الداخلية تواصل الحملات ضد المحتوى الإلكتروني غير الأخلاقى.. ضبط سماسرة الطبخ المبتذل والرقص.. سقوط أم إبراهيم والحسناء وتحريز مخدرات بحوزة التيك توكرز.. والشرطة تلاحق الربح غير المشروع عبر الفيديوهات الفاضحة

تواصل وزارة الداخلية حملاتها المكثفة لمواجهة جرائم المحتوى الإلكتروني غير الأخلاقي، التي باتت تتفشى بشكل لافت على منصات التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها تطبيق "تيك توك"، وفي أحدث تلك الحملات، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على صانعة محتوى جديدة بمحافظة البحيرة، بعد نشرها مقاطع فيديو وصفت بأنها "خادشة للحياء"، تحتوي على إيحاءات وألفاظ تتنافى مع القيم المجتمعية والأخلاق العامة.

ضبط صانعة محتوى في إدكو
 

تمكنت أجهزة وزارة الداخلية من تحديد مكان إقامة صانعة المحتوى الجديدة، وهي سيدة تقيم بدائرة مركز شرطة إدكو بمحافظة البحيرة، وذلك بعد ورود بلاغات من عدد من المواطنين تفيد بتداول مقاطع فيديو لها عبر حساباتها على مواقع التواصل، تتضمن محتوى مسيئًا وعبارات خادشة، فضلاً عن إيحاءات جنسية مباشرة في بعض الأحيان، بما يتعارض مع المعايير الأخلاقية والقيم المجتمعية.

وعقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن النيابة العامة، قامت قوة من الشرطة بمداهمة منزل المتهمة وضبطها، وبحوزتها أدوات التصوير التي تستخدمها في إعداد وبث تلك المقاطع. وبمواجهتها، أقرت بأنها صاحبة الفيديوهات المتداولة، واعترفت بتعمدها نشر ذلك المحتوى لزيادة نسب المشاهدة على حساباتها، وتحقيق أرباح مالية من خلال عائدات الإعلانات والمشاهدات على المنصات المختلفة.

"أم إبراهيم" و"الحسناء" وغيرهن قيد الملاحقة
 

تأتي هذه الواقعة في سياق حملة أوسع تقودها وزارة الداخلية لرصد وضبط كل من يسيء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فقد سبقتها عدة وقائع مماثلة أثارت الجدل، أبرزها ضبط سيدة تُعرف باسم "أم إبراهيم"، بثت مقاطع تحوي إيحاءات جنسية مباشرة وعبارات خارجة عن الأدب العام، بالإضافة إلى أخرى تُدعى "الحسناء"، قدمت محتوى مماثل يعتمد على الرقص والإيماءات الجنسية من أجل إثارة الجدل وزيادة المتابعين.

وواجهت كل من تم ضبطهن نفس الاتهامات، وهي "نشر محتوى خادش للحياء العام"، و"سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي"، وهي تُهم يُعاقب عليها القانون وفقاً لنصوص قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، الذي يُجرم كل أشكال التحريض أو نشر الفجور عبر الإنترنت.

تصريحات أمنية
 

في تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، قال اللواء دكتور علاء الدين عبد المجيد، الخبير الأمني، إن وزارة الداخلية تعمل وفق خطة ممنهجة وشاملة، تستهدف ضبط كل أشكال الخروج عن القانون في الفضاء الإلكتروني، مشيرًا إلى أن الأجهزة الأمنية تمتلك وحدات متخصصة للرصد الإلكتروني، مزوّدة بأحدث الوسائل التقنية التي تتيح متابعة المحتوى المُتداول على مدار الساعة.

وأضاف أن الوزارة لا تكتفي فقط بملاحقة من ينشرون المحتوى الخادش، بل توسّع نطاق التحقيقات لتشمل الأنشطة غير المشروعة المرتبطة بهذا النوع من المحتوى، مثل غسل الأموال أو الاتجار في المواد المخدرة أو حيازة الأسلحة، وهي جرائم يرتبط بها بعض "التيك توكرز" بشكل مباشر أو غير مباشر.

وأشار إلى أن عوائد تلك الفيديوهات قد تصل إلى مبالغ كبيرة، ويتم تمريرها عبر وسائل دفع إلكترونية قد تُستخدم لاحقًا في تمويل أنشطة غير مشروعة، وهو ما يتطلب متابعة دقيقة وتنسيقًا بين أجهزة الأمن والنيابة العامة وجهات الرقابة المالية.

تحرك مجتمعي
 

قوبلت الحملات الأمنية الأخيرة بترحيب واسع من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب كثيرون بتشديد الرقابة على المحتوى المتداول، خاصة على تطبيق "تيك توك"، الذي تحوّل لدى البعض إلى وسيلة لكسب المال بأي وسيلة، ولو على حساب الأخلاق العامة أو القانون.

ودعا مواطنون إلى ضرورة التوعية بخطورة هذه المحتويات، خاصة على فئة المراهقين والشباب، الذين يشكلون النسبة الأكبر من متابعي هذه المنصات، مؤكدين أن ترك الأمور بلا رقابة قد يؤدي إلى تآكل القيم، وخلق قدوات مزيفة تؤثر على سلوك الأجيال القادمة.

وفي هذا السياق، شدد خبراء على أهمية تفعيل دور المؤسسات التربوية والإعلامية، إلى جانب الجهد الأمني، في مواجهة هذه الوقائع، وأكدوا أن الحل لا يكمن فقط في الملاحقة القانونية، بل في بناء وعي مجتمعي قادر على التمييز بين المحتوى الجيد والضار، وتشجيع المحتوى الهادف والمفيد.

كيف يُحاسب القانون صانعي المحتوى الخادش؟
 

وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، يُعاقب بالحبس والغرامة كل من نشر عبر شبكة الإنترنت محتوى من شأنه المساس بالآداب العامة، أو التحريض على الفسق والفجور، أو الترويج لممارسات غير أخلاقية. كما ينص القانون على أنه في حالة تحقيق أرباح مادية من هذا المحتوى، تُضاف تهم جديدة، من بينها "التحصل على أموال من نشاط غير مشروع"، و"التهرب الضريبي" في بعض الحالات.

وفي حالة ثبوت استخدام المحتوى كواجهة لغسل أموال أو الترويج لسلع محظورة، تُوجه تهم إضافية تصل عقوبتها إلى السجن المشدد، فضلًا عن مصادرة الأجهزة والأدوات المستخدمة في التصوير والبث.

وطالب خراء بضرورة تدخل الجهات التشريعية لإلزام تلك المنصات بالتعاون الكامل مع الجهات الأمنية والقضائية، وتقديم المعلومات المطلوبة بشأن المستخدمين المخالفين، لتسريع عملية المحاسبة القانونية، والحد من تحول هذه المنصات إلى ملاذ آمن لمرتكبي الجرائم الرقمية.

وتُواصل وزارة الداخلية جهودها الحاسمة في التصدي لوقائع المحتوى الخادش، في إطار سياسة أمنية شاملة تستهدف ضبط الفضاء الإلكتروني، وضمان ألا يتحول إلى بيئة خصبة للانحرافات السلوكية والجرائم الأخلاقية.

ومع تصاعد الحملات الأمنية، تظل الحاجة قائمة إلى دور مجتمعي وإعلامي مواكب، يعزز من الوعي الجماهيري، ويعيد ضبط البوصلة الأخلاقية في مواجهة التحديات الرقمية المتسارعة.