لبنان بين الانفجار ونزع السلاح

في تطور مهم ولافت، انفجار في مخزن للأسلحة من مخلفات حزب الله، ومقتل 6 جنود وإصابة آخرين، وذلك أثناء تفكيك محتوياته في وادى زبقين – صورـ ليثار الجدل ويمتد الحديث عن احتمالات عدة ومن يقف وراء هذا الانفجار، خاصة أنه يأتي في وقت إعلان الحكومة اللبنانية إعداد خطة لحصر السلاح بيد الدولة، على أن تُعرض على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الحالي، تمهيداً لتنفيذها قبل نهاية العام، فضلا عن أن هذا القرار لاقى ترحيباً واسعاً في لبنان؛ إذ سُجل التفاف واسع حول رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، عبر المواقف المثنية من مختلف القوى على هذه الخطوة التي وصفها البعض بـالتاريخية.
لكن في المقابل، يدرس الثنائي الشيعي "حزب الله - وحركة أمل" خياراته بعد هذا القرار؛ رغم أنه أصدر بياناً حاد اللهجة وصف فيه القرار بأنه خطيئة كبرى وإملاء أمريكي يخدم مصلحة إسرائيل بالكامل، مؤكدا أن الحزب سيتعامل مع القرار كما لو لم يكن، متهماً الحكومة بالتفريط بالسيادة الوطنية، مشترطا انسحاب القوات الإسرائيلية من 5 نقاط متنازع عليها على الحدود الجنوبية، وتقديم ضمانات بشأن الأسرى وإعادة الإعمار، قبل أي نقاش حول مصير سلاحه.
وما يجب الانتباه إليه، أن كل هذه الوقائع والأحداث تأتى فى سياق متسارع من الضغوط الأمريكية التي يقودها المبعوث الخاص توم براك، في محاولة لإعادة ترتيب المشهد الأمني اللبناني ما بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل، والتي أعادت حزب الله إلى دائرة الاستهداف الدولي، خاصة أن واشنطن تسعى لتثبيت وقف إطلاق النار وتحويله إلى اتفاق أمني دائم، يُنهي حالة ازدواجية السلاح، ويهيّئ البيئة لتقديم مساعدات دولية للبنان، المشروطة بتطبيق إصلاحات جذرية أبرزها حصر السلاح بيد الدولة.
وأخيرا.. نستطيع القول، إن هذا الانفجار قد يقود لبنان إلى ساحة جديدة من الجدل، لأن تكليف الجيش وضع خطة نزع السلاح لا يعني أن التنفيذ بات وشيكاً، بل هو بداية مسار تفاوضي معقد، ومحفوف بالمخاطر السياسية والأمنية، خاصة في ظل تزايد التوترات الإقليمية وخشية كثيرين من أن تنفّذ إسرائيل عملية عسكرية جديدة في لبنان ما لم تُحسم هذه القضية، وبالتالي أي محاولة لتنفيذ القرار بالقوة قد تقود لبنان إلى مواجهة داخلية جديدة وهو ما ظهرت ملامحه من خلال تظاهرات حزب الله وتظاهرات مؤيدة للحكومة، وهو ما يجب أن يدركه الأشقاء في لبنان والعمل عليه بالبدء في مصالحة وطنية تعلى من قيمة الدولة وتغلق الأبواب أمام مثيرى الفتن ومستغلى الأحداث لتعزيز الانقسام لتوظيفة لصالح أجندتهم..

Trending Plus