وزير الزراعة يعلن افتتاح المتحف الزراعى أمام الجمهور بشكل تجريبى السبت المقبل.. ثاني أقدم متحف في العالم.. سجل توثيقي لتاريخ الزراعة المصرية منذ العصر الفرعونى.. خطوة لتقييم كافة الخدمات واستقبال ملاحظات الزوار

في خطوة استراتيجية نحو إحياء التراث الزراعي وتعزيز الهوية المصرية، أعلن علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، عن بدء التشغيل التجريبى للمتحف الزراعي المصرى.
يمثل هذا الإعلان تتويجًا لجهود مكثفة امتدت لسنوات، بهدف تطوير وتجديد الصرح الثقافي الذي يعد وثيقة تاريخية حية لتاريخ الزراعة في مصر.
يعتبر مشروع تطوير المتحف الزراعي المصري جزءًا أساسيًا من استراتيجية حكومية أوسع تهدف إلى صون التراث الحضاري وتعزيز الثقافة الزراعية والريفية. فالمتحف، الذى تأسس عام 1930 في سراي الأميرة فاطمة إسماعيل بمنطقة الدقى، خضع لأعمال تجديد وتطوير واسعة النطاق ليعود إلى سابق عهده كأحد أهم المتاحف المتخصصة على مستوى العالم.
وبصفته ثاني أقدم متحف زراعي في العالم بعد المتحف الزراعي في العاصمة المجرية بودابست، يمثل المتحف سجلًا توثيقيًا فريدًا لتاريخ الزراعة المصرية، منذ العصر الفرعونى مرورًا بالعصور اليونانية والرومانية والإسلامية، وصولًا إلى العصر الحديث.
يتجاوز المتحف دوره كونه مجرد صرح ثقافي، ليصبح مركزًا علميًا وبحثيًا متكاملًا يتيح للباحثين وطلاب الجامعات والمدارس فرصة ثمينة للاطلاع على تاريخ الزراعة ووسائلها وتقنياتها في مختلف الحقب الزمنية.
ويمثل هذا التجديد خطوة مهمة لا تهدف فقط إلى استعادة بريق المتحف، بل ترمي إلى تحويله إلى منصة معرفية متكاملة تجمع بين التاريخ والتعليم والبحث العلمي، مما يعزز الوعي البيئي والزراعي لدى المواطنين ويوفر بيئة تعليمية غنية لربط الأجيال الجديدة بماضيهم الزراعي.
وأعلن وزير الزراعة أن التشغيل التجريبي للمتحف سوف يستمر لمدة أسبوعين، مع فتح أبوابه أمام الجمهور مجانًا يوميًا من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا، وهذه الفترة التجريبية تعتبر خطوة حيوية لتقييم كافة الخدمات التي يقدمها المتحف واستقبال ملاحظات الزوار، مما يساهم في تحسين تجربة الزيارة قبل الافتتاح الرسمي.
ووفقًا لتصريحات اللواء أمجد سعدة، مساعد وزير الزراعة والمشرف العام على المتحف، فإن الدخول المجاني يهدف إلى تشجيع المواطنين على زيارة المتحف والتفاعل مع محتوياته القيمة.
يضم المتحف كنوزًا أثرية وتاريخية نادرة، منها أدوات زراعية قديمة، ونماذج أثرية لنباتات ومحاصيل تاريخية، ووثائق تسجل مراحل تطور الزراعة، إلى جانب مجسمات وأعمال فنية توضح العلاقة المتجذرة بين الإنسان المصري والأرض عبر آلاف السنين.
كما يحتوي على عدد من الأجنحة المتخصصة التي تثري التجربة الثقافية للزائرين، مثل المتحف اليوناني والروماني، ومتحف الصداقة الصينية، والمتحف الملكي، والسينما الملكية، والمكتبة التراثية التي تضم مجموعة ضخمة من الكتب والدراسات والخرائط النادرة، بعضها يعود لعقود مضت، و هذا التنوع يتيح للزائرين تجربة شاملة تتجاوز الزراعة لتشمل التاريخ والفن والعلاقات الدولية المرتبطة بالتنمية الزراعية.
يمثل المتحف الزراعي المصري إضافة نوعية للمشهد الثقافي والسياحي في مصر. فمن المتوقع أن يتحول المتحف إلى وجهة جذب سياحي وثقافي بارزة تستقطب الزوار من داخل البلاد وخارجها، خاصة فى ظل الاهتمام المتزايد عالميًا بالتراث الزراعي والحضاري.
تم تنفيذ هذا المشروع بجهود ضخمة وتعاون مثمر مع العديد من الجهات المحلية والدولية، وعلى رأسها منظمة اليونسكو، ما يعكس أهمية المتحف على الساحة العالمية.
ولم يغفل القائمون على تطوير المتحف أهمية الجانب الأكاديمي، حيث تم تجهيز عدد من القاعات لتكون بمثابة منصات للبحث العلمي، مما يتيح للدارسين الوصول إلى معلومات دقيقة وتاريخية حول تطور النظم الزراعية المصرية. كما تعد المكتبة التراثية مرجعًا أساسيًا للباحثين في مجالات الزراعة والبيئة والتاريخ والأنثروبولوجيا.
ويعد هذا المشروع ليس مجرد إعادة افتتاح لمتحف تقليدي، بل هو إحياء لذاكرة أمة، وإطلاق منصة معرفية تجمع بين الترفيه والتعليم، وتسهم في تعزيز الانتماء والهوية الزراعية للشعب المصري.
كما سيلعب المتحف دورًا محوريًا في بناء جسور ثقافية بين مصر والدول الأخرى، من خلال متاحفه المتخصصة التي تسلط الضوء على أوجه التعاون الزراعي مع دول مثل الصين واليونان.
ومع بدء التشغيل التجريبي المجاني، تفتح صفحة جديدة من التفاعل الثقافي والعلمي مع تاريخ طويل من الإبداع والارتباط بالأرض.
ويرجح أن تسهم فترة التشغيل التجريبي في تعزيز الحوار بين إدارة المتحف والجمهور، من خلال تلقي الملاحظات والمقترحات التي تساعد في تطوير المحتوى وأساليب العرض، مما يضمن تقديم تجربة ثقافية فريدة ومستدامة.

Trending Plus