التنوع الثقافى والجغرافى والذكاء الاصطناعى فى ندوات بريدج فى اليابان

ضمن سلسلة من الحوارات الدولية التي تهدف إلى إرساء أسس مستقبل الإعلام والتكنولوجيا وتعزيز التعاون الثقافي بين الشعوب، وصلت جولة "بريدج"، التي تشكّل أحد المسارات الرئيسة بريدج الإعلامية العالمية التي أطلقها المكتب الوطني للإعلام، إلى مدينة أوساكا اليابانية، لتكون محطتها الثالثة بعد نيويورك ولندن، تمهيداً لانعقاد قمة بريدج 2025 في العاصمة الإماراتية أبوظبي من 8 إلى 10 ديسمبر المقبل.
وتعد بريدج أكبر منصة عالمية تجمع قادة وصناع المحتوى الإعلامي والثقافي والفني بكافة مكوناتهم وصناع القرار لتمكين تواصل أكثر فاعلية وتكاملاً على مستوى العالم، وتسهم كل محطة من محطات الجولة في إثراء سلسلة "تواصل الحوار"، وهي سلسلة من النقاشات والرؤى العالمية التي تبلور أجندة القمة.
وتؤكد محطة أوساكا، التي تلت النجاح اللافت في نيويورك ولندن، على البعد العالمي للمنصة وحرصها على التنوع الثقافي والجغرافي في تناول تحديات الإعلام الحديث وبناء شراكات فاعلة بين مختلف أطراف منظومة الإعلام العالمي.
خلال جولة بريدج في مدينة أوساكا
أوساكا استراتيجية للابتكار والثقافة والمسؤولية
وبوصفها المدينة المضيفة لمعرض إكسبو 2025، تشكل أوساكا منصة مثالية لتركيز بريدج على تقاطع القيم الإنسانية الراسخة والتقنيات المستقبلية، حيث احتضنت جلسات حوارية جمعت أكثر من 30 من أبرز القادة والمؤثرين اليابانيين في مجالات الإعلام، والتكنولوجيا، والتمويل، وذلك بحضور عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام ورئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، وشهاب أحمد محمد عبد الرحيم الفهيم، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى اليابان.
واستهل برنامج الجلسات في أوساكا بحوار بعنوان "من يستفيد من أزمة الثقة؟"، جمع بين ليكا كيهارا، كبيرة مراسلي السياسات اليابانية في وكالة رويترز اليابان، ووندي سيو، النائب الأول لرئيس WPP ميديا اليابان، وناقشت الجلسة سبل بناء بيئة إعلامية قائمة على الثقة، في زمنٍ تتزايد فيه الشكوك حول مصداقية المحتوى، ويزداد فيه تأثير الخوارزميات على سلوك المستخدم وتشكيل الرأي العام.
وفي جلسة معمّقة بعنوان "عقول تفكر، وعقول تشعر: الجبهة التالية للذكاء الاصطناعي"، قدّم الدكتور هيرو هامادا، رئيس فريق البحث في ARAYA، طرحًا متقدمًا يستند إلى تقاطعات علوم الأعصاب وتعلّم الآلة، لشرح الكيفية التي يعيد بها الذكاء الاصطناعي تشكيل الإدراك البشري، وتأثير ذلك على الوعي، والثقة، والوكالة الإنسانية، في عالمٍ أصبح فيه الانتباه عملة نادرة، والسرد أداة سلطة.

النقاشات التي شهدتها جولة بريدج في مدينة أوساكا
واختُتم البرنامج بجلسات تفاعلية خاصة، أتاحت للمشاركين فرصة التواصل المباشر مع عدد من كبار التنفيذيين في قطاع الإعلام، والمنتجين الثقافيين، وصناع السياسات، في نقاشات مفتوحة سلّطت الضوء على التجارب اليابانية الرائدة في تطوير ممارسات إعلامية مسؤولة، تستند إلى الابتكار، والتكامل بين التقنية والقيم الإنسانية.
وأكد عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، أن دولة الإمارات تسعى إلى بناء نموذج إعلامي جديد يتسم بالمرونة، والشفافية، والفاعلية، ويُعلي من شأن القيم الإنسانية.
وأشار أن القيادة الحكيمة تدعم المبادرات الإعلامية النوعية، وفي مقدمتها قمة "بريدج"، انطلاقًا من إيمانها بدور الإعلام كشريك حيوي في بناء جسور التواصل بين الشعوب، وتمكين المجتمعات من صياغة مستقبلها على أسس من الوعي، والانفتاح، والمسؤولية.
الدكتور جمال محمد عبيد الكعبي
وأضاف أن جلسات أوساكا أبرزت أهمية الجمع بين الابتكار والتأصيل، وتبني أدوات الذكاء الاصطناعي دون التخلي عن أخلاقيات المهنة، مشيرًا إلى أن قمة بريدج 2025 ستركّز على إطلاق شراكات استراتيجية ترسخ الإعلام كقوة دافعة نحو التنمية والازدهار.
بدوه، أكد الدكتور جمال محمد عبيد الكعبي، مدير عام المكتب الوطني للإعلام، أن العالم يقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم، في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها قطاع الإعلام وصناعة المحتوى الثقافي والفني والمدفوعة جميعها بتطورات الذكاء الاصطناعي وتغيّر طبيعة المنصات الرقمية.
وقال الكعبي، "في هذا السياق المتغير، تبرز أهمية السرد القصصي المسؤول كأداة محورية في تشكيل المستقبل. وهنا يأتي دور بريدج، التي نسعى من خلالها إلى توحيد جهود الجهات الفاعلة في صناعة المحتوى الإعلامي حول العالم، ممن يجمعهم هدف واحد يتمحور حول الثقة، والشفافية، والتأثير الإيجابي.
وأضاف، في قمة بريدج تتقاطع الأفكار مع التطلعات، بهدف مواجهة تحديات العصر، وبناء إعلام مسؤول يقدم حلولًا عملية، تعزز التواصل الإنساني وتُرسّخ القيم الأخلاقية في بيئة إعلامية متجددة ومتعددة الأبعاد.
من نيويورك إلى لندن إلى أوساكا
وركزت النقاشات في نيويورك على مستقبل الثقة في الذكاء الاصطناعي ودوره في التحقق من صحة المعلومات، فيما استكشفت حوارات لندن مفهوم "دبلوماسية السرد" وسبل تعاون الحكومات مع مؤسسات الإعلام لتعزيز السرديات المسؤولة، أما أوساكا، فأبرزت مكانة الاقتصاد الإبداعي في آسيا، وسلطت الضوء على أهمية الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي التوليدي، وتحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي والأصالة الثقافية.

جانب من جولة بريدج
وفي هذا السياق، جاء لقاء أوساكا كخطوة استراتيجية ضمن جولة عالمية متواصلة تهدف إلى بناء نموذج إعلامي جديد يقوم على الشفافية والمسؤولية، ويُثري سلسلة "تواصل الحوار" بأفكار ورؤى نوعية. وقد وفّر منصة لتوسيع النقاش حول مستقبل الإعلام، من مصداقية المحتوى إلى دور أدوات الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل المشهد الصحفي والاقتصادي والثقافي، ومن المقرر أن تتواصل الجولة في محطاتها المقبلة في شنجهاي وعدد من المدن العالمية، لبحث موضوعات محورية مثل الذكاء الاصطناعي، والسرد العابر للثقافات، ونماذج التعاون الجديدة في العصر الرقمي، تمهيداً لقمة بريدج في ديسمبر المقبل.

Trending Plus