الثانوية والبكالوريا وأحلام الطلاب

في مصرنا الحبيبة تجد أن هناك طلبًا واسعًا لكثير من صيغ التعليم، خاصة المرحلة الجامعية منها؛ فعندما يحصل الطالب على الشهادة الثانوية، ويتجاوز ما مر به في تلك المرحلة، التي اجتهد فيها قدر إمكانه، واستطاع أن يحدد مستواه، وفق ما تحصل عليه من درجات بالمواد الدراسية؛ فإنه بعد ذلك يفكر في المرحلة المستقبلية؛ حيث انتسابه إلى أحدى الكليات، أو المعاهد العليا، التي يستكمل في سلّمها دراسته، يسبق ذلك بكل تأكيد ما لديه من قدرات، وتطلعات، وإمكانيات؛ كي يختار ما يتناسب مع تلك المتغيرات بصورة وظيفية.
هنا نواجه مشكلة ليست بالبسيطة؛ إذ تتعلق برغبة ملّحة لدى الطالب، حيال انتسابه لكلية ما، يرى أنه سوف تتحقق آماله، وأحلامه، وطموحاته المستقبلية من خلال بوّابتها، وهذا في الحقيقة أمر مشروع، ويتوجب أن نأخذه في عين الاعتبار؛ لكن يترتب عليه أن نراجع سياسة التعليم خاصتنا؛ ومن ثم فإننا نوفر بدائل تساعده في أن يبلغ مناه، ويصل إلى مراده، بعيدًا عن متغيرات يصعب أن تتوافر لدى الجميع من أبناء هذا الشعب العظيم.
نأخذ على نظام الثانوية المطبقة الآن، أنها لا تسمح للطالب بأن يحسّن من مجموعه، أو يغيّر من حالته؛ فمجرد دخوله الامتحان، واجتيازه، لا تُتاح له فرصة المحاولة؛ ومن ثم لا يستطيع الدارس أن يحسّن من موقفه؛ لذا نرى في نظام البكالوريا المصرية، التي سوف يتم تطبيقها العام القادم، أنها تعد حلًا لتلك المشكلة العويصة؛ إذ تفتح للمتعلم باب الأمل، وتقوّي لديه الحماسة، وتدفعه إلى شرف المحاولة؛ ليتقدم في خبراته، بل، قد يصل إلى مستويات الاتقان، وبناءً على ذلك ينال الجائزة، التي يجتهد، ويثابر من أجلها؛ حيث دخوله الكلية، التي يعقد عليها غاياته المستقبلية المشروعة.
نظامنا التعليمي بالمرحلة الثانوية، لا يفرّق بين الطلاب في تحديد مقرراته الدراسية؛ حيث لا مجال للاختيار، ولا مناص عن مسار يختاره المتعلم منذ البداية، إما علميّا، أو أدبيّا، وهنا نعاني من تباين واضح في الكشف عن قدرات، وميول الفرد منذ البداية؛ لكن في نظام البكالوريا الأمر مختلف؛ إذ يتخلله مرونة عن نظام الثانوية؛ فهناك مرحلة تمهيدية يستطيع الطالب أن يكتشف قدراته الحقيقية، ويحدد بعد عام دراسي كامل التخصص الأكاديمي، الذي يميل إليه، ويرغب أن يستكمل فيه دراسته.
نظام البكالوريا يستكشف أحلام الطلاب، ويمنحهم الفرص، التي تحقق لهم طموحات يتمنونها، كما يمدّهم بالخبرات النوعية، التي تجعلهم على جاهزية للتقدم في سلّمهم التعليمي النوعي، وهنا نشيد بمميزات البكالوريا المصرية، التي تولي أساليب التفكير رعاية، واهتمامًا غير مسبوق في تلك المرحلة المفصلية؛ حيث تفرز من لديه أسلوب التفكير التركيبي، أو أسلوب التفكير العملي، أو التحليلي، أو المثالي، وفي هذا الإطار الوظيفي يستطيع أن يحسّن كل طالب الاختيار تجاه المواد التخصصية، والتي قطعًا تتقابل مع أسلوب للتفكير المفضل لديه.
نوقن أن ميول طلابنا قد تتبدل من الحين إلى الآخر، وهذا يجعلنا نكثف الجهود في صورة الأنشطة التعليمية، التي نقدمها لهم في مرحلة البكالوريا؛ لتعزز لديهم صورة الميل الحقيقي لدى الطالب، وتمكنه من أن يحدد اتجاهاته الإيجابية نحو مجال، يرغب في الالتحاق به، كما تسمح له بأن يستكمل مسيرته، ولديه شغف في اكتساب جديد الخبرات، التي من شأنها أن تعمل على إعداده لسوق العمل المتغير، الذي يحتاج لزامًا إلى مهارات نوعية متقدمة.
ما نأمله، وننشده في نظام البكالوريا المصرية أن تكسب فلذات أكبادنا تفردات مهارية، تمكن الفرد من أن يواكب التغيرات المحتملة، والمطردة في سوق العمل، وهذا بالطبع يحدث حينما نصمم مناهج دراسية، تقوم فلسفتها على تنمية التفكير عبر أنشطة وظيفية، تحفز المتعلم أن يبذل أقصى ما في الجهد من أجل أن يحقق أهدافًا، تم التخطيط لها سلفًا.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

Trending Plus