تحالف الكوارث يهدد كوكب الأرض.. 110 ملايين شخص تضرروا فى آخر 3 سنوات فقط نتيجة تغير المناخ.. و26 مليونا بحاجة عاجلة للمساعدات بسبب الجفاف فى إفريقيا.. وخسائر تتجاوز 350 مليار دولار نتيجة أعاصير وحرائق

<< أكثر المناطق المتأثرة بالجاف أجزاء من أمريكا اللاتينية مثل المكسيك والأرجنتين وبوليفيا
<< تقرير البنك الدولى يؤكد أنه قد تظهر بؤر ساخنة للهجرة الداخلية الناجمة عن تغيّر المناخ بحلول عام 2030
<< 90 مليون شخص في شرق وجنوب أفريقيا جوعًا شديدًا بعد جفاف قياسي
<< أعداد مهاجري المناخ تتجاوز حاجز المليار والنصف بحلول عام 2050
<< ارتفاع معدل حرق الغاز عالميا للعام الثاني على التوالي يصل لأعلى مستوى منذ 2007
<< العالم شهد أكثر من 218 مليون حالة نزوح داخلي خلال العقد الماضي
<< الذرة والبن والكاكاو والبطاطس أبرز المحاصيل المتأثرة من الجفاف
نسمع كثيرا عن مصطلحات مثل "الجفاف" و"التصحر" في نشرات الأخبار والبرامج السياسية والبيئة، قد لا نعي خطورتها مثلما يفهمها المختصين، ولكن ما يجب أن نعرفه حقا أن هذه المصطلحات لها تأثير كبير على حياتنا وحياة أبنائنا، قد نستيقظ يوما فنجد الناس يتشاجرون من أجل الطعام نظرا لقلته أو نضطر إلى مغادرة الأماكن التي نعيش فيها لنذهب إلى أخرى أكثر أمانا بسبب الأزمة المناخية والكوارث الطبيعية التي تتسبب فيها، أو نجد أفواجا قد وفدت إلى بلادنا هربا من الطبيعة التي لم تعد صالحة في بلادهم، أو لانتشار الجفاف في دولهم، فمواجهة التغير المناخي لم يعد رفاهية بل ضرورة إذا أردنا استمرار العيش على كوكب الأرض.
ويعرف الجهاز المركزي للإحصاء اللاجئ المناخي بأنه الشخص الذي يضطر إلى مغادرة منزله أو منطقته بسبب آثار تغير المناخ، ولا يتمتع المهاجرون والأشخاص النازحون لأسباب بيئية باعتراف واضح بوضعيتهم ولهذا السبب فهم لا يحصلون على المساعدات الملائمة التي يحتاجونها، لعدم وجود مفهوم محدد للهجرة البيئية والمهاجر البيئي.
لنعى خطورة الجفاف الذي أصبح يهدد الكثير من دول العالم بفعل آثار ظاهرة الاحتباس الحراري، فخلال دراسة صادرة عن المركز الوطني لمكافحة التصحر، في 2 يوليو الماضي أكدت فيه أن الجفاف سيدفع عشرات الملايين من الناس إلى حافة المجاعة في جميع أنحاء العالم، حيث يواجه أكثر من 90 مليون شخص في شرق وجنوب أفريقيا جوعًا شديدًا بعد جفاف قياسي في مناطق عديدة، مما أدى إلى فشل واسع النطاق في المحاصيل ونفوق الماشية.
وذكرت الدراسة، أن ربع السكان في الصومال، يتجهون نحو المجاعة ، ونزح ما لا يقل عن مليون شخص، فيما احتاج سدس سكان جنوب أفريقيا إلى مساعدات غذائية في أغسطس 2024، وفي زيمبابوي، انخفض محصول الذرة العام الماضي بنسبة 70% مقارنةً بالعام الماضي، ونفق 9000 رأس ماشية ، بينما في أمريكا اللاتينية، أدى الجفاف إلى انخفاض حاد في منسوب المياه في قناة بنما، مما أدى إلى توقف حركة الشحن وانخفاض حاد في التجارة ، وزيادة التكاليف، وانخفضت حركة المرور بأكثر من الثلث بين أكتوبر 2023 ويناير 2024.

تقرير الجارديان
وحسب الدراسة، فخلال عام 2024، كان المغرب شهد ست سنوات متتالية من الجفاف، مما أدى إلى عجز مائي بنسبة 57٪، وفي إسبانيا، أدى انخفاض إنتاج الزيتون بنسبة 50٪، بسبب قلة الأمطار، إلى مضاعفة أسعار زيت الزيتون، بينما في تركيا، أدى تدهور الأراضي إلى تعريض 88٪ من أراضي البلاد لخطر التصحر، وأدى الطلب على المياه من القطاع الزراعي إلى استنزاف طبقات المياه الجوفية، وانفتحت حفر بالوعة خطيرة نتيجة الإفراط في الاستخراج.
