معلومات الوزراء: مصر تتطلع للاستفادة من خبرات دول تجمع البريكس فى5 مشروعات

أكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن تكتل البريكس لم يعد مجرد تجمع اقتصادي، وإنما تطور ليصبح قوة متعددة الأبعاد وواحد من مظاهر التحول نحو التعددية القطبية، بحيث أصبح منصة تناقش قضايا النظام الدولي، سعياً نحو إيجاد نظام عالمي أكثر توازنًا يتعزز فيه التعاون الاقتصادي والتنموي عبر توفير التمويل الملائم لمشاريع البنية التحتية، وتنمية التجارة البينية، ودعم المشروعات الاستراتيجية دون شروط سياسية صارمة.
وأضاف المركز في تحليل معلوماتى له إلى أن العالم قد شهد خلال العقدين الماضيين تطورات اقتصادية وجيوسياسية بارزة -بما في ذلك الأزمة المالية العالمية لعام 2008 وما صاحبها من تصدع للنظام الرأسمالي العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو (2009- 2015)، وتحقيق الصين معدلات نمو مرتفعة جعلتها تتجاوز اليابان في عام 2010 لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم،، وبرزت آسيا كمركز ثقل اقتصادي عالمي في ظل معدلات النمو المرتفعة التي حققتها دول الآسيان إلى جانب كل من الصين والهند، وعليه، ومع التحولات المتسارعة في خريطة القوى الاقتصادية والسياسية عالميًا، برز تكتل البريكس " (BRICS)، كأحد التكتلات الاقتصادية التي تسعى لإعادة التوازن إلى النظام الدولي.
-البريكس.. وثقل متزايد:
أوضح المركز أن الثقل المتزايد للتجمع يأتي بالنظر إلى وزنه النسبي على الساحة العالمية، ويُقدر الناتج المحلي لدول التكتل بنحو 29.8 تريليون دولار في عام 2024 وهو ما يمثل نحو 39% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتستحوذ دول البريكس على نحو 43.6% من إنتاج النفط العالمي، و36% من إنتاج الغاز الطبيعي في العالم، و78.2% من الإنتاج العالمي من الفحم المعدني، كما تضم البريكس حوالي 72% من احتياطيات العالم من المعادن الأرضية النادرة. كما تستحوذ دول البريكس على نحو 44% من إنتاج الحبوب العالمي، بما في ذلك 48% من القمح، و55% من الأرز، و40% من الذرة، وتعتبر روسيا لاعباً رئيسيا في سوق الحبوب العالمي بالإضافة إلى الهند والبرازيل، وتتمتع دول البريكس بمعدل بطالة منخفض في المتوسط يقدر بنحو 5.4% في عام 2024 وكذلك معدل مرتفع من المشاركة في قوة العمل يقدر بنحو 60.8%.
ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن نسبة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي لدول تجمع البريكس قبل التوسع كانت تمثل نحو 24.6% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، في حين أن نسبة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي لدول تجمع البريكس بعد التوسع تمثل نحو 27.1% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
وفقًا لتقديرات البنك الدولي لعام 2023، فإن متوسط معدل نمو الاقتصادات لدول تجمع البريكس قبل التوسع مثلت نحو 4.12%. بينما بعد التوسع بلغ متوسط معدل نمو الاقتصادات لدول تجمع البريكس نحو 4.45%. وهنا يعتبر الفارق بين متوسط معدل نمو اقتصادات تجمع البريكس قبل التوسع وبعده ليس كبيرًا، فتجمع البريكس يضم اقتصادات كبرى وأخرى نامية، وهذه الدول تسعى لتعزيز نموها الاقتصادي، بالإضافة إلى تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية.
وعلى صعيد التجارة العالمية، فإنه وفقًا لتقديرات منصة (Trade Map) لعام 2023، فإن حجم المساهمة في التجارة العالمية لدول تجمع البريكس قبل التوسع مثلت 17.8%، بينما حجم المساهمة في التجارة العالمية لدول تجمع البريكس بعد التوسع يمثل نحو 21.7%.
وبالنسبة لحجم تدفقات الاستثمارات الداخلة، فمن الملاحظ حدوث طفرة في حجم الاستثمارات بعد التوسع، حيث بلغت حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة لدول تجمع البريكس بعد التوسع نحو 337.8 مليار دولار، مقارنة بحجم الاستثمارات الداخلة قبل التوسع التي بلغت نحو 270.9 مليار دولار، وهذا يدل على تسارع الدول على الاستثمار في دول تجمع البريكس.
وتحتل دول البريكس مساحة كبيرة من الأراضي على المستوى العالمي، فقد بلغت نسبة المساحة من الإجمالي العالمي لدول تجمع البريكس قبل التوسع نحو 25.7%، بينما بلغت المساحة بعد التوسع نحو 29.5% من إجمالي المساحة العالمية. وتعد روسيا أكبر دولة من حيث المساحة لدول البريكس، حيث تبلغ مساحتها نحو 11% من إجمالي المساحة العالمية، تليها الصين بنسبة 6.3%، والبرازيل بنسبة 5.6%، والهند بنسبة 2%، وتحتل إندونيسيا المرتبة الخامسة من حيث المساحة بنسبة 1.2% من إجمالي المساحة العالمية.
وتمتلك دول البريكس قوة بشرية هائلة، فوفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي في أبريل 2025، فإن نسبة عدد السكان قبل التوسع بلغت نحو 41% من إجمالي السكان العالمي، في حين بلغت نسبة عدد السكان بعد التوسع 48.5% من إجمالي السكان العالمي، وتعد الهند أكبر دولة من حيث عدد السكان، حيث بلغ حجم سكانها 1450 مليون نسمة، تليها الصين بنحو 1410 ملايين نسمة، تليها إندونيسيا بنحو 284.44 مليون نسمة.
-تعزيز الاستقلال المالي لدول البريكس:
تسعى دول البريكس إلى تعزيز استقلالها المالي، من خلال آليات تمويل بديلة، أبرزها بنك التنمية الجديد الذي يدعم مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء. كما تعمل دول التكتل على توسيع استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية والمالية من خلال تطوير نظام "بريكس باي" لتسهيل المدفوعات العابرة للحدود، ونظام SWIFT في تسوية المدفوعات الدولية. كما تسعى دول التكتل على ضمان تمثيل أكثر عدالة للدول النامية فى المؤسسات الدولية المختلفة.
• بنك التنمية الجديد:
يشكّل بنك التنمية الجديد أحد أبرز الآليات المؤسسية التي ابتكرتها دول البريكس لدعم نظام مالي عالمي أكثر توازنًا واستقلالًا، وقد تم إنشاؤه عام 2015 برأسمال قدره 50 مليار دولار، بهدف توفير تمويل أسرع من المؤسسات المالية الدولية دون فرض شروط صارمة، وقد استثمر بنك التنمية حتى الآن نحو 33 مليار دولار في 96 مشروعًا نشطًا من 143 مشروع داخل دول التكتل، وفي إطار سعيه للتحول إلى مؤسسة مالية رائدة في مجال تمويل مشروعات البنية التحتية والتنمية المستدامة في الدول الناشئة والنامية، وضع بنك التنمية الجديد استراتيجية طموحة للفترة (2022- 2026) لحشد الموارد، حيث يطمح البنك إلى تعبئة تمويل إجمالي يُقدّر بنحو مليار دولار خلال فترة الاستراتيجية. وتسعى الاستراتيجية إلى توجيه نحو 20% من المشاريع بالشراكة مع بنوك التنمية متعددة الأطراف، مما يعزز من التنسيق الدولي ويضاعف الأثر التنموي.
• إبرام اتفاقيات مبادلة العملات وتسويات العملات المحلية:
تسعى دول البريكس إلى إبرام اتفاقيات مبادلة العملات وتسويات العملات المحلية، وقد أتاحت الهند التجارة بالروبية مع 18 دولة، بينما وقّعت الصين اتفاقيات مماثلة مع 41 دولة لاستخدام اليوان. ويتزايد الدور العالمي لليوان، مدعومًا باعتراف صندوق النقد الدولي به كعملة احتياطية، وآليات مثل نظام الدفع الدولي الصيني وعمليات المبادلة مع روسيا. كما طرحت روسيا بدائل خاصة بها، مثل بطاقة الدفع "مير"، ويسعى بنك التنمية الجديد إلى تعزيز استخدام العملات المحلية، بحيث تُشكل 30% من التمويل الذي يسعى لحشده بما يُسهم في تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية وتعزيز الاستقرار المالي للدول الأعضاء.
• تعزيز تسوية المدفوعات عبر أنظمة جديدة:
يُعد بريكس باي (BRICS Pay) نظامًا ماليًا لا مركزيا أطلقته مجموعة دول البريكس في عام 2018، ويهدف إلى تسهيل المعاملات المالية العابرة للحدود باستخدام العملات المحلية، كبديل فعّال لأنظمة الدفع التقليدية، ويعتمد النظام على تقنيات متقدمة مثل البلوك تشين والعقود الذكية والمحافظ الرقمية، بالإضافة إلى دعم العملات الرقمية للبنوك المركزية، لضمان تسويات مالية سريعة وآمنة ومنخفضة التكلفة. ويحظى النظام بدعم قوي من الصين، في حين تتجه باقي الدول الأعضاء إلى اعتماد بروتوكولاته لتحقيق التكامل المالي فيما بينها.
• آلية الاحتياطي الاحترازي:
أنشئت آلية الاحتياطي الاحترازي من قِبل دول البريكس لتكون بمثابة أداة مالية توفر الدعم المالي والاحترازي للدول الأعضاء في مواجهة ضغوط ميزان المدفوعات قصيرة الأجل، وتعمل كإطار مكمل للنظام المالي العالمي. يبلغ حجم التزاماتها الحالية 100 مليار دولار، وتساهم فيها الصين بالنصيب الأكبر، وهي أقل بكثير من آليات مماثلة كصندوق النقد الدولي ومبادرة تشيانغ ماي. وتسمح الآلية للدول الأعضاء بطلب مبالغ محددة وفق نسب مضاعفة، حيث يمكن سحب 30% من الحصة دون الرجوع إلى صندوق النقد، في حين يُشترط للسحب فوق هذه النسبة وجود اتفاق مشروط مع صندوق النقد الدولي. تشمل أدوات الآلية دعم السيولة الفورية والدعم الاحترازي، وفقًا لطبيعة الأزمة التي تواجهها الدولة. تتم مبادلة العملات على أساس سعر صرف السوق قبل يومين من التحويل، مع التزام الدولة المتلقية بإعادة شراء عملتها خلال 6 أشهر أو سنة. ولا تُفرض فوائد على عملة الدولة السائلة، وتُحتسب الفوائد فقط على الدولار المسحوب. كما يُسمح بتجديد السحوبات ضمن شروط محددة، باستثناء السحب الاحترازي الذي لا يُجدد.
-عضوية مصر في البريكس:
وجاءت دعوة مصر للانضمام إلى البريكس في 2023، لتبدأ عضويتها الكاملة مطلع 2024. ويمثل ذلك خطوة استراتيجية ذات أبعاد اقتصادية وسياسية، ويعزز الانضمام من جهود مصر الرامية إلى تنويع الشركاء الدوليين، حيث تقوم السياسة الخارجية المصرية على الاتزان الاستراتيجي ما بين الشرق والغرب، وأصبحت مصر لا ترتكز علاقاتها فقط على الغرب، بل تفتح شراكات مع الشرق والجنوب على نحو يعزز دورها المحوري كهمزة وصل بين الشمال والجنوب، وبين أوروبا وآسيا.
اتصالًا، فثمة الكثير من المكاسب الاقتصادية المتوقعة لانضمام مصر إلى تجمع البريكس، لا سيما مع زيادة أعضائه اعتبارًا من يناير 2024، ومن تلك المكاسب، جذب المزيد من السياح الوافدين من دول التجمع، وتعزيز علاقات مصر التجارية لتصدير المزيد من منتجاتها إلى الأسواق الناشئة الرئيسة، كذلك أيضًا جذب المزيد من الاستثمارات من دول التجمع إلى مصر.
وتتطلع مصر إلى الاستفادة من الخبرات لدى دول التجمع في مشروعات الرقمنة والتنمية الزراعية والاستثمارات البيئية الخضراء والبنية التحتية، كذلك مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر على نحو يساعد على توطين الصناعات المتقدمة وذات القيمة المضافة في الاقتصاد المصري.
بالإضافة إلى ذلك، تعد دول البريكس ذات أهمية لمصر لتأمين احتياجاتها من السلع الاستراتيجية، مثل: الحبوب كالقمح والأرز خاصة. كما تتيح عضوية بنك التنمية الجديد لمصر تمويل مشروعات تنموية وبنية تحتية بشروط ميسرة، بالإضافة فضلا عن تشجيع التجارة بالعملات الوطنية.
ويُعد انضمام مصر إلى التجمع في أول عملية توسيع لعضويته منذ 2009، نتيجة طبيعية لتفاعل مصر المستمر مع التجمع، خاصة على ضوء مشاركتها في قمم "البريكس +" منذ قمتها الأولى في عام 2017؛ ويمثل انضمامها شهادة ثقة بحجم وتأثير مصر على المستوى الدولي. وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن هناك ما يزيد على 30 دولة أخرى ترغب في الانضمام إلى التجمع.

Trending Plus