لا أحد يفخر بأن يكون صديقا لسفاح.. واشنطن تتبرأ من عار تل أبيب.. معارضة الحزبين الديمقراطى والجمهورى للاحتلال تتزايد.. استطلاع: 56% من الأمريكيين يرون إسرائيل مصدر تهديد.. والأجيال الجديدة ترفض السرديات الدينية

نتنياهو
نتنياهو
ريم عبد الحميد - رباب فتحى - نهال أبو السعود

لم تعد إسرائيل كما كانت.. عبارة موجزة تلخص الكثير من التحولات داخل الولايات المتحدة الأمريكية بعد قرابة عامين على عدوان غزة.. فالهجوم على إسرائيل لم يعد مجرد مادة خلاف بين الحزبين، والانحياز للحق الفلسطينى لم يعد قاصرا على حزب الأقلية داخل الكونجرس، أو ورقة ضغط يراوغ بها من يحلمون بالعودة إلى البيت الأبيض.. ففى الرحلة من الانحياز المطلق لـ«حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها»،  مرورا بتهمة معاداة السامية وصولا إلى الإقرار ـ ولو فى الغرف المغلقة ـ بأن تل أبيب باتت حليف «عالى الكلفة»، ولا يقدم ما يليق بحجم ما يتلاقاه، الكثير من التفاصيل والمحطات الفارقة.. تفاصيل ستجد معها إسرائيل أن صباح اليوم التالى لنهاية حرب غزة ليس مفروشا بالورود، وأن الانتصار، أى انتصار فى ميادين القتال لن يفى بما ستتكبده فى المستقبل القريب.

وفى مقابلة مع شبكة سى إن إن الأمريكية، أمس الأول الاثنين، وصف السيناتور الديمقراطى بيرنى ساندرز، رئيس وزراء الاحتلال بـ«مجرم حرب»، معتبرا أن ما تفعله الحكومة الإسرائيلية فى غزة هو مذبحة تجاه الشعب الفلسطينى بأكمله.

وقال ساندرز: «كان لإسرائيل الحق فى الدفاع عن نفسها من الهجوم الذى شنته حماس، لكن ما فعلته منذ ذلك الحين هو شن حرب على الشعب الفلسطينى بأكمله، هناك الآن نحو 60 ألف قتيل، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، هناك 18 ألف طفل قتلوا، و3 آلاف طفل بتر أحد أطرافهم. والآن علاوة على كل هذا الدمار، الدمار البشرى، التدمير الهائل لمساكنهم، مدارسهم، جامعاتهم، أنظمتهم الصحية، وفوق كل ذلك، ما يفعله نتنياهو هو فرض حصار يمنع دخول الغذاء، والناس يموتون جوعا».

وكشف ساندرز، أنه قدم قرارا قبل أسبوعين، حصل على 27 صوتا من الديمقراطيين لوقف وصول الأسلحة العسكرية إلى غزة، دون أى دعم من الجمهوريين، وقال: «رغم ذلك، أعتقد أن الجمهوريين على مستوى القاعدة الشعبية يدركون أيضا أن تقديم مليارات الدولارات لحكومة تجوع الأطفال ليس فكرة جيدة».

وفى أوساط الحزب الجمهورى، اتهم ستيف بانون، المستشار السابق لترامب، حكومة نتنياهو بـ«الكذب»، مؤكدا أن رئيس وزراء الاحتلال «خان الدعم الأمريكى»، وقال فى بودكاست «Bannnon’s War room» الذى يقدمه على الإنترنت قبل أسابيع، إن حكومة إسرائيل مطالبة بأن تبرهن أنها شريك للولايات المتحدة.

واستطرد بانون، مخاطبا ساسة تل أبيب: «هل لديكم الجرأة بعد كل ما فعله هذا الرجل «ترامب» من أجلكم، أن تكذبوا عليه؟ عندما قال لكم: هذا ما فعلته وأحتاج أن تكونوا شركاء، وأطلب منكم التهدئة، ماذا فعلتم؟ قلتم لا يمكننا، وهذا كذب جديد من الأكاذيب العديدة التى تلقيناها من حكومة نتنياهو».

وأضاف بانون، موجها كلامه لمؤيدى إسرائيل فى الولايات المتحدة: «هذا الوضع يجعل الدفاع عن إسرائيل أمرا صعبا للغاية، عندما يكون أعلى مسؤول فى البلاد يتعامل من أسفل الرزمة، لا يلعب بنزاهة، والحقيقة أنه كاذب صريح.. إذا كنتم حقا تحبون إسرائيل وترغبون فى ألا تبقى فقط بل تزدهر، فعليكم أن تطرحوا أسئلة صعبة، وأسئلة صعبة جدا، وأن تطالبوا بإجابات واضحة وصادقة».

وفى مؤشر على حجم السخط الذى يسود دوائر الفكر وصنع القرار الأمريكى تجاه إسرائيل، نشرت صحيفة نيويورك تايمز نهاية يوليو الماضى مقالا للكاتب الكبير توماس فريدمان بعنوان: «كيف خدع نتنياهو ترامب فى غزة؟» ليجيب عن سؤالا بات ملحا لدى كثير من الأمريكيين، حيث قال إن الإدارة الأمريكية فى حاجة ماسة للتحرر من قيود الدعم المفتوح الذى تقدمه لتل أبيب، قياسا بما يرتكبه بنيامين نتنياهو من فظائع داخل قطاع غزة.

السؤال الذى طرحه فريدمان ليس الأول من نوعه، ففى مايو الماضى ذكر فى الصحيفة نفسها أن حكومة بنيامين نتنياهو لا يمكن أن تكون حليفا للولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مطالب بأن يدرك حقيقة جوهرية: «هذه الحكومة تتصرف بطرق تهدد المصالح الأمريكية الأساسية فى المنطقة».

الأصوات المعارضة لإسرائيل فى أوساط الساسة الأمريكيين لم تكن بمعزل عن حراك الجامعات، فمنذ الأشهر الأولى للعدوان، شكلت التظاهرات الجامعية المعارضة لجرائم الاحتلال ورقة ضغط حقيقية على صانع القرار داخل الولايات المتحدة فى الأشهر الأخيرة من ولاية جو بايدن، وكانت نواة لمواجهة مفتوحة قادها ترامب ضد إدارات تلك الجامعات فى خطوة أثبتت الأيام عدم جدواها.

وبعيدا عن آراء النخب الأمريكية، كشفت دراسة نشرها المركز القومى لدراسات الانتخابات داخل الولايات المتحدة فى الربع الأول من العام الجارى بيانات لافتة، حيث تضمنت الدراسة سؤالا يختبر رؤية الأمريكيين عما إذا كانت إسرائيل تشكل تهديدا للولايات المتحدة أم لا.

وبحسب النتائج التى نشرتها صحيفة واشنطن بوست، فى ذلك الحين، فإن قطاعات واسعة من الأمريكيين باتت تعارض سياسة «الشيك على بياض» فى تزويد إسرائيل بالسلاح، بل ترفض أى احتمال لإرسال قوات عسكرية إذا اشتعل نزاع أوسع فى المنطقة.

وألمحت النتائج التى نشرت بعد أكثر من عام على عدوان غزة بأن الأجيال الجديدة داخل الولايات المتحدة ترى أن العلاقة مع إسرائيل يجب أن يتم تقييمها بزوايا القيمة والكلفة والعائد بدلا من الاكتفاء بسرديات دينية وتاريخية.

وبحسب النتائج فإن 56% من الأمريكيين يرون فى إسرائيل مصدرا للتهديد بغض النظر عن حجم هذا التهديد، مقابل 42 % من العيّنة تنظر لإسرائيل على أنها «غير مهدّدة إطلاقا»، وبشكل مفصل فإن 22 % ممن يرون إسرائيل تشكل تهديدا للولايات المتحدة يعتبرون ذلك التهديد «محدود»، مقابل 24 % يضعونها فى إطار «التهديد المتوسط»، فى حين يراها 16 % تهديدا كبيرا.

وفى مارس 2024، ذكر جون هوفمان، خبير السياسة الخارجية فى معهد «كاتو» الأمريكى للدراسات، أن إسرائيل «لم تعد مصدر مكاسب استراتيجية» بقدر ما أصبحت مصدرا محتملا للخطر على المصالح الأمريكية، موضحا فى مقال نشرته مجلة فورين بوليسى أن إسرائيل هى أكبر متلق مساعدات، لافتا إلى أن حجم ما حصلت عليه من الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية يقدر بأكثر من 300 مليار دولار، إلا أن المقابل الذى تتحصل عليه واشنطن من وراء هذا الدعم فى حاجة لإعادة تقييم.

وأضاف هوفمان: «يزعم المؤيدون لإسرائيل أن الدعم الثابت أمر بالغ الأهمية لتعزيز المصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط. على سبيل المثال، أشار السيناتور الجمهورى ليندسى جراهام ذات مرة إلى إسرائيل باعتبارها «عيون وآذان أمريكا فى المنطقة، وفى حين أن تبادل المعلومات الاستخبارية قد يكون له بعض القيمة الاستراتيجية، فإن الحرب فى غزة أوضحت الآثار السلبية العديدة لهذه العلاقة، وعلى وجه التحديد كيف أدى احتضان واشنطن غير المشروط لإسرائيل إلى تقويض موقعها الاستراتيجى فى الشرق الأوسط مع الإضرار بصورتها العالمية، لقد سلطت الحرب الضوء بشكل صارخ على الإخفاقات الأساسية لسياسة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط».

وتابع الباحث الأمريكى: «لقد حان الوقت لإعادة تقييم جوهرى للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، كما كان لدعم واشنطن الثابت لإسرائيل وسط الحرب فى غزة تداعيات إقليمية كارثية. من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر، هناك سلسلة من نقاط التوتر المختلفة تهدد بجر المنطقة - والولايات المتحدة - إلى حرب واسعة النطاق، بالإضافة إلى ذلك فإن دعم واشنطن المستمر للحملة الإسرائيلية الوحشية فى غزة قد شوه صورة واشنطن كرمز للقيم الليبرالية».

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مطاردة فتيات طريق الواحات.. كيف تحمى نفسك من مضايقات الطرق

حبس المتهم بالشروع فى قتل صديقه بالهرم 4 أيام

وزارة الصحة تكشف فوائد الساعة الذهبية بعد الولادة.. اعرف التفاصيل

حبس سائق و3 أخرين بتهمة سرقة حمولة سيارة نقل فى الجيزة

وزيرة التنمية المحلية تعتمد حركة محليات محدودة تشمل 12 سكرتيرا عاما ومساعدا


النيابة تحقق فى مطاردة 3 طلاب سيارة فتيات بطريق الواحات

التضامن تعلن صرف تكافل وكرامة عن شهر أغسطس من الصراف الألى غدا

هل يحتفظ عضو مجلس الشيوخ بوظيفته الأساسية أثناء الانعقاد؟ القانون يجيب

كولومبوس الأمريكى يخطر الأهلى بموعد إرسال القسط الأول من صفقة وسام أبو على

التحفظ على سيارات المتهمين بمطاردة الفتيات على طريق الواحات


الأهلى يستقر على تأجيل ملف تمديد عقد إمام عاشور

بدء التسجيل لمرحلة تقليل الاغتراب لطلاب المرحلتين الأولى والثانية إلكترونيا.. مكتب التنسيق: الالتزام بنسبة الـ10% للتحويل بين الكليات ولا يوجد تحويلات ورقية.. واستمرار التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية

رحلات سياحية واستمتاع لضيوف العالم بين أروقة وأعمدة معابد الأقصر.. صور

المدير الرياضي بالزمالك يزف بشرى سارة للاعبين بشأن المستحقات

هل يجوز إخلاء وحدات الإيجار القديم بالتراضى بعد صدور القانون؟.. التفاصيل

بعد قرار الجنايات.. فصل جديد ينتظر قضية "قهوة أسوان" بعد تأجيلها للمرافعة

14 ألف فرصة عمل و317 مشروعا.. المنطقة الصناعية بحى الكوثر نهضة كبيرة بسوهاج

المغرب تزين قائمة أقوى المرشحين للفوز بمونديال 2026.. إسبانيا تتصدر

"أهداف متتالية وهاتريك تاريخي".. سجل حافل يدعم محمد صلاح ضد بورنموث

محمد معروف حكما لمباراة الأهلي وفاركو بالدوري

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى