إبراهيم داود فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون: أنا فلاح أزرع الأرض والرزق على الله.. عبد القادر القط أعطانى صك الاعتراف بالموهبة وجمال الغيطانى احتفى بى.. يوسف إدريس جعلنى صحفيا.. ولويس عوض لم يأخذ حقه

ملتقى اليوم السابع
ملتقى اليوم السابع
أدار الندوة: أحمد إبراهيم الشريف أعدها للنشر: محمد عبد الرحمن – عبد الرحمن حبيب – محمد فؤاد - تصوير – سامح سعيد

الله كريم.. والقاهرة حلم لا ينتهي

فلسفتي في الحياة.. أعيش ببساطة وأترك الأمور تمضي

لا أخشى على الشعر من الذكاء الاصطناعي لأن التكنولوجيا تصنع أشياء "تشبه" الشعر، لكنها ليست الشعر ذاته

أنا بطبعى أحفظ الأسرار وأرد الغيبة وهذا جزء أصيل من شخصيتي

يحمل الشاعر والكاتب الكبير إبراهيم داود معاني عدة تتمثل في إنسانيته وإبداعه ورؤيته للحياة وفلسفتها في التعايش مع الناس، لذا حرصنا في ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون أن نستضيفه ونجري معه حوارا ساعين للاقتراب من روحه المحبة، وشاركنا في الحوار والحديث الكتاب الكبار الدكتور هيثم الحاج علي، ومحمد الروبي وهشام أصلان، وطاف اللقاء حول الإبداع والحياة.

فى البداية أقول إن جملة "الله كريم" ليست من ابتكاري، بل هى فى الأصل مقولة للصديق العزيز الفنان سعيد الصالح، استعرتها منه فى لحظة شعرت أنها تُعبّر عنى تمامًا، ومنذ ذلك الوقت ارتبطت بي، لكنها فى الحقيقة كلمته هو.

وأتوجه بالشكر إلى كل من قدّم هذه الدعوة الكريمة، وإلى الأصدقاء الأعزاء على حضورهم الطيب، وأنا سعيد بوجودى بينكم، وسعيد لأننى أحب جريدة "اليوم السابع" وأحب من يعملون فيها، هذا المكان كان ولا يزال بيتي، فقد كنت من كُتّابه ومؤسسيه، وله فى قلبى مكانة خاصة، بكل من مرّ به وساهم فى بنائه.

أما القاهرة فإنها بالنسبة إلىَّ حلم لم ينطفئ، وحتى اليوم، لا أعدّ نفسى قاهريًا تمامًا، كما أننى لم أعد ذلك الفتى الريفى الذى جاء إلى العاصمة قبل أربعين عامًا، كنت أتردد على المدينة وأنا طالب، فقط لأجلس من بعيد فى مجالس الكبار مثل إبراهيم فتحى وإبراهيم أصلان وغيرهما من رموز الثقافة، كانت الجلسة فى حضرتهم، ولو على أطراف الدائرة، تستحق أن أركب القطار من بركة السبع خصيصًا لأراهم.

البداية.. قصيدة غيرت المسار

فى بداياتى الشعرية، أرسلت قصيدة إلى الدكتور عبد القادر القط فى مجلة "إبداع"، آملًا أن أجد ردًا فى بريد القراء، لكن المفاجأة كانت أنه نشرها ضمن نصوص لكبار الشعراء فى ذلك الوقت، هذا النشر كان دافعًا معنويًا هائلًا، جعلنى أُدرك أن الشعر ليس مجرد هواية، بل قضية تستحق أن أكرّس لها حياتي، وصك اعتراف بوجودي.

كنت وقتها لاعب كرة، أعيش حياة شاب عشرينى مشغول بالتفاصيل اليومية، لكن تلك اللحظة غيّرت كل شيء، بدأت أراسل الدكتور القط باستمرار، وكان ينشر لى بانتظام، وعندما جئت إلى القاهرة، فوجئت بأن أصحاب المقاهى يعرفونني: "هذا الذى يُنشر فى إبداع".

من الشعر إلى الصحافة

بدأ اهتمام الأسماء اللامعة بي، وعلى رأسهم جمال الغيطانى الذى نشر قصائدى كاملة فى صفحة "أخبار الأدب" قبل تأسيس المجلة، وقدمنى الدكتور سيد البحراوي.

كما أعجب الأديب الكبير يوسف إدريس بقصائدي، وطلب مقابلتي، وحين علم أننى أعمل محاسبًا، أمسك بيدى وقال: "أنت يجب أن تكون صحفيًا"، منذ تلك اللحظة، بدأت رحلتى فى عالم الصحافة.

كنت محظوظًا بدعم كبار الأدباء، يوسف إدريس، علاء الديب، إبراهيم منصور، إبراهيم أصلان، محمد البساطي، كانوا أساتذتى وأصدقائي، وتعرفت على هشام أصلان من خلال والده، وأبناء خيرى شلبى كذلك، والدكتور أحمد مجاهد التقيته فى مطبخ بيتهم، وكان يعاملنى كأنى عمه مع أننا متقاربين في العمر .

