جيل Z يهرب للبساطة وصعود موجة للتكنولوجيا القديمة

لم تعد وسائل التواصل الاجتماعى الملاذ المريح كما كانت تدّعى المنصات التى بدأت كمكان للتواصل، حيث تحولت إلى أسواق تتنافس على كل ثانية من انتباه المستخدمين، وفى أبريل الماضى، أقر مارك زوكربيرج، أمام لجنة التجارة الفيدرالية، أن فيس بوك وإنستجرام، لم يعودا يركزان على الأصدقاء، بل على الترفيه وصناع المحتوى.
هذه النقلة غيّرت طريقة تصميم التطبيقات، وأدخلت فلسفة جذب الانتباه إلى كل زاوية فى هواتفنا، من تطبيقات التسوق إلى برامج التأمل وحتى ألعاب الطقس، وكل نقرة تسجَّل، وكل توقف يحلل، والنتيجة، نظام كامل يقيّد الانتباه ويزيد الإدمان الرقمى، بحسب ما جاء في دراسة نشرت على موقع interesting engineering.
الإرهاق الرقمى أصبح حقيقة، الشباب، وخاصة الجيل Z، بدأوا فى مقاومة هذا النمط، يرفضون فيضان المعلومات الذى يضعف التركيز ويشوّش المشاعر، وكثير منهم يعودون إلى تقنيات أبسط، فيما يشبه "نهضة تكنولوجية قديمة".
الهواتف الكلاسيكية، أجهزة الحبر الإلكترونى، والمخططات الورقية تعود إلى المشهد، الفكرة بسيطة: تقليل الخيارات وخلق مساحة للملل والبطء الإنسانى، بعيدا عن استثمار الخوارزميات لكل لحظة، لكن خلف هذا التوجه هناك واقع أعمق، المنصات الكبرى تبنى اقتصادا يعتمد على جمع البيانات من كل حركة يقوم بها المستخدم، ثم إعادة تقديم محتوى مصمم لإبقائه أطول فترة ممكنة، أرقام الاستخدام تكشف أن نصف المراهقين تقريبا متصلون بالإنترنت بشكل شبه دائم، ومع ذلك، الجيل نفسه هو من يقود التمرد على هذه الثقافة، بتقليل الوقت على وسائل التواصل الاجتماعى منذ 2021.

أغراض لا يعرفها جيل Z
الحنين إلى أوائل الألفية لعب دورا أيضا، هواتف نوكيا، بلاك بيرى، وأجهزة قابلة للطى ببطاريات تدوم أسبوعا، تعود للواجهة، على تيك توك، تنتشر مقاطع لشراء أجهزة قديمة وتزيينها بالأحجار والسلاسل، فى إحياء واضح لروح ما قبل الهواتف الذكية الحديثة.
العودة لا تقتصر على الهواتف، كاميرات فورية، مشغلات MP3، مخططات ورقية، وحتى منبهات تقليدية، تحل محل التطبيقات، والهدف: استعادة السيطرة على الانتباه وتقليل الإشعارات، وأحيانا تعزيز الخصوصية عبر أنظمة تشغيل بديلة أو تخزين الملفات بعيدا عن السحابة.
رغم ذلك، تبقى هناك تحديات، لا غنى عن بعض المزايا العصرية مثل الخرائط والمدفوعات الرقمية وواتساب والكاميرات الجيدة، كثيرون يبحثون عن حل وسط، هواتف ذكية بإمكانيات محدودة أو خالية من وسائل التواصل الاجتماعى، أو الجمع بين هاتف بسيط وجهاز لوحى فى المنزل.
بالنسبة للبعض، فالتكنولوجيا القديمة ليست رفضا للتطور، بل سعيا للاستقلالية وراحة البال، هى أيضا وسيلة للتعبير عن الذات، من خلال الجماليات التناظرية ولمسة الأجهزة القديمة، ليتضح أن هذا الجيل يختار أن يبتعد عن قبضة الخوارزميات، ولو بخطوات صغيرة، فى عالم مهووس بالذكاء والسرعة، قد يكون الخيار الأذكى هو العودة إلى شيء أغبى، عمدا.

Trending Plus