سوهاج.. قرى تبعث من جديد عبر "حياة كريمة".. بين الحقل والمكتب الحكومى.. المجمعات الزراعية والخدمية تنقل القرى إلى عهد جديد.. 30 مجمعا زراعيا لخدمة المزارعين و30 مجمعا حكوميا.. جعل الدولة فى قلب الصعيد

جانب من المشروعات

سوهاج فريق المحافظات

الجمعة، 01 أغسطس 2025 07:00 م

في عمق الريف بمحافظة سوهاج، حيث كانت الخدمات الحكومية والزراعية تعاني من التهميش لسنوات، جاءت المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" لتمنح حياة جديدة للقرى والنجوع، وتنقلها إلى مرحلة جديدة من التنمية المتكاملة أطلق السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي هذه المبادرة بهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين، وها هي اليوم تتحول إلى واقع ملموس داخل القرى، لا مجرد وعود على الورق مشروعات تنموية ضخمة تمتد من أقصى جنوب سوهاج إلى شمالها، غيّرت وجه المحافظة، وفتحت أبواب الأمل لمئات الآلاف من سكان الريف.

من أبرز هذه المشروعات ما تحقق في مجال الزراعة والخدمات الحكومية، حيث تم إنشاء ثلاثين مجمعًا زراعيًا على مستوى المحافظة، تخدم المزارعين وتدعم النشاط الزراعي والحيواني الذي يُعد المصدر الأول للدخل في معظم القرى.

أنشئت هذه المجمعات وفق ثلاثة نماذج مختلفة حسب احتياجات كل قرية، فالنموذج الأول يضم مركز تجميع ألبان، ووحدة بيطرية، وجمعية زراعية، ومكتب إرشاد زراعي، بينما يحتوي النموذج الثاني على وحدة بيطرية، جمعية زراعية، ومكتب إرشاد فقط، أما النموذج الثالث (رقم 4) فيضم جمعية زراعية ومكتب إرشاد زراعي. هذه المنشآت لم تعد مجرد أبنية، بل صارت مراكز حياة تدعم الإنتاج الزراعي، وتساعد الفلاح على تطوير أساليب عمله، وتحافظ على صحة الحيوان، وتوفر الإرشاد والتوجيه.

لم تكن سوهاج على هامش الخريطة في هذه المرحلة الجديدة، بل حظيت بنصيب وافر من المشروعات، حيث توزعت المجمعات الزراعية على كافة مراكزها، بواقع 4 مجمعات بمركز دار السلام، و4 بمركز البلينا، و5 في طما، و5 في المراغة، و2 في ساقلته، و5 في المنشاة، و5 في مركز جرجا. هذه التوزيعات لم تأتِ عشوائيًا، بل بعد دراسات دقيقة لاحتياجات كل منطقة.

وفي الوقت نفسه، انطلقت يد الدولة لإنشاء مجمعات خدمية حكومية تحت اسم "تحيا مصر"، فتم تشغيل ثلاثين مجمعًا على مستوى المحافظة، تقدم خدمات متكاملة للمواطنين تشمل السجل المدني، الشهر العقاري، مكتب التموين، مكتب البريد، الوحدة المحلية، مكتب التضامن الاجتماعي، ومركز تكنولوجي حديث لم تعد الحاجة للذهاب إلى المدينة ضرورة، فقد أصبحت الدولة حاضرة في قلب القرية، تختصر المسافات وتخفف من معاناة المواطنين.

المواطنون الذين اعتادوا السفر ساعات طويلة لإنهاء أوراقهم الحكومية، أصبحوا اليوم ينتهون من معاملاتهم خلال دقائق، في مبانٍ حديثة، ومجهزة بأحدث الوسائل. يقول الحاج عبدالرحيم مصطفى من قرية أولاد سالم بحري إنه كان يضطر إلى المبيت في المدينة لاستخراج بطاقة الرقم القومي، أما اليوم، فالمجمع الحكومي على بعد خطوات، ويمكنه إنهاء معاملته في نصف ساعة. وتشير السيدة أم أحمد من قرية شندويل إلى أن المجمع أصبح جزءًا من حياة أهل القرية اليومية، حيث ينجزون كل مهامهم الحكومية في مكان واحد، دون طوابير أو مشقة.

محافظ سوهاج، اللواء عبدالفتاح سراج، أكد في تصريحات صحفية أن هناك استعدادات مكثفة لتشغيل المجمعات الحكومية بشكل كامل، عقب تدريب الموظفين عبر جهات متخصصة لتقديم خدمات السجل المدني والشهر العقاري، وأن العاملين تم انتدابهم من جهات حكومية مختلفة لضمان استقرار الخدمة داخل المجمعات الجديدة. وأوضح المحافظ أن هذه المجمعات تمثل نقلة نوعية في أسلوب تقديم الخدمات داخل الريف، وتندرج ضمن رؤية الدولة لتمكين المواطن من الحصول على حقوقه بسهولة وكرامة.

ليست المجمعات الخدمية والزراعية مجرد مبانٍ جديدة، بل هي تعبير حي عن إرادة سياسية تضع الإنسان في قلب التنمية. ما يحدث في سوهاج اليوم هو بداية لتحول تاريخي في الريف المصري، حيث لا يُنظر إليه كمكان متخلف أو مهمل، بل كجزء أصيل من الوطن يستحق أن يعيش حياة كريمة. المبادرة الرئاسية لم تكن شعارًا إعلاميًا، بل أصبحت نموذجًا حقيقيًا للتنمية المتكاملة التي تجمع بين البنية التحتية والخدمات والاهتمام بالإنسان. فهنا، في قرى سوهاج، تولد مصر جديدة، تبدأ من الريف.