رزقك لا يُطلب من "واي فاي"

بين جدران الغرف المغلقة وتحت لفحات التكييف البارد، يجلس البعض يُمارس طقوس البطالة المُغلفة بالرفاهية، هاتف في اليد، و"واي فاي" لا ينقطع، وسهر على المقاهي حتى الفجر، ثم نوم طويل لا ينتهي إلا بعد العصر، وانتظار لصوت الملعقة في طبق الطعام من صنع يد غيرهم.
أيها الشاب، يا من تتكئ على الحائط أكثر مما تتكئ على نفسك، انهض، العالم لا يرحم الكسالى، والرزق لا يأتي لمن يقضون أعمارهم في التمرير على الشاشات، اخرج إلى الحياة، وجرّب أن تأكل من كسب يدك، ستكتشف طعمًا آخر للطعام، وكرامة لا تشبه شيئًا آخر.
انظر حولك، إلى المزارع الذي يقف وسط حقله كجبل لا تهزه الشمس، إلى العامل الذي يمد يده إلى جدار في قلب الصحراء ويغرس فيه عمره، إلى من يقطعون الكيلومترات قبل طلوع الشمس ليصلوا إلى أعمالهم، وإلى النساء اللاتي يعملن صباحًا، ويعدن مساءً لبيوتهن يكملن معركة الحياة بين الجدران والأبناء.
رزقك لا يأتيك في إشعار على الهاتف، ولا في طلب من "دليفري" الحياة، رزقك ينتظرك في العرق، في السعي، في رفض الجلوس وانتظار الآخرين ينفقون عليك، إن السعي شرف، والعمل عبادة، والكسل خيانة للطموح.
ألا يخجلكم مشهد عجوز يبيع المناديل في زاوية الشارع طلبًا للكرامة؟ ألا تستفزكم سيدة تحمل على رأسها خبزًا لتطعم أطفالها؟ ألا تزعج ضمائركم صور الكفاح اليومي التي تمرون بها وكأنها مجرد لقطات عابرة؟
أيها المتكئون، اعملوا، فالوقت لا ينتظر، والعمر لن يمنحكم فرصة ثانية لتصحيح المسار، لا تؤجلوا السعي إلى الغد، فالغد قد لا ينتظركم، اغتنموا اليوم، وكونوا ممن يستحقون الحياة، لا ممن يمرّون فيها كظل لا أثر له.

Trending Plus