شعب الله "المختل".. الأمراض النفسية تحاصر الإسرائيليين بعد جرائمهم النازية فى غزة.. معدلات مرتفعة لانتحار الجنود.. و900 ألف يعانون من الاكتئاب و30 % مصابون باضطراب ما بعد الصدمة

حالة من الهلع باتت تهيمن على المواطنين الإسرائيليين، منذ اندلاع الحرب على غزة، خاصة بعدما تمكنت الفصائل من اقتحام أراضيهم، واختطاف مواطنين بينهم ضباط كبار بالجيش، وهو ما يعد مؤشرا لحالة من الهشاشة الأمنية فى الداخل، وهو ما وضع ضغوطا كبيرة ليس فقط على المجتمع، وإنما أيضا على كاهل الجنود الإسرائيليين، الذين باتوا فى مواجهات مباشرة مع الفصائل، فى الوقت الذى يخشون فيه عمليات نوعية قد تستهدفهم.
فبحسب تقارير عبرية، فإن معظم حالات الانتحار فى صفوف الجنود الإسرائيليين كانت بسبب صدمات نفسية ناجمة عن الحرب المستمرة فى قطاع غزة، وهو ما يعكس التداعيات السلبية للمعركة التى يخوضها نتنياهو وحكومته، منذ ما يقرب من عامين.
فى هذا الإطار، قالت تقارير أذاعتها قنوات عبرية: إن عدد جنود الجيش الإسرائيلى، الذين اتخذوا خطوة الانتحار منذ بداية عام 2025، وحتى أواخر يوليو الماضى، وصل إلى 16 جنديا، حيث أفادت بأن حالات الانتحار ناجمة عن الصدمات النفسية الناتجة عن طول أمد الحرب، والفترات الطويلة التى يقضيها الجنود فى ساحة القتال، إلى جانب المشاهد المروعة وفقدان الأصدقاء.
الأرقام المذكورة، نشرتها تقارير صحفية وتليفزيونية، إلا أن المؤسسة العسكرية لم تصدر أى تعليق حولها تحت ذريعة أن البيانات فى هذا الشأن لا تصدر إلا مرة واحدة بالعام، وفى موعد محدد.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة سويدية، فإن عدد الجنود فى الجيش الإسرائيلى الذين انتحروا خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من 2023، «من 7 أكتوبر إلى نهاية ديسمبر» بلغ 7 جنود، بينما كان عدد المنتحرين خلال الشهور التسعة الأولى من العام، 10 جنود، فى حين بلغ عدد الجنود الذين انتحروا فى العام الماضى 21 جنديا.
وبعيدا عن الجنود الإسرائيليين وأزماتهم التى دفعت قطاعا منهم لاتخاذ قرار الانتحار، فإن ثمة أزمة غير مسبوقة فى الصحة النفسية داخل المجتمع الإسرائيلى، وهو ما أكدته ورقة بحثية نشرتها دورية أكاديمية إسرائيلية متخصصة فى الأبحاث الصحية، حيث كشفت ارتفاعا حاد فى معدلات اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق، مع تأثيرات مستمرة وعميقة على فئات بعينها مثل النساء، والأقليات العرقية ولا سيما العرب، والأشخاص الذين عانوا فقدانًا أو نزوحًا أو أزمات اقتصادية.
وأوضحت الورقة البحثية أن البيانات، التى تم الحصول عليها قبل وبعد الهجوم، أظهرت تضاعف معدلات الإصابة المحتملة باضطراب ما بعد الصدمة تقريبًا «من 16.2 % إلى 29.8 %»، وارتفاعًا كبيرًا فى معدلات القلق العام والاكتئاب خلال أشهر قليلة.
كما أظهرت نتائج المتابعات حتى ثمانية أشهر بعد الهجوم أن نحو ثلثى السكان فى مناطق الصراع ظلوا يعانون من أعراض تفوق العتبة الإكلينيكية، مع استمرار الفوارق بين الجنسين والأقليات والأغلبية. وفى المقابل، أظهرت الدراسات تحسنًا تدريجيًا فى الأداء الوظيفى رغم بقاء مستويات الضيق النفسى المرتفعة، ما يعكس مسارات متباينة بين التعافى الجزئى واستمرار المعاناة النفسية.
اقترح الباحثون إعادة هيكلة جذرية لنظام الصحة النفسية فى إسرائيل، تشمل تدريبًا واسع النطاق على التشخيص المعيارى والعلاجات النفسية قصيرة المدة المدعومة بالأدلة، واعتماد الطب النفسى الدقيق الذى يراعى الفروق الفردية، وتوسيع نطاق الرعاية عبر نماذج «نقل المهام» و«تقاسم المهام» لزيادة الوصول للعلاج رغم نقص الأخصائيين، وشددوا على ضرورة التركيز على الفئات الأكثر عرضة، ومتابعة نتائج العلاج بشكل منهجى، لضمان استجابة فعّالة تخفف الأعباء طويلة الأمد على الأفراد والأسر والمجتمع الإسرائيلى ككل.
كما رصدت أبحاث أخرى، أجرتها جامعة القدس وكلية كولومبيا، ارتفاعا حادا فى اضطرابات ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب بين مواطنى إسرائيل، حيث كشفت أن ما يقارب 520 ألف إسرائيلى «أى حوالى 5.3 % من السكان» يُعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، نتيجة الهجمات التى بدأت فى 7 أكتوبر والحرب التى تلتها.
وبحسب تقارير منشورة بصحف إسرائيلية، فإنه من المتوقع أن يصل عدد طالبى العلاج من أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب إلى حوالى 900 ألف شخص، إلا أن منظومة الصحة النفسية العامة تواجه صعوبة فى تلبية هذه الحاجة.
الحديث عن منظومة الصحة النفسية والتحديات التى تواجهها كان محل اهتمام العديد من الأقلام والكاميرات فى الدولة العبرية، حيث رصد تقرير منشور بصحف أمريكية معاناة تل أبيب فيما يتعلق بنظام الصحة النفسية قبل اندلاع الحرب، وهو ما يعنى انهيارها عمليا بعدها، فى ظل عدم قدرتها على الوفاء بالحالات المتزايدة فى هذا الإطار.
معاناة المواطن الإسرائيلى لم تقتصر على القلق والاكتئاب، وإنما باتت تطارده فى منامه، وهو ما أظهرته أبحاث الجامعة العبرية بالقدس، التى رصدت أن أكثر من 20 % من الإسرائيليين باتوا ينامون أقل من 6 ساعات فى الليلة، بينما ارتفعت حالات الأرق الإكلينيكى بنسبة 19 %، فى حين ارتفعت نسبة مستخدمى الأدوية المنومة بنسبة 5 %.
وفى سياق آخر، شهدت الخطوط الساخنة زيادة هائلة فى عدد المكالمات، ما يشير إلى ارتفاع الذروة فى الضغط النفسى العام، بما يشمل فئات كانت أقل استدعاءً للدعم مثل الأطفال والرجال، حيث زادت بمعدل 33 ألف طلب شهريا خلال الأشهر الستة الأولى من اندلاع الحرب فى غزة.

Trending Plus