حماس ما بين الإقامة بالفنادق الفارهة والخنادق الآمنة.. أهل غزة يُقتلون بالرصاص والجوع!

فى 7 أكتوبر 2023 تفتق ذهن قيادات حركة حماس وبمساعدة بعض الفصائل، لفكرة كيف تقدم خدمة جليلة وعظيمة الأثر للغير، دون تفكير وتدبير وتقديرات موقف لنتائج هذه الخدمة، على الشعب الفلسطينى أولا، ثم المنطقة العربية ثانيا، فكانت عملية «طوفان الأقصى» دون تنسيق مع أحد، وعلى رأسها الأطراف الفاعلة التى يُستنجد بها، عند وقوع البلاء!
هدية «طوفان الأقصى» جرى هندستها بالتنسيق والتشاور مع أطراف لا تُعير للمصلحة الوطنية الفلسطينية أى اعتبار، وأن جوهر التحريض نابع من عداء مفرط مع الكيان الإسرائيلى، ومحاولة إبراز عضلات الإرادة للولايات المتحدة الأمريكية، بأن لها أذرع قوية قادرة وفاعلة فى توجيه ضربات موجعة، وهى براجماتية نفعية سيئة، فلا يمكن أن تحقق مصالح خاصة على أشلاء جثث شعب أعزل، يرزح تحت نير احتلال أكثر وقاحة، ويكاد يكون هو الاحتلال الوحيد الباقى على سطح هذا الكوكب!
المؤلم، أن الأطراف الإقليمية المستفيدة بأن يكون لها أذرع، تلاقت رغباتها مع أهداف قيادات حركة حماس، وعلى وجه التحديد القيادات المقيمة فى الفنادق الفارهة فى الخارج، دون النظر للمصالح الوطنية للفلسطينيين، باعتبار أن فلسطين أرضا وشعبا، لا تمثل لحماس سوى «السواك الذى ينظف أسنان قيادات الحركة»، وفق تصريح سابق للقيادى الحمساوى البارز محمود الزهار!
«الزهار» الذى ظهر فى فيديو مع قيادات وأعضاء بارزين بالحركة، يشرح فيه رؤية حماس لفلسطين، موضحا أنها ليست الهدف الأساسى للحركة ومشروعها، بل مجرد خطوة أو مرحلة من مراحل المشروع الأكبر، متسائلا بتهكم: «دولة فلسطينية على حدود 1967 من الثوابت؟ طبعًا عندما أسمع هذا الكلام أشعر بالتقيؤ، ففلسطين غير ظاهرة على الخريطة».
هذه الرؤية مستوحاة من مشروع جماعة الإخوان، القائم على عدم الاعتراف بالوطن وحدوده ومقدراته، وأنه مجرد حفنة من تراب عفن، أو مسواك لتنظيف أسنان الجماعة، لذلك لا يتأثرون بمقتل 60 ألف مواطن، ولا تقشعر أبدانهم، وتنزف ألما لمشاهد الأطفال والنساء وكبار السن، وهم يُقتلون بالأسلحة الفتاكة والمحرمة، وبسلاح الجوع، المهم أن قيادات وأعضاء الحركة فى الخارج، يقيمون فى الفنادق الفارهة، والموجودون منهم داخل القطاع، يقيمون فى الأنفاق والمخابئ المُؤمنة!
وسط هذا «الطوفان الغارق» تناست قيادات الحركة فى الخارج أن هداياهم الداعمة لأطراف بعينها فى 7 أكتوبر، ودون استشارة أطراف فاعلة يهمها بالدرجة الأولى مصلحة الشعب الفلسطينى، وأبرزهم مصر، لم يرتد عليهم بأى مردود إيجابى، لا فى الحماية ولا الإنقاذ من الغرق فى الطوفان!
ومن ثم ووفق قواعد المنطق والعقل، وكل الأعراف والتقاليد القيمية والسياسية، فإن من يستبعدنى بكامل إرادته من أهدافه ومخططاته، لصالح الغير، فليس من حقه أن يطلب منى أن أنقذه عندما يغرق فى طوفانه، وأن يتباكى ويملأ الدنيا ضجيجا، طالبا الدعم والمساعدة والمشاركة، ويتذكر الدم العربى، ووحدة العقيدة والدين، ثم يتجاوز فى طلبه إلى حد «الأمر والنهى»!
ورغم ذلك، فإن الدولة المصرية، ومنذ طلقة إسرائيل الأولى على قطاع غزة، تناست أن الطوفان أطلقته الحركة دون علمها، ودون التنسيق معها، ولصالح أطراف أخرى، تبحث عن مصالحها بالدرجة الأولى، وتحاول أن تسلب حقا أصيلا لمصر فى خرائط التأثير السياسى والجغرافى، فقررت حشد كل جهودها لإيقاف الحرب القذرة، وإنقاذ الشعب الفلسطينى، وتبنت دبلوماسية خشنة، ودشنت عشرات اللاءات التى كلفتها ثمنا باهظا، ومستمرة فى بذل كل الجهود وإدخال المساعدات، وإيقاظ الضمير الدولى لوقف هذا الدمار الشامل.
مصر من تدفع الثمن غاليا، ولا يرتد فى صدرها سوى التخوين والنكران، والتدخل السافر فى شأنها الداخلى، للدرجة التى تتبنى فيه حركة حماس وبتنسيق كامل مع جماعة الإخوان، سيناريو تبرئة إسرائيل من حرب إبادة غزة، وتوريط مصر، تحت زعم منع إدخال المساعدات، فى تقزيم وقح لحرب الإبادة، وحصرها فقط فى أزمة المساعدات!
وهكذا وقع الشعب الغزاوى ما بين فكى الكماشة، قيادات فى الخارج تقيم فى الفنادق الفاخرة، وترفه فى النعيم، وقيادات فى الداخل الغزاوى تقيم فى أنفاق وملاجئ آمنة، بينما هو الذى يلاحقه الموت بين لحظة وأخرى، قتلا بالرصاص وموتا من الجوع، بجانب ألم الفقد للأعزاء والأحباب.

Trending Plus