مصطفى كامل فى ذكرى ميلاده.. ماذا قال عنه عباس محمود العقاد؟

مصطفى كامل
مصطفى كامل
كتب عبد الرحمن حبيب

تحل، اليوم، ذكرى ميلاد الزعيم البارع فى الخطابة مصطفى كامل، حيث ولد مصطفى كامل سنة 1874، وكان عمره ثماني سنوات عندما احتل الجيش الإنجليزي القلعة في الحي الذي نشأ فيه، كما يذكر عباس محمود العقاد فى كتاب شخصيات عرفتها.

يقول العقاد فى كتابه: سنوات ثمان تسمى بحق سنوات الثورة، ولكنها أحق من ذلك أن تسمى سنوات الخطابة؛ لأن الثورة قد اشتعلت اشتعالها الأكبر قبل ختامها، أما الخطابة فقد كانت في أوجها عند مولد الزعيم، وبلغت قمة ذلك الأوج عند دخول جيش الاحتلال.

كان حي الصليبة، الذي ولد فيه الزعيم الخطيب، أحد الحيين الكبيرين اللذين تنافسا على الوطنية القاهرية عدة أجيال، وكان هذا الحي أحفل بمعالم الحركة الوطنية من الحي الآخر، الذي كان ينافسه "الفتوة" على عهد الحملة الفرنسية؛ لأنه حي القلعة التي كانت مسكن الوالي، ثم صارت معسكر الجيش المحتل، وبقيت إلى جوارها ساحة المحافل القومية: من ركب المحمل، إلى ركب الولاية بعد مبايعة الأمير، إلى ركب العروض العسكرية.

وكانت مساجد هذا الحي أعمر المساجد بالخطباء الثوريين، ولم يكن في القاهرة مسجد أعمر منها غير الجامع الأزهر في تلك الفترة، وهو في المكان الأوسط بين طرف الصليبة من ناحية، وطرف الحسينية من الناحية الأخرى.

وكان مصطفى كامل في الخامسة أو السادسة يوم كان "عبده الحامولي" يُسأل: أين نسمعك هذه الليلة؟ فكان يجيب مازحًا: أنا الليلة سهران مع عبد الله نديم في فرح آل فلان.

ولم يكن "عبد الله نديم" وحده خطيب هذه الحفلات، بل كان معه عشرات الخطباء المعممين والمطربشين يتداولون منابر المساجد والأعراس، ممن لم يشتهروا شهرة عبد الله نديم، وكان يصحب أستاذهم الأكبر تلميذه الناشئ "مصطفى ماهر" في سن تكبر سن مصطفى كامل ببضع سنوات؛ وهو التلميذ الذي قال عنه النديم مرة إنه أخطب من "غلادستون"؛ لأنه تكلم في أربعة موضوعات وغلادستون لا يحسن أن يتكلم في أكثر من موضوع.

وانقضت سنوات الصدمة الأولى بعد الاحتلال في ركود من حركة الخطابة، وفي ركود من كل حركة سياسية أو اجتماعية، ولكنها كانت بمثابة فترة الانتقال بين اختفاء الخطباء الأول وظهور الخطباء اللاحقين؛ لأن مهمة الخطيب في عالم السياسة لم تلبث أن تجددت على أشدها وأوسعها، بعد ذهاب الدهشة من قيام الجيش المحتل في عاصمة البلاد.

وجاء في هذه الفترة زمن كانت الخطابة فيه أهم من الكتابة، وكان الصحفي الذي يحسن أن يتكلم كما يحسن أن يكتب أقرب إلى الميدان من زميل يحسن عمل الصحافة ولا يحسن عمل المنبر، ولو كان زميله هذا أقدر على البيان وأوفر حظًّا من الفكر والدراية.

ويكفي أن نذكر أربعة من أصحاب الصحف اليومية، بعد انقضاء عشرين سنة على دخول المحتلين، كانوا من الخطباء الكتاب وهم: مصطفى كامل في «اللواء»، وفارس نمر في «المقطم»، وجندي إبراهيم في «الوطن»، ومحمد أبو شادي في «الظاهر». ولم يكن تادرس شنودة المنقبادي صاحب صحيفة «مصر» خطيبًا في طبقة هؤلاء، ولكن رئيس تحريره توفيق عزوز كان أقدر المتكلمين على المنابر بين أبناء الطائفة القبطية، مع زميليه أخنوخ فانوس وجندي إبراهيم. وكان علي يوسف صاحب «المؤيد» لا يخطب مرتجلًا، ولكن كتَّاب صحيفته الخطباء لم يكونوا قليلين، وفي مقدمتهم «إبراهيم الهلباوي» كاتب مقالات: «إلى أين نحن مسوقون؟» بل لا ننسى أن «أحمد لطفى السيد» رئيس تحرير «الجريدة» — وقد غلبت عليه شهرة الفلسفة والكتابة — كان من المحامين، وكان قبل ذلك من وكلاء النيابة المبينين.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى