مشهد مرتبك فى لبنان.. مساع لتوحيد المواقف بشأن حصر السلاح قبل زيارة مبعوث ترامب لبيروت.. مسئول إيرانى يبث رسائل طهران من بيروت.. عون يرد: نرفض التدخل فى شئوننا ولا استثناءات فى حمل السلاح.. وترقب لخطة نزعه

مساعٍ دبلوماسية مكثفة تُجرى على قدم وساق؛ لتوحيد الموقف اللبنانى والفرقاء إزاء خطة "حصر السلاح"، التى أقرها مجلس الوزراء الأسبوع الماضى، تستبق زيارة المبعوث الأمريكى إلى لبنان توم براك، وهى الزيارة المقررة إلى بيروت قريبًا.
فى هذا الإطار تعقد اجتماعات مكثفة الأيام المقبلة بين الرئيس اللبنانى جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس البرلمان نبيه برى لتقريب وجهات النظر والوصول لاتفاق قبل وصول براك.
فى الوقت نفسه، يواجه لبنان الرسمى مواقف رافضة من "حزب الله"، و يزداد المشهد ارتباكًا مع مواقف الأطراف الداعمة لـ"حزب الله"؛ حيث أعلنت طهران ـ عبر رئيس المجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى على لاريجانى الذى زار بيروت الأربعاء ـ عدة رسائل تفيد فى مجملها بالدعم الإيرانى لموقف "حزب الله".
جاءت زيارة المسئول الإيرانى فى توقيت فارق؛ حيث يترقب لبنان ومعه الإقليم الخطة التى كلف مجلس الوزراء قيادة الجيش بوضعها بشأن تطبيق "حصرية السلاح" و تسليم "حزب الله" سلاحه.
رد لبنانى حاسم
جاء رد لبنان على رسائل طهران "حاسمًا "؛ حث أكد الرئيس اللبنانى جوزيف عون رفض بلاده التدخل فى شئونها الداخلية؛ مشيرًا إلى أنه لا استثناءات فى حمل السلاح.
وأضاف "أن من يمثل الشعب اللبنانى هو المؤسسات الدستورية التى ترعى مصالحه العليا ومصالح الدولة، فنحن فى لبنان نسعى إلى تحقيق مصالحنا، ونرفض أى تدخل فى شؤوننا الداخلية من أى جهة، ونريد أن يبقى لبنان آمن ومستقر لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين".
وأوضح أن لبنان وقواه المسلحة مسؤولة عن أمن جميع اللبنانيين من دون أى استثناء، قائلا "إن أى تحديات تأتى من العدو الإسرائيلى أو من غيره، هى تحديات لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، ولعل أهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين".
وقال عون "إن بلاده ترغب فى التعاون مع إيران ضمن حدود السيادة والصداقة القائمين على الاحترام المتبادل"، منوهًا بأن الصداقة التى نريد أن تجمع بين لبنان وإيران لا يجب أن تكون من خلال طائفة واحدة أو مكون لبنانى واحد، بل مع جميع اللبنانيين.
وشدد عون على أن لبنان وطن نهائى لجميع أبنائه، مسيحيين كانوا أم مسلمين، والدولة اللبنانية مسؤولة من خلال مؤسساتها الدستورية والأمنية عن حماية كافة المكونات اللبنانية.
وفى هذا الإطار، أعرب رئيس وزراء لبنان، نواف سلام، عن رفض بلاده التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الإيرانيين، ولا سيما وزير الخارجية عباس عراقجى، وعلى أكبر ولايتى، والعميد مسجدى، مشيرا إلى أن هذه المواقف، بما انطوت عليه من انتقاد مباشر لقرارات لبنانية اتخذتها السلطات الدستورية فى البلاد، ولا سيما تلك التى حملت تهديدًا صريحًا، تشكل خروجا صارخا عن الأصول الدبلوماسية وانتهاكًا لمبدأ احترام السيادة المتبادل الذى يشكل ركيزة لأى علاقة ثنائية سليمة وقاعدة أساسية فى العلاقات الدولية والقانون الدولى، وهى قاعدة غير قابلة للتجاوز.
وقال سلام: "لا أنا ولا أى من المسؤولين اللبنانيين نسمح لأنفسنا بالتدخل فى الشؤون الداخلية الإيرانية، كأن نؤيد فريقا على حساب آخر، أو أن نعارض قرارات سيادية إيرانية؛ وبناء عليه فإن لبنان لن يقبل، بأى شكل من الأشكال، التدخل فى شؤونه الداخلية، وأنه يتطلع إلى التزام الجانب الإيرانى الواضح والصريح بهذه القواعد؛ مضيفًا أن "قرارات الحكومة اللبنانية لا يُسمح أن تكون موضع نقاش فى أى دولة أخرى فمركز القرار اللبنانى هو مجلس الوزراء، وقرار لبنان يصنعه اللبنانيون وحدهم، الذين لا يقبلون وصاية أو إملاء من أحد".. موضحا أن مسألة حصر السلاح بيد السلطات الشرعية وحدها، هو قرار اتخذه اللبنانيون منذ إقرار اتفاق الطائف عام 1989، وجددوا تمسكهم به فى البيان الوزارى للحكومة الحالية، كما أكده رئيس الجمهورية فى خطاب قسمه أمام المجلس النيابي.
لقاءات باريس
يترافق المشهد الداخلى فى لبنان مع مشهد آخر خارجى، حيث يعقد المبعوث الأمريكى توم براك، لقاءات فى باريس قبل زيارته إلى بيروت؛ كما يلتقى مع مسئولة الملف اللبنانى فى الأمم المتحدة، مورجان أورتاجوس.
ومن جانبه، يسعى حزب الله لكسب الوقت لعرقلة قرار الحكومة بنزع سلاحه كما أن هناك قلقًا لدى الحزب من أن يُقصيه نزع سلاحه من الساحة السياسية اللبنانية.
وقد جدد الأمين العام لحزب الله اللبنانى الشيخ نعيم قاسم، موقفه الرافض لخطة حصر السلاح، ووجه فى الوقت نفسه الشكر لإيران على دعمها المتواصل للبنان ومقاومته ضد "العدو" الإسرائيلي. وفقا لوسائل إعلام تابعة للحزب.
ومن جانبها جددت كتلة "الوفاء للمقاومة" ـ على لسان النائب محمد رعد ـ موقف "حزب الله" الرافض لقرار الحكومة القاضى بحصر السلاح بيد الدولة، وهاجم القرار بوصفه خطوة خطيرة وغير مدروسة، اعتمدت بضغوط خارجية ومن دون توافق وطنى، ما أفقدها طابعها السيادى والميثاقي. وحذر من أن القرار يعرى السيادة ويفتح الباب أمام العدو لتهديد الاستقرار الداخلي.
وأكد أن سلاح المقاومة كان عامل حماية للبنان منذ عام 1982 وحتى اليوم، وحقق إنجازات كبرى على مستوى التحرير والردع، مشددًا على أن التشكيك فى جدواه تزوير للواقع. وقال: "تسليم السلاح يعنى تسليم الشرف، وهو انتحار لا ننوى القيام به".
ولفت إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تضغطان لتنفيذ القرار ضمن جدول زمنى ضيّق لأن الوقت لا يعمل لصالحهما، معتبرًا أن الهدف من القرار هو "نقل الصراع من طابعه اللبنانى – الإسرائيلى إلى صراع داخلى لبناني".
وأوضح أن الدولة بقواها الذاتية لا تملك القدرة الكاملة على مواجهة العدو، رغم قدرتها على فرض سلطتها داخليًا، معتبرًا أن قرار إسرائيل بشأن غزة يفتح جبهة جديدة من التوترات.

Trending Plus