لا للشعارات.. نعم للمشروعات

كثيرًا ما أُطْلقتْ شعاراتٌ للتنمية قبل ثورة 30 يونيو 2013م، سواءً قبل حكم الإخوان، أو في أثنائه، وقد بحَّت أصوات المخلصين؛ نظرًا لتهالك البِنى التحتيَّة، وغياب الرؤية الاسْتشرافية، نحو تحقيق احتياجات، ومُتطلَّبات الكثافة السُّكانيَّة المصريَّة، التي قد ضاقتْ أمامها الطرائق، وتآكلتْ المباني، وتصدَّعت الجُدْران، وتوقَّفت مسارات الطرق، ومداخلها؛ لتزداد المشكلات تعقيدًا، وتتفاقم التحدَّيات، والأزمات؛ لتبلغ عنان السَّماء؛ لكن لا تجد إلا وعودًا كاذبةً، ومُسكِّنات مُؤَّقتة، لا تغْني، ولا تُثْمن من جُوعٍ.
الدول المُتقدَّمة التي نشاهد في ربوعها تنمية حقيقيَّة مسْتدامة، نجد أنها قد تخلَّصتْ من صور التحدَّيات، التي قد نتجتْ عن تهالك البِنى، والتجهيزات اللُّوجستيَّة بها؛ فدُشَّنتْ مشروعاتُها التأْسيسيَّة؛ لتنطلقَ نحو إنجازات متقدَّمة في كافَّة المجالات الاقتصاديَّة؛ ومن ثم تبلغ الرِّيادة في مجال، أو أكثر، تستطيع أن تُقدِّم فيه كل ما هو مُتفرِّد، ويفيَ باحتياجات السُّوق العالميِّ، ويفتحَ صادرات، وشراكات غير متناهيَّة، وهذا ما فقهتْ، وخطَّطتْ له القيادة السياسيَّة المِصْريَّة، التي أخذتْ على عاتقها مسئوليَّة بناء جُمْهوريَّةٍ جديدةٍ، تقوم على أُسسٍ صحيحة، وبنْية أساسيَّة، قويَّة، تستوعب كافَّة الاسْتثمارات المنشودة المُخطَّط لها من قِبل أجهزة، ومؤسسات الدَّوْلة المعنيَّة.
الشعارات الجوْفاء، لا تَبْني أوطانًا، ولا تُعْلي من شأن أمَّة، تودُّ أن تخرج من حالة العوز إلى حالة الاكتفاء؛ لكنَّ العمل الجادَّ المتواصل، والعزيمة في تحقيق غايات عُلْيا، تصبُّ في مصلحة البلاد، تُعدُّ الملاذ نحو تنمية، تحمل في طيَّاتها إجازات مشروعات قوميَّة، تُمهِّد إلى المزيد منها وفق المراحل المُخطَّط لها سلفًا، وهنا نؤكد على ما نسمّيه تحسين الممارسات في أداء نقوم به؛ لنحصلَ على جودة تتوافق مع المعايير العالميَّة في كل مشروعاتنا الوطنيَّة؛ ومن ثم لا ننشغلُ بكل صور الانتقادات، التي تُكرِّس السَّلبيَّة، ولا تدعو إلى الإيجابية.
نفخر بشبكة الطرق العملاقة، التي باتت منتشرة في ربوع هذا البلد الأمين، ونقدِّر كافة الجهود، التي تُبْذلُ من أجل متابعة التحسين، والتطوير، والعمل على تلافي الخطأ، وتعزيز الإيجابيات، والحفاظ على المكتسبات، كما نسعد بالانتشار العمرانيِّ، الذي قد هلَّ، وحلَّ بكافة رُبُوع الوطن الحبيب؛ ليقضىَ على ظاهرة كانت بمثابة كابوسٍ قد عانتْ منه مصرُ عقودًا تلْو الأُخْرى؛ فصارت المشكلة الآن في طيِّ النسِّيان، وتحقُّق أمل كرامة المأٓوى، والمسْكن الأمن الذي يدلُّ على اهتمام الدولة بتحسين معيشة المواطن، والحفاظ على كرامته، وأدميَّته.
الصور التي ظلَّت قابعةً في الأذْهان جرَّاء ضِعْف شبكة الصرف الصحيِّ المتهالكة، التي لم تعدْ تستوعبُ التفاقمَ العمرانيَّ، و الاستهلاكيَّ، والآدميَّ في إطاره الطبيعيِّ، قد أضحتْ من ذاكرة النسَّيان؛ فهناك تجديدٌ مستدامٌ، قد زاد من الكفاءة، وأصبح هو المشْروع في إطار قوميِّ؛ كي يَجْني ثِمارَه الجميعُ دون تفرقة، أو تمْييز، حتى وصل إلى القُرى والنُّجُوع، كذلك شبكة الكهرباء، التي لم تلبِّ الاسْتهلاك السكانيَّ فقط، بل، أضحتْ تُلبّي الاحتياجات الصناعيَّة بمختلف تنوُّعاتِها، بما زاد من المسار التنمويِّ، وفتْحِ آفاق الاستثمار المباشر في كثير من المناطق بالجُمْهُوريَّة الجديدة.
حدود مصر الزراعيَّة التي تقَوْقعتْ حول الدِّلتا، جاءت المشروعات القوميَّة الزراعيَّة؛ لتفتحَ أمامنا طاقة من الأمل، والطُّموح نحو تحقيق ماهيَّة الاكتفاء الذاتيِّ من الحُبوب الأساسيِّة، بل، زاد التطلُّع تجاه تعزيز فلْسفة القيمة المُضافة لمنتجاتنا الزراعيَّة؛ لنحصدَ من جرَّاء ذلك عائدًا ماديًّا، يُزيدُ من الدَّخْل القوميِّ، ويوفِّرُ النَّقْد الأجنبيِّ، الذي نسْتفيدُ منه في توفير المواد الخام للعديد من الصِّناعات المختلفة، ناهيك عن اسْتيعاب الطاقات البشريَّة من خلال زيادة خُطُوط الإنتاج، التي تسْتوعبُ العِمَالةَ، صاحبةَ المهارة.
يصعب أن نُحْصىَ ما أُنْجزَ من مشروعات قوميَّة في رُبُوع البلاد؛ لكن نودُّ التأكيد على أمر بعينه، وهو أن من يتبنَّى فلسفة الشِّعارات، لا يستطيع أن ينهضَ، أو يبنىَ دوْلةً، وأن من يتجاهل كافة الشائعات المُغْرضة، وينطلقَ نحو واحة البناء، وساحة التنْمية، ويدْحرَ كافَّة التحدَّيات، ويُقدِّم كل صور الدعم الماديِّ، والمعنويِّ في الميدان؛ فإن ثمْرةَ الإنجازات لا تنتهي، ما دامتْ الإرادةُ، والعزيمةُ قائمتين، وما دامتْ حالةُ الاصْطفاف الوطنيِّ على أشُدِّها؛ فرُغْم توالي العقباتِ؛ فإنَّنا ماضُون نحو نهضة، وبناء جُمْهُوريتِنَا الجديدة في عهْد القيادة السياسيَّة الرَّشيدة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
_______
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة جامعة الأزهر

Trending Plus