نقابة العلاج الطبيعى تحذر: معدل الأخصائيين فى مصر سيصل إلى 3 أضعاف المعدل العالمى خلال 5 سنوات.. 85 كلية تخرج 32 ألف طالب سنويا.. وسوق العمل عاجز عن الاستيعاب.. وتطرح خطة عاجلة لعلاج الأزمة وتخفيض القبول 30%

-
وقف التكليف الحكومي للخريجين جاء نتيجة تضخم فى الأعداد يفوق 110%
-
تطرح خطة عاجلة لعلاج الأزمة تبدأ بوقف فورى لقبول أى دفعات فى الكليات غير المستوفية للمعايير وتخفيض أعداد القبول 30%
-
تطالب بتحديث 40% من المناهج لتواكب التخصصات المطلوبة.. وتحويل مسارات الفائض من الخريجين إلى تخصصات نادرة
دقت نقابة العلاج الطبيعي فى مصر ناقوس الخطر عبر دراسة تفصيلية، كشفت خلالها عن أزمة تتعلق بـ زيادة أعداد الخريجين، وتضخم الكليات، وتدنى جودة التعليم، مقابل سوق عمل عاجز عن الاستيعاب، لافتة إلى أن الدراسة ترسم ملامح أزمة حقيقية تهدد مستقبل المهنة، وتعرض بالأرقام والبيانات كيف يمكن أن يتحول الحلم بمستقبل مهنى إلى كابوس بطالة وفوضى علاجية ما لم يتم التدخل العاجل من الجهات المعنية.
توضح نقابة العلاج الطبيعى، أن جوهر الأزمة يكمن كما تفصله الدراسة، فى الزيادة الهائلة والمفرطة فى أعداد الكليات، فبوجود 85 كلية (28 حكومية و57 خاصة وأهلية)، بطاقة استيعابية تقديرية تصل إلى 32,000 طالب جديد سنويا، يتحول الحلم بالتعليم إلى تهديد لسوق العمل، وتتوقع الدراسة أن يقفز العدد التراكمى لأخصائيى العلاج الطبيعى إلى 215,000 أخصائى بحلول عام 2030.
وأشارت إلى أن الوضع الصحى فى مصر قد تغير، حيث بدأت الأمراض غير السارية والمزمنة فى الانتشار بشكل كبير، وتستشهد الدراسة بتصنيف منظمة الصحة العالمية لعام 2000، الذى وضع النظام الصحى المصرى فى المركز 63 من أصل 191 دولة، كما تذكر أن إنفاق مصر على الرعاية الصحية يتجاوز 10% من الميزانية، لكنه يظل أقل من العديد من دول العالم، مما يضع ضغطا على النظام الصحي.
وأكدت أنه لتحقيق أهداف رؤية 2030 فى قطاع العلاج الطبيعى، تعدد الدراسة مجموعة من الأهداف الفرعية الضرورية، مثل زيادة أعداد الكوادر الطبية والتمريضية والفنية لتصل إلى معيار موحد لكل 1000 نسمة، وتطبيق قانون التأمين الصحى الشامل، وتفعيل التحول الرقمى، لافته إلى أنه بينما كان المعدل فى مصر أقل من واحد أخصائى لكل 10 آلاف مواطن فى 2015، وصل الآن إلى 8.5 لكل 10 آلاف مواطن، ومع تخريج كل الدفعات فى جميع الكليات الجديدة وتراكم الأعداد سيصبح 16 لكل 10 آلاف مواطن، وفى عام 2030 سيصبح حوالى 28 أخصائيا لكل 10 آلاف مواطن فى 2035، أخذا فى الاعتبار الزيادة المتوقعة للسكان فى 2030 والتى ستصل إلى 120 مليون نسمة، وفى 2035 ستصبح 130 مليون نسمة.
ولتوضيح حجم الأزمة، تضع الدراسة هذا الرقم فى مقابل المعايير العالمية التى تطلب من 6 إلى 8 أخصائيين لكل 10,000 نسمة فى الدول المتقدمة، مما يعنى أن مصر ستتجاوز احتياجات الدول الأكثر ثراء بأكثر من 3.5 أضعاف المعدل العالمى، فى تناقض صارخ مع البنية التحتية الصحية الفعلية التى لا يتجاوز معدل الأسرة فيها 11.8 سرير لكل 10,000 نسمة، هذه التوقعات مبنية على العدد التراكمى المتوقع للخريجين الذى سيصل إلى 215,000 أخصائى بحلول عام 2030، وعلى الزيادة السكانية المتوقعة التى ستصل إلى 120 مليون نسمة فى 2030 و 130 مليون نسمة فى 2035.
وأضافت أنه فى الدول عالية الدخل مثل أمريكا وكندا، يتراوح المعدل المطلوب بين 6 إلى 8 أخصائيين لكل 10,000 نسمة، وفى الدول متوسطة الدخل كتركيا والبرازيل، يتراوح المعدل بين 3 إلى 5 أخصائيين، أما الدول منخفضة الدخل مثل نيجيريا والهند، فيقل المعدل عن أخصائى واحد، أى أن مصر ستتجاوز بحلول 2030 احتياجات الدول الأكثر تقدما بأكثر من الضعف، مما يؤكد وجود فائض هائل وغير مبرر.
