سنترال رمسيس.. الأزمة والاستعداد والتفاعل والبديل دون تهوين أو تهويل

حريق سنترال رمسيس كشف عن عدة نقاط مهمة، وبالطبع مثل كل حادث كبير يثير العديد من الأسئلة والتعليقات، بل إن البعض يستبق الهجوم أو الحديث من دون معلومات كافية وهذا دأب السوشيال ميديا، وفى بعض الأحيان تكون التعليقات خوفا وقلقا، وأحيانا تكون هبدا ومحاولة لجذب انتباه بالفتى فى أى موضوع، وبالطبع يفترض أننا بانتظار ما تعلنه جهات التحقيق حول أسباب الحريق الضخم والمتسبب فيه.

بالطبع لم يعد ممكنا الاستغناء عن خدمات الإنترنت فى كل شؤون الحياة، وليس فقط الخدمات البنكية، فقد تأثرت المكالمات والأعمال وعمليات الدفع بالفيزا أو الأدوات الإلكترونية وخدمات الجى بى إس ارتباطا بالإنترنت، وفيما يتعلق بقدرات إدارة الأزمة، فقد كشف حريق السنترال عن سرعة استجابة وعمل بطولى من قبل قوات الحماية المدنية بوزارة الداخلية، والذين عملوا لأكثر من 18 ساعة وواصلوا الليل بالنهار، ونجحوا فى محاصرة الحريق ومنع اتساعه، وإخلاء المصابين، باستثناء 4 شهداء فقدوا حياتهم اختناقا.

وزارة الاتصالات وأجهزتها حاولوا التعامل بالبيانات من البداية، وإن كان انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات من شبكات المحمول والأرضى كان كاشفا عن مركزية سنترال رمسيس، وإن كان تم نقل العمل إلى سنترالات تبادلية وتطلب هذا وقتا تجاوز 12 ساعة، لكن الأمر كشف أيضا صحة وبعد نظر الدولة عندما وجه الرئيس السيسى قبل سنوات بتأمين أكبر وخلق بدائل وعدم تركيز أنظمة المعلومات فى مركز واحد يكون معرضا للهزات، قرر الرئيس عبدالفتاح السيسى إنشاء مركز البيانات والحوسبة السحابية «P1» كأول مركز يقدم خدمات «تحليل ومعالجة  البيانات الضخمة - الذكاء الاصطناعى» فى مصر وتم افتتاحه فى 28 أبريل 2024.

وأيضا العمل على وجود مراكز تبادلية يمكن من خلالها نقل الاتصالات إلى مراكز متنوعة وهو ما تم وإن استغرق وقتا، الأمر الذى يفرض عمل مناورات من هذا النوع للتعرف على قدرات النقل بين المراكز، مع الأخذ فى الاعتبار أن مثل هذه الحرائق واردة، ومعها أعطال أو أخطاء واردة فى كل مكان وكل وقت بالعالم، وقبل سنوات واجهنا انقطاع كابلات الإنترنت العملاقة فى البحر المتوسط، ما أدى إلى تأثيرات على خدمات الإنترنت.

بالطبع حادث حريق سنترال رمسيس، يستلزم إجراء تحقيقات، وأن نتعامل معه من دون تهوين أو تهويل، وقد عقد مجلس النواب جلسة استدعى فيها الحكومة، لمعرفة الأسباب والوقوف على أبعاد الأزمة التى حدثت، وقال المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، إن الضرر الجسيم الذى نتج عن حادث حريق سنترال رمسيس واضح ولا يقبل التهوين، وقرر إحالة كل البيانات العاجلة المقدمة من النواب بشأن حادث حريق سنترال رمسيس إلى لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مع عقد اجتماع عاجل بحضور وزير الاتصالات، لمناقشة ملابسات الواقعة وتحديد المسؤوليات، وقال إن انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت عن المواطنين يمثل ضررا جسيما يستدعى التحقيق، وشهدت جلسة مجلس النواب إلقاء عدد من الأعضاء بيانات عاجلة بسبب حريق سنترال رمسيس، وتأثر الخدمات، مطالبين بكشف التفاصيل الخاصة بالميكنة والرقمنة، وأسباب تعطل الخدمات بسبب حريق فى سنترال.

وطالب بعض النواب بتشكيل لجنة تقصى حقائق من البرلمان، للوقوف على أسباب الحادث، ورد المستشار محمود فوزى، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، على البيانات العاجلة وقال إنه  تم تصميم البنية الأساسية لتعمل بشكل تداولى وموزع على الأحمال، 80 % من الخدمات آليات من خلال الربط التبادلى بين تلك السنترالات الأساسية، ونظرا لضخامة الشبكة يحتاج نقل الخدمة التبادلية فترة زمنية، سنترال رمسيس أساسى لكن لا تعتمد عليه الجمهورية، ويبقى خارج الخدمة أسبوعا أو أكثر والخدمات مستمرة.

وأشار فوزى، إلى أنه يتم الانتقال التدريجى للخدمة وفقا للسنترالات المجاورة، لكن هناك بعض الخدمات أقل من 20 %، والتى تقدم من السنترال دون التعاقد على بديل آمن، وقال إن كل البيانات التى حصل بها تلف بسبب حريق سنترال رمسيس، موجود منها نسخ احتياطية، والإعلام يغطى على مدار الساعة من مواقع الحدث نفسه، وفيما يخص الخدمة فى محيط السنترال، فقد تأثر 50 ألف عميل متعطل وعادت الخدمة قبل نهاية اليوم، وخارج الخدمة لا يوجد أعطال ولكن الخدمة بجودة 80 % واستكمال الخدمات لتصل إلى مائة بالمائة، وفيما يخص قطاع البنوك قال المستشار محمود فوزى، إن الخدمة تأثرت جزئيا فى عدد قليل من البنوك وتم عمل مناورات من الشبكات، والبورصة تم التأكيد على استعادة الخدمات مساء فى نفس يوم الحادث، والتموين تعطلت جزئيا وتعمل الآن، والمطار استعاد الخدمة فى الجزء المتأثر فى نفس اليوم، والنجدة تعمل دون تأثر، والإسعاف استعاد الخدمة الساعة الرابعة عصر أمس بكامل جودتها وتم التعامل مع الأمر من خلال أرقام بديلة.

الشاهد أننا فى انتظار ما تسفر عنه التحقيقات، وهذه الأزمة تؤكد أهمية تنفيذ تعليمات الرئيس السيسى بإنجاز مراكز المعلومات والرقمنة، وأهمية ما تم بناؤه خلال السنوات الماضية فى المقطم، والعاصمة الإدارية، ضمن  منصات «مصر الرقمية» والمراكز الاحتياطية التى تضمن استمرارية تدفق وتأمين البيانات، وخلال افتتاحه لمركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية «P1»، فى 28 أبريل 2024 أكد الرئيس السيسى أن الدولة أنفقت مليارات الدولارات من أجل تجهيز بنية أساسية متكاملة فى عالم يتقدم بشكل كبير ومتسارع، وأن نستفيد منه على ضوء مرور 90 % من الكابلات البحرية الموجودة فى العالم بمصر، داعيا إلى ضرورة تشجيع الدراسة فى هذه القطاعات، بجانب أن الدولة استهدفت توفير التكلفة المالية التى تدفع فى استضافة بياناتنا من الخارج لتكون معنا، وليست فى الخارج، باعتبار أننا فى عصر تفرض التقنية الحديثة على المجتمعات تحديات إضافية.