إصدار مرجع أثرى جديد يوثق كنوز "سرابيط الخادم" فى جنوب سيناء

أصدر الدكتور مصطفى محمد نور الدين، المشرف العام السابق على منطقة آثار جنوب سيناء، ومدير منطقة سرابيط الخادم الأثرية الأسبق، وكبير الباحثين بوزارة السياحة والآثار، كتابه الجديد بعنوان "سرابيط الخادم ومحيطها الأثري"، الذي يُعد مرجعاً علمياً وثقافياً يوثق تفاصيل واحدة من أهم وأجمل مناطق جنوب سيناء بما تحويه من آثار ومعالم وكنوز طبيعية.

يسلط الكتاب الضوء على سرابيط الخادم، ذلك الاسم الذي يحمل الكثير من معاني السحر والغموض، ونُسجت حوله الأساطير والروايات، حتى صارت هذه المنطقة سبباً في منح سيناء لقبها الشهير "أرض الفيروز"، كونها موقع مناجم الفيروز التاريخية. ويوضح المؤلف أن كلمة "سربوط" تعني الحجر القائم، أما "الخادم" فتعود للون الصخر الداكن بالمنطقة والمكوَّن من الحجر الرملي النوبي.

وتكمن أهمية المنطقة في وجود معبد حتحور، أقدم معبد فرعوني بسيناء، والذي وثّق المؤلف كافة معالمه وتفاصيله. ويحيط بالمعبد أكثر من 28 مغارة لاستخراج الفيروز، تحمل واجهاتها نقوشاً هيروغليفية تخلّد أعمال بعثات التعدين المصرية القديمة. كما يتناول الكتاب منطقة روض العير، بما تحويه من رسوم ونقوش صخرية فريدة، إضافة إلى مواقع التعدين التاريخية وآثار الحضارات التي تعاقبت على أرض سيناء.

ويصف المؤلف الموقع بأنه يقع في عمق جنوب سيناء وسط طبيعة خلابة، حيث تتشابك الوديان كالشرايين بين الجبال الشاهقة، ويقطنه مزيج من القبائل في أمن وسلام. ويشير إلى أن زيارة المعبد تتطلب جهداً للصعود، لكنها رحلة ثقافية وروحية وترفيهية تستحق العناء، تجمع بين روعة الطبيعة وعظمة الحضارة المصرية القديمة، ممتزجة بالتراث السيناوي الأصيل من عادات وفنون ومصنوعات يدوية.

ويكشف الدكتور نور الدين عن ارتباطه الشخصي بسرابيط الخادم منذ منتصف عام 2012، حيث تحولت علاقة العمل إلى قصة عشق للمكان، قائلاً: "أستمد قوتي من الجبل الذي يمدني بطاقة إيجابية تنعكس على صفاء نفسي وروحي"، مضيفاً أنه جاب معظم أرجاء سيناء، ولمس فيها الجمال والأصالة التي شهدت نزول الوحي على سيدنا موسى، ومرور سيدنا عيسى، وعبور جيوش الفراعنة والفاتحين، وسير قوافل الحجاج المسلمين والمسيحيين.

ويؤكد المؤلف أن سيناء هي مزيج فريد من الثقافات والحضارات، وبيئة نقية ذات سماء صافية، وقد قدّم في هذا الكتاب خبرته الأثرية والميدانية الممتدة لأكثر من عشر سنوات كمدير للمنطقة ثم مدير للمركز العلمي بسرابيط الخادم، حيث أشرف على أعمال المسح الأثري والحفائر، ونشر عدداً من الدراسات المحكمة.

وجاء الكتاب بأسلوب علمي مبسط، يوثق المعلومات الأثرية ليستفيد منها الدارسون، كما يعمل كدليل إرشادي لزوار المنطقة، بما يسهم في دعم جهود الدولة لتنشيط السياحة في سرابيط الخادم، التي تُعد مصدراً اقتصادياً مهماً لأهالي جنوب سيناء، ونموذجاً للتنمية المستدامة التي تحافظ على البيئة وتخدم الإنسان والمكان.