النينيو والتغير المناخي.. تحالف الكوارث الذي يهدد كوكب الأرض
أضحت الكوارث الطبيعية خلال الفترة الأخيرة قاعدة جديدة في مناخ متقلب، تحركه ظاهرتان هما النينيو والتغير المناخي، الذي يعد نتاج مباشر لتدخل الإنسان في توازن البيئة، ويسبب تسارع الاحترار العالمي، بينما ظاهرة النينيو، تحدث كل عدة أعوام نتيجة ارتفاع درجات حرارة سطح المحيط الهادئ الاستوائي، ودائما كانت جزءا من دورة مناخ الأرض لكنها في العقد الأخير، خاصة مع النينيو القوي لعام 2015-2016 ثم 2023-2024، أصبحت أكثر تدميرا بفعل التغير المناخي.
ظاهرة النينيو تسببت في فيضانات عارمة في أمريكا الجنوبية، بعدما غمرت المياه مدنًا في بيرو والإكوادور، وهجرت آلاف العائلات، وألحقت أضرارًا بالبنية التحتية، كما أدت إلى جفاف قاسٍ في شرق إفريقيا، بسبب نقص الأمطار، ما أدى إلى موجات جفاف حادة في كينيا، إثيوبيا، والصومال، وزيادة انعدام الأمن الغذائي، بالإضافة إلى حدوث حرائق كارثية في أستراليا وإندونيسيا بفعل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة اللذان تسببا في حرائق غابات هي من بين الأسوأ في التاريخ الحديث، بجانب تراجع الثروة السمكية في المحيط الهادئ، فبعد اختفاء التيارات الباردة أدى إلى انهيار المصائد السمكية في بيرو ما أثر على الأمن الغذائي والاقتصاد المحلي.
أكثر من 110 مليون شخص تضرروا من آثار النينيو والتغير المناخي في السنوات الثلاث الأخيرة فقط
وأكد تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، أن كوكب الأرض شهد ارتفاعًا في درجة حرارته بمعدل 1.2 درجة مئوية منذ الثورة الصناعية، مما أدى ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، منها موجات حر قاتلة ضربت أوروبا، والهند، والصين، والولايات المتحدة، حيث وصلت درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية في بعض المناطق، ما تسبب في وفيات جماعية، بالإضافة إلى ذوبان الجليد وارتفاع منسوب البحار، ففقدت القارة القطبية الجنوبية كمية غير مسبوقة من الغطاء الجليدي، بينما ارتفع منسوب المحيطات بمعدل 20 سم خلال القرن الماضي، مع تسارع واضح خلال السنوات العشر الأخيرة، مما يهدد المدن الساحلية الكبرى مثل الإسكندرية، نيويورك، والبندقية.
وتقدر المنظمات الأممية أن أكثر من 110 مليون شخص تضرروا من آثار النينيو والتغير المناخي في السنوات الثلاث الأخيرة فقط، وأصبح هناك 26 مليون شخص بحاجة عاجلة إلى مساعدات غذائية بسبب الجفاف في إفريقيا، وخسائر اقتصادية تتجاوز 350 مليار دولار نتيجة الأعاصير والحرائق والجفاف، بحسب ما أكد البنك الدولي.
العالم في مفترق طرق
تعد اتفاقية باريس 2015، أول نجاح عالمي في الحصول على اتفاق بشأن المناخ، حيث تضمنت بنود الاتفاقية، إيجاد حلول للتكيف مع انبعاثات الغازات، وكان من أبرز بنودها وضع حد أدنى قيمة 100 مليار دولار مساعدات مناخية للدول النامية سنويا وإعادة النظر في هذا المبلغ في 2025 على أقصى تقدير، ولكن رغم الجهود المبذولة في اتفاقية باريس للمناخ لم تلتزم الدول الكبرى بالكثير منها، حيث لا تزال الانبعاثات الكربونية في ارتفاع، الاستثمارات في الطاقة النظيفة لا توازي التحدي القائم، كما لا زالت الدول النامية، وهي الأكثر تضررًا، لا تحصل على الدعم المناخي الكافي.
وكشف تقرير صادر عن المركز الوطني لمكافحة التصحر، في 11 يوليو عن دراسةً تفصيليةً لأكثر من اثنتي عشرة دولة في أربع مناطق رئيسية وهم أفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث حذرت من أن الجفاف قد عطّل إنتاج وتوريد محاصيل رئيسية كالأرز والقهوة والسكر، ففي عامي 2023 و2024، أدت ظروف الجفاف في تايلاند والهند إلى نقص في المعروض، مما أدى إلى ارتفاع سعر السكر بنسبة 9% في الولايات المتحدة.

الجفاف والتصحر يضرب العالم بسبب التغير المناخي
هذه الدراسة الخطيرة نشرت في الوقت الذي يزيد فيه العالم من اعتماده على الوقود الأحفورى المتسبب في تزايد الغضب المناخي وتفاقم مشكلة التصحر والجفاف، فوفقا لتقرير للبنك الدولي صدر في 18 يوليو، أكد فيه أن صناعة الوقود الأحفوري ضخت 389 مليون طن إضافية من تلوث الكربون في الغلاف الجوي العام الماضي من خلال حرق الغاز دون داع، في هدر هائل للوقود مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب بما يعادل تقريبا ما تسخنه دولة فرنسا.
وبحسب تقرير البنك الدولي، ارتفع معدل حرق الغاز عالميا للعام الثاني على التوالي ليصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2007، على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن أمن الطاقة وانهيار المناخ، مشيرا إلى أن 151 مليار متر مكعب من الغاز تم حرقها أثناء إنتاج النفط والغاز في عام 2024، بزيادة قدرها 3 مليارات متر مكعب عن العام السابق.
ووجد التقرير أن تسع دول وهم روسيا وإيران والعراق والولايات المتحدة وفنزويلا والجزائر وليبيا والمكسيك ونيجيريا كانوا مسئولين عن ثلاثة أرباع إجمالي حرق الغاز في عام 2024، وكانت معظم الدول الأكثر تضررا هي الدول التي تمتلك شركات نفط مملوكة للدولة، وكثافة حرق الغاز في النرويج، وهي واحدة من أنظف الدول المنتجة للنفط والغاز، أقل بنحو 18 مرة من تلك الموجودة في الولايات المتحدة، وأقل بنحو 228 مرة من تلك الموجودة في فنزويلا.
المهددون بالنزوح الداخلى حول العالم بسبب التغير المناخي في عام 2050
التقرير الماضي يكشف أن العالم مقدم على ظواهر مناخية قاسية في ظل تفاقم أزمة الاحتباس الحراري، مما ينعكس بشكل مباشر على الطقس العالمي، ويزيد من خطورة التصحر والجفاف، مما سيكون له أثر كبير على الهجرة المناخية، حيث وفقا للمنظمة الدولية للهجرة، فالعالم شهد أكثر من 218 مليون حالة نزوح داخلي خلال العقد الماضي بسبب الكوارث المرتبطة بالطقس.
كما بلغ إجمالي عدد النازحين داخليا بسبب التغيرات المناخية حول العالم 75.9 مليون شخص بنهاية عام 2023. ومن بين هؤلاء، نزح 7.7 ملايين شخص بسبب الكوارث، بينما تتوقع المنظمة، أن أكثر من 170 مليون شخص قد يضطرون للنزوح داخليا حول العالم بحلول عام 2050 بسبب الآثار البطيئة لتغير المناخ في ظل سيناريوهات متشائمة.
في هذا السياق، يؤكد الدكتور على قطب أستاذ المناخ بجامعة الزقازيق، أنه مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة الاحتباس الحراري وانتشار غازات الناتجة من الحروب والانفجارات النووية يكون هناك استمرار لظواهر التطرف المناخي، وندرة هطول الأمطار والتصحر وتطرف في مياه البحر، ويحدث ذوبان للجليد وارتفاع في منسوب مياه البحر مما يزيد من الهجرة المناخية.
"هطول أمطار سيكون به ندرة لأن أغلب الأمطار ستسقط فوق البحر والمحيطات بسبب ارتفاع في درجة حرارة المياه فيحدث تبخر مرتفع فتسقط معظم الأمطار في المحيطات"، حيث يشرح الدكتور على قطب في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أشكال التغير المناخي الذي يشهده العالم، وانعكاسه على زيادة ظاهرة التصحر والجفاف في دول بينما تنتشر الفيضانات في دول أخرى، متابعا :" عندما تسقط الأمطار على البحار تصل إلى الشواطئ فتتسبب في فيضانات لا نستفيد منها مما يزيد من معدل الجفاف، حيث الاستفادة من الأمطار تكون عندما تسقط في اليابس ".

أعداد من سيضطرون للهجرة الداخلية بسبب التغير المناخي عام 2050
تأكيد على قطب على ضرورة أن تقلل الدول الكبرى من استخدام الوقود الأحفوري والحد من الحروب تناقض مع الخطوات التي تتخذها تلك الدول لمواجهة التغيرات المناخية، وهو ما كشفه معهد المناخ والمجتمع في 17 يوليو، بأن الزيادة الضخمة في الإنفاق التي أقرها دونالد ترامب لوزارة الدفاع سوف تنتج 26 ميجا طن إضافية من الغازات المسببة لتسخين الكوكب بمقدار يتساوى انبعاثات الكربون السنوية (CO 2 e) التي تولدها 68 محطة طاقة تعمل بالغاز أو دولة كرواتيا بأكملها.
بحسب التقرير، فمن المتوقع أن ترتفع ميزانية البنتاجون لعام 2026 إلى تريليون دولار وهو ما يمثل زيادة بنسبة 17% عن العام الماضي، وترتبط الانبعاثات العسكرية ارتباطًا وثيقًا بالإنفاق العسكري ، كما أن الطفرة في الميزانية سوف تدفع إجمالي انبعاثات البنتاجون من الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى 178 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون ، وهو رقم كبير، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية تقدر بنحو 47 مليار دولار على مستوى العالم، وفقًا لتحليل جديد أجراه معهد المناخ والمجتمع الأمريكي.
تقرير حول زيادة الإنفاق العسكري للبنتاجون
يأتي هذا بعدما انسحب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ للمرة الثانية، وتراجع عن استثمارات عهد بايدن في الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي تُعدّ أساسيةً لفطام الولايات المتحدة عن الوقود الأحفوري للحد من كارثة المناخ، رغم أن الولايات المتحدة هي المساهم التاريخي الأكبر في أزمة المناخ، وتعد ثاني أسوأ مصدر للانبعاثات بعد الصين وهي دولة يبلغ عدد سكانها أربعة أضعاف عدد سكان الولايات المتحدة.
بؤر ساخنة للهجرة الداخلية الناجمة عن تغيّر المناخ بحلول عام 2030
استكمالا لتلك الخطورة، كشف تقرير "الموجة العالمية" الصادر عن البنك الدولي أنه بحلول منتصف القرن، قد يصبح ما يصل إلى 216 مليون شخص مهاجرين داخليين بسبب تغير المناخ في 6 مناطق أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وجنوب آسيا، وشرق آسيا والمحيط الهادي، وشمال أفريقيا، وأميركا اللاتينية، وأوروبا الشرقية، وآسيا الوسطى، إذا استمر الاحتباس الحراري دون هوادة، حيث من المتوقع أن تشهد جنوب الصحراء الكبرى بالقارة السمراء أعلى عدد من المهاجرين الداخليين، بما يُقدر بنحو 86 مليونا بحلول عام 2050.
دراسة للبنك الدولى حول الهجرة المناخية
تقرير البنك الدولى يؤكد أنه قد تظهر بؤر ساخنة للهجرة الداخلية الناجمة عن تغيّر المناخ بحلول عام 2030، وتواصل انتشارها وتفاقمها بحلول 2050، مشيرا إلى ضرورة التحرك سريعا لاتخاذ إجراءات فورية ومُنسَّقة للحد من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة ودعم التنمية الخضراء الشاملة للجميع والقادرة على الصمود قد يحد من نطاق الهجرة بسبب تغير المناخ بنسبة تصل إلى 80% .
أعداد مهاجري المناخ ستتجاوز حاجز المليار والنصف بحلول عام 2050
ويوضح أنه بحلول عام 2050، قد تشهد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء اضطرار ما يصل إلى 86 مليون شخص إلى الهجرة الداخلية بسبب تغيّر المناخ، ومنطقة شرق آسيا والمحيط الهادي 49 مليونا، وجنوب آسيا 40 مليونا، وشمال أفريقيا 19 مليونا، وأمريكا اللاتينية 17 مليونا، وشرق أوروبا وآسيا الوسطي 5 ملايين، لافتا إلى ضرورة خفض الانبعاثات العالمية، وبذل كل جهد ممكن لتحقيق المستويات المستهدفة لدرجات الحرارة في اتفاق باريس، وإدماج الهجرة الداخلية الناجمة عن تغير المناخ في التخطيط الذي يتسم ببعد النظر للتنمية الخضراء والقادرة على الصمود والشاملة للجميع، والاستعداد من أجل كل مرحلة من مراحل الهجرة من أجل أن تؤدي الهجرة الداخلية بسبب عوامل المناخ كاستراتيجية للتكيف إلى نواتج إنمائية إيجابية، وضرورة الاستثمار في تحسين فهم عوامل الهجرة الداخلية بسبب تغير المناخ من أجل إثراء السياسات الموجَّهةً توجيها جيدا.
بينما تؤكد منظمة الهجرة الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة أن أعداد مهاجري المناخ ستتجاوز حاجز المليار والنصف بحلول عام 2050، بينما تشير مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، إلى أن 90 % من اللاجئين في العالم يأتون من مناطق معرضة بقوة لتأثيرات التغير المناخي.
وعلى عكس توصيات البنك الدولى، ورغم أن أمريكا اللاتينية من أكثر المناطق التي ستتأثر بظاهرة التغير المناخي والتصحر، ففي 17 يوليو ، أقر المشرعون البرازيليون مشروع قانون يضعف بشكل كبير الضمانات البيئية للبلاد، ويعتبره العديد من الناشطين بمثابة الانتكاسة الأكبر للتشريعات البيئية في البلاد خلال السنوات الأربعين الماضية.
