عصام عبد القادر يكتب عن إدمان جماعة الإخوان الإرهابية للشائعات المغرضة.. سياسة التزييف والفبركة.. خبث المقصد والغاية.. تفتيت الوحدة.. إدراك الشعب الرهان الكسبان

عبر متابعة حثيثة لبوابة متخصصة في إطلاق الشائعات؛ حيث النشوة، التي تبدو واضحة لدى الشخص المريض الذي يتفوه كذبًا، واللذة في سرد ما سوف يترتب على الأكذوبة، التي قد نشرها، والتشفي ممن سيقع عليه الضرر جراء ما يتمخض عن الافتراءات التي بثها، وهذا في مجمله لا يعنينا في شيء؛ لكن ما أراه عجيبًا، وغير مألوفًا بالنسبة لي، يتمثل في استكمال مسلسل الكذب، ومتابعة هذا السلوك المشين بارتياحية، غير طبيعية؛ رغم ثبوت الحقائق، التي قد دحضت الشائعة المغرضة.
هنا قد تنامى إلى الذهن تساؤل مشروع، فحواه: هل هذا السلوك قد أضحى بالنسبة لكل من يطلق عبر منصته الشائعات المغرضة، قد بات ضربًا من الإدمان؟، أم أنه كاد أن يكون مرضا نفسيا؛ نتيجة للذَّة، ما تشعره بالاهتمام من خلال متابعة جموع البسطاء له؟، أم يمتلك أنه أجندة، يتمسك بما يأتي بها دون النظر إلى المهنية، التي تحض على المصداقية، والرجوع إلى المصادر الموثقة، والموثوقة من تناول، أو عرض الخبر، ناهيك عن التدقيق في التفاصيل، التي تُعَدُّ جزءًا رئيسًا من القضية محل الاهتمام، أو إسقاط الضوء؟
أعتقد أن الأسباب سالفة الذكر، قد تجيب عما ذكر من تساؤلات؛ فمن يتنازل عن قيمه، ويخضع إلى توجيهات مغرضة، سواءً أكانت بمقابل، أم بوعود زائفة، أم بمعتقد فاسد؛ فإننا لا نصفه إلا بخائن للأمانة، ومن يصبح لديه الاستعداد لإثارة الفتن، وتفكيك لُّحْمة المجتمع، والعمل على هتك نسيجه؛ فإننا نصفه بالمريض نفسيًا؛ فمنطق العقل السليم، لا يقبل بسقوط راية الوطن، ولا بإشعال نيران تحرق الأخضر، واليابس، وتضير بالحجر، والبشر؛ لكن من يقبل هذا في مجمله، يُعدُّ من أصحاب المآرب، غير السوية، والقلوب الحاقدة الخربة.
جماعة الإخوان الإرهابية تشتد خصوماتها السياسية مع القائمين على إدارة شئون الدولة المصرية؛ فتطلق من خلال كتائبها المسعورة طوفانًا من الشائعات المغرضة، التي تستهدف النيل ليس فقط من الجانب السياسي؛ لكن ضرب الجانب الاقتصادي، عبر إضعاف العزيمة، والإرادة لدى المواطن، الذي يفقد الثقة في مؤسسات وطنه؛ ومن ثم فإنه يتقاعس عن أداء مهامه، أو يتأخر في ممارسة أعماله، أو يهمل عن قصد؛ ليؤخر مصالح العباد، أو يمارس أفعال، لا تتسق مع السلوك المهني لوظيفته، وهذا بالطبع لن يحدث في خضم وعي صحيح؛ لمآرب جماعات الظلام.
الخصومة لا تتوقف عن هذا الحد، بل، تمتد؛ لتنال من الوحدة الوطنية؛ حيث بث الفتن بين فئات المجتمع المُسالم؛ كي تتسع الفجوة بين أبناء المجتمع، وتتزايد الخلافات، وتتنامى الصراعات، ويدخل الجميع في معترك وعر، لا يؤدي إلا إلى نفق مظلم، تهدر فيه المقدرات، وتسيل فيه الدماء دون وجه حق، وهذا الغرض الخبيث، لا يجد له سبيلا بين أحباء هذا الوطن، الذي يقدم أرواحه، ودمائه في سبيل نصرة قضاياه؛ فالتاريخ يشهد ثباتًا، وصمودًا، وبسالة هذا الشعب العظيم إزاء تحديات، ونوازل قد مرت به، لم تنل من نسيجه، أو وحدته، أو رباطه.
الفوضى المجتمعية، أو المؤسسية من مستهدفات شائعات الإخوان المغرضة، التي تسعى بكل قوة إلى تكريس سياسة التشكيك في كل شيء؛ ومن ثم يفقد العطاء تعزيزه، بل، يُستبدل بحالة من اللامبالاة بين الجماعات، والأفراد؛ حيث يلقى كل شخص باللوم على الآخر، وفي نهاية المطاف تخسر المؤسسة، والمجتمع في آن واحد، وهذا التراجع بكل تأكيد يرفع أسهم تلك الجامعة البائسة، التي تودُّ أن يسقط الجميع في بوتقة الانهيار؛ كي تحقق مآربها الخبيثة، ومرادها الزائف.
