الإخوان والتخريب لحساب إسرائيل

خلال المائة عام الماضية اصطدم المسلمون والعرب بمنهج خطير أرساه شخص مُريب في منشئه وتوجهاته وتحالفاته وعلاقاته وتصرفاته وهو حسن البنا؛ الذي أطلق على الإسماعيلية لقب (البلد الأمين) وهو الوصف القرآني لمكة المكرمة، وفي سرية حاول خلق رسالة موازية ونسخة مزورة من الإسلام لهدمه من الداخل وهدم أوطانه.
أسس البنا جماعة تكفيرية منذ البداية؛ فما معنى أن (يُعيد الإسلام الحق) الذي لا يمارسه المسلمون في الحياة اليومية حتى في الدول التي يشكلون فيها الأغلبية –كما زعم هو-، إلا أن يكون الواقع الحالي وما سبقه منذ سقوط السلطنة العثمانية قبل مائة عام (كافرًا)؟
وما معنى أن تكون هناك رسالة أخرى لجماعة خرجت إلى الدنيا بعد وفاة الرسول الكريم بأكثر من ألف وثلاثمائة عام، وضع مفاهيمها شاب مريض بوهم الزعامة، قدسه أتباعه ونسبوا إليه معجزات ووضعوه في مصاف الأنبياء؟
حسن البنا هو الأكثر خطورة على مدار القرن الماضي، بل حتى أخطر من سيد قطب ومن تبعه من منظرين وحركيين تكفيريين؛ لأنه هو من وضع الأساس الذي بنت عليه كل الجماعات الضالة التي استغلتها أجهزة الإستخبارات الدولية من داعش للقاعدة للجناح العسكري والتنظيم الخاص الجديد للإخوان (حسم) إما لإبقاء المنطقة قيد الرجعية والجمود والشلل، أو لدفعها كأداة مفضلة في تنفيذ مخططات الفوضى وإثارة الصراعات والانقسامات.
ظلت جماعة الإخوان على طول تاريخها هي الأداة الرئيسية بيد القوى الخارجية لزعزعة استقرار مصر وتقسيمها وقضم مساحات إستراتيجية من أرضها.
إذا كان هذا القرن (1924-2024م) قد شهد نماذج عديدة جرى توظيفها لإعاقة نهضة الأمة وللتلاعب بها تحت دعوى خادعة عنوانها (إعادة الخلافة الإسلامية) وصولًا لنسخ القاعدة وداعش، فالبنا هو أول من جرى تلميعه وتمويله ودسه في عمق العالمين العربي والإسلامي تحت ستار استرجاع سلطنة شمولية تحكم بالاستبداد الديني، بهدف إعاقة الأمة عن التطور، ومنع الوصول لصيغة ومنهج حكم يراعى متغيرات ومتطلبات العصر.
نادى البنا بالخلافة وسعى لأن يكون الحاكم الأوحد للمسلمين بعد أن ارتمى في أحضان القاعدة العسكرية الكبرى للمحتل الإنجليزي بالإسماعيلية ونال الدعم السخي من الماسونية العالمية، لأن تسمية خليفة أوحد للعالم الإسلامي هدية مجانية كبرى للقوى الأجنبية اللدودة؛ فما دام أحدهم قد أعلن أنه صار ممثلًا سياسيًا للإسلام، فسيصبح صيدًا سهلًا للتلاعب بالدول الإسلامية من خلاله، بالنظر لحالة الضعف التي مرت بها الأمة، وللخبرة التاريخية بهذه الحالة التي تسببت سابقًا في سقوط الدول العربية في قبضة الاستعمار والانتداب والوصاية.
ظل البنا حاضرًا طوال المائة عام الماضية بمنهج وتكتيك هو الأخطر؛ فإذا كان سيد قطب منظرًا تكفيريًا نفذ صبره وتعجل التمرد المسلح والتنفيذ، وورثت أسلوبه المتعجل تنظيمات كداعش؛ فتكتيك البنا التكفيري طويل النفس يبني دولة موازية في الخفاء على مثال الدولة الأصلية في أدق تقسيماتها الإدارية، ويتأخر التمرد المسلح تحت عنوان (الجهاد) لحين نشوب الصراع الآتي لا محالة لأنه مفروض على الدولة التي ستضطر للدفاع عن كيانها وهويتها وتماسكها الإجتماعي، وفي هذه الحالة -كما تكرر مرارًا- تكلف التصدي أثمانًا باهظة.
الإخوان والقاعدة هما الأكثر ولاءً لنهج حسن البنا بالاستعداد بمؤسسات موازية بديلة لمؤسسات الدولة وبوجه سياسي (المعرض) ووجه مسلح (الورشة)، وبالارتباط بالأجهزة الإستخباراتية الدولية والإقليمية لنيل الدعم المخصص دومًا لخدمة مصالح الأعداء.
الآن تتجهز الاخوان مرة أخرى بوعود إسرائيلية وأميركية للعودة للمشهد تمني نفسها بالعودة إلى الحكم، كونها تقدم للقوى الطامعة كل ما يريدونه في الملفات التي انخرطت فيها الجماعة الخائنة منذ البداية؛ فهي على استعداد لبيع أي شيء ولهدم أي ثوابت مقابل رضا الغرب وإسرائيل والحصول على دعم غربي لها في السلطة.
منذ السيارة الجيب وحجم التسليح الذي جرى اكتشافه في مزرعة قيادي بالإخوان بالإسماعيلية والتي كانت تكفي لتدمير القاهرة والإسكندرية، وصولًا لحجم المؤامرات والتسليح ومستوى الإرهاب عقب ثورة الثلاثين من يونيو، اتضح أن شبح البنا كان مخيمًا طوال المائة عام الماضية؛ وفق معادلة مفادها التخريب والتدمير في الدول العربية والإسلامية وإبقاء إسرائيل مُؤمَنة؛ حيث اعتنق المخدوعون به نظريته الغبية الخائنة (الطريق إلى القدس يبدأ من القاهرة).

Trending Plus