مكتب مدير المدرسة والأمية فى محافظة المنيا

فى أكتوبر 2024 صارح محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، جموع المصريين في بيان أمام مجلس النواب لعرض رؤية وخطة الوزارة لتطوير المنظومة التعليمية وتعزيز جودة التعليم بالحقيقة المرة بأن هناك تحديات حقيقية وصعبة تواجه منظومة تطوير التعليم، وأن مصر التي لديها أكبر نظام للتعليم قبل الجامعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعدد فصول 550 ألف فصل دراسي مازالت تحتاج إلى 250 ألف فصل جديد.
ما أعلنه الوزير وقتها كان بمثابة الغصة التي أصابت حلق كل حالم بمنظومة تعليم جيدة تستحقها أم الدنيا، ولكن الوزير وعد بأنه لن يترك مكانا في مدرسة يمكن استغلاله لحل مشكلة الكثافة، مؤكدا أنه تم حصر الفراغات التعليمية واستغلالها، بالتعاون مع هيئة الأبنية التعليمية لاستغلالها كفصول، ووقتها ضرب الوزير مثالا بأن الكثافة فى إدارة مثل المطرية التعليمية بمحافظة القاهرة فى مرحلة الابتدائى بلغت 109 طلاب وطالبات فى الفصل.
كل ما سبق كان يعطى الأمل حتى اصطدم الجميع بواقع قد يكون مكررا في أكثر من إدارة تعليمية وأكثر من محافظة عندما دخل محافظ المنيا اللواء عماد كدوانى مدرسة خلال جولة مفاجئة للاطمئنان على الاستعدادات للعام الدراسى الجديد فوجد أن المحافظة التي تحوى الكثير من القرى الأولى بالرعاية فضلا عن ارتفاع نسبة الأمية فيها وجد أن مدير مدرسة بقرية أشروبة التابعة لمركز بني مزار، حول أحد الفصول التي تحتاجها مصر للتغلب على معوقات توفير تعليم جيد إلى مكتب له، وكأنه لم يسمع يوما عن أزمة الكثافة الطلابية.
وفقا لتقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 2024، بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية جاءت محافظات الوجه القبلي بأعلى معدلات الأمية في مصر، فسجلت محافظة بني سويف أعلى محافظات مصر في معدل محو الأمية بنسبة بلغت 25.4%، تليها محافظة سوهاج بنسبة 24.9%، يليها كل من الفيوم، المنيا، قنا، أسيوط بنسب 24.3%، 22.2%، 19.9%، 19.6% على التوالي في عام 2023 ورغم هذا لم ينتبه هذا المدير وغيره إلى أن حل المشكلة تبدأ من عندهم.
صدمة محافظ المنيا من عدم إحساس المسئول عن المدرسة بمسئوليته في التعاون لتحقيق جودة التعليم، كانت كبيرة وظهرت في الفيديو الذى تناقلته وسائل الإعلام،"قائلا: ده مش مكتب ده فصل هي مش تكية".. ولعل المحافظ تذكر تصريحات وزير التعليم نفسه في جولته بالمحافظة في ديسمبر الماضى التي أكد فيها أن الوزارة تستهدف تعزيز جودة التعليم وضمان توفير أفضل الفرص التعليمية لجميع الطلاب، ووجه الشكر لمحافظ المنيا، على جهود المحافظة المبذولة لتطوير العملية التعليمية وتهيئة المدارس لتحقيق انضباط المنظومة التعليمية بالمحافظة، ووقتها أكد المحافظ على أن المحافظة تبذل قصارى جهدها لضمان انضباط العملية التعليمية.
الصدمة كانت كإحساس الذى يجمع الماء في قربة مخرومة.. كيف لنا أن نشتكى من الأمية والكثافة المرتفعة في الفصول وتكدس عشرات الطلاب فى فصل واحد، وهذا التصرف يحدث من مدير مدرسة من مدارس محافظة من أكثر محافظات مصر أمية.
كل عاقل مكان محافظ المنيا كان سيستشيط غضبا من تصرف مدير المدرسة، بل وقد يصف هذا العاقل الوضع بكلمات أشد من كلمة "تكية" التي صدرت عن المحافظ، وقامت بعدها الدنيا ولم تقعد، بزعم أنها صدرت بحق معلم، وتناسى الجميع أن هذا المعلم يهدر موارد الدولة، فقد ترك مكتبه الذى كان فيه، واختار لنفسه أن يشغل فصلا قد يساهم في تعليم 50 طالبا على الأقل.
ما زاد الطين بلة أن المدير يشغل منصبه منذ 5 سنوات أى أن الفصل مهدر منذ 5 سنوات وفرصة ما يقارب 250 طالبا، قد أهدرت في الحصول على تعليم جيد، بل والأدهى أنه طيلة 5 سنوات لم يكتشف أحد المسئولين عن التعليم فى المنيا هذا الهدر.
قبل أن نغضب من لفظ "تكية" يجب أن نضع أنفسنا مكان المحافظ، الذى أظن أن ما حركه حس وطنى، ولم يكن هدفه التقليل من المدير، ويجب أن نقول للمخطئ أنت مخطئ دون كسوف ولنتأكد من أن مشاكلنا لن تحل لو لم نواجه المقصر ونوقف هدر الموارد.

Trending Plus