ما حكم إقامة حفلات التخرج فى الجامعة؟.. الإفتاء تجيب

حفلات التخرج
حفلات التخرج
كتبت بتول عصام

ورد سؤال لـ دار الإفتاء المصرية، عن حكم إقامة حفلات التخرج، جاء مضمونة: "ما الحكم الشرعى فى إقامة احتفال للتخرج فى الجامعة؟".

وجاء رد دار الإفتاء كالتالي:

حث الشرع الشريف على طلب العلم
حثت نصوص القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية المطهرة على طلب العلم وبذل الجهد فى تحصيله، وتطابقت دلائلها الصريحة على فضيلة العلم والتعلم، فجعلت ذلك عبادةً من أجلِّ العبادات، وقربةً من أفضل القربات تعبدًا وأعظمها أجرًا وأكثرها ثوابًا، قال الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: 11].

وعن أبى الدرداء رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن سَلك طريقًا يلتمِس فيه علمًا سهَّل الله له طريقًا إلى الجنّة، وإنّ الملائكةَ لتَضَع أجنِحَتَها لطالبِ العِلم رِضًا بما يَصنَع، وإنَّ العالم ليَستغفِر له من فى السموات ومن فى الأرض والحيتانُ فى جوفِ الماء، وإن فضلَ العالم على العابِد كَفَضلِ القمر لَيلةَ البدرِ عَلَى سائرِ الكَواكِب، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنّ الأنبياءَ لم يوَرِّثوا دينارًا ولا دِرهمًا، وإنما ورَّثوا العِلمَ، فمن أخذه أخذَ بحظٍّ وافرٍ» أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود والترمذى وابن ماجه.

حكم حفلات التخرج

الاحتفاء بالعلم والفرح به يدخل فى عموم الأدلة الشرعية التى تقرر إظهار الفرح والسرور عند حدوث نعمة للإنسان، خاصة عند التخرج أو النجاح فى مراحل التعليم فهو أمرٌ ينسجم مع مقتضيات الفطرة الإنسانية، فلا يخفى أن الحصول على شهادة التخرج وانتهاء الطالب من المرحلة الجامعية يمثل نُقلة للطالب من مرحلة إلى مرحلة أخرى جديدة -وهى مرحلة العمل- يجنى فيها ثمرة جِدِّه واجتهاده، وقد قال الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 58].

ولذلك كان هذا الاحتفال من قبيل الفرح المباح، وقد ينقلب إلى عبادة يُثاب عليها صاحبها إذا قَرَن معه نية التحدث بنعمة الله تعالى شكرًا على توفيق الطلاب ذوى النجابة لطلب العلم وإظهار فضل الله تعالى وإحسانه بحسْن التعلم والتميز والنجاح، وبَعْث النفس على المزيد من التحصيل والاجتهاد فى سِلك العلم وحيازة أعلى الشهادات، وقد قال الله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: 11].

وعن النعمان بن بشير رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ» أخرجه الإمام أحمد، والطبرانى فى "المعجم الكبير"، وابن أبى الدنيا فى "كتاب الشكر"، والبيهقى فى "شعب الإيمان".

كما كان "المسلمون يرون أن مِن شُكْرِ النِّعم أن يُحَدَّث بها" أخرجه ابن جرير الطبرى فى "تفسيره" (24/ 489، ط. مؤسسة الرسالة) عن أبى نضرة رضى الله عنه.

وفى الاحتفال بالتخرج إدخال السرور والسعادة على الطالب المتخرج بمشاركته فى هذا الاحتفال وهذا الابتهاج والإهداء إليه وإسداء المعروف وتبادل المجاملة، وهى أمور تقوى الصلة والمحبة وتؤلف بين القلوب، فعن عطاء بن عبد الله الخراسانى أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «تَصَافَحُوا يَذْهَبِ الْغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ» أخرجه الإمام مالك فى "الموطأ" مرسلًا، وأخرجه الإمام البخارى فى "الأدب المفرد" وغيره مرفوعًا عن أبى هريرة رضى الله عنه بلفظ: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا».

وحصول البشارة للطالب بنيل شهادة التخرج والفرح به هو مظهر امتثال للأمر بالتعلم، وتنويه بشرف الانتساب إلى العلم والدخول فى زمرة العلماء، وفى ذلك ما أخرجه الحافظ أبو نعيمٍ فى "حلية الأولياء" (9/ 146، ط. السعادة) عن الإمام الشافعى رحمه الله، قال: «كفى بالعلم فضيلة أن يدعيه من ليس فيه، ويفرح إذا نسب إليه، وكفى بالجهل شينًا أن يتبرأ منه من هو فيه ويغضب إذا نسب إليه».

يضاف إلى ذلك أن فى هذه الاحتفالات ترويحًا عن النفس عقب سهر وتعب واجتهاد فى التحصيل والمذاكرة طوال سنين عِدة، كى تعين الطالب الناجح نفسيا على استعادة نشاطه وتفتح له الأمل بتحقق عاجل البُّشْرى بالظفر بالمطلوب والغاية المقصودة وفق مرحلته العمرية والتعليمية؛ إشارة إلى معالم الطريق الواجب اتباعه كيما يفوز وينجح فى عاجل أمره وآجله، وفى ذلك مسايرة لحِكْمَة تشريع العيد فى الإسلام، حيث يأتى عقب أوقات فاضلة اختصت بالاجتهاد فى العبادة والمداومة على الطاعة، ومن ثَمَّ كان لصوم رمضان فرحتان، ففى حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «للصائم فرحتان: فرحة عند الفطر، وفرحة حين يلقى ربه» أخرجه البخارى ومسلم، واللفظ للبخاري.

الضوابط والآداب الشرعية التى ينبغى أن تراعى فى احتفالات التخرج
ينبغى أن تسير هذه الاحتفالات وفق جملة من الضوابط والآداب الشرعية، ومن أهمها:

1- أن يكون هذا الاحتفال من قبيل إظهار نعمة الله ونشرها والتحدث بها لا الفخر والرياء والاستطالة بها على الآخرين.

قال العلامة الشوكانى فى "نيل الأوطار" (8/ 258، ط. دار الحديث): [إظهار النعمة من محبوبات المنعم، ويدل على ذلك: قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾، فإن الأمر منه جل جلاله إذا لم يكن للوجوب كان للندب، وكلا القسمين مما يحبه الله، فمَن أنعم الله عليه بنعمة مِن نعمه الظاهرة أو الباطنة فلْيُبالغ فى إظهارها بكل ممكِنٍ، ما لم يصحب ذلك الإظهارَ رياءٌ أو عُجْبٌ] اهـ.

2- ألا يشتمل الحفل على أمور محرمة شرعًا، كالاختلاط الفاحش بين الذكور والإناث.

3- عدم إطلاق النظر إلى ما لا يحل النظر إليه.

4- الالتزام بالاحتشام والتستر وعدم كشف العورات.

5- مراعاة ما يقرره القائمون على العملية التعليمية وذوو الاختصاص من تدابير بشأن إقامة حفلات التخرج بما يتوافق مع الآداب التعليمية والأخلاق الشرعية والمجتمعية.

6- أن تقام هذه الحفلات داخل المؤسسات التعليمية التى تخرج فيها الطلاب أو أماكن تشرف عليها المؤسسات المذكورة -ما أمكن ذلك-؛ ضمانًا للانضباط ولعدم الخروج على الأعراف والقيم.

فإذا روعيت هذه الضوابط والآداب كان ذلك جائزا شرعا، وإلا فلا، قال الإمام الشاطبى فى "الموافقات" (3/ 8، ط. دار ابن عفان): [العمل الواحد يُقصد به أمر فيكون عبادة، ويُقصد به شيءٌ آخر فلا يكون كذلك] اهـ.

وقال العلامة ابن القيم فى "الروح" (ص: 230، ط. دار الكتب العلمية) فى بيان الفرق بين أمور دقيقة يُخْشى التباسها على الإنسان: [الشيء الْوَاحِد تكون صورته وَاحِدَة وَهُوَ منقسم إلى مَحْمُود ومذموم كالفرح والحزن، والأسف وَالْغَضَب، والغيرة وَالْخُيَلَاء، والطمع والتجمل، والخشوع والحسد، وَالْغِبْطَة والجرأة... إلخ] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإقامة حفلات التخرج الجامعى أمر جائز شرعًا ما دامت تراعى فيها الآداب والضوابط الشرعية التى من شأنها ضبط تصرفات الإنسان وفق ما يرضى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ككون هذه الاحتفالات لإظهار نعمة الله لا للرياء والفخر والاستطالة، ووجوب الالتزام بالاحتشام وستر العورات، وألا تشتمل على أمور محرمة شرعًا، مع الالتزام بالآداب التعليمية والأخلاق الشرعية والقيم والأعراف المجتمعية، على أن تكون تلك الحفلات داخل المؤسَّسات التعليمية التى تخرج فيها الطلاب، أو فى أماكن تشرف عليها المؤسسة التعليمية متى أمكن ذلك؛ ضمانًا للانضباط وعدم الخروج على الأعراف والقيم.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

القانون ينظم ضوابط فحص الطلبات بعد غلق باب الترشح بانتخابات الشيوخ

التنقيب عن الآثار.. جريمة تخنق التاريخ والداخلية تلاحق لصوص الحضارة

اتحاد الكرة يستقر على إقامة السوبر المصري بمشاركة 4 فرق

بعد 42 يوما من الرحيل عن الأهلى.. على معلول يرفض عروض خليجية غير مقنعة

مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس اليوم السبت


مواعيد مباريات منتخب الناشئين فى كأس العالم قطر 2025

تعرف على موعد صرف تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

طلاب الهندسة الحيوية بالإسكندرية ينجحون فى تصميم ذراع روبوت بـ6 درجات حرية.. "6-DOF" يُستخدم كمساعد لأطباء الجراحة فى المستشفيات.. تنفيذه يكلف نحو 22 ألف جنيه.. وأعضاء هيئة التدريس يشيدون بالمشروع.. صور

موعد انطلاق فترة إعداد الأهلي للموسم الجديد


الجارديان: ترقب أوروبى حذر مع تصاعد تهديدات ترامب الجمركية

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

زى النهارده.. هدف بشعار "غزل الملاعب" بين متعب وغالى فى مباراة الأهلى ودجلة

شقيق حامد حمدان: أخى فى حالة نفسية سيئة ومستعد للعب للزمالك دون شروط

شيماء منصور تكتب: في محراب الملك لير.. حين يتجدد سحر الفخراني على خشبة المسرح

ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف.. طاقم مصرى يصل الليل بالنهار لإنجاز المشروع.. المكينة تحفر 22 مترا يوميا والنفق حلقات خرسانية يتم تركيبها وتصنيعها محليا.. وهذه طرق تأمين العمال تحت الأعماق.. صور وفيديو

الهيئة الوطنية تنشر آلية استعلام المواطنين عن مقر اللجان بانتخابات مجلس الشيوخ

سر تجدد اشتعال النيران في سنترال رمسيس.. مدير الحماية المدنية الأسبق يوضح

الدفع بـ4 خزانات مياه استراتيجية لإخماد حريق مصنع مدينة بدر.. صور

مادويكي على أعتاب أرسنال مقابل 50 مليون إسترليني

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى