قمة ألاسكا تثير العاصفة.. أوروبا تخشى صفقة ترامب - بوتين على حساب أوكرانيا.. زعماء الاتحاد الأوروبى يطالبون الرئيس الأمريكى بالدفاع عن أمن القارة.. كالاس: كييف لن تتخلى عن أراضيها.. وعقد اجتماع أوروبى طارئ

قبل أيام من قمة ألاسكا المرتقبة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، تتصاعد المخاوف الأوروبية من صفقات سياسية قد تأتى على حساب أوكرانيا. زعماء الاتحاد الأوروبى يضغطون على واشنطن لضمان أمن القارة، فيما ترفض كييف أى تنازل عن أراضيها وسط قلق من أن تكون تسوية النزاع خطوة نحو تقويض سيادتها.

ودعا زعماء الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى الدفاع عن مصالح أمن أوروبا فى قمة حاسمة مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، المقرر عقدها فى وقت لاحق من هذا الأسبوع، فى سياق الحرب فى أوكرانيا.

ووفقا لصحيفة الباييس الإسبانية فقد يسعى الأوروبيون جاهدين لممارسة بعض التأثير على اجتماع يوم الجمعة، الذى تم استبعادهم منه، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا ستشارك، فى الوقت الذى قال فيه ترامب إنه يريد معرفة ما إذا كان بوتين يفكر بجدية فى إنهاء حرب دخلت عامها الرابع بالفعل.

وأشارت الصحيفة، إلى أن ترامب خيّب آمال حلفاء واشنطن فى أوروبا عندما صرّح بأن أوكرانيا ستضطر للتنازل عن جزء من أراضيها التى تحتلها روسيا حاليًا، وهو ما يثير المخاوف الأوروبية من هذا اللقاء فى الوقت الحالى، كما أشار إلى أن موسكو يجب أن توافق على تبادل للأراضى، رغم أن طبيعة ما قد يتنازل عنه بوتين غير واضحة.

وتخشى أوكرانيا والدول الأوروبية من أن يتمكن بوتين - الذى شنّ أكبر حرب برية فى أوروبا منذ عام 1945، واستخدم القوة الطاقية لروسيا للضغط على الاتحاد الأوروبى - من انتزاع تنازلات لصالحه ووضع الخطوط العريضة لاتفاق سلام دون مشاركتهم.

كما يخشى الأوروبيون على نطاق واسع أن يوجّه بوتين أنظاره نحو أحد بلدانهم إذا حقق النصر فى أوكرانيا.
وجاء فى بيان صدر صباح الثلاثاء عن قادة الاتحاد أنهم "يرحبون بجهود الرئيس ترامب لإنهاء حرب العدوان الروسية على أوكرانيا"، لكنهم شددوا على أن "طريق السلام فى أوكرانيا لا يمكن أن يُرسم دون أوكرانيا".

وأضاف البيان: "السلام العادل والدائم الذى يجلب الاستقرار والأمن يجب أن يحترم القانون الدولى، بما فى ذلك مبادئ الاستقلال والسيادة والسلامة الإقليمية، وألا تُغيَّر الحدود الدولية بالقوة".

ورفض الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى فكرة أن على أوكرانيا التنازل عن أراضٍ من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وتسيطر روسيا بشكل هش على أربع مناطق أوكرانية، اثنتان فى الشرق واثنتان فى الجنوب.

وفى أوكرانيا، أسفر هجوم صاروخى روسى على منشأة تدريب عسكرية عن مقتل جندى وإصابة 11 آخرين، بحسب ما أفادت به القوات البرية الأوكرانية عبر "تلغرام". وأوضحت أن الجنود الذين كانوا يركضون نحو الملاجئ تعرضوا لضربات بذخائر عنقودية.

وفى الوقت نفسه، بدا أن روسيا على وشك السيطرة على مدينة مهمة فى منطقة دونيتسك، إذ تشير التقارير إلى أن قواتها تتقدم بسرعة نحو مواقع شمال مدينة باكروفسك.

ويقول محللون عسكريون يستخدمون مصادر مفتوحة لمراقبة المعارك أن الساعات الـ24 إلى 48 المقبلة قد تكون حاسمة، فاحتلال باكروفسك سيمنح الكرملين نصرًا مهمًا على أرض المعركة قبل القمة، كما سيعقد خطوط إمداد الجيش الأوكرانى فى منطقة دونيتسك، حيث يتركز معظم الجهد العسكرى الروسي.

وكتب المحلل العسكرى باسى باروينن، من مجموعة "بلاك بيرد" ومقرها فنلندا، عبر منصة "إكس" مساء الاثنين: "الكثير سيعتمد على مدى توافر وكمية ونوعية الاحتياطيات الأوكرانية".

وكان ترامب كرر أمس الاثنين، أن "هناك بعض تبادلات للأراضي" ستكون جزءًا من الاتفاق، مشيرًا إلى أن ذلك سيعنى "أشياء سيئة للطرفين" كييف وموسكو، إعادة تأهيله لصورة بوتين علنًا — الذى يعد منبوذًا فى معظم أوروبا — أثارت قلق أنصار أوكرانيا.

كما انتقد ترامب زيلينسكى، مشيرًا إلى أن الأخير كان فى السلطة طوال فترة الحرب وأنه "لم يحدث شيء" خلال ذلك. وقارن ذلك بوضع بوتين، الذى ظل ممسكًا بالسلطة فى روسيا لعقود دون معارضة تُذكر.

وسيحاول الأوروبيون مجددًا جذب ترامب إلى صف أوكرانيا غدا الأربعاء، فى اجتماعات افتراضية دعا إليها المستشار الألمانى فريدريش ميرتس، ولم يؤكد ترامب مشاركته، لكنه قال إنه "سيجمع أفكار الجميع" قبل لقائه مع بوتين.

كما سعى بيان الثلاثاء إلى إظهار وحدة الصف الأوروبى، لكن رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان — أقرب حلفاء بوتين فى أوروبا، الذى حاول عرقلة دعم بروكسل لكييف — لم يوقع عليه، وكان الوحيد من بين 27 زعيمًا أوروبيًا يمتنع عن ذلك.

وأكد الاتحاد الأوروبى على ضرورة عودة كافة الأراضى التى تحتلها القوات الروسية إلى كييف، وذلك فى رفض غير مباشر لمقترح الرئيس الأمريكى حول وقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وقالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فى الاتحاد الأوروبى، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية كايا كالاس، فى تصريحات أن "كافة الأراضى المحتلة مؤقتا تابعة لأوكرانيا، فى الوقت عينه اعتبرت أن "الولايات المتحدة تملك القدرة على إجبار روسيا على التفاوض بجدية".

وشددت كالاس على أن "أى اتفاق بين موسكو وواشنطن يجب أن يشمل أوكرانيا والاتحاد الأوروبي"، كما أكدت على وجوب ألا "يُشكل أى اتفاق منطلقًا لمزيد من العدوان الروسي".

أتى ذلك، بعدما حث قادة الدول الأوروبية مساء أمس على إشراك الجانب الأوكرانى فى أى مفاوضات روسية أميركية بشأن وقف الحرب المستمرة منذ 2022، فى إشارة إلى الاجتماع المرتقب بين ترامب ونظيره الروسى فلاديمير بوتين فى ألاسكا يوم الجمعة القادم.

فى حين ثمن الرئيس الأوكرانى الموقف الأوروبى هذا، وشكر فى بيان بوقت سابق اليوم الزعماء الأوروبيين على دعمهم لمطالبته بالمشاركة فى القمة الروسية الأمريكية فى ظل مخاوف كييف من أن تسعى موسكو وواشنطن إلى إملاء شروط عليها لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف.

لاسيما بعدما قال ترامب قبل يومين إن اتفاقا محتملا سيتضمن "تبادل بعض الأراضى بما فيه صالح الجانبين"، فى تصريح زاد من القلق الأوكرانى، و فى حين كشف مسؤول أوروبى أن أوروبا توصلت إلى اقتراح مضاد لطرح ترامب، لكنه رفض تقديم تفاصيل.

كما أعلنت أن مناطق لوجانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا تابعة لها، على الرغم من أنها لا تسيطر إلا على نحو 70 % من المناطق الثلاث الأخيرة، ملمحة إلى أن أى تفاوض يجب أن يضمن بقاء تلك المناطق بعيدا عن سلطة.