عصام عبد القادر يكتب عن أهمية المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ: بناء الحياة الديمقراطية.. اختيار العقول المنتجة.. الخبرات المتراكمة.. الإثراء التشريعي.. الرؤى الاستشرافية

فلسفة الحياة السياسية تقوم على التكامل ما بين عقول مستنيرة، لديها المقدرة على العطاء، وتقديم رؤى بناءة، وأطروحات تسهم في خلق حلول ابتكارية، و بين أصحاب خبرات مربية في مجالاتها النوعية؛ حيث دلالة وعمق التناول، من بوتقة الميدان، والربط الوظيفي، الذي يسفر عن إيجاد بدائل، نختار منها ما يتناسب مع ما لدينا من مقومات مادية، وبشرية؛ لذا فإنه يتوجب علينا أن نعي أهمية المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ، الذي يتضمن اختيار نخبة، تمتلك الخبرة، والكفاءة، والمعرفة الصحيحة؛ لنضمن أن تنتج المؤسسات التشريعية، نصوص القوانين، التي تخدم المجتمع، في شتى المجالات.
الحياة الديمقراطية نتشارك في تدشينها عبر بوابة الانتخابات الحرة، التي مكننا من أن نختار بحرية، وشفافية، ونزاهة من يستطيع أن يساعد في بناء هذا الوطن، ويدفع بساعده السفينة؛ لتبحر في معترك التحديات، والأزمات، التي يعيشها العالم بأسره؛ فيصنع مستقبله من قرار صائب يتخذ، وتنظيم مؤسسي، وتشريعي يمهد الطريق للنهضة، ويدحض كافة المعوقات، التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق أهداف الشعب؛ حيث الحياة الكريمة، التي تتأتى جراء جهود مخلصة، وعمل متقن، متواصل، ودأب مستمر نحو بلوغ الغاية.
الدعوة للإيجابية نحو المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ تنبع من وجدان يعشق تراب هذا الوطن، ويرى أن مقاييس النضج الديمقراطي للمجتمع أثبتت أن تصحيح المسار يقوم على طرائق الاختيار المتأني الحر؛ كي نستطيع أن نتضافر من أجل تكوين سياسات مرنة، تساعد مؤسسات الدولة الوطنية في تحقيق غاياتها الكبرى، وتقوم بمهام رئيسة، قد أعلنت عنها استراتيجية واضحة الرؤى، والمراحل؛ ومن ثم علينا أن نفقه جدوى الحوار العميق، الذي يؤديه هذا الكيان التشريعي في طوره الأولي؛ لنصل من خلاله إلى أعتاب صناعة، واتخاذ قرار ناضج، ومدروس، يفيد الشعب، ويحقق أمله، وحمله المشروع.
علينا أن نطالع مسار الديمقراطية في البلاد المتقدمة، التي قد عانت كثيرًا من أجل الوصول لمرحلة القناعة المطلقة، وبناءً على ذلك فأنه ينبغي ألا نتوقف عن شرف المحاولة من خلال حرصنا، وإصرارنا على تدشين ديمقراطية تليق بشعبنا العظيم؛ فرغم ما قد نراه من سلبيات طفيفة؛ فإنه يمكن التغلب عليها، عبر إقبال كثيف، يساعدنا في اختيار صحيح لمن يمثل مؤسسة تشريعية مهمة، تقوم بدراسة مستفيضة لمشروعات القوانين، وتقدم الرؤى، التي تعزز من الجوانب الإيجابية، وتحد من السلبيات، التي قد تحدث جراء تطبيقها في المستقبل.
مجلس الشيوخ يشكل أهمية بالغة في تنقيح التشريعات، ليس فقط بضمان انسجامها مع نصوص مواد الدستور؛ لكن هناك طبيعة، وتركيبة مجتمعية، تواجه تحديات متلاحقة، تؤخذ في الاعتبار، كما أن هناك مجريات أحداث متغيرة، ينبغي أن تراعى؛ لذا تخرج مشروعات القوانين من جلسات مكثفة، ومتخصصة للمؤسسة التشريعية في صورتها الفضلى؛ تمهيدًا لعرضها على المجلس النيابي، وهذا يضمن نجاح العملية التشريعية في كليتها، ويؤكد في رأيننا الجمعي ضرورة المشاركة في تكوين مجلس الشيوخ.
قضايا، ومشكلات المجتمع المصري في صدارة اهتمام مجلس الشيوخ، الذي يتوجب أن نختاره بعناية؛ لأن أحد مهامه الأصيلة أن يقدم مقترحات بقوانين، لا تقف عند حد تطوير المنظومة التشريعية فقط، بل، تمضي في طريق التصدي للمشكلات، التي يعاني منها المجتمع بشكل كلي، أو جزئي، وهذا يؤكد فعالية الدور المؤسسي التشريعي بهذا الكيان الزاخر بأصحاب الرؤى السديدة، الذي يبدو نتاجهم مبتكرًا، لا يتوقف على مهام رتيبة، أو تقليدية في كليتها، بل، يتعدى ذلك من خلال رسم سيناريوهات مستقبلية، تصب في المصلحة العامة للدولة، ومؤسساتها الوطنية.
في واحة مجلس الشيوخ تعقد مناقشات، تقوم على لغة راقية يتم فيها الاستماع، والاستمتاع برؤى، وأطروحات، ومقترحات، وخلاصة فكر مستنير من الخبراء، والمتخصصين بداخل هذا الكيان الرائع في تركيبه، وقد يشارك هذا الحوار البناء من الخارج بعض من يمتلكون إثراء تلك الجلسات، وهذا مما يعظم من الدور المؤسسي للمجلس، ومنتسبيه، وهنا نضمن خروج قوانين ناضجة، أو تحديد لجوانب قضايا مدروسة من أجل صناعة، واتخاذ قرار بشأنها، وبالطبع سريان العمل يقوم على ماهية التخصصية، من خلال لجان نوعية تخرج إلى ساحة المجلس بتقارير مكتملة، وتوصيات مفيدة.
الدستور المصري قد حدد العديد من الاختصاصات لمجلس الشيوخ، ومن ذلك القيام بمهمة أصيلة تكمن في دعم المسار الديمقراطي، عبر تعزيز المشاركة في بوابتها، وهذا يؤدي حتمًا إلى استيعاب الطاقات، خاصة الشبابية منها مما يزيد الاندماج الاجتماعي، ويغلق منافذ الاستحواذ، من قبل قصور المشاركات على فئات بعينها، وهنا يعضد الاستقرار السياسي، والاجتماعي معًا، ويشعر الجميع بالمحاسبية، والمسئولية، ويؤكد على تفعيل قيم العدالة، والمساواة، والعطاء المستدام من أجل الوطن، ورفع رايته، وتأكيد ماهية الهوية الوطنية في نفوس المصريين، دون استثناء.
المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ أمر جلل؛ حيث ضمان توافق التشريعات المستجدة، مع صحيح نصوص الدستور، بما يحدث توازن بين المصلحة العامة وفق قوانين تحقق الفائدة منها، وهنا نثمن الجهود، التي تبذل من تلك المؤسسة العريقة على مر السنين حيال الدراسة المتأنية لمشروعات القوانين، التي تخدم المواطن، ومؤسسات الدولة من خلال خبراء منتسبي المجلس، وثمت تدخل مباشر من قبل هذا الكيان المتفرد في رسم السياسة الخارجية للدولة؛ حيث يقدم المشورة، والتوصية، التي تساعد في صناعة، واتخاذ القرار بطمأنينة، من قبل القيادة السياسية، وهنا نوقن دوره المهم في قضايا الدولة الكبرى، من خلال ما يقدمه من أطروحات بناءة.
دعونا نختار أعضاء مجلس الشيوخ من مختلف فئات هذا المجتمع، صاحب العطاء، ونشارك في تعضيد المسار الديمقراطي؛ لتصبح العملية التشريعية في مأمن، ونفعل آليات المراقبة، والمتابعة، ونوظف التوصيات السياسية بصورة صحيحة، كما نخرج بصورة من الحوار الوطني الفاعل والمقنن داخل المؤسسات التشريعية، وهذا يمدنا بالوعي، أو النضج في إطاره الديمقراطي، سواءً في حياتنا الاعتيادية، أو في الحياة السياسية؛ لنضمن تنوعًا يطال كل مجالاتنا الحياتية، وينعكس أثره الإيجابية على الفرد، والمجتمع والدولة بمؤسساتها المختلفة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Trending Plus