قمة ألاسكا تثير انقسام أوروبا قبل أيام من لقاء ترامب وبوتين.. رفض لاستبعاد كييف من المفاوضات مع تصاعد الخلاف عبر الأطلسي.. ألمانيا: السلام لا يمكن أن يتحقق.. و3 سيناريوهات حول تأثيراتها على الأمن الأوروبي

قبل أيام قليلة من انعقاد القمة التاريخية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا، انفجرت أزمة سياسية ودبلوماسية حادة بين ضفتي الأطلسي، ويعود هذا الخلاف نتيجة الإعلان عن استبعاد أوكرانيا من جدول المفاوضات، وهو ما أثار موجة انتقادات قوية من العواصم الأوروبية، التي ترى أن أي مسار للتسوية يجب أن يمر عبر كييف.
وأكد قادة القارة الأوروبية – من باريس وبرلين إلى لندن وبروكسل –بوضوح أن أي اتفاق يتم دون مشاركة أوكرانيا، خصوصًا إذا تضمن تنازلات إقليمية قسرية، لن يجلب السلام بل سيؤدي إلى تكريس الصراع وزيادة عدم الاستقرار في أوروبا الشرقية.
موقف فرنسي – ألماني صارم
وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن فرض العقوبات على موسكو كان "قرارًا مشروعًا للدفاع عن القانون الدولي"، متعهدًا بالاستمرار في الضغط حتى التوصل إلى تسوية عادلة.
أما ألمانيا، فقد كررت على لسان مسؤولين بارزين موقفها الثابت بأن "السلام لا يمكن أن يتحقق دون كييف"، معتبرة أن تجاوز الإرادة الأوكرانية يعني تقويض أسس أي اتفاق.
أطروحات مثيرة للجدل
وتحدثت تقارير أوروبية، من بينها ما نشرته صحيفة 20 مينوتوس الإسبانية، عن مخاوف متزايدة من قبول اتفاق لوقف إطلاق النار يتضمن تنازلات إقليمية كبيرة لروسيا. هذه التنازلات قد تشمل الإبقاء على السيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم وكامل إقليم دونباس، مقابل انسحاب القوات الروسية من مناطق أخرى جنوب أوكرانيا.
ورفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذه الفكرة رفضًا قاطعًا، مؤكدًا: "لن يتنازل الأوكرانيون عن أرضهم للمحتل"، وواصفًا أي اتفاق يتم دون مشاركة بلاده بأنه "قرار ضد السلام".
تحرك دبلوماسي أوروبي مكثف
عشية قمة ألاسكا، يعقد مستشارو الأمن القومي من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة اجتماعًا في بريطانيا لتوحيد المواقف. البيان المشترك الذي صدر عن قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وفنلندا والمملكة المتحدة، إضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، نصّ على أن "خط الجبهة الحالي هو نقطة الانطلاق لأي مفاوضات"، مع ضرورة تقديم ضمانات أمنية قوية تمكّن أوكرانيا من الدفاع عن سيادتها في المستقبل.
وترى الصحيفة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى لتسويق نفسه كوسيط قادر على تحقيق "صفقة كبرى" بين موسكو وكييف، حتى وإن تطلب الأمر تقديم تنازلات إقليمية لروسيا، ووصف ترامب فكرة "تبادل الأراضي" بأنها قد تحقق "مكاسب للطرفين"، لكنه لم يقدم تفاصيل حول آلية التنفيذ أو ضمانات الالتزام.
في المقابل، حذر المسؤولون الأوروبيون من أن أي اتفاق من هذا النوع سيُعتبر انتصارًا استراتيجيًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وربما يشجع موسكو على تبني سياسة أكثر عدوانية في مناطق أخرى.
تحديات القمة المرتقبة
وأصبحت قمة ألاسكا محاصرة بأسئلة جوهرية: هل يمكن التوصل إلى سلام مستدام دون مشاركة أوكرانيا؟ وهل يتقبل الأوروبيون اتفاقًا قد يغيّر حدود القارة ويعيد رسم خرائط النفوذ بالقوة؟
الإجابات تبدو حتى الآن متباعدة بين واشنطن، التي تميل إلى حل سريع عبر "صفقة تبادل"، وأوروبا، التي تتمسك بمبدأ السيادة الكاملة لكييف ورفض أي تنازل قسري عن أراضيها، وذلك وفقا للصحيفة الإسبانية .
السيناريوهات المحتملة لنتائج قمة ألاسكا وتأثيراتها على الأمن الأوروبي
مع اقتراب موعد قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين، يمكن رسم ثلاثة سيناريوهات رئيسية لما قد تفضي إليه المفاوضات، وكل منها يحمل تداعيات مباشرة على مستقبل الأمن في القارة الأوروبية:
السيناريو الأول: اتفاق يشمل تنازلات إقليمية
في هذا السيناريو، يقبل الطرفان – بضغط من واشنطن – صفقة تتضمن احتفاظ روسيا بالقرم ودونباس مقابل انسحابها من مناطق أخرى، مع تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا.
ولهذا السيناريو ، تداعيات منها اعتباره في أوروبا "سابقة خطيرة" تسمح بتغيير الحدود بالقوة، مع احتمال تراجع ثقة دول أوروبا الشرقية في التزامات الناتو، بالإضافة إلى تعزيز النفوذ الروسي في البحر الأسود ومحيطه.
السيناريو الثاني: فشل القمة واستمرار الحرب
إذا رفض زيلينسكي ومن خلفه الأوروبيون أي اتفاق يتضمن التخلي عن أراضٍ، فقد تنهار المفاوضات مبكرًا، وتداعياته تكن فى استمرار النزيف العسكري والاقتصادي في أوكرانيا، مع إطالة أمد العقوبات على روسيا، مع تأثيرات متزايدة على الاقتصاد الأوروبي، وتصاعد سباق التسلح في أوروبا الشرقية.
السيناريو الثالث: هدنة مؤقتة بلا حسم سياسى
قد يتفق الطرفان على وقف إطلاق نار مؤقت يجمّد الصراع دون حل جذري، مع استمرار المفاوضات في مسار طويل الأمد، وتداعياتها " تخفيف مؤقت للتوترات، لكن مع بقاء خطر تجدد القتال، مع إبقاء القوات الروسية في مواقعها الحالية، ما يمنح موسكو ورقة ضغط مستمرة، وفتح فتح المجال أمام وساطات جديدة، ربما من الاتحاد الأوروبي أو الصين.
وقمة ألاسكا لن تكون مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل محطة مفصلية قد تحدد ملامح النظام الأمني في أوروبا لعقود مقبلة. فإما أن تكرّس مبدأ السيادة وعدم المساس بالحدود، أو تفتح الباب أمام عصر جديد من الصفقات الجيوسياسية القائمة على القوة والمساومة.

Trending Plus