مجلس الشيوخ المصرى رحلة قرن ونصف من التشريع والحكمة.. من 1829 إلى 2024 ألغاز وحقائق تنكشف.. حكاية 9 ساعات فقط عُمر دورة انعقاد كاملة عام 1925.. تم حله 5 مرات ومازال صامدا.. المجلس رفضته الثورات وأعادته الدولة

تُعدّ مصر من أعرق دول المنطقة فى ممارسة الحياة النيابية، إذ تمتد جذورها إلى أكثر من 150 عامًا، حين تأسس أول مجلس شورى للنواب عام 1866 فى عهد الخديوى إسماعيل، ليكون منبرًا للتشاور وإبداء الرأى فى شؤون الدولة. ومنذ ذلك الحين، تطورت التجربة البرلمانية المصرية عبر مراحل تاريخية وسياسية متعددة، شهدت خلالها البلاد صدور أول دستور ليبرالى عام 1923 الذى رسّخ مبدأ الفصل بين السلطات ووسّع من صلاحيات البرلمان. وعلى مدار العقود، ظلّت الحياة النيابية فى مصر مرآة للتطور السياسى والاجتماعى، وأداة رئيسية لتمثيل إرادة الشعب، ما جعلها نموذجًا مبكرًا فى المنطقة لمسار المشاركة الشعبية وصنع القرار الوطني.
وبالتزامن مع إعلان نتائج انتخابات مجلس الشيوخ 2025 - 2030 نرصد فى السطور التالية التاريخ العريق لهذا ومرحل تطوره وأوقات إخفاقاته وأخرى إزدهاره ودوره كخطوة نحو صياغة مستقبل مصر
تاريخ مجلس الشيوخ فى حياة المصريين
فى عام 1805 كانت بداية لإتجاه مصر عصرها الحديث مع والى مصر ومؤسس الأسرة العلوية محمد على باشا، حيث بدأت التشكيلات الحديثة تتخذ شكلًا أكثر وضوحًا، وظهر أكثر حين أنشأ مجلس الشورى المختص بشؤن التعليم والإدارة عام" 1829"، بإنضمام 156 عضوًا، و"33" عضوا من العلماء وكبار الموظفين و"24" عضو من مأمورى الأقاليم المصرية، و99 من المنتخبين، حيث شهد المجلس مشاركة قوية من المواطنين فى قضايا الدولة المختلفة.
وكان أول برلمان له اختصاصات برلمانية فى عام 1866، على يد الخديوى إسماعيل وسُمى مجلس شورى النواب، يتكون من "75" نائبًا مدة المجلس ثلاث سنوات متتالية، وكان مسؤول الانتخاب وقتها عمد البلاد ومشايخها فى المديريات والأعيان فى القاهرة والإسكندرية ودمياط، وكانت من أهم اختصاصاته تقديم المشورة للخديوى ومناقشة الشؤن الداخلية للبلاد. وفى أبريل عام 1897 أقر مبدأ مسؤولية الوزارة أمام المجلس.
250 جنيه تأمينًا للعضوية شروط كونت مجلس الشيوخ
وبعدها استمر التطوير البرلمانى حيث إنشاء مجلس شورى القوانين، فى عهد الخديوى توفيق، وكان بعضوية 30 عضوًا، بينهم 16 منتخبين. واقتصر دوره على مناقشة مشروعات القوانين، حيث شكل خطوة هامة ومتقدمة نحو تقنين الحياة البرلمانية. وبعد ثورة 1919 تحقق العديد من الإنجازات وكان أهمها دستور 1923 وفيه أقر اختصاص تشريعى فى البرلمان حيث أصبح يتكون من غرفتين مجلس النواب والشيوخ، حيث يراجع كلًا منهما أعمال الأخر تفاديًا للأخطاء. ومن شروط عضوية مجلس الشيوخ أن ذاك:
- أن يودع العضو مبلغا تأمينيا قدرة 250 جنيها
- أن يكون بلغ سن الأربعين
- تقتصر عضوية النواب على الوزراء ووكالاء الوزرات المختلفة
- رؤساء ومستشارو محكمة الاستئناف
- نقباء المحامين وكذلك موظفوا الحكومة من درجة مدير عام فصاعدا سواء كانوا حاليون أو سابقون
- كبار رجال العلماء.
- الضباط المتقاعدين بدءا من رتبة لواء
- الملاك اللذين يؤدون ضريبة لا تقل عن 150 جنيها فى العام
- المشتغلون بالأعمال المالية التجارية أو الصناعية أو بالمهن الحرة ممن لا يقل دخلهم السنوى عن 1500 جنيه فى العام.
وكانت مدة العضوية 10 سنوات مع تجديد نصف الأعضاء من المعينيين والمنتخبين كل خمسة أعوام وكان للملك الحق فى تعيين رئيس مجلس الشيوخ. أما أعضاء المجلس فكان يتكون من 120 عضوا منهم 72 بالانتخاب و48 بالتعيين. وبعد ذلك زاد إلى 147 عضوا منهم 88 منتخبًا و59 معينا، وبعدها زاد للمرة الثانية إلى 180 عضوًا منهم 108 بالانتخاب و72 بالتعيين.
يوم حُل فيه المجلس الشورى بعد 9 ساعات
ولأن دستور 1923 تعثر تطبيقه ما أدى إلى تم حل مجلس النواب أكثر من مرة، ولم تكمل مجالسه مدتها الدستورية. وهناك واقعة شهيرة أن اجتماع المجلس الذى عقد فى 23 مارس 1925 تم حله يوم انعقاده، حيث كانت دورة انعقاده 9 ساعات فقط، وبعدها وفى عام 1928 حُل المجلسين وتم إيقاف تطبيق المواد 15 و89 و155 و157 من الدستور 23 لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. ثم تم إلغاء دستور 1923 بصدور دستور 1930 فى الثانى والعشرين من أكتوبر 1930 فى عهد وزارة إسماعيل صدقى، وبسبب الرفض الشعبى لهذا الدستور صدر الأمر الملكى رقم 27 لسنة 1934 بإلغاء دستور 1930 وحل مجلسى البرلمانه.
ثم صدر الأمر الملكى رقم 142 لسنة 1935 فى 19 ديسمبر من نفس العام، الذى قضى بإعادة العمل بدستور عام 1923، وظلت غرفتى البرلمان ما بين الانعقاد والحل حتى عام 1952 وبعد حريق القاهرة فى يناير 1952، توقف عمل العمل البرلمانى فى مصر حتى قيام الثورة فى 23 يوليو 1952، وإعلان سقوط دستور 1923 وأنشأ مجلس الأمة المصدر التشريعى للدولة وللحياة النيابة فى مصر أن ذاك.
إعادة تشكيل الحياة النيابية فى مصر
ومع دستور 1971 فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أعاد تشكيل الحياة النيابية فى مصر، وتم استفتاء شعبى عام 1980 للسماح بإنشاء مجلس الشورى، بهدف توسيع قاعدة المشاركة السياسية للمصرين. وظلت مصر بهذا الدستور حتى قيام ثورة 2011 التى فى أعقابها حُل مجلسى النواب والشورى وتعطل العمل بالدستور71 بقرار من المجلس العسكرى. فى نوفمبر 2011 حتى 11 يناير 2012 تمت انتخابات رئاسية وبعدها انتخابات تشريعية جديدة مجلسى الشعب والشورى وإعلان دستورى مؤقت لمصر، ولكن بسبب الأحداث السياسية ورفض الشعب المصرى لحكم جماعة الإسلام السياسى، توقف العمل بالإعلان الدستورى وحُل مجلس الشعب الذى ظل 6 أشهر فقط بحكم من المحكمة الدستورية العليا، وذلك فى يونيو 2012، وفى أعقاب ثورة 30 يونيو 2013 أصدر الرئيس الجمهورية المؤقت عدلى منصور قراره بحل مجلس الشورى وذلك فى 5 يوليو 2013، وقيام لجنة الخميسين وتكليفها بكتابة الدستور، وإلغاء مجلس الشورى نظرًا لعدم أهميته.
فى عام 2019 وبقرار من رئيس الجمهورية صدر القانون رقم 141 لسنة 2020 المعنى بإعادة تشكيل مجلس الشورى وتغير اسمه لـ"مجلس الشيوخ" ليكون الغرفة الثانية للبرلمان المصرى.

Trending Plus