نوقن أن هناك استراتيجيات منظمة، تقوم عليها فلسفة بث، ونشر الشائعات المغرضة من قبل كتائب جماعة الإخوان الإرهابية؛ حيث تستغل الأحداث الجارية من أجل تشويه أيّ مشهد، يؤكد ما قامت به مؤسسات الدولة من جهود من أجل الإعمار؛ بُغية تشويه الرأي العام، وتعزيز فكرة الاختلاف، وإضعاف حالة الاصطفاف خلف الدولة، وقيادتها؛ ومن ثم تختلق مزيدًا من الأكاذيب؛ كي تحقق هذا الغرض الخبيث.
الرأي العام المصري المنصف يرى أن جماعة الإخوان الإرهابية قد وصلت في الحقيقة إلى مستويات الإدمان المُزْمن، في ضخِّ الشائعات المكذوبة، ونشر من خلال كتائبها المأجورة، وبعض المغيبين، اللذين يتعاطفون مع تلك الجماعة؛ كي تحقق مآرب، يتفق الجميع على أنها غير سوية، وأنها في واقع الأمر، لا تؤثر على كيان هذا الشعب، ولا مؤسساته، ولا قيادته الحكيمة؛ ومن ثم فإنها تذهب أدراج الرياح، وللأسف تعاود تدويرها مرات، ومرات، كونها قد اعتادت منهج الكذب، والافتراء منذ أن تأسست، ودشنت أجندتها الخبيثة.
الشعب المصري قد اتضح له زيف، وكذب، وافتراء هذه الجماعة، وقرر أن يتخلص منها إلى الأبد؛ فقرر أن يثور على مطامعها، ويفتك بأجندتها، ويصطف مع الدولة من أجل القضاء على مخططاتها الخبيثة؛ فكانت مؤسسات الدولة الوطنية الباسلة من وراء هذا الشعب العظيم، ودحرت كل مآرب تلك الجماعة، وقضت على أحلامها، وأسقطت كل محاولات الغدر برموز الدولة، وكياناتها، ومقدراتها في شتى ربوع الوطن.
القيادة السياسية الرشيدة قد راهنت على إدراك هذا الشعب؛ كونه الرهان الكسبان؛ فأخذت تفويض المواجهة ضد هذه الجماعة المارقة، وأسقطت حكمها، وحطمت مزاعمها، وفككت مخالبها، التي قد انقضَّتْ بها على مقدرات هذا البلد الأمين؛ كي تمكن لها أبد الدهر؛ ومن ثم فقد تركت قيادتها البلاد بعد أن هربت منها، وفي خلدها ثأر مبيت للدولة، وقيادتها ومؤسساتها، بل، وشعبها صاحب النبل، والشهامة؛ فلم تجد إلا الشائعات المغرضة، التي تستخدمها كمعول هدم لهذا الوطن العظيم بشعبه، وقيادته، ومؤسساته.
ما تخشاه جماعة الإخوان الإرهابية، التي قد اعتادت، وأدمنت نشر، وبث الشائعات المفبركة، والمكذوبة، يتمثل في قوة الجبهة الداخلية للشعب المصري الأصيل؛ هذه الجبهة التي يخاف منها العدو، ويدرك أنها تقضي عليه مهما بلغت قوته، وجبروته؛ ومن ثم تضافرت جهود الخسة، والندالة من أجل المزايدة على الوطن، وأبنائه المخلصين، من خلال بث شائعات، التي تستهدف إرهاب العقول، وثني الإرادة، وتشتيت الجهود، والخنوع للتحديات، والأزمات، وهذا لن يتحقق ما دام أبناء هذا الوطن الكبير يمتلكون الوعي الرشيد، والفكر السديد، والرؤى الطموحة، والإرادة، والعزيمة، التي لا تلين نحو استكمال بناء جمهوريتهم الجديدة.
ندرك أن إدمان نشر الشائعات، والتوغل في غيابات الضلال، قد أصبح معتادًا لدى هذه الجماعة، غير المرغوب في تواجدها في أيّ مكانٍ؛ فأحرار العالم يلفظونها، ولا يتقبلون وجودها، بل، يضيّقون عليها الخناق، كونها تهدد استقرار الأوطان، وتزرع الضغينة بين أبناء الوطن الواحد، وتبث الفتن في أرجاء البلاد، وتستعين بالشيطان، وتتحالف معه من أجل دمار الأوطان؛ لتحقق غايات مشبوهة، ومآرب ضالة.
مدمنو الشائعات لن ينالهم إلا خيبة الأمل، والرجاء؛ فالمصريون لديهم حب لتراب وطنهم، ولا يستطيع كائن من كان أن ينزعه من صدورهم، كونه لا يُباع، ولا يُشترى، ولا يتم المساومة عليه؛ لذا تجد أن مكون المؤسسات الوطنية من جيش، وشرطة يتصف بأنه نقيٌ خالصٌ، الغاية العليا تتمثل في الحفاظ على أمننا القومي، وصوْن مقدراته المادية، والبشرية؛ ومن ثم يستحيل أن تحقق جماعات الظلام أهدافها رغم السموم، التي تبثها ليل نهار.
سيظل وعي الشعب بمآرب هذه الجماعة الخبيثة غُصَّةً تخنقها، ولا تسمح لها بالتمدد، والانتشار مرة أخرى، وسيظل الإدراك سياجًا، يحمي مقدرات هذا الوطن، ويزيد من تماسك أبنائه؛ فلا منزع لمستهدفات أهل الشر، ولا ضغينة تُبيَّتُ ضد مؤسسات وطنية، مخلصة، ولكن هناك اصطفافٌ، وتفويض مستدام؛ لنسير في طمأنينة، وسكينة تجاه تقدم، ونهضة هذا الوطن الذي يسكن القلوب.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Trending Plus