على مسرح تل أبيب..إسرائيليون ضد نتنياهو والإخوان ضد مصر!

ربما لم يكن خيال أي مؤلف سينما أو مسرح عبثي أن يتصور يومًا ما أن يتظاهر تنظيم الإخوان ومنتسبون إسلاميون في تل أبيب دعمًا للاحتلال ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، والمفارقة الأعمق أن هؤلاء من أنصار "الغباء الاصطناعي" تركوا الاحتلال الذي قتل 60,249، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ أكتوبر 2023، و147,089 جريحًا، وغيرهم آلاف تحت الأنقاض، بينما يشن الاحتلال حرب إبادة على غزة، ويدمر كل معالم الحياة، والهدف من هذه الحرب جعل غزة غير قابلة للحياة، والضغط على سكان غزة للهجرة القسرية، وهو ما انتبهت له مصر مبكرًا وحذّرت منه وتصدّت له بكل السبل، مع حرص مصر قيادة وشعبًا على ضمان تدفق المساعدات، وكسر الحصار والتجويع، مع مساعٍ واتصالات وتحركات لطرح القضية وتأكيد أنه لا استقرار دون الدولة الفلسطينية.
كان متوقعًا أن تغضب إسرائيل ونتنياهو والاحتلال، لأنهم فشلوا في تصدير صورة المظلومية وادعاءات الدفاع عن النفس، وأن إسرائيل تتعرض للخطر، لكن غير المتوقع أن تغضب حماس أو خليل الحية. لكن ما جرى أن تنظيم الإخوان الإرهابي، وبينما العالم يتظاهر ضد الحرب ويدين نتنياهو، ويقتنع بوجهة النظر المصرية، وتبدأ آفاق الاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذا بتصريحات بعض تابعي الاحتلال تعبر عن غضب ضد مصر، وتتزامن مع دعوات تنظيم الإخوان لتنظيم مظاهرات، ليس ضد إسرائيل ولا الاحتلال ولا الحرب، ولكن ضد الدولة المصرية، كهدية لها على جهودها في مساندة القضية ومواجهة التهجير والتصفية.
في ظل هذه المأساة، المتوقّع والطبيعي والمنطقي أن يخرج الفلسطينيون في تل أبيب ليتظاهروا ضد نتنياهو ويطالبوا بوقف الحرب، مثلما يفعل إسرائيليون في تل أبيب وغيرها ممن يعارضون استمرار حرب الإبادة، لكن – وبالعجب والاندهاش – لم يُخيّب تنظيم الإخوان في إسرائيل وتوابعه وأمثاله التوقعات، حيث تظاهر عشرات من عرب إسرائيل الفلسطينيين في تل أبيب للمطالبة بإعادة فتح معبر رفح، والتنديد بدور مصر في حصار غزة، في تحرك ما كان يمكن حدوثه، ولا حتى في أفلام الخيال غير العلمي، أن نجد إخوانًا وتابعين لهم، أياً كانت درجة عمالتهم، يتظاهرون أمام سفارة مصر في تل أبيب، ويهتفون من دون أن يشعروا بأي غضاضة، ولا غضب أو حساسية، بالتنسيق مع زملائهم في قطعان التنظيم في دول العالم، الذين تركوا سفارات الاحتلال ونظّموا أنفسهم للتظاهر ضد مصر واتهامها بإغلاق المعبر، والذي – للمفارقة – مفتوح من جهة مصر، بينما إسرائيل تغلقه من الجانب الفلسطيني.
ومع هذا، فإن مصر نجحت في إدخال المساعدات بمئات الشاحنات يوميًا، وإسقاط آلاف الأطنان من المساعدات من قبل القوات الجوية المصرية. وحسب ما نقلته صحيفة هآرتس، فقد تكررت خلال الفترات الماضية تظاهرات إسرائيليين ضد نتنياهو، ومطالب ودعاوى المعارضة بإقالة الحكومة ووقف الحرب، بينما تظاهر الإخوان وقطعانهم – أو عشرات منهم – ضد مصر، لدرجة أن هآرتس نشرت أن إسرائيليات وإسرائيليين بصقوا على المتظاهرين الإخوان قرفًا منهم، وعدم تصديق لوجود هذا النوع من التفكير الذي أسقط كل حوائط المسرح، لأن العالم كله يعلم أن إغلاق معبر رفح هو قرار إسرائيلي، وليس مصريًا، وأن مصر لم تغلق المعبر من الجهة المصرية طوال 19 شهرًا، بل إنها تضغط لاستقبال الجرحى أو إدخال المساعدات، مع رفض مخططات التهجير، وهو الأمر الذي يدفع نتنياهو والموساد لتخفيف الضغط عن الاحتلال، ونقل الصورة، ولدفع الإخوان أو فلسطينيي نتنياهو للتظاهر، والتشويش على ما يجري، خاصة أن هذه التحركات تأتي في وقت تتصاعد فيه اتجاهات الدول الأوروبية لإعلان نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تصريحات خائبة من قيادات "تجار القضية"، الذين يبدو أنهم ونتنياهو يمكن أن يخسروا إذا توقفت الحرب.


Trending Plus