كما لفتت الدراسة إلى أعداد المستشفيات والأسرة فى القطاعين الحكومى والخاص بين عامى 2012 و 2021، موضحة أن عدد أسرة القطاع الحكومى شهد تذبذبا، حيث بلغ 98,291 سريرا فى 2013 ثم انخفض إلى 83,034 فى 2021، فى المقابل، شهد القطاع الخاص نموا من 25,447 سريرا إلى 34,470 فى نفس الفترة، ورغم هذا النمو فى القطاع الخاص، فإن إجمالى عدد الأسرة المتاحة فى مصر انخفض من ذروته عند 132,092 سريرا فى 2018 إلى 117,504 فى 2021.
وأضافت نقابة العلاج الطبيعى فى دراستها، أن الأزمة لم تقف عند حدود الكم، بل امتدت لجودة التعليم، حيث أن الانتشار الهائل للكليات، خاصة الخاصة، لم يواكبه زيادة فى أعداد أعضاء هيئة التدريس المؤهلين، مما أدى إلى تفاوت صارخ فى جودة التعليم، وتشير الدراسة إلى أن نسبة الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس وصلت فى بعض الكليات إلى 60 طالبا لكل عضو هيئة تدريس، وهو رقم كارثى ينسف أى فرصة لتقديم تعليم عالى الجودة، مؤكدة أن هذا الضعف فى المخرجات التعليمية، مع غياب التمويل الكافى والمناهج الضعيفة، ينتج عنه خريجون غير مؤهلين للمنافسة، ويواجهون صعوبة فى الحصول على فرص عمل لائقة، مما يؤدى حتما إلى تدنى مستوى الرواتب وتشويه سمعة المهنة بأكملها.
وتابعت: تزداد الصورة قتامة مع إغلاق أبواب التكليف أمام الخريجين، حيث أعلنت وزارة الصحة والسكان، فى قرار حاسم، وقف التكليف الحكومى الإلزامى لخريجى العلاج الطبيعى منذ عام 2023، مؤكدة أن القطاع الحكومى يعانى بالفعل من تضخم وظيفى يتجاوز 110% من احتياجه التشغيلى، ومن ناحية أخرى، لا وجود لإمكانية تصدير الفائض من الخريجين إلى خارج مصر، حيث أن أهم سوقين محتملين للعلاج الطبيعى، هما المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، ولم يعودا متاحين كما فى السابق، فالسعودية تتجه نحو الاكتفاء الذاتى، والولايات المتحدة لديها تحدياتها الخاصة فى العرض والطلب، مما يعنى أن فكرة حل الأزمة عبر الهجرة لم تعد خيارا واقعيا، بخلاف وجود منافسة شرسة من خريجى الدول الآسيوية والإفريقية، وعلى رأسها نيجيريا.
وقدمت خطة عمل متكاملة ومفصلة لإنقاذ الموقف، وتتضمن الخطة توصيات حاسمة وموزعة على مراحل، تبدأ بإجراءات عاجلة خلال 12 شهرا، أهمها التجميد الفورى لقبول أى دفعات جديدة فى الكليات غير المستوفية للمعايير، وإنشاء سجل وطنى موحد لضبط الممارسة، تليها إجراءات متوسطة المدى (خلال 3 سنوات)، تركز على تخفيض أعداد المقبولين فى الكليات القائمة بنسبة 30%، وتحديث 40% من المناهج لتواكب التخصصات المطلوبة، وأخيرا، توصيات استراتيجية (خلال 5 سنوات)، تهدف إلى تحويل مسارات الفائض من الخريجين إلى تخصصات نادرة وتطبيق نظام إلزامى للتطوير المهنى المستمر.
وشددت على أن معدل أخصائيى العلاج الطبيعى فى مصر سيقفز لكل 10,000 نسمة من 8.5 فى عام 2025 إلى 18.3 فى عام 2030، وهو ما يمثل 3.5 أضعاف المعدل العالمى، مؤكدة مجددا أن قرارات وزارة الصحة بوقف التكليف جاءت نتيجة لوجود فائض فى القوى العاملة بالقطاع الحكومى يتجاوز 110% من الاحتياج الفعلى، مما يغلق الباب نهائيا أمام الخريجين الجدد فى هذا القطاع.
وأكدت أن النمو غير المنضبط قد يمتد أثره من التعليم إلى ممارسة قد تضر المرضى، مثل خلال إنشاء مراكز غير مرخصة يمارس فيها أفراد غير مؤهلين أو من تخصصات غير علاجية، وزيادة إصابات أو نتائج علاجية دون المستوى نتيجة ممارسات غير مراقبة، مما يؤدى إلى تشويه سمعة المهنة لدى الجمهور مع انتشار شكاوى وتجارب سلبية، والتى تتطلب تنفيذ عدة إجراءات حيوية كتفعيل تفتيش دورى إلزام التراخيص، ورفع الوعى العام بالتمييز بين الأخصائى المرخص ومقدم الخدمة غير المؤهل، والتى تبذل النقابة العامة للعلاج الطبيعى حيالها الكثير من الجهد لمواجهة الكثير من الدخلاء مع تزايد أعدادهم يوما بعد يوم فى مختلف أنحاء المحافظات.
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21

Trending Plus