الإعلام فى عصر المنصات.. الرئيس وملكية كنوز "ماسبيرو" الناعمة

على مدى الأيام الماضية وجه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى اجتماعه مع الحكومة وقيادات المجالس الإعلامية، بوضع خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام لضمان مواكبة الإعلام الوطنى للتغيرات المتسارعة التى يشهدها العالم، ومنها أهمية إتاحة البيانات والمعلومات للإعلام، وترسيخ مبدأ «الرأى والرأى الآخر»، ووضع تحولات التقنية والنشر ومواقع التواصل فى الاعتبار بما فرضته من تحديات.
وبالأمس اجتمع الرئيس السيسى، مع الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأحمد المسلمانى، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، واللواء محسن عبدالنبى، مستشار رئيس الجمهورية للإعلام، ووجّه خلال الاجتماع بضرورة حماية والحفاظ على تراث الإذاعة والتليفزيون المصرى، من خلال تحويل جميع الأشرطة الإذاعية والتليفزيونية التابعة للهيئة إلى وسائط رقمية، واستثمار هذا المحتوى ضمن المنصة الرقمية المزمع إنشاؤها بالهيئة الوطنية للإعلام، والمضى قدما فى إعداد الموقع العالمى لإذاعة القرآن الكريم، وذلك من أجل حفظ تراث القراء والمبتهلين، وحماية البرامج العديدة التى تعاقب بثها فى إذاعة القرآن الكريم منذ تأسيسها عام 1964.
والواقع أن اهتمام الرئيس بالرقمنة وحفظ التراث الضخم لاتحاد الإذاعة والتليفزيون «ماسبيرو» يفوق أى مسؤول آخر، وهو اهتمام حقيقى بحفظ التراث العظيم للفن والدراما والأحاديث وغيرها، والتى يمتلك التليفزيون المصرى حق الملكية الفكرية لها، والتى تساوى مليارات، وبعضها يتم الاعتداء عليه واستغلاله والحصول على عوائده بلا أى سند قانونى، ويعلم كل من يعمل فى المجال أن لدينا كنوزا ضخمة من تراث الإذاعة والتليفزيون منذ عقود، وأغلبها نادر وأيضا بعضها لم يظهر أو يبقى مدفونا بحاجة إلى من يكتشفه ويحفظه ويضمن عوائده.
والواقع أن مصر لديها تراث كبير من مدارس التلاوة المصرية، التى لا منافس لها فى أى من الدول الإسلامية، باعتراف الجميع، ومثله التواشيح والمديح بجانب الفنون المختلفة، والتى تميز تراث وقوة مصر الناعمة التى لا منافس لها فى أى مكان ولا أى مجال، وهو أمر لا يحتاج إلى أكثر من إظهاره، ونشره والتعامل معه ككنز وثروة تفوق أى ثروات أخرى أيا كانت لأنها ثروة من لحم وفن، ولا تزال تحظى بمتابعة واهتمام مع كل التطور التقنى.
ويعلم كل متابع، أن الثورة التقنية والاتصالات تمنح الإعلام المحترف فرصا كبيرة للاستفادة من أدوات العصر، سواء التراث التقليدى أو الإمكانات الرقمية، حيث المحتوى، هو البطل فى كل الأحوال، ومهما كانت التفاصيل فإن المنافسة والمجال العام ضمانات لمنتج إعلامى منافس وقادر على البقاء والصمود، بل والتعامل مع أى من التحديات أو الحملات التى تستهدف العقل والوعى.
والحديث عن الصراعات الإعلامية والتدخلات المعلوماتية والتضليل واقع تكشفه بشكل مؤكد الحرب الدعائية بين كل الأطراف بهدف كسب العقول والقلوب، وتمتد الحرب إلى الإعلام والصحف والفضائيات وأدوات التواصل مثل جوجل وفيس بوك وتويتر وغيرها، وظهر هذا فى حرب روسيا وأوكرانيا وما رافقها من تصادمات وتحركات، ونفس الأمر فى الحرب على غزة، والتى تتداخل وتتقاطع مع أدوات النشر والتواصل ولا تزال تستهدف مصر، ويفترض أن نكون قادرين على امتلاك وتوظيف أدوات العصر، وبعض من ينكرونها فى الواقع يعانون من شعور بالدونية أو تعال ناتج من عزلة السجن داخل فقاعات العالم الافتراضى، بينما حروب الدعاية أمر معروف منذ عقود وربما قرون، ويفترض أن نتعامل معه باحترافية، وأن نتيح تنوع الآراء ونوسع مجالات الحوار، باعتبار أن المواجهات هى التى تخلق السخونة، وأن الإعلام لا يجب أن يخلو من التشويق والمنافسة، مع الأخذ فى الاعتبار أن المضامين والأشكال تغيرت وتطورت بحكم التطور التقنى، حيث أصبح الموبايل نافذة الفرجة والخدمات والاطلاع على الأخبار والبرامج والمنتجات، والحملات ومواقع التواصل، التى تنحاز لما هو أقل أهمية وأكثر جاذبية، فى حين يفترض أن يكون المنتج الإعلامى غير مباشر وجذاب ليواجه ضجيج وغثاء الضخ الرخيص، الذى يجد مشاهدات، ويدر أرباحا، ويفتح مجالات لأنشطة غامضة.
والحل فى إتاحة محتوى، يكون قادرا على المنافسة، وفتح باب الآراء المتنوعة، بما يضاعف من إمكانية التسويق والرواج، وهو ما تعنيه توجيهات الرئيس، لدعم المضمون والرقمنة وتوظيف أدوات العصر وفتح مجالات المنافسة والرأى والرأى الآخر.


Trending Plus