تقرير حول القانون البرازيلي الجديد ضد البيئة
العالم يعاني من تزايد خطر التصحر
وهنا يؤكد الدكتور علاء سرحان أستاذ البيئة جامعة عين شمس، أن التغيرات المناخية باتت أحد المحركات الرئيسة لظواهر الجفاف والتصحر والانخفاض الحاد في منسوب المياه العذبة على مستوى العالم، حيث تؤثر هذه الظواهر بشكل مباشر على الأمن الغذائي، والاستقرار الاجتماعي، والتنمية المستدامة، لأن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة معدلات التبخر، مما يقلل من توافر المياه السطحية والجوفية، والتغيرات في أنماط الأمطار تؤدي إلى عدم انتظام موسم سقوط الأمطار، وانخفاض كميتها، وتكرار فترات الجفاف الطويلة، وكذلك الذوبان السريع للأنهار الجليدية في المناطق الجبلية يقلل من التدفق النهري في الفصول الجافة.
ويضيف "سرحان"، أن العالم أصبح يعاني من تزايد خطر التصحر خاصة أن تدهور الأراضي الزراعية نتيجة الجفاف وقلة المياه يُسهم في توسع الرقعة الصحراوية، وكذلك الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية وسوء إدارة الأراضي يعززان فقدان خصوبة التربة.

العالم أمام كارثة مناخية
بارقة أمل
وفي بارقة أمل زفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في 22 يوليو، خلال خطابه بمجلس الأمن، أكد أن العالم على وشك تحقيق اختراق في المعركة ضد المناخ وأن الوقود الأحفوري أصبح خارج الطريق، مطالبا الدول بتوجيه الدعم إلى الطاقة منخفضة الكربون، قائلا: "نحن على أعتاب عصر جديد، الوقود الأحفوري يتلاشى، والشمس تشرق في عصر الطاقة النظيفة".
وأضاف جوتيريش أن الدول التي تسعى إلى ضمان أمن الطاقة في مواجهة التهديدات الجيوسياسية وخفض تكاليف المستهلكين في ظل أزمة غلاء المعيشة العالمية، يجب أن تختار مصادر الطاقة المتجددة، متابعا: "يُمثل الوقود الأحفوري التهديد الأكبر لأمن الطاقة اليوم، فهو يترك الاقتصادات والشعوب تحت رحمة تقلبات الأسعار وانقطاعات الإمدادات والاضطرابات الجيوسياسية، لا توجد زيادات حادة في أسعار الطاقة الشمسية، ولا حظر على طاقة الرياح".
وبحسب تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، فإن أكثر من تسعة من كل عشرة مشاريع للطاقة المتجددة عالميًا أصبحت الآن أقل تكلفة من بدائل الوقود الأحفوري، حيث إن تكلفة الطاقة الشمسية أقل بنحو 41% من تكلفة بدائل الوقود الأحفوري الأقل تكلفة، كما أن تكلفة توليد طاقة الرياح البرية أقل من نصف تكلفة الوقود الأحفوري ، وجاء انخفاض التكاليف نتيجة للاستخدام المتزايد على نطاق واسع لهذه التقنيات، والتركيز الهائل على التصنيع المنخفض الكربون في الصين، والاستثمار المتزايد في هذا القطاع، حيث وصل إلى 2 تريليون دولار في العام الماضي، وهو ما يزيد بنحو 800 مليار دولار عن المبلغ الذي ذهب إلى الوقود الأحفوري، وزيادة قدرها 70% في العقد الماضي.
المناطق الأكثر تعرضا لخطر الجفاف والتصحر عالميًا
ويتطرق إلى تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، بأن أكثر المناطق عرضة لهذه التحديات هي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، القرن الإفريقي، جنوب آسيا، جنوب غرب الولايات المتحدة، وأستراليا، وتشترك جميعها في ضعف الموارد المائية واعتمادها الكبير على الزراعة.
تزايد معدلات استخدام الوقود الأحفوري
ويوضح علاء سرحان، أن مواجهة ظاهرة التصحر تتطلب إدارة المياه بكفاءة، وإعادة تأهيل الأراضي، والتعاون الدولي في التكيف المناخي، فهم من أهم التدابير اللازمة للحد من تفاقم هذه الظواهر وتعزيز القدرة على الصمود.
ويكشف كيف ستؤثر ظاهرة التصحر في أفريقيا إلى موجات هجرة مناخية غير مسبوقة لأوروبا، حيث سيضطر المواطنين في الجنوب خاصة الدول الأفريقية التي بها هشاشة ونسبة تعرض أكبر لهذه التأثيرات المناخية للتوجه للشمال الغني، لاسيما القارة العجوز الأوروبية نظرا لتعرض تلك الدول الجنوبية للجفاف وقلة المحاصيل وعدم وجود مياه وفرص عمل.
ويربط علاء سرحان بين تفاقم أزمة الجفاف والتصحر والدول الصناعية الكبرى المطالبة بتحقيق العدالة المناخية، موضحا أن الدول التي تسببت في الأزمة المناخية نتيجة لانبعاث غازات الاحتباس الحرارى بشكل كبير بسبب مشروعاتها الصناعية الكبرى .
تأثير التغير المناخى على ظاهرة الجفاف حول العالم
وفي 23 سبتمبر 2024 ، أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً بشأن مفهوم الهجرة المناخية، أكد فيه أن الكوارث المناخية تتسبب في حدوث حالات نزوح أكثر من تلك التي تُسببها الصراعات، ولكن هذه الحركة تميل إلى أن تكون قصيرة المدى، وتشير التقديرات إلى أنه من بين 71.1 مليون نازح داخليًّا في نهاية عام 2022، نزح نحو 8.7 ملايين (12%) بسبب الكوارث المناخية والبيئية.
وأضاف تحليل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن انعدام الأمن والصراع غالبًا ما يمنع السكان من العودة بأمان إلى مواطنهم الأصلية، إلا أنهم يعودون -في أغلب الحالات- بعد وقوع الكوارث البيئية والمناخية، خاصة أن العالم سجل ما بين عامي 2019 و2021 متوسطًا سنويًّا يُقدَّر بأكثر من 20 مليون حالة نزوح سنويا بسبب الكوارث الطبيعية.
وأشار إلى أنه نتيجة لتفاقم التغير المناخي، وما يُسببه من أضرار اقتصادية، أصبحت النساء اللواتي يمتلكن أصولًا أو موارد اقتصادية أقل، هم الأكثر عرضة للتأثر بالآثار الاقتصادية للتغير المناخي، وقد أظهرت التقييمات الأولية لفيضانات عام 2020 في السودان أن قرابة 42% من الأسر الزراعية والرعوية (التي تعيلها النساء) قد تضررت بشدة، كما فقدت النساء محاصيل الحبوب والبستنة، والمواشي، والبذور، والمدخلات الزراعية، والمعدات، وكذلك البنى التحتية اللازمة للمياه وتربية المواشي، وأدوات صيد الأسماك، ومزارع تربية الأحياء المائية، وقد تضررت مشاريعهن الصغيرة والمتناهية الصغر تضررًا بالغًا؛ مما دفعهن للهجرة، وتشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) إلى أن 80% من النازحين بسبب التغير المناخي هم من النساء.
وتطرق إلى تأثير التغير المناخي على الأطفال، حيث إن هناك مليار طفل -أي ما يقرب من نصف أطفال العالم البالغ عددهم 2.2 مليار طفل- يقطنون 33 بلدًا من البلدان المصنفة على أنها الأكثر هشَّاشة لمخاطر التغير المناخي، ويعاني الأطفال في العديد من دول إفريقيا جنوب الصحراء لا سيما الصومال والسودان من عوامل الخطر المناخية والبيئية؛ مما يضعهم في مقدمة الدول طبقًا لـ"مؤشر مخاطر المناخ على الأطفال".
ولفت إلى أنه حتى عام 2020، كان هناك 36 مليونًا من الأطفال المهاجرين الدوليين، ونزح ما يقرب من 10 ملايين طفل في عام 2020 وحده بسبب الظواهر المرتبطة بالطقس، وقد يتعرض الأطفال الذين يرتحلون في سياق التغير المناخي لمجموعة متنوعة من المخاطر تشمل سوء معاملتهم أو استغلالهم أو الاتجار بهم، وقد يفقدون إمكانية الحصول على التعليم، كما يُجبرون على العمل.
تشير التقديرات الصادرة عن كلٍ من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الهجرة الدولية إلى أنه في عام 2020، كان هناك ما يُقدر بنحو 12.4 مليون نازح قسري يعاني من إعاقة من إجمالي 82.4 مليون شخص نازح قسريًّا على مستوى العالم.
الهجرة المناخية بين عامي 2019 و2022
وبحسب إحصائيات مركز رصد النزوح الداخلي الصادرة في ديسمبر 2023، تسبب التأثير المتصاعد للكوارث الطبيعية التي تتفاقم بسبب تغير المناخ في زيادة عمليات النزوح الداخلي لتشمل 376 مليون إنسان حول العالم؛ بسبب الفيضانات والعواصف والزلازل والجفاف منذ عام 2008، بينهم 32.6 مليون في عام 2022، كما أنه منذ عام 2020، شهد العدد الإجمالي للنازحين زيادة سنوية بنسبة 41% في المتوسط مقارنة بالعقد السابق، فالحوادث المأساوية، مثل الفيضانات المدمرة في ليبيا وباكستان، والدمار الشديد الذي خلفه إعصار نورو في الفلبين.
وأوضح المركز، أنه في عام 2022، تسببت الفيضانات في باكستان في نزوح أكثر من 10 ملايين شخص، كما شهد القرن الإفريقي أسوأ موجة جفاف على الإطلاق؛ ما أدى إلى انتشار المجاعات ووفاة الآلاف، وتسببت الكوارث ذات العلاقة بالمناخ في عام 2022، الولايات المتحدة الأمريكية أضراراً بلغت قيمتها 165 مليار دولار، وارتبط 249 ألف حالة نزوح في الصومال بالجفاف عام 2018، لافتا إلى أن 54% من أحداث عام 2019 أدت إلى نزوح أقل من 100 شخص، وعادة ما تكون غائبة عن قواعد البيانات المستخدمة على نطاق واسع.
مقترحات لفرض ضرائب عالمية لدعم التكيف المناخي
وبدأ عدد من علماء المناخ في طرح حلول من أجل دعم جهود مواجهة التغير المناخي، ففي 17 يوليو، أكدت لورانس توبيانا، أحد مهندسي اتفاقية باريس للمناخ، أن الحكومات يجب أن تفكر في فرض ضرائب على الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة لتوليد الأموال اللازمة للتعامل مع أزمة المناخ، لافتة إلى أن العملات المشفرة يجب بالتأكيد أن تخضع للضرائب، كما ينبغي النظر في فرض ضرائب على الذكاء الاصطناعي.
وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، يُنفق ما يعادل استهلاك بولندا السنوي من الطاقة سنويًا على توليد البيتكوين ، إحدى العملات المشفرة الرائدة، كما يستهلك الذكاء الاصطناعي موارد هائلة، مما يدفع شركات تكنولوجيا المعلومات إلى بذل جهود حثيثة لتأمين إمدادات الكهرباء في مواقع حول العالم.
المكسيك والأرجنتين وبوليفيا أكثر المناطق المتأثرة بالجفاف
من جانبه يؤكد الدكتور تحسين شعلة، أستاذ النانو تكنولوجي والخبير البيئي، أن التغيرات المناخية تؤدي بشكل كبير في تزايد الجفاف والتصحر والانخفاض الحاد في منسوب المياه، وذلك من خلال آليات متعددة أبرزها ارتفاع درجات الحرارة خاصة أن زيادة التبخر تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة معدلات تبخر المياه من المسطحات المائية (البحيرات والأنهار والخزانات) والتربة، مما يقلل من كمية المياه المتاحة.
ويضيف في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن أنماط هطول الأمطار تتغير، حيث تؤثر درجات الحرارة على دورة المياه بأكملها، مما يؤدي إلى تغير في أنماط هطول الأمطار، وفي بعض المناطق، قد ينخفض معدل هطول الأمطار بشكل كبير، بينما تشهد مناطق أخرى أمطارًا غزيرة وغير متوقعة تؤدي إلى فيضانات سريعة بدلاً من تغذية مستدامة للمياه الجوفية والسطحية.
"ذوبان الثلوج والأنهار الجليدية من أصعب النتائج السلبية للتغير المناخي"، هنا يشرح تحسين شعلة ما ينتظره كوكب الأرض من مخاطر كبيرة، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ذوبان أسرع للثلوج والأنهار الجليدية، والتي تعد مصادر مهمة للمياه العذبة للعديد من الأنهار. على المدى القصير، قد يؤدي ذلك إلى زيادة في تدفق الأنهار، ولكن على المدى الطويل، سيقل مخزون المياه الجليدية، مما يؤدي إلى نقص حاد في المياه.
ويشير إلى أن من أكثر المناطق المتأثرة بالجفاف أجزاء من أمريكا اللاتينية مثل المكسيك والأرجنتين وبوليفيا، حيث بدأت البحيرات والسدود تفقد مستوياتها بشكل حاد، بجانب أجزاء من أوروبا مثل إسبانيا وإيطاليا، اللتان تشهدان موجات جفاف غير مسبوقة، بالإضافة إلى أجزاء من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مثل إثيوبيا وغانا، حيث يتوقع أن يزيد خطر الجفاف بشكل كبير، واراضي من الصين والبرازيل، على الرغم من تنوع مناخاتهما، إلا أن بعض المناطق فيهما معرضة لخطر تضاعف الجفاف بشكل كبير مع ارتفاع درجات الحرارة.
وبحسب دراسة بعنوان "الهجرة البيئية والفئات الأكثر عرضه للخطر" نشره الموقع الرسمي للجهاز المركزى للإحصاء في 6 نوفمبر 2022، أكدت فيها أن ظاهرة الهجرة المناخية تنتشر بكثرة حول العالم وأشارت التقديرات في عام 2019 إلى نزوح 25 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بسبب التدهور البيئي بحسب مركز رصد النزوح الداخلي عام 2020، مع توقعات بارتفاع كبير في هذه الأرقام مستقبلا.
دراسة للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن الهجرة المناخية
وفي هذا السياق يؤكد الدكتور حسين أباظة، المستشار الدولي للتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، أن أكثر الدول تأثرا بالتغيرات المناخية وارتفاع مستوى مياه البحار هي الجزر مثل مالديفز وتوفالو وبنجلاديش والصين والهند وفيتنام وهولاندا.
ويضيف المستشار الدولي للتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هناك علاقة واضحة بين التغيرات المناخية والمتطرفة وزيادة معدلات الحرارة والفيضانات، والتصحر والحرائق وفقدان التنوع البيولوجي والغابات مما ينتج عنه آثار سلبية على حياة الإنسان والكائنات الحية بصفة عامة وصحة الإنسان.
وبحسب دراسة الجهاز المركزى للإحصاء، فإن عدد النساء اللاتي يتعين عليهن ترك منازلهن بسبب حرائق الغابات عام 2009 في استراليا ضعف عدد الرجال، وفي كيينا كان يتعين على النساء الانتظار طويلا للحصول على مساعدات غذائية عندما ضرب الجفاف البلاد عام 2016 وخلف أكثر من مليوني شخص في خطر الجوع، بحسب المفوضية السامية لحقوق الانسان، حقوق الإنسان وتغير المناخ.
الذرة والبن والكاكاو والبطاطس أبرز المحاصيل المتأثرة من الجفاف
وبدأت موجات الجفاف الممتدة وارتفاع درجات الحرارة في التأثير بشكل كبير على الزراعة العالمية، مما أدى إلى تراجع أو اختفاء بعض المحاصيل الحساسة للمناخ، وبحسب تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن من أكثر المحاصيل التي تتأثر من الجفاف والتصحر هو القمح، حيث إن الجفاف المتكرر في مناطق زراعة القمح مثل الولايات المتحدة، كندا، روسيا، وأستراليا أدى إلى تراجع الإنتاج مما تسبب في ارتفاع أسعار القمح عالميًا، وتضرر الأمن الغذائي في الدول المستوردة.
وبحسب التقرير فإن البن وتحديدا "أرابيكا" النوع الأكثر حساسية للمناخ، حيث تضررت مناطق مثل البرازيل وإثيوبيا، وقلت الأمطار وزادت الحرارة، ما أضر بالإنتاج، مما يمثل تهديد مباشر لصناعة القهوة وزيادة أسعارها، بجانب العنب لأن الجفاف قلل من إنتاجية الكروم وجودة الثمار خاصة في إيطاليا، فرنسا، وجنوب إفريقيا، وكذلك البطاطس التي تأثرت زراعتها كثيرا خاصة في أوروبا مثل ألمانيا، وبلجيكا وهولندا، حيث أدى الجفاف لقلة حجم وجودة المحصول مما تسبب في ارتفاع أسعار البطاطس ومشتقاتها مثل البطاطس المقلية.
من المحاصيل التي تأثرت من الجفاف أيضا الذرة خاصة زراعتها في الولايات المتحدة والبرازيل، حيث أن هناك تراجع في إنتاج الذرة العلفية والغذائية، ما يؤثر أيضًا على أسعار اللحوم، بجانب الكاكاو الذي تأثر كثيرا في ساحل العاج وغانا، أكبر منتجي الكاكاو بسبب موجات الجفاف جعلت التربة غير صالحة، وزادت من تفشي الأمراض الزراعية.
تأثير الحروب على زيادة الجفاف والتصحر
من ناحيتها تؤكد إسلام الهبيل باحثة دكتوراه الفلسطينية في الهندسة البيئية والكيمائية، أن التغيرات المناخية تؤدي بشكل مباشر إلى تفاقم الجفاف والتصحر والانخفاض الحاد في منسوب المياه، حيث تسهم درجات الحرارة المرتفعة وزيادة التبخر في تقليل المياه المتاحة في التربة والأنهار والمياه الجوفية، وتحول الأراضي الزراعية إلى أراضٍ جافة غير صالحة للزراعة، خاصة في المناطق الهشة مثل القرن الإفريقي ودول الساحل الإفريقي وأجزاء من أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، بما في ذلك فلسطين.
وتوضح في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هذه الظواهر تزداد حدة في الدول التي تفتقر إلى بنية تحتية قوية، كما هو الحال في غزة، حيث تتفاقم الأزمة بسبب الدمار الذي خلفته الحرب، وتدمير شبكات المياه، وتلويث مصادرها، ما يجعل آثار التغير المناخي أكثر فتكًا وصعوبة في التكيف معها.
وتشير إلى أن آثار الحرب والتغير المناخي تتداخل لإحداث دمار شامل على الموارد المائية والبيئة. مثلا في غزة، فقد أدى التدمير المتعمد لآبار المياه ومحطات الصرف الصحي مثل محطة الشمال والبريج إلى ندرة شديدة في المياه العذبة، بينما تسبب تهجير أكثر من 1.9 مليون شخص إلى مناطق غير مهيأة في استنزاف الموارد المائية الضعيفة أساسًا، كما أسهم الحصار والقصف المستمر، بما في ذلك استخدام الفوسفور الأبيض، في تصحر الأراضي الزراعية وتسمم التربة، وتفاقم الوضع بتلوث المياه الجوفية والسطحية نتيجة اختلاط مياه المجاري بمياه الشرب بعد تدمير شبكات الصرف الصحي، مما أدى إلى إغلاق 90% من آبار الشرب في شمال غزة بسبب نفاد الوقود أو تدمير المضخات.

Trending Plus