فلسفة حياة

لم أخطط لشيء فى حياتي أعيش ببساطة، وأترك الأمور تمضي، وأقول "الله كريم" وأسير، ربما لهذا السبب أنام بسهولة دون أرق، والأرق – فى نظرى – أزمة الذين لم يتصالحوا مع أنفسهم، تعلمت هذا السلام الداخلى من علاقاتى مع الدراويش، ومن حضورى للمواسم والموالد، ومن معايشتى الروحية التى لا أُعلن عنها، لكنها تمدنى بالطمأنينة.

لا أتعامل بصفتى مواطن غير عادي، بل أنا مواطن عادي، ولا أرى أننى أعلى من الآخرين، بل أبحث معه – لا أريد أن أعلمه – والفارق بين جيلى والأجيال السابقة فى الشعر هو أن السابقين كانوا فرسان القبائل ووزراء إعلامها حكائها، أما نحن فلا نفعل ذلك ولا نقدم أنفسنا بوصفنا حكماء.

أنا أبحث بالشعر عن أصدقاء، أبحث عن الونس، بما يتناسب مع زمننا، وأتعامل على أساس أننى رجل بسيط، ولا أريد أن تتغير حياتي، رغم التحديات، لكننى أحبها بهذه الطريقة، وقد عملت فى أماكن كثيرة، ولم أترك أى مكان بـ"خناقة" أبدا، بل أقلب الصفحة، وهذه طبيعتي.

أنا أعبر عن نفسى بطريقة تشبهني، ولا أريد أكثر من ذلك، ولا أتعامل مع نفسى على أساس أننى من النخبة، أؤمن أن من يعمل ذاكرة للوطن هم من يقدمون شيئا.

مواقف لا تنسى

فى أول لقاء لى مع يوسف إدريس، أخبرته أن هناك قصة كتبها تمنيت لو كتبتها قصيدة، كانت عن طفل فقير استيقظ يومًا فلم يجد أمه فلم يأخذ فطاره، وعاد من المدرسة ليلعب بجوار الترعة، راح يلقى فتات الخبز فتقترب الأسماك شيئًا فشيئًا حتى نسى جوعه، عندما رويت له القصة، احتضننى وبكى… كانت لحظة خالدة.

أما الدكتور لويس عوض، فلدى معه ذكريات خاصة فى أيامه الأخيرة، كنا، أنا والدكتور غالى شكري، نتناوب على زيارته فى المستشفى لقراءة الصحف له، ذات مرة طلب أن نذهب إلى مكتبة مدبولي، ثم إلى دهشور حيث يبنى بيتًا ريفيًا، كان يرتدى جلبابًا وطاقية بعد سقوط شعره بسبب العلاج. فى الطريق، غضب من خطأ فى تركيب عتبات البيت وقال: "دول مش هيعيشوا 20 سنة"، فبكى سائق التاكسى متأثرًا؛ إذ رأى رجلًا يصارع السرطان يتحدث عن المستقبل.

ولويس عوض لم ينصفه أحد فى الثقافة المصرية، فقد كان مفكرًا حرًا لا متطرفًا ولا تابعًا وقد تعرّض لظلم من المتشددين وبعض اليساريين أيضًا، وكان يستحق الاحتفاء، تمامًا كما نحتفى بكل من أسهم فى تشكيل وعينا وثقافتنا.

الشعر والتكنولوجيا

أنا لا أخشى من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، خاصة على الشعر، وذلك لأن هذه الأدوات تصنع أشياء من جانبي، لا أشعر بالخوف من التكنولوجيا أو الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بالشعر، فهذه الأدوات يمكن أن تصنع أشياء "تشبه" الشعر، لكنها ليست الشعر ذاته، الشعر الحقيقى يأتى من أماكن خاصة وعميقة داخل الشاعر، من مصادر تخصه وحده، وتنبع من روحه وتجربته الشخصية.

وعلى امتداد تاريخ الشعر، ظل جمهور الشعر الجيد محدود العدد، لكنه فى الوقت نفسه جمهور مؤثر وصاحب دور فى التغيير، الشعر الجيد كان دائمًا أحد روافد الثقافة، كما كان الحال مع حسنين هيكل، الذى كان من حفاظ الشعر، وإذا تأملنا عبر العصور، سنجد أنه فى كل زمن يبرز شاعر أو اثنان فقط، رغم أنهم عاصروا مئات الشعراء.

حين يخاصمنى الشعر

أعتقد أن الذين لم يعملوا فى الصحافة فاتهم الكثير، فالصحافة جزء من حيويتها أنها تدرب المبدع على الاستجابة، وأنا أكثر الأوقات التى أبدع فيها هى تلك التى أمارس فيها الصحافة بشكل أكبر، فأنا طول الوقت أعيش فى قصيدة شعر، وأحاول معها طوال الوقت، والقصائد التى مزقتها أضعاف أضعاف ما نشرته، فعلى مدى 40 سنة كتبت 8 دواوين فقط.

وعندما يخاصمنى الشعر ألجأ إلى السرد، مثلما فعلت فى "الجو العام" وعادة بيكون بها شعر ما، وربما "توسع" للشعر بشكل ما.

صداقات وعلاقات إنسانية

أحمد فؤاد نجم له فى حياتى مكانة تتجاوز فكرة "الشاعر الكبير"، هو صديقي، وصديق نادرًا ما نتحدث معًا فى القضايا الكبرى أو الأمور الجدية؛ كانت صداقتنا تقوم على البساطة والونس، الأبنودى كان يقول عنى إننى "ابن حيلة"، أى أننى أتحايل على المعايش وأعرف كيف أمرّ من بين العقبات.

علاقتى بالثلاثة الكبار — الأبنودي، ونجم، وسيد حجاب — كانت قائمة وقوية، حتى فى الأوقات التى لم يكن بينهم فيها وفاق كبير، لكن مع كل واحد منهم على حدة، كانت العلاقة تحمل شيئًا جميلًا وخاصًا، أنا بطبعى أحفظ الأسرار، وأرد الغيبة، وهذا جزء أصيل من شخصيتي.

الشاعر الكبير إبراهيم داود خلال ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
الشاعر الكبير إبراهيم داود خلال ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
الكاتب الصحفي أكرم القصاص رئيس مجلس إدارة اليوم السابع
الكاتب الصحفي أكرم القصاص رئيس مجلس إدارة اليوم السابع
الكاتبة علا الشافعي رئيس تحرير اليوم السابع
الكاتبة علا الشافعي رئيس تحرير اليوم السابع
أحمد إبراهيم الشريف وخالد إبراهيم خلال ملتقى اليوم السابع
أحمد إبراهيم الشريف وخالد إبراهيم خلال ملتقى اليوم السابع
الاحتفاء بالشاعر إبراهيم داود فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
الاحتفاء بالشاعر إبراهيم داود فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون

 

الكاتب أكرم القصاص والشاعر إبراهيم داود
الكاتب أكرم القصاص والشاعر إبراهيم داود

 

الكاتب هشام أصلان
الكاتب هشام أصلان

 

الناقد الدكتور هيثم الحاج على
الناقد الدكتور هيثم الحاج على

 

الناقد محمد الروبى
الناقد محمد الروبى

 

تكريم الشاعر إبراهيم داود خلال ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
تكريم الشاعر إبراهيم داود خلال ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون

 

خلال ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون
خلال ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأهلي يعلن غياب ياسر إبراهيم عن مباراة فاركو غداً في الدوري للإصابة

النيابة تنتقل لفحص كاميرات موقع حادث مطاردة سيارة لفتيات على طريق الواحات

ليلى علوى تطمئن الجمهور على حالتها بعد الحادث: أنا بخير وقدر ولطف

تطوير منظومة مواقف السرفيس فى الجيزة.. موقف حضارى جديد بكوبرى الصحابة بالمريوطية فيصل بسعة 400 سيارة.. يخدم خطوط أكتوبر والمنيب والسلام والمرج والمعادى والوراق.. والمحافظة تطبق منظومة إلكترونية للمراقبة

سيول وأمطار غزيرة تضرب وادى الأربعين بسانت كاترين.. فيديو


ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

اللجنة المصرية توزع آلاف الطرود الغذائية على سكان غزة.. فيديو وصور

من التحرش إلى الخطف والترهيب.. عقوبات قاسية تنتظر المتهمين فى واقعة فتيات طريق الواحات

مصر ثاني أكثر الجنسيات العربية حضوراً في الدوري الإماراتي

اعترافات طلاب مطاردة فتيات الواحات: لاحقناهما وحاولنا إيقاف السيارة


أول صورة للمتهمين بمطاردة فتيات طريق الواحات

الرئيس السيسى يوجه بالمضى قدماً فى إعداد الموقع العالمى لإذاعة القرآن الكريم

موعد مباراة الزمالك والمقاولون العرب فى الدورى والقنوات الناقلة

عادل أحمد هداف ناشئى اليد فى بطولة العالم حتى الآن برصيد 21 هدفا

وزارة الصحة تكشف فوائد الساعة الذهبية بعد الولادة.. اعرف التفاصيل

التضامن تعلن صرف تكافل وكرامة عن شهر أغسطس من الصراف الألى غدا

المطلقات والمرأة المعيلة أولوية فى وحدات بديلة بقانون الإيجار القديم

فيريرا يطفئ شرارة فتنة حراسة المرمى في الزمالك

الخطوط الجوية السورية تبدأ أولى رحلاتها إلى العاصمة الليبية طرابلس الأحد المقبل

هل يجوز إخلاء وحدات الإيجار القديم بالتراضى بعد صدور القانون؟.. التفاصيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى