الأمن القومى لا يقتصر فقط على الدفاع العسكرى أو الاستقرار الاقتصادى، بل يشمل الأمن البيولوجي والصحي والبيئى، لذلك، تتطلب مواجهة تهديدات تهريب الكائنات الحية المحظورة استراتيجية متكاملة تشمل الرقابة المشددة، والتشريعات الصارمة، والتعاون الدولى.

هذه الواقعة تذكير بأن معركة حماية الوطن لم تعد تقتصر على الحدود البرية أو الجوية، بل تشمل خطوطًا حيوية أخرى تمس حياة المواطنين ومستقبل الأجيال، وهى حماية التنوع البيولوجى، والحفاظ على البيئة، وضمان سلامة الغذاء والصحة العامة، كلها عناصر لا غنى عنها لبناء مصر آمنة ومستقرة.

فى النهاية، ما جرى ليس مجرد إحباط لعملية تهريب، بل هو إنقاذ حقيقي لمستقبل مصر البيئى والصحي والاقتصادى، ومن هنا تأتى أهمية الاستمرار فى تعزيز آليات المراقبة والرقابة، وتوعية المجتمع، وتعزيز التعاون الدولى لمواجهة هذه التهديدات التي لا تعرف حدودًا.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رابطة الأندية تستقر على إقامة قرعة علنية قبل انطلاق المرحلة الثانية للدورى الجديد

انتظام صرف معاشات شهر يوليو بالزيادة الجديدة 15%

من أجل مياه نظيفة صالحة.. تحسين نوعية المياه على رأس أولويات الحكومة.. الانتهاء من التقييم البيئى والفنى للمنشآت الصناعية على مصارف كتشنر وبلبيس وبحر البقر.. وخفض أحمال التلوث من الصرف الصناعى على بحيرة المنزلة

الموت مقابل الغذاء.. الأمم المتحدة تجدد إدانتها لمنظومة الاحتلال لتوزيع المساعدات فى غزة.. وتندد بوقوع المزيد من الشهداء أثناء الحصول على الطعام.. والأغذية العالمى: ثلث سكان القطاع دون أكل منذ أيام

مرسى مطروح مصيف السعادة.. متعة السباحة والمناظر الخلابة تُحسن المزاج وتجدد النشاط.. ملايين المصريين والسياح أسرى طبيعة مطروح البكر.. والشواطئ على موعد مع ذروة المصيف والصخب الجميل بعد نهاية امتحانات الثانوية


لو ناوى تنزل الصعيد.. اعرف مواعيد القطارات اليوم الأربعاء 9-7-2025

ارتفاع درجات الحرارة ينشر الفوضى فى أوروبا.. عواصف وفيضانات فى إيطاليا وتأجيل 13 رحلة جوية بعد موجة حر شديدة.. والأسماك النافقة تتسبب فى انسداد نهر فى التشيك.. واندلاع الحرائق فى عدد من الدول

الجبهة الوطنية: القائمة الوطنية تضم كوادر وكفاءات تثرى مجلس الشيوخ القادم

ترامب يعلن حضور نهائى كأس العالم للأندية 2025

آمنة تحدت الظلام والأمية.. سيدة كفيفة عمرها 55 سنة من سوهاج تحفظ كتاب الله وترتله بأحكامه فى 8 سنوات.. كانت تسير مسافة بعيدة 3 مرات أسبوعيًا لأجل القرآن الكريم.. وتصبح محفظة وتحلم بالعمرة.. صور


هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

فلومينينسى ضد تشيلسى.. المتألق بيدرو يضيف الثانى للبلوز 0-2.. "فيديو"

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

عمرو الحلواني لاعب الأهلي يحتفل بالحصول على دبلومة فيفا

رسميًا.. نجل أنشيلوتي يقود بوتافوجو البرازيلي

المفوضية الأوروبية: دول الاتحاد تتجاهل إصلاحات سيادة القانون

وزير الإتصالات: سنترال رمسيس لم يعد صالحا فى الوقت الحالى حتى تتم أعمال التبريد

فدائي يأكل البسكويت سريعا ويعود للمشاركة فى إطفاء حريق سنترال رمسيس

المصرية للاتصالات: لا نتنصل من مسؤولية حريق سنترال رمسيس والخطط عجلت عودة الخدمة

حفل فضل شاكر..حقيقة أم وهم؟

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى