أكرم القصاص يكتب: صنع الله إبراهيم روائى «الذات» المصرية.. اللجنة والتلصص وشرف وأمريكانلى وبيروت».. ظل طوال حياته مخلصا للحرية والتجريب.. ورصد تحولات الاقتصاد والسياسة والمجتمع من الأبيض والأسود إلى الألوان

الروائى الكبير صنع الله إبراهيم
الروائى الكبير صنع الله إبراهيم

أجيال متنوعة ارتبطت بكتابات الروائى الكبير صنع الله إبراهيم،  الذى تمثل أعماله بجانب إبداعاته الروائية، توثيقا واضحا نجح فى تضفيره داخل أعماله، بصورة تجعل خلفية أعماله تأريخا مبدعا لأحداث متنوعة، بداية من «بيروت بيروت» التى تضمنت فيلما تسجيليا، ثم جاءت «ذات» لتمثل أيقونة توظيف قصاصات الصحف داخل الرواية بما يجعلها إبداعا مميزا يتضمن رصدا دقيقا لتحولات كبرى شهدتها مصر فى الثقافة والمجتمع والدين والأيديولوجيا تحولات اقتصادية واجتماعية ودينية، فى السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، والانتقال من تجربة الاشتراكية إلى الانفتاح وما رافق ذلك من تغييرات واسعة فى بنية المجتمع المصرى، بصورة غيرت من نمط الحياة كله من الأبيض والأسود إلى «الألوان» فى الاستهلاك والطعام والشراب والملابس والتدين والقيم.

تظل الرواية المصرية أوسع توثيقا وتأريخا للمجتمع المصرى بتحولاته وتعرجات الانتقالات الاقتصادية والاجتماعية، والسكون والحركة، بدءا من ثلاثية نجيب محفوظ وتحولات الأفكار وصراعات الأيديولوجيات،  مرورا بأعمال كبار المبدعين يوسف إدريس ثم جيل الستينيات جمال الغيطانى وبهاء طاهر ومحمد البساطى وخيرى شلبى، وعبدالحكيم قاسم ثم إبراهيم عبدالمجيد وسعيد الكفراوى ومحمد المخزنجى، وجار النبى الحلو، وظل صنع الله إبراهيم نموذجا للروائى الذى يواصل إبداعه فى كل الظروف، ولا يتوقف عن الإنتاج والترجمة والعمل، حتى اللحظات الأخيرة قبل مرضه، ووسط أعمال صنع الله إبراهيم تظل رواية «ذات» أعلى مراحل الإبداع القادر على التقاط ورصد لحظات التحول الكبرى فى تاريخ المجتمع المصرى ارتباطا بتحولات سياسية واقتصادية وما طرأ على المجتمع من تغيير جذرى فى أسلوب الحياة، وصعود طبقات ونزول أخرى، وما جرى للطبقة الوسطى من تحول جذرى أقرب لانقلاب فى شكل وطبيعة الحياة.

وبالرغم من تحفظات صنع الله على تحويل أعماله لدراما، إلا أن رواية «ذات» تحولت إلى مسلسل تليفزيونى ناجح 2013، من بطولة نيللى كريم، وإخراج كاملة أبو ذكرى وخيرى بشارة، حقق نجاحًا، لأنه رصد ووثق تحولات المجتمع.

صنع الله إبراهيم المولود بالقاهرة  1937، هو أحد أبرز رواد الأدب فى مصر، والعالم العربى والعالم، حيث ترجمت أعماله إلى لغات متنوعة، بين الرواية والقصة القصيرة وقصص الأطفال، والترجمة لأعمال متميزة، بعضها ضمن أفضل مائة رواية عربية، وكان لوالده أثرٌ كبير على شخصيته، درس الحقوق، لكنه اتجه للصحافة  والسياسة، و انضم للمُنظَّمة الشيوعية المصرية «حدتو»، وسجن بسببها عام 1959 حتى عام 1964، وعمل  بوكالة الأنباء المصرية عام 1967، ثم عمل لدى وكالة الأنباء الألمانية فى برلين الشرقية عام 1968، حتى عام 1971، وبعدها اتَّجه إلى موسكو لدراسة التصوير السينمائى، والعمل على صناعة الأفلام، ثم عاد إلى القاهرة عام 1974 وتَفرَّغ للكتابة الحُرة كليًّا عام 1975.

ترصد أعماله تحولات اجتماعية واقتصادية بجانب أنه ربط دائما بين حياته الشخصية متضمنة بأعماله، بدءا من «تلك الرائحة»، و«بيروت بيروت» واللجنة التى تمثل نقلة فى شكل ومضمون الرواية، و«نجمة أغسطس» والتى تدور حول بناء السد العالى، ولصنع الله عمل نثرى مهم «إنسان السد العالى» يمثل نوعا من الرواية الصحفية لعالم السد العالى وحجم ما يمثله من تحول فى المجتمع، «شرف» التى تحتلُّ المرتبةَ الثالثة ضمن أفضل مائة رواية عربية، و«وردة»، و«العمامة والقبعة»، و«أمريكانلى» و«الجليد» التى نشرها مسلسلة أولا فى «اليوم السابع» 2010، ولها قصة تروى  والتلصص، وغيرها من الأعمال الأدبية التى تحظى بمكانة متميزة فى عالم الأدب.

ترجم صنع الله إبراهيم بعض الأعمال من الأدب العالمى وهى: التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائى العالمى جمع وترجمة صنع الله إبراهيم، العدو لـ جيمس دروت، الحمار لـ جونتر دى بروين، مع أعمال علمية للأطفال، ومنها «يوم عادت الملكة القديمة»، و«عندما جلست العنكبوت تنتظر»، و«اليرقات فى دائرة مستمرة»، و«الحياة والموت فى بحر ملون»، و«حكايات علمية للصغار».

ومن صفات إبداع صنع الله إبراهيم، أنه كتب فقط عن المدينة، وتحديدا القاهرة، وهو هنا مثل العبقرى نجيب محفوظ، الذى عاش وتناول فى كل أعماله القاهرة، حيث ولد وعاش، صنع الله لم يخرج عن القاعدة إلا وهو يتناول ما جرى فى سجن الواحات، أو فى «نجمة أغسطس وإنسان السد العالى» لكن بقى إنسان القاهرة هو محور أعماله دائما.

والواقع أن صنع الله إبراهيم نموذج للمبدع الموهوب، والمنظم أيضا الذى لا يكتفى بموهبته، لكنه ينميها ويوسع من رؤيته للحياة والعالم، ومرات كثيرة التقينا وتحاورنا، وظل طوال الوقت نموذجا للروائى القادر على بناء الأفكار والتعلم يتعامل بانفتاح وعمق، من دون أى ادعاءات، وبقى قادرا على التجريب حتى لحظاته الأخيرة، ظل مخلصا للحرية وقيم الإبداع دائما.

p.3
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

يانيك فيريرا للاعبي الزمالك: لا أحد يضمن مركزه في التشكيل الأساسي

فاركو عن مواجهة الأهلى: "مباراة لعلاج حموضة صفقات الصيف"

فيلم روكى الغلابة يقترب من 35 مليون جنيه خلال 16 يوم عرض بالسينمات

وزير الخارجية يبحث مع مسؤولين أوروبيين مؤتمر إعادة إعمار غزة.. بدر عبد العاطى يجدد رفض مصر للتصريحات الأخيرة الداعية لتجسيد ما يسمى بـ "إسرائيل الكبرى".. ويؤكد: مستمرون فى جهودنا الحثيثة لوقف إطلاق النار

مطاردة "رانج روفر" طائشة على كوبرى أكتوبر.. لحظات إثارة وبطولة رجال المرور


الإدارية العليا تنظر طعون انتخابات الشيوخ من اليوم حتى 24 أغسطس

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

ترتيب الدورى المصرى قبل مواجهة الأهلى وفاركو الليلة

سعر الذهب فى مصر يتراجع بالأسواق.. وعيار 21 يسجل 4540 جنيها

موقع معزول ومحصن أمنيا.. تعرف على القاعدة المستضيفة للقاء ترامب وبوتين


الزمالك أمام المقاولون العرب فى الدورى.. موعد المباراة والقناة الناقلة

رفع سعر دواء لإنقاص الوزن ببريطانيا 3 أضعاف بعد شكوى ترامب

محمد صلاح على موعد مع التاريخ فى مباراة ليفربول ضد بورنموث

أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات

العش وعمر كمال على رأس 11 لاعبا يغيبون عن الأهلى أمام فاركو الليلة

أنقذها القومى للطفولة مرتين.. نجاة فتاة أبو المطامير من الزواج بعمر 16 عاما

15 يوما على الاستفادة بتقسيط مخالفات المرور بدون فوائد حتى نهاية أغسطس

التشكيل المتوقع للأهلى أمام فاركو.. تريزيجيه وزيزو وشريف فى الهجوم

اليوم.. صرف تكافل وكرامة عن شهر أغسطس من الصراف الآلى

موسم صيد الإخوان.. اللى حضر العفريت.. بريطانيا تنقلب على التنظيـم الدولى.. الإخوان منبوذون بالمملكة المتحدة والخطاب المضاد للجماعة يتصاعد فى صحافتها.. لندن رعت الفكرة فى تأسيسها عام 1928 وتجنى حصادها المر اليوم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى