أسئلة بلا إجابة.. وسر اسم الروائى الكبير صنع الله إبراهيم

في حياة الروائي الكبير صنع الله إبراهيم، الذى رحل عن عالمنا صباح اليوم، عن عمر ناهز الـ88 عاما، دائمًا ما كانت الأسئلة تطرح عليه أكثر مما يطرح هو على الآخرين، لكن بعض الأسئلة ظلّت بالنسبة له بلا إجابة، أو بالأحرى بإجابة تتجاوز حدود التصنيفات الضيقة، وحين سئل عن ديانته، كان يبتسم بهدوء، ويقول: "أنا قبطي.. بمعنى مصري"، ليختصر في جملة واحدة فلسفته في الحياة، وإيمانه بأن الهوية الحقيقية لا تقاس بالعقيدة فقط، بل بالانتماء للأرض والتاريخ.
حتى اسمه الغريب الذي أثار فضول كثيرين، كان حكاية بحد ذاتها، بدأت بصلاة استخارة وورقة مصحف مفتوحة، وحول ذلك كان لنا ضمن حواراته مع "اليوم السابع"، طرحت عليه السؤال ذاته قائلا: ما قصة تسميتك بـ "صنع الله"، ضحك كثيرًا، وقال: عند ولادتى كان والدى يبلغ الستين من العمر وقام بصلاة استخارة ثم فتح المصحف فوضع أصابعه على كلمة «صنع الله الذى أحسن كل شىء»، ومن هنا تمت تسميتى بصنع الله، ولكن هذا سبب لى مشاكل كثيرة، فعندما كنت فى المدرسة لأنه كان اسما غريبا، وكان دائما مسار «فقاقة» للناس، فأذكر أن المدرس كان يقول لى «صنع الله؟ ما كلنا صنع الله»، والبعض يتصور فى السنوات الأخيرة لما حدث المد الدينى بدأت الناس تسألنى إذا كنت مسيحيا أم مسلما، ولكنى أرفض الإجابة على هذا السؤال وأقول أنا قبطى بمعنى "مصري".
سيرة الأديب الراحل صنع الله إبراهيم
ويعد الأديب الراحل صنع الله إبراهيم أحد أبرز رواد الأدب فى مصر، كما أنه علامة من علامات الأدب المصرى، وله مجموعة متنوعة من الأعمال المميزة، ودخلت بعضها فى قائمة أفضل مائة رواية عربية.
ولد "صنع الله" في القاهرة عام 1937م، وكان لوالده أثرٌ كبير على شخصيته، فقد زوَّده بالكتب والقصص وحثَّه على الاطِّلاع، فبدأت شخصيتُه الأدبية في التكوين منذ الصِّغَر.
درس صنع الله إبراهيم الحقوق، لكنه سرعان ما انصرف عنها إلى الصحافة والسياسة. انتمى للمُنظَّمة الشيوعية المصرية "حدتو"، فاعتُقِل عام 1959م وظل في السجن خمسَ سنوات حتى عام 1964م.
بعد خروجه من السجن اشتغل في الصحافة لدى وكالة الأنباء المصرية عام 1967م، ثم عمل لدى وكالة الأنباء الألمانية في برلين الشرقية عام 1968م، حتى عام 1971م، وبعدها اتَّجه إلى موسكو لدراسة التصوير السينمائي، والعمل على صناعة الأفلام. ثم عاد إلى القاهرة عام 1974م في عهد الرئيس السادات، وتَفرَّغ للكتابة الحُرة كليًّا عام 1975م.
مسيرة صنع الله إبراهيم بين السياسة والأدب
تَميَّز إنتاج صنع الله إبراهيم الأدبي بالتوثيق التاريخي، والتركيزِ على الأوضاع السياسية في مصر والعالَم العربي، فضلًا عن سرده الكثيرَ من حياته الشخصية.
ومن أشهر أعماله: رواية "شرف" التي تحتلُّ المرتبةَ الثالثة ضمن أفضل مائة رواية عربية، و"اللجنة"، و"ذات"، و"الجليد"، و"نجمة أغسطس"، و"بيروت بيروت"، و"النيل مآسي"، و"وردة"، و"العمامة والقبعة"، و"أمريكانلي"، وغيرها من الأعمال الأدبية التي تحظى بمكانة متميزة في عالم الأدب.
أثير حوله الكثير من الجدل بسبب رفضه استلام "جائزة الرواية العربية" التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة، عام 2003م، نال العديد من الجوائز العربية المهمة، مثل "جائزة ابن رشد للفكر الحر" عام 2004م، و"جائزة كفافيس للأدب" عام 2017م.

Trending Plus