إشارة الإبهام لأعلى.. هل جاءت من معارك الرومان وما علاقتها بالحياة والموت؟

علامة الإبهام المرفوعة من أكثر رموز الموافقة شيوعًا في الثقافة الغربية الحديثة، تظهر هذه الإشارة الشائعة في رسائل التهنئة اليومية بين الأصدقاء والزملاء، وفي الرموز التعبيرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي العديد من المسلسلات التليفزيونية والأفلام.
على الرغم من هذه الشعبية، يحيط قدر لا بأس به من الالتباس والمعلومات المغلوطة بأصل إشارة الإبهام المرفوعة، والكثيرين يعتقدون أن هذه الإشارة تعود إلى معارك المصارعين الرومانية القديمة، حيث كان المتفرجون يستخدمون الإبهام المرفوع لإنقاذ المقاتلين المهزومين، والإبهام المنخفض للحكم عليهم بالموت، وفقا لما ذكره موقع هيستورى فاكت.
وقد عززت الثقافة الشعبية هذه الرواية، وخاصةً فيلم "المصارع" الحائز على جائزة الأوسكار عام 2000، إلا أن الحقيقة التاريخية ليست قاطعة كما تصورها هوليوود، صحيح وجود صلة بين حركات الإبهام ومباريات المصارعة في روما القديمة، لكننا لا نعرف تحديدًا كيفية استخدامها، فيما يتعلق بمباريات المصارعة، ويشير رفع الإبهام أو خفضه أو وضعه أفقيًا أو إخفائه داخل اليد للإشارة إلى آراء إيجابية أو سلبية، أو في ساحة المصارعة للإشارة إلى نجاة المصارع أو مقتله.
سمح غموض المصادر القديمة للمفسرين اللاحقين بإسقاط معانٍ خاصة بهم على هذه الإشارة، وأبرز مثال على ذلك في العصر الحديث هو لوحة "بوليس فيرسو" لجان ليون جيروم عام 1872، تجسد اللوحة ببراعة قوة ودراما مباراة المصارعة، حيث يقف أحد المصارعين فوق خصمه الساقط، الذي يرقد مصابًا على الأرض، ويرفع إصبعين طالبًا الرحمة.
في مدرجات الكولوسيوم، يشير المتفرجون الرومان، بمن فيهم مجموعة متحركة من العذارى إلى الموت للمصارع المهزوم بإشارة إبهام لأسفل، وقد روّجت اللوحة بشكل كبير لفكرة أن الإبهام لأعلى يشير إلى الحياة، والإبهام لأسفل يشير إلى الموت للمصارع المهزوم.
المصارع ريدلي سكوت
لم ينته الجدل حول هذه الإشارة عند هذا الحد، فحتى يومنا هذا، يتجادل المؤرخون حول معنى إشارة الإبهام في مسابقات المصارعة، ففي السنوات الأخيرة، على سبيل المثال، صرح أنتوني كوربيل، أستاذ الدراسات الكلاسيكية في جامعة فرجينيا، لمجلة تايم بأن الاعتقاد السائد حول إشارة الإبهام غير صحيح.
ووفقًا لكوربيل، فإن "إنقاذ المصارع هو الضغط بالإبهام على قمة القبضة، والموت هو رفع الإبهام بمعنى آخر، إنه عكس ما نعتقد"، لكن قد يصعب تغيير المفاهيم السائدة، خاصةً عندما تُركّز هوليوود جهودها على أمرٍ ما، لقد رسّخ فيلم "المصارع" الملحمي التاريخي الناجح للغاية للمخرج ريدلي سكوت في الوعي العام فكرة أن إشارة الإبهام التي نستخدمها اليوم جاءت من روما القديمة.
لفتة من زمن الحرب
على الرغم من استمرار سردية المصارع الروماني، يرجح أن المعنى الإيجابى الحديث لإشارة الإبهام قد تطور عبر قنوات ثقافية مختلفة على مر قرون عديدة، ورغم أن الأصول الدقيقة غير معروفة، يعتقد المؤرخون أن هذه الإشارة اكتسبت شهرة واسعة خلال القرن العشرين، لا سيما في الدول الناطقة باللغة الإنجليزية، وربما يعود سبب انتشارها إلى الحروب.
وفقًا لقاموس أكسفورد الإنجليزي، فإن إحدى الحالات الأولى المسجلة لاستخدام إشارة الإبهام للإشارة إلى الموافقة ظهرت في كتاب Over the Top الصادر عام 1917 للكاتب الأمريكي آرثر جاي إمبى، الذى خدم في الجيش البريطاني في الحرب العالمية الأولى، في الكتاب، يشرح إمبي إشارة الإبهام بأنها تعبير تومى الذي يعني "كل شيء على ما يرام معي"، وتشير نظرية أخرى إلى أن الطيارين استخدموا هذه الإشارة للتواصل مع الشخص الذى يشغل المروحة في فحوصات ما قبل الطيران المبكرة.
ثم انتشرت هذه الإشارة بين طياري المقاتلات خلال الحرب العالمية الثانية، حيث استخدموها للإشارة إلى الطاقم بأن كل شيء على ما يرام وأنهم مستعدون للإقلاع، لذا، فرغم أن إشارة الإبهام الحديثة ربما لم تأتِ من حلبة المصارعة، إلا أنها على الأرجح انتشرت خلال أكبر صراعين في العصر الحديث.

Trending Plus