المستشار الدينى لأبوظبى: التقنيات الحديثة فرصة لتطوير الإفتاء بشرط اقترانها بفهم شرعي ورؤية أخلاقية

مستشار الشئون القضائية والدينية بديوان الرئاسة في أبو ظبي
مستشار الشئون القضائية والدينية بديوان الرئاسة في أبو ظبي
كتب لؤى على

تتواصل لليوم الثاني على التوالي فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وسط حضور دولي واسع يضم نخبة من كبار علماء الشريعة والخبراء في الشأن الديني والتقني من مختلف دول العالم، وذلك تحت عنوان: "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي".

وفي إطار الجلسة العلمية الثالثة المنعقدة على هامش فعاليات المؤتمر، قدَّم المستشار السيد علي بن السيد عبد الرحمن آل هاشم، مستشار الشئون القضائية والدينية بديوان الرئاسة في أبو ظبي، وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، عرضًا بحثيًّا بعنوان: "الإفتاء في عصر الذكاء الاصطناعي: التحديات والفرص".

استعرض البحثُ التطورات المذهلة التي يشهدها العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، وإمكانات توظيفه في خدمة الإفتاء الشرعي، مستشهدًا بالتجربة الريادية لدولة الإمارات العربية المتحدة التي أطلقت منصة: "المجيب الافتراضي راشد" عبر موقع مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي وتطبيقاته الذكية، إلى جانب استخدام الطائرات المسيرة "الدرون" لرصد الهلال.

وأوضح الباحث أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في تسريع الوصول للمعلومة، وتوحيد الفتاوى في القضايا المتكررة، وإتاحة الإفتاء على مدار الساعة، وتحليل البيانات الضخمة، لكنه في الوقت ذاته يثير تحديات عميقة تتعلق بالاجتهاد البشري، والتحيز في البيانات، والمسؤولية الشرعية، وضرورة ضبط انتشار الفتوى الرقمية.

واختتم البحث بالتأكيد على أن التقنية تمثل فرصة كبيرة للنهوض بواقع الإفتاء، إذا ما اقترنت بفهم شرعي عميق، ورؤية أخلاقية تحفظ مقاصد الشريعة، مشيدًا برعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا المؤتمر، وموجهًا التحية لفضيلة الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، مفتي جمهورية مصر العربية، ولصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي سياق علمي آخر، أكدت د. صافيناز سليمان، زميل جامعة ويسكونسن – ماديسون بالولايات المتحدة الأمريكية والباحثة في قيادة المجتمعات والأعمال غير الربحية، أنه في ظل التطور التقني المتسارع الذي يشهده العالم، بات من الضروري التأكيد على أهمية تعزيز المسؤولية الأخلاقية والإنسانية عند كل من يشارك في تطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مشددة على ضرورة تقنين الضوابط الأخلاقية والتقنية لضمان توافق الفتاوى الرقمية مع الأصول الفقهية والمقاصد الشرعية.

وتناولت د. صافيناز في بحثها: "تحيزات الذكاء الاصطناعي وأثرها على الفتوى: دراسة تحليلية في السياق الفقهي والتقني مع مقترح دليل تطوير مؤسسي"، المخاطر المترتبة على اعتماد المؤسسات الدينية على أنظمة الذكاء الاصطناعي دون رقابة بشرية دقيقة، وركَّز البحث على تحليل جذور التحيزات التقنية والاجتماعية في نماذج الذكاء الاصطناعي، خاصة في تطبيقات الفتوى الشرعية، محذرًا من أن البيانات أو الخوارزميات أو اللغة قد تؤدي إلى إصدار فتاوى غير منضبطة أو مخالفة للمقاصد الشرعية.

واقترحت الباحثة إنشاء دليل مؤسسيٍّ عملي لمواجهة هذه التحيزات، يهدف إلى مساعدة المؤسسات الدينية على فهم كيفية التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي لتجنب التحيزات في مخرجاته وما يترتب عليه في مجال الإفتاء الشرعي المؤسسي؛ لضمان دقة وصحة الفتاوى المستندة إلى الأدوات الرقمية، مع تجنب الأخطاء الناتجة عن التحيز.

وتضمن المقترح المقدم تشكيل لجنة مشتركة من العلماء الشرعيين والخبراء التقنيين، وإنشاء مكتبة علمية شرعية شاملة، وربطها بأنظمة الذكاء الاصطناعي، وإضافة مصادر جديدة تمثل جميع المذاهب المعتبرة لها، ومن ثم اختبار مخرجات النموذج للتأكد من دقة النتائج ودعمها بالأدلة الشرعية، هذا بالإضافة إلى إلزامية المراجعة البشرية قبل إصدار أي فتوى، ووضع خطة مراجعة دورية لتحديث قاعدة البيانات، وإجراء اختبارات على النظام ومقارنة الأجوبة بالمعايير لضمان الحيادية والدقة.
بدَوره، قدَّم الدكتور سمير بودينار مدير مركز الحكماء لبحوث السلام بالمملكة المغربية ورقة بحثية بعنوان: "الإفتاء في عصر الذكاء الاصطناعي:
التحديات وأدوات الاستيعاب"، تناول فيه أثر التقنيات الذكية على مجال الإفتاء الشرعي، مع عرض نتائج دراسة تطبيقية في هذا المجال.

