سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 أغسطس 1925.. «هيئة العلماء» برئاسة شيخ الأزهر تقضى بخروج الشيخ على عبدالرازق من زمرة العلماء بسبب كتابه «الإسلام وأصول الحكم» بعد محاكمة استمرت 40 دقيقة

الشيخ على عبدالرازق
الشيخ على عبدالرازق

كانت الساعة العاشرة والدقيقة العشرين صباح 12 أغسطس - مثل هذا اليوم -1925 حين أقبل الشيخ على عبدالرازق إلى دار مجلس إدارة الأزهر والمعاهد الدينية الإسلامية فى شارع عابدين، لبدء محاكمته أمام هيئة كبار العلماء بسبب كتابه «الإسلام وأصول الحكم»، حسبما تذكر جريدة السياسة اليومية فى عددها يوم 12 أغسطس 1925.

كانت جريدة «السياسة» هى لسان حال حزب الأحرار الدستوريين، وكان الشيخ على عبدالرازق المولود عام 1888 فى قرية «أبو جرح» بمحافظة المنيا لأسرة ثرية من كبار الملاك، وشقيقه الشيخ مصطفى «شيخ الأزهر فيما بعد» من قيادات الحزب، وفى يوم المحاكمة صدرت «السياسة» فى طبعة مسائية، وعلى صفحاتها وصف تفصيلى للمحاكمة وما دار فيها، وقرار الهيئة، وأجواء المحاكمة التى شهدت عنف وحدة غضب شيخ الأزهر وهيئة العلماء من على عبدالرازق، بسبب ما جاء فى كتابه الذى أحدث منذ صدوره ضجة هائلة ما زال أثرها ممتدا حتى اليوم.   

تصف «السياسة» مشهد وصول الشيخ على عبدالرازق إلى دار مجلس إدارة الأزهر، قائلة: «أذن له الحاجب بالدخول، فأقبل عليه خادم يعرفه وقال له: «تفضل عند الشيخ الكبير».. ففطن شيخنا إلى أن الخادم خالى الذهن مما يتمخض به الجو، وقال له: «بل استأذن أولا؟، فذهب وعاد وأشار بالانتظار فى إحدى الغرف، فذهب الشيخ على إلى حيث أريد أن يجلس منتظرا، وحيث قدم له فنجان من القهوة إلى جانبه كوب من الماء المثلج».

تضيف «السياسة»: «نحو الساعة العاشرة والنصف جاءه نذيره يدعوه إلى الذهاب إلى حيث كانت هيئة كبار العلماء منعقدة، فذهب، وعندما وصل إلى باب الغرفة حيا الجالسين فيها بقوله: «السلام عليكم»، فلم يسمع لتحيته ردا أحسن منها أو مماثلا لها، وتذكر السياسة، أن هيئة كبار العلماء كانوا جالسين حول المنضدة يتوسطهم جميعا صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ أبو الفضل، شيخ الجامع الأزهر، وإلى يمينه حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد بخيت، وإلى يساره حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ قراعة، ووراءه إلى يمين حضرة صاحب الفضيلة الشيخ الظواهرى، وأستاذ آخر، وهما ليسا من هيئة كبار العلماء، لكنهما جاءا مستشارين.

بدأ الحوار بين أعضاء الهيئة والشيخ على، وتنقله «السياسة» قائلة: شيخ الجامع «فى شىء من العصبية»: «اقعد عندك»، فجلس الشيخ على فى المقعد المواجه، وأمسك شيخ الأزهر كتابا بيمينه وسأل: «الكتاب ده كتابك؟»، أجاب الشيخ على: «أيوه كتابى»، سأل شيخ الجامع: «وأنت مصمم على كل اللى فيه؟، أجاب الشيخ على: «أيوه مصمم على كل اللى فيه»، فألقى شيخ الجامع الكتاب على المنضدة وقال: «هذا الكتاب كله ضلال وخطأ، ولكن احنا كتبنا لك عن نقاط سبعة فيه، ولو أن فيه غيرها كثير، كلها ضلال أيضا، وسأقرأ لك هذه النقط السبع - وأمسك بيده ورقة - التهمة الأول «وقرأ صاحب الفضيلة التهمة ثم عقب التهمة بذكر الأسباب».

تذكر «السياسة»: «مال الشيخ قراعة إلى فضيلة الشيخ الأكبر ولفت نظره إلى أن يكتفى بقراءة التهمة دون ما بعدها من الأسباب، واستمر الشيخ فى تلاوة التهم كلها، ولما أتم التلاوة قال: هيه، عندك حاجة تقولها؟، تؤكد «السياسة» أن الشيخ على رد فى هدوء والابتسامة تعلو وجهه: «نعم، أنا كاتب مذكرة، إذا كنتم تحبون أن أقرأها، وإذا أردتم المناقشة شفهيا، فأنا مستعد للمناقشة، ولكن هناك نقاط سابقة لكل هذا أرجو أن تسمحوا لى بذكرها، ولا تفهموا أن غرضى منها أن أمس كرامة هذه الهيئة، بل غرضى الوحيد هو أن أحفظ لنفسى حقا قانونيا أعتقده لى، وقد يكون من مصلحتى أن أحتفظ به، وهو فى الوقت نفسه لا يضركم ولا يضيع عليكم شيئا».. رد شيخ الجامع: إيه هو؟».

أجاب الشيخ على: «أنا لاحظت أن هناك محاضر تكتب فى الجلسة، فأنا أريد أن أدون فى المحضر احتجاجى على الهيئة، وبعدها نتناقش إذا أردتم.. رد شيخ الجامع: «قل ما تريد، اكتب يا كاتب.. قال الشيخ على: «أعتقد أن هذه الهيئة الموقرة ليس لها صفة قانونية تخولها محاكمتى بمقتضى المادة 101 من قانون الأزهر، ولم أحضر اليوم اعترافا لها بصفة قانونية، وإنما باعتبار أنها هيئة فيها أساتذتى ومشايخى وكثير من علماء الأزهر الممتازين الذين أعتقد أن لهم علىّ أدبيا أن أجيب دعاءهم وأناقشهم فيما يريدون، بس مش عاوز أكتر من كده».

تذكر «السياسة» أنه حدث جدل قصير بين أعضاء الهيئة حول الفصل فى الدفع الذى تقدم به الشيخ على، وبعد أربعين دقيقة استدعى الشيخ من جديد، وفى منتصف الساعة الأولى بعد الظهر، أصدرت الهيئة حكمها، وحسب جريدة «السياسة» كان نص الحكم: «حكمنا نحن شيخ الجامع الأزهر، بإجماع أربعة وعشرين معنا من هيئة كبار العلماء بإخراج الشيخ على عبدالرازق، أحد علماء الجامع الأزهر، والقاضى الشرعى بمحكمة المنصورة الشرعية، ومؤلف كتاب «الإسلام وأصول الحكم» من زمرة العلماء».

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تقرير: إسبانيا تخاطر بعداء ترامب نتيجة سياساتها الدفاعية وعلاقاتها مع الصين

الداخلية تضبط التيك توكر لوليتا لنشرها فيديوهات خادشة

هل يسجن البلوجر ياسمين مع الرجال أم السيدات.. خبير يوضح

648 كيلو مخدرات وحشيش وسلاح.. قائمة المضبوطات فى قضية سارة خليفة

أحمد سيد زيزو يتقدم ببلاغ رسمى ضد مجلس الإدارة وكابوهات الزمالك


تقليل الاغتراب.. موعد إتاحة التقدم للتحويلات بين الكليات والمعاهد

هدفى الفلوس.. تيك توكر بملابس نسائية أمام جهات التحقيق

تحرك لوضع اتفاق شامل لوقف الحرب على غزة.. إعلام فلسطيني: المقترح يتضمن دخول قوات عربية لضبط الأمن.. الاقتصادى الفلسطيني سمير حليله مرشحا لحكم القطاع.. مصر تواصل إدخال المساعدات الإنسانية للمواطنين الفلسطينيين

محمد صلاح وديمبيلي يتقاسمان صدارة استفتاء TNT Sports للكرة الذهبية

رشا مهدى تحتفل بعيد ميلادها بإطلالة صيفية ساحرة


أرباح قياسية تننظر برشلونة من خوض مواجهة فياريال فى أمريكا

مروان عطية "معلم" وسط الأهلى يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ"27"

محمد الننى: صلاح يستحق الكرة الذهبية.. وإبراهيم عادل إضافة قوية للجزيرة

موعد مباراة الأهلى أمام فاركو فى الدوري المصري والقناة الناقلة

تنسيق المرحلة الثالثة.. الأماكن الشاغرة لطلاب الشعبة الأدبية

نتيجة تنسيق المرحلة الثانية بالدرجات.. للشعبة العلمية

فتح باب التسجيل فى عمومية الإسماعيلى

حسام حسن يستقر على استدعاء 5 محترفين لمباراتىّ إثيوبيا وبوركينا فاسو

الأهلي يرحب بانتقال أحمد عبد القادر للدوري الليبي

نيوزويك: هناك صور للأقمار الصناعية تظهر حشود إسرائيلية قرب حدود غزة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى