حدد مسيرتك

يقول "أوليفر ويندل هولمز": "الأهم من أن نعرف أين نحن، أن نعرف في أي اتجاه نتحرك"، وهذه حقيقة عميقة لا يُدركها الكثيرون إلا في وقت متأخر، فللأسف كلنا نهتم بموضعنا الحالي، وأين نحن من مجريات الأحداث، وما موقفنا إزاء هذا؟ وتظل الأسئلة تطل علينا في بوتقة واحدة ألا وهي: "أين نحن؟".
وتمر الأيام والسنوات وكل منا يتساءل أين أنا؟ فنحن نُريد أن نعرف موقعنا في قلوب الآخرين، وفي عقول مَنْ نتعامل معهم، ودائمًا نبحث عن مكانتنا في أي موقع نتواجد فيه، ونعتبر أن هذا جزء من كبريائنا الذي لابد أن نحافظ عليه.
ولكن، وبعد أن نعرف أين نحن، للأسف تنتهي الأزمة ونقف في هذا المكان محلك سر، نظل رابضين فيه، خشية أن نتوه من أماكننا، ونفقد مكانتنا، وننسى أن حل المشكلة لا يكمن في اكتشافها فحسب، بل إنه في حقيقة الأمر في كيفية السير في اتجاه إيجاده، ورغم ذلك لابد من الاعتراف بأن التوصل إلى المشكلة هو نصف حلها، ولكن بدون الوصول إلى هذا الحل، فلا قيمة من معرفة المشكلة، لذا علينا ألا نتوقف عند مرحلة أين نحن، فالأهم بكثير هو أن نُحدد الاتجاه الذي لابد أن نسير فيه، فهذا هو المعنى الحقيقي للحياة، أن نعرف اتجاهاتنا، ونحدد أهدافنا، ونشرع في السير وفق خريطة نرسمها لأنفسنا مبناها المنطق، فلو كل إنسان اكتفى بمعرفة مكانه ومكانته، كانت بوصلة الدنيا ستتوقف، ولن تتحرك عقارب الساعة، ولن تتطور الحياة.
والحقيقة أن أي أزمة يُواجهها الإنسان مبعثها عدم معرفته للاتجاه الذي يجب أن يسير فيه، فهنا تبدأ الحيرة والشتات، فمسيرة كل منا تحتاج إلى خريطة يسير بمقتضاها ويرسم خطاه من خلال خطوطها، فعندما تم رسم الخرائط لم يكن الهدف منها معرفة موقع كل دولة فحسب، بل كان هناك هدف أهم وهو معرفة الوصول إلى المواقع والدول والبلدان من خلال السير على الخطوط المرسومة فيها.
لذا، فمن يريد أن ينجح ويهتدي إلى طريقه، لابد أن يرسم خريطته التي تدله وتُحركه للوصول إلى مبتغاه، وإلا سيتخبط لأنه يسير بلا هدى ولا دليل، وعليه، فلابد أن نسأل عن موقعنا ليس للإرسترشاد فقط، وإنما لتحديد اتجاه المسير.

Trending Plus