وأوضح بودينار أن السنوات الأخيرة شهدت دخول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل "ChatGPT"، إلى ميدان الفتوى عبر منصات رقمية تقدم إجابات في قضايا دينية، الأمر الذي يثير إشكالات حول شرعية هذه الفتاوى المولدة آليًّا ومدى التزامها بالقواعد الأصولية والمقاصد الشرعية.

وأكد من خلال عرضه أنه بالمقارنة بين فتاوى العلماء وإجابات النماذج الآلية، اتضح وجود فروق جوهرية في المنهج، والسياق، والتأصيل الفقهي، وأن الذكاء الاصطناعي لا يمتلك المؤهلات الإنسانية اللازمة للمفتي، مثل: استحضار النية، وفهم السياق الاجتماعي، والقدرة على الترجيح بين الأقوال المعتبرة.

وأوصى د. بودينار بعدم الاعتماد على الفتاوى المولدة آليًّا بشكل مستقل، والتأكيد على أن الفتوى وظيفة إنسانية مرتبطة بأهلية شرعية وعلمية وأخلاقية لا تتوفر في النماذج الآلية؛ مع ضرورة تطوير نماذج لغوية شرعية تُدرَّب على مصادر موثوقة ومعتمدة.

كما اختتم حديثه بالتشديد على أهمية إدراج تنبيهات واضحة للمستخدمين في التطبيقات التي تقدم محتوًى شرعيًّا تُشير إلى أن الجواب آليٌّ ولا يُغني عن مراجعة العلماء؛ فضلًا عن أهمية إنشاء هيئات رقابية تضع ضوابط فقهية وأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الديني، وتعزيز التعاون بين العلماء والمتخصصين لبناء نماذج تراعي القيم الإسلامية والمقاصد الشرعية.

وفي سياق متصل، كشف أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية ووزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني السابق أ.د عبد الناصر موسى أبو البصل، عن أبرز التحديات التي تواجه استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الفتوى والبحث الفقهي، محذرًا من خطورة الاعتماد الكلي على مخرجاته دون تدقيق من العلماء والمتخصصين.

وأشار أبو البصل، في ورقة بحثية بعنوان: "مشكلات استخدام الذكاء الاصطناعي في الفتوى وأثرها على برامج تأهيل المفتين"، إلى أن من أهم الإشكالات التي رصدتها الدراسات العملية والتطبيقية؛ التحيز والخطأ في النتائج، الأمر الذي قد يُربِك المشهد المرجعي للفتوى ويؤدي إلى صدور أحكام غير دقيقة أو مضللة.

وأكد أن هذه التحديات تفرض ضرورة إدخال تعديلات على برامج تأهيل المفتين لتشمل جانبين أساسيين هما: التعرف على آلية عمل الذكاء الاصطناعي، وإتقان هندسة الأوامر؛ لضمان صياغة أسئلة دقيقة تقلل من مساحة الخطأ والتحيز.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ترامب: أريد رؤية الصحفيين يحصلون على حق الوصول إلى غزة

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

فليك يبحث عن حلول هجومية لتعويض غياب ليفاندوفسكى أمام مايوركا

مواعيد مباريات اليوم.. ليفربول ضد بورنموث في افتتاح الدوري الإنجليزي والأهلى ضد فاركو

ناشئو اليد أمام النرويج فى تحديد مراكز بطولة العالم


كل ما تريد معرفته عن المعهد الشرطى الصحى.. الشروط والمجموع المطلوب للتقديم

ليفربول يبدأ رحلة الدفاع عن لقب الدوري الإنجليزي ضد بورنموث الليلة

وزارة الصحة تخصص آلية لاستعلام عن قرارات العلاج على نفقة الدولة.. وتكشف قائمة الأمراض الأكثر طلبا لقرارات العلاج المجانى.. تسهيل الحصول على كارت الخدمات المتكاملة.. وتؤكد: مناظرة 5000 مواطن عبر الفيديو كونفرانس

الطقس اليوم.. شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 38 وأسوان 49

البنك الأهلى يخشى اليوم مفاجآت الظهور الأول لحرس الحدود بالدورى


للأزواج.. ماذا تفعل حال ملاحقة زوجتك لك لسداد قائمة منقولات بقيم مبالغة؟

بتروجت يصطدم اليوم بكهرباء الإسماعيلية بحثا عن الفوز الأول في الدورى

غدا.. نظر أولى جلسات محاكمة 9 متهمين بـ"خلية البساتين"

أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية

أعظم العسكريين بالتاريخ الفرعونى.. تمثال الملك تحتمس الثالث بمتحف الغردقة

مواعيد قطارات خط القاهرة الإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15- 8 - 2025

منتخب الشباب جاهز لودية المغرب الثانية ونبيه يشيد بالروح القتالية (صور)

محمد عباس مايو حكما لمباراة الزمالك والمقاولون بالدورى

تأكيدا لليوم السابع.. الزمالك ينهى أزمة مستحقات البرتغالى جوزيه جوميز بالتراضى

مواعيد عرض "بتوقيت 2028" ثانى حكايات مسلسل ما تراه ليس كما يبدو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى