تمنت الانتقال من بيتها للجنة فنالت ما أرادت.. أسماء فايز فضلت البقاء بالمنزل وعدم النزوح فقصفها الاحتلال مع أبنائها وظلت تحت الأنقاض 4 أيام.. زوجها غادر البيت قبل الاستهداف بدقائق ورأي استشهاد أسرته أمام عينيه

** شقيقها: رفضت مغادرة الشمال رغم الجوع والرعب مع أطفالها
** صحفي فلسطيني: تمنت مغادرة منزلها للجنة قبل يوم من قصف المنزل
** برنامج الأغذية العالمي: أكثر من ثلث سكان قطاع غزة لا يأكلون لأيام
"يارب من الدار عالجنة ما تكتبلى عيشة خيام ولا نزوح يارب العالمين".. كانت هذه رسالة أسماء فايز، الفلسطينية المقيمة في شمال غزة إلى أحد أقاربها ليحقق الله حلمها بعدها بساعات قليلة بعدما استهدف الاحتلال منزلها لتستشهد مع أطفالها، بينما نجا زوجها بأعجوبة بعدما خرج من المنزل قبل دقائق معدودة من قصف البيت وشاهد بعينه استشهاد أسرته.
أسماء فايز التي عاشت مع أسرتها أسابيع عديدة من الجوع بعل تعمد الاحتلال عرقلة دخول المساعدات، حيث أكد برنامج الأغذية العالمي خلال بيانه الصادر في 11 أغسطس، أن الجوع وسوء التغذية في غزة وصلا لأعلى مستوياتهما على الإطلاق، وأكثر من ثلث سكان قطاع غزة لا يأكلون لأيام ونصف مليون شخص على شفا المجاعة.
اللافت أن جثمان أسماء فايز عندما تم انتشاله بعد أيام من قصف المنزل، ظهر وأصبع السبابة ارتفع وهي تنطق الشهادتين لحظة الاستهداف، وكأنها كانت تعلم أن هذه هي اللحظة الأخيرة في حياتها، حيث تمنت الشهادة فوجدتها مع أبنائها.
يقول عماد زقوت الصحفي الفلسطيني المقيم في شمال القطاع، إن الرسالة التي تمنت فيها أن تنتقل من بيتها للجنة آخر ما خطته الشهيدة أسماء فايز لبد، ولم يمر يوم حتى ارتقت هي وطفلاها، بعد أن استهدفت طائرة حربية إسرائيلية منزلهم في حي الزيتون بغزة.
أخر تغريدة لأسماء فايز
تواصلنا مع شقيقها إبراهيم فايز، الذي أكد أن منزل شقيقته تم استهدافه بثلاث صواريخ استشهدت هي وأطفالها ملك ومالك، وأخرجتها أسرتها من تحت الركام بعد أربعة ايام من استشهادها مع أطفالها.

ملك ومالك
ويضيف إبراهيم فايز، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الأسرة وجدت أسماء رافعة أصبع السبابة متشاهدة، حيث استشهدت وهي تغسل ملابس أطفالها وكانت بيدها اليسرى زجاجة دواء الغسيل قبل يوم من استشهادها كتبت تتمنى ألا تنزح وألا تعيش في خيمة طلبت من الله الجنة".
وتحدث عن المعاناة التي عاشتها أخته مع أسرتها قبل استشهادها في ظل استمرار المجاعة داخل القطاع، قائلا :"لم تغادر شقيقتي شمال غزة مطلقا وبقيت صامدة عاشت كل أنواع الجوع والخوف والرعب هي وأطفالها".
وفي تصريح صادر عن نائب الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق في 9 أغسطس، أكد فيه أن مستوى سوء التغذية الحاد بين الأطفال في قطاع غزة وصل إلى أعلى مستوى تم تسجيله، حيث ارتفعت المعدلات بنسبة 18% في شهر يوليو مقارنة بشهر يونيو، كما أنه تم فحص 136 ألف طفل دون سن الخامسة، وتم تشخيص 12 ألفًا منهم بسوء تغذية حاد، منهم 2500 طفل في خطر شديد على حياتهم خلال شهر يوليو فقط، وهذه النسبة تمثل زيادة بنسبة 18%، مقارنة بشهر يونيو الماضي، موضحا أن القيود التي تفرضها إسرائيل على توزيع المساعدات الإنسانية ساهمت في تعميق أزمة التغذية.
كما اعترف بالمجاعة السيناتور الأمريكي آدم شيف في 9 أغسطس بأن الفلسطينيين يتعرضون للمجاعة بمن فيهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال، مشيرا إلى أن على الولايات المتحدة وإسرائيل التزام أخلاقي بإنهاء الصراع وتكثيف المساعدات إلى غزة، ويجب الشروع فورا في تقديم مساعدات واسعة النطاق ومستدامة من قبل منظمات إنسانية، محملا تل أبيب التزاما لضمان حصول سكان غزة على ما يكفي من الغذاء والرعاية الطبية.

استشهاد أسماء فايز
ويقول إبراهيم فايز إنه رغم الوضع الصعب للغاية في شمال غزة، وتزايد وطأة المجاعة رفضت شقيقته المغادرة للجنوب، فاصطفاها الله مع الشهداء هي وأطفالها يشكون إلى الله الجوع والعطش وقلة ذات اليد، بينما زوجها غادر المنزل قبل سبع دقائق حيث فطر معهم وخرج من المنزل، لكنه رأى القصف أمام عينه وشاهد الحدث مباشرة ثم تم استهداف المنزل.
جاءت تلك الجريمة في ظل استعدادات الاحتلال لتنفيذ خطة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة باحتلال غزة عسكريا، وهو ما حذّر منه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان خلال تقريره الذي بثه عبر موقعه الرسمي، من أنّ أي تصعيد جديد في الهجمات العسكرية الإسرائيلية، لا سيما البرية، على قطاع غزة، سيؤدي إلى مذابح جماعية غير مسبوقة بحق المدنيين، ويقضي نهائيًا على ما تبقى من جهود الاستجابة الإنسانية المتهالكة أصلًا، لافتا إلى أن هذا التصعيد، في حال تنفيذه، سيكرّس فصلًا غير مسبوق من الإبادة الجماعية الإسرائيلية، تُرتكب على مرأى من المجتمع الدولي الذي يواصل توفير الغطاء السياسي والمالي والعسكري لمرتكبيها، ما يجعل المجازر القادمة أفعالًا معلنة سلفًا، لا باعتبارها تطورات ميدانية مفاجئة، بل نتيجة محسوبة لسياسة رسمية وعلنية.
وأضاف المرصد الأورومتوسطي، أنّ هناك مؤشرات قوية على نية الحكومة الإسرائيلية تصعيد جريمة الإبادة الجماعية وصولًا إلى احتلال عسكري كامل للقطاع، إذ تصاعدت خلال الأسبوع الأخير تحركات سياسية وعسكرية يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، شملت الطرح الصريح لخيار الاجتياح الشامل والاحتلال الكامل للقطاع خلال اجتماعات مغلقة، ومناقشة "الكابينت" الأمني لخطوات تنفيذية تمهّد للعملية، وصدق رئيس وزراء الاحتلال على الإطار العام للخطة، التي تهدف إلى السيطرة بالقوة على جميع مناطق القطاع.
تقرير المرصد الأورومتوسطي
وأوضح أن هذا التصعيد العسكري المخطط، الذي يخالف القانون الدولي، لا سيما قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، يأتي بعد شهور من تكديس أكثر من مليوني فلسطيني قسرًا في أقل من 15% من مساحة القطاع، وتدمير منهجي طال معظم المساكن، إلى جانب القضاء على نحو 84% من المستشفيات والمنشآت الصحية، وانهيار أنظمة المياه والصرف الصحي بنسبة تجاوزت 95%، وتوقف جميع المدارس عن العمل، في تجسيد لاستراتيجية متعمّدة تقوم على فرض ظروف معيشية قهرية تستهدف التدمير للسكان الفلسطينيين في قطاع غزة، باعتبارهم مجموعة قومية محمية، ضمن نمط من الأفعال التي تُشكل جريمة الإبادة الجماعية.
وأشار إلى أن تقييم فرقه الميدانية يُظهر أنّ القطاع يمر حاليًا بأسوأ مراحل الانهيار الإنساني منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية في أكتوبر 2023، إذ أُجبر أكثر من 90% من السكان على النزوح قسرًا بين مناطق مدمّرة داخل القطاع في موجات تهجير متكررة فرضها القصف والدمار، فيما تفاقمت المجاعة إلى حد بدأت فيه بحصد مئات الأرواح، وبات جميع السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في وقت انهار فيه النظام الصحي على نحو شبه كلي تحت وطأة الضغط الهائل ونفاد الأدوية والمستلزمات الأساسية، مؤكدا أن الخطة الإسرائيلية لتصعيد إضافي في العمليات العسكرية تعكس مستوى خطير من الوحشية، وتجسد امتدادا لحالة الإفلات من العقاب والحصانة التي تتمتع بها إسرائيل، بعد أن ارتكبت قواتها، خلال الأشهر الـ22 الماضية، أخطر الجرائم ضد المدنيين الفلسطينيين، ونزعت عنهم إنسانيتهم بشكل منهجي، فيما بلغ القطاع مرحلة غير مسبوقة من الدمار الشامل، في ظل دعم سياسي وعسكري أمريكي غير مشروط.

Trending Plus