الداعية السلفي أسامة القوصي في حوار الطلقات السريعة: الإخوان يؤدون رقصة الموت الأخيرة.. السوشيال ميديا آخر أسلحتهم لتمزيق النسيج المصري.. والأمريكان استخدموهم مثل "الكلينيكس" ثم ألقوا بهم إلى القمامة

** جيل الإخوان والجماعات الإسلامية خسروا دينهم ودنياهم وحرصهم على السلطة أظهر وجههم القبيح
** الإخوان كانوا السبب الأول لسقوط كل الدول من حولنا
هل لا يزال الإخوان خطراً على الدولة المصرية؟.. يطل هذا السؤال برأسه بعد مرور نحو 13 عاماً على سقوط حكم الجماعة في مصر وانتفاضة الشعب المصري ضدها في 30 يونيو 2013، حيث جرت منذ ذلك التاريخ في نهر الأحداث بمصر وفي الإقليم كله مياه كثيرة، وأصبح الوجود التنظيمي للجماعة داخل مصر لا يُرى بالعين المجردة. ومع ذلك، نفاجأ من فترة لأخرى بالكشف عن خلية تابعة للجماعة تخطط لعمليات داخل مصر، وهو ما يذكرنا بأن الجسد الإخواني لا يزال حياً رغم كل ما تلقاه من ضربات.
هذا السؤال الرئيسي بشأن استمرارية خطر الإخوان، وأسئلة أخرى، ذهبنا بها إلى الداعية السلفي أسامة القوصي، وهو صاحب تجربة طويلة في التعامل مع الإخوان وغيرهم من التيارات التكفيرية، وقد نالته الكثير من سهام هجومهم بسبب الخلاف الجذري بينه وبينهم، سواء في مرحلة ما قبل وصول الإخوان للحكم أو بعدها.
الإجابة كانت حاضرة لدى القوصي بدون تردد: "نعم، لا يزال الإخوان يمثلون خطراً على الدولة المصرية". ويضيف: "هم الآن يمكن أن نقول إنهم يرقصون رقصة الموت الأخيرة، وواضح أنهم حصلوا على ضوء أخضر ممن يشغلهم بالفرصة الأخيرة، نظراً لفشلهم طوال السنين الماضية، فطلبوا فرصة أخيرة، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي آخر أسلحتهم".
كيف يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تكون آخر سلاح في يد الإخوان؟
هم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة تشكيك الناس، وتفكيك المجتمع، ونشر الإشاعات والأكاذيب، وبث اليأس في نفوس الشعب من المستقبل. وهذا أمر في منتهى الخطورة، وواضح أنه آخر أسلحتهم لتمزيق النسيج المصري الواحد، لأن الإرهاب تم — بحمد الله — القضاء عليه. لكن بإذن الله سيفشلون كما فشلوا من قبل، ومصر ستسير إلى مستقبل أفضل، والعالم كله الآن يتحدث عن مصر في 2030 و2050 و2070، إذن المستقبل لمصر.
هذا الخطر الذي تمثله الجماعة، هل هناك من يقف وراءه؟
دعني أسألك: هل الإخوان يعملون من منطلق أنفسهم أم أنهم أدوات؟ بكل تأكيد، هم أدوات لمخطط أكبر. وهذا رأيي في كل جماعات الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني، فكلهم أدوات، وواضح أنها فشلت وستفشل، وسيستمر الصراع بين الخير والشر، ولن ينتهي، وسيظل للشر أدواته التي تختلف كل عدة سنوات.
لذلك أقول: هل ستبقى هذه الأدوات والجماعة تستخدم نفس أسلوب التفكيك والتشكيك؟ لا أرى أي تهويل في الحديث عن خطر الإخوان، وواقعنا الآن يقول إنهم فقدوا أسلحتهم على أرض الواقع، ولم يتبقَ لهم إلا وسائل التواصل الاجتماعي ومحاولة التأثير على وعي المصريين، ونشر الأكاذيب والأراجيف، ومحاولة تفكيك الداخل المصري.
لكن يبقى أن الشعب المصري لديه ميزة عظيمة تُسقط كل هذه المخططات، وهي أنه إذا استشعر الخطر توحد، لأننا شعب ولسنا عشائر وقبائل، في حين أن المجتمعات التي سقطت من حولنا كانت تغلب عليها القبلية. أما نحن، فشعب مجيش وجيش مشعب، وشعبنا في حالة الخطر يترك الخلافات الداخلية ويعلنها بكل صراحة: "لا تدخلوا بيننا".
في رأيك، هل لعب الإخوان دوراً في إسقاط الدول من حولنا؟
بكل تأكيد، هم كانوا السبب الأول في إسقاط كل الدول التي سقطت حولنا، سواء ليبيا أو السودان أو اليمن أو سوريا أو العراق، وكل هذا فعلوه من خلال الدعم الخارجي، حيث ضربوا على وتر تفريق الداخل وإثارة المذاهب الدينية. أما هنا في مصر فنحن نراهن على النسيج المصري الواحد.
إذا كانت الدولة المصرية نجحت في القضاء على الوجود التنظيمي للإخوان، كيف ترى إذن المواجهة الفكرية؟
هذا واجب الوقت، لأن المخطط واضح — كما قلت — تزييف الوعي وتصوير الحقائق على غير حقيقتها. وهذا أمر تعرفه البشرية منذ قديم الأزل، فأدم عليه السلام زيف له الشيطان حقيقة الشجرة، فصدق الصورة الذهنية التي رسمها له إبليس وافتقد النعمة. وهذا مثال جميل وواضح على ما قد ينتج عنه محاولة تشكيك الناس وتزييف وعيهم وتصوير الأكاذيب وكأنها الحقيقة.
الحل هنا أن نجاهد في توعية الناس، ونقول لهم الحقيقة في المساجد والكنائس، وتصبح الدولة وكل مؤسساتها جزءاً من هذه المواجهة الفكرية، فهذا هو السلاح ضد هذا الداء. وجزى الله خيراً كل من قام بهذا الواجب الوطني والديني لكي نبقى صفاً واحداً.
هذه هي القوة التي نمتلكها، وما سقطت الدول من حولنا إلا من باب تزييف الوعي وإسقاط المجتمع من الداخل حتى تدخل البلاد في حرب أهلية، بنفس مبدأ "فرّق تسد".
هل تعتقد أن موجات العنف الإخوانية التي ظهرت خلال الـ13 عاماً الماضية كانت ناتجة عن سقوط حكم الجماعة أم أن جذور العنف كامنة في الفكر الإخواني منذ وقت أبعد؟
جذور العنف كامنة في الفكر الإخواني منذ زمن طويل، فما يسمى بـ"الجهاز السري" كان موجوداً منذ أيام المؤسس حسن البنا. وما حدث خلال الـ13 عاماً الأخيرة حدث لأن وصولهم إلى الحكم أخرج ما لديهم من عنف بصورة أوضح.
لكن من قبل هذا شهدنا حوادث مثل التخلص من الخازندار والنقراشي وتفجير بعضهم بعضاً، إذن فجذور العنف موجودة في الباطن ولم تكن ظاهرة على السطح، وعندما انتهى حكم الجماعة ظهرت.
علينا أن نتذكر أن سيد قطب مهد لاستخدام القوة، لكنهم لم يتمكنوا من استخدامها في عهد ناصر، وجاء السادات وأعطاهم قبلة الحياة، ودفع حياته ثمناً لذلك. الغرب يستخدم نفس السلاح، وواضح أن دورهم انتهى — سواء الإسلام السياسي الشيعي أو السني — وطريقة الأمريكان "الصهيوماسونية" هي استخدام أدوات ثم إلقاؤها في القمامة مثل الكلينكس.
وفي رأيي، إن الأخطر من عنف الإخوان، الذي هو مجرد عدوان جسدي، هو تفريغ الأوطان من الداخل ودفعها لأن تسقط نفسها بنفسها. هذا هو الخطر الأعظم، فلا يوجد إنسان عاقل يقبل العدوان على مسجد الروضة، لكن السلاح الأخطر هو سلاح إبليس وإسقاط الدولة من داخلها، وتحويلها إلى فرق وجماعات.
ما رأيك في تحرك الكثير من دول العالم لحظر الجماعة؟
كما قلت، هذه مؤشرات فشل ورقة الإخوان، فهم وجماعات الإسلام السياسي كانوا أوراقاً لمن يسعون لتأسيس "الشرق الأوسط الجديد". لكن هذه الأوراق انتهى دورها، وموقف مصر الثابت — لا لتهجير الفلسطينيين، لا لتصفية القضية الفلسطينية، لا للدخول في حرب — هذه اللاءات الكثيرة فرضت نفسها على المجتمع الدولي، ودَفعت بعض الدول والغرب إلى أن يتخلصوا من أوراقهم القديمة والعصابات الإرهابية.
ماذا جنت مصر من اقتحام الحركة الإسلامية للعمل السياسي؟
الإخوان بدأوا يمارسون العمل السياسي وصوّروا أنهم معتدلون وتركوا العنف، رغم أن كل الجماعات خرجت من عباءتهم، فصدق فيهم المثل: "تمسكن حتى تمكن". وكان ذلك خطراً عظيماً حتى وصلنا إلى 25 يناير، فركب "الإسلاميون" — كما يسمون أنفسهم — ووصلوا إلى الكرسي، والحمد لله أن الشعب فطن للمؤامرة.
ماذا خسر هذا الجيل من الإسلاميين من اقتحام العمل السياسي؟
خسروا كل شيء: دنياهم وآخرتهم، وفضحوا أنفسهم بأنفسهم، وليتهم فاقوا وعادوا دعاة كما كانوا يقولون. والحقيقة أنهم — سواء الإخوان أو المتسلفون — ليسوا أصحاب دعوة، بل كانوا يرفعون فقط شعار إعادة الخلافة الإسلامية، ولا بد أن يصلوا إلى الحكم. فكرة ربط الدين بضرورة أن نصل نحن إلى السلطة هي التي فضحتهم، وأظهرت وجههم القبيح، وأنهم أصحاب دنيا.

